آلاف المدنيين يفرون من الرقة.. وقوات سوريا الديمقراطية على بعد كيلو مترين من المدينة
مع اقتراب القوات البرية التي تدعمها الولايات المتحدة، لتصبح على […]
25 مايو 2017
مع اقتراب القوات البرية التي تدعمها الولايات المتحدة، لتصبح على بُعد 2 كم عن مدينة الرقة، يفر آلاف المدنيين قبل المعركة المرتقبة للسيطرة على قلب مناطق تنظيم الدولة في سورية، في حين تتجهز مخيمات النزوح المجاورة لتدفق أكبر خلال الأيام القادمة.
ومع حلول يوم الأربعاء، باتت قوات سورية الديمقراطية تسيطر على مواقع على بعد “2 كم عن مدينة الرقة بالاتجاه الشمالي الشرقي”، وفق ما قال سردار حجي محمود، إعلامي حربي منخرط مع قوات سورية الديمقراطية.
ولأول مرة، تتمكن القوات التي تدعمها أميركا من رؤية عاصمة تنظيم الدولة بالعين المجردة. وتظهر الصور التي نشرها الموالون لقوات سورية الديمقراطية على صفحات التواصل الاجتماعي خط أفق المدينة يتراءى من بعيد.
وخلال الستة شهور الماضية، طوقت قوات سورية الديمقراطية العربية والكردية مدينة الرقة تدريجياً من الغرب والشمال والشرق. ودمرت الغارات الجوية كل الجسور المقامة على نهر الفرات التي تؤدي إلى الجنوب.
ونزح ما يقارب الـ150 ألف نسمة من محافظة الرقة بسبب المعارك المشتعلة، وفق تقرير لليونسيف، في 30 نيسان.
والآن، بعد أن باتت المعركة للسيطرة على المدينة نفسها قاب قوسين، فإن آلاف المدنيين يخاطرون بحياتهم للهروب من مدينة الرقة القابعة تحت سيطرة تنظيم الدولة ومن القرى والبلدات المحيطة بها؛ فبعضهم يدفع للمهربين، فيما يحاول آخرين أن يعثروا على طريقهم الخاص. وتحت جنح الليل وبخطوات حذرة يتسللون: مشياً على الأقدام أو بالسيارة أو عبر الدراجات النارية.
طفل مشرد من الرقة بالقرب من سياج في مخيم عين عيسى، 19أيار. حقوق نشر الصورة لـ Delil Souleiman/AFP.
ولا يسمح تنظيم الدولة بخروج المدنيين من المناطق الخاضعة لسيطرته، وفي كانون الأول عام 2016، أعدم وصلب سائق شاحنة في الرقة لمحاولته تهريب الناس من المدينة. وذكر النازحون الذين هربوا من المدن التي يسيطر عليها التنظيم، لسوريا على طول أنهم قاموا بذلك وهم يعلمون أنهم يخاطرون بأرواحهم، وفي معظم الأحيان كانوا يهربون تحت ستر الليل.
وقال جلال العياش، المسؤول عن مخيم عين عيسى، الذي يبعد 50 كم شمال مدينة الرقة، لسوريا على طول، الخميس، “عبر أكثر من 15000 شخص في الثلاث أسابيع الاخيرة”. ويعمل العياش وغيره من الإداريين تحت إشراف مجلس الرقة المدني الذي شكلته قوات سوريا الديمقراطية.
وكل نازح يصل إلى مناطق قوات سوريا الديمقراطية، يمر عبر مخيم عين عيسى، الواقع قرب بلدة تحمل ذات الاسم.
ويشكل المخيم نقطة عبور لمعظم النازحين، وفق ما قال العياش. وهناك يخضع المدنيون الفارون لتفتيش أمني وينتظرون ليحصلوا على إذن بالعبور والمغادرة أو بالبقاء في مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية. ويبقى معظمهم لأيام قبل أن يمضوا إلى منبج ،أعزاز، جرابلس، الباب أو غيرها من المدن الشمالية.
ومن أصل 10000 شخص عبروا عين عيسى، منذ بداية أيار بحسب تقديرات الأسايش، بقي 3000 شخص في المخيم، ليصل التعداد السكاني الكلي فيه حالياً إلى 10000 نسمة.
وتؤمن المنظمات الإغاثية المحلية والدولية والأمم المتحدة والإدارة الذاتية الكردية الماء والخبز والمعلبات الغذائية والإسفنج والبطانيات إلى الأهالي في عين عيسى. وتوفر منظمة أطباء بلاحدود عيادة طبية، فيما أقامت الأمم المتحدة عشر خيم كمطابخ مشتركة.
وقال العياش إن “المنظمات تقدم مساعدات ولكنها مساعدات خجولة جداً”، وأكثر ما يقلقه هو تأمين الطعام لكل الوافدين الجدد، والذين يتوقع إداريو المخيم أنهم سيمكثوا لفترة أطول في عين عيسى نفسها، مقارنة بالنازحين السابقين، وذلك لقربها من مدينة الرقة.
وذكر العياش أنه فيما لو حدث ذلك ستتفاقم المعاناة في المخيم ويزداد العبء عليهم، مضيفا “نخشى عدم قدرة المخيم على استيعاب الأعداد التي ستأتي مع اقتحام مدينة الرقة”.
“حالة انهيار“
ليس من السهل على المدنيين الذين يقيمون في مناطق تنظيم الدولة الهروب، ولكن خطر البقاء في الرقة والقرى المجاورة يزداد يوماً بعد يوم.
“المدينة منهارة جداً”، وفق ما قال أحمد، لسوريا على طول، والذي فر من المدينة مع عدد من أفراد عائلته وأقربائه الأسبوع الماضي وطلب أحمد أن لا يذكر باسمه الحقيقي، لأسباب أمنية.
وقال أحمد إن “أكبر مخاوف الناس أن لا يتمكنوا من الهروب والخروج إلى المناطق المحررة، فهم يتخوفون أن تتخذهم داعش كدروع بشرية”.
وبالتزامن مع العمليات العسكرية البرية، تنفذ طائرات التحالف بقيادة الولايات المتحدة غارات جوية يومياً على مواقع في الرقة القابعة تحت سيطرة تنظيم الدولة، وبلغ عددها 56 في الأسبوع الماضي وحده، وسط تقارير عن ضحايا مدنيين.
وذكرت منظمة رصد الحروب الجوية (الإيرورز) المستقلة التي تتبع مسار غارات التحالف في سورية والعراق وتقيمها أن “ما يتراوح بين 283 و386 مدنيا “قُتلوا بالحملة الجوية في الشهر الماضي. وهذه الحصيلة تجعل شهر نيسان ثاني أسوأ شهر من حيث عدد الضحايا المدنيين منذ بداية عمليات التحالف، في عام 2014، وفق المنظمة.
غرفة الجلوس في منزل قرب عين عيسى، يتشاركها أحمد النازح من الرقة مع 70 شخصا غيره، الثلاثاء. حقوق نشر الصورة لـ أحمد.
وتقع معظم الغارات الجوية بالقرب من الرقة، حيث يقول كريس ودز، مدير الإيرورز “أصبحنا نشهد عدداً مرتفعاً في الضحايا المدنيين، لم نكن نشهده خلال الستة شهور الماضية”.
وأشار ودز إلى أن هذا الإرتفاع يُظهر أن “حماية المدنيين في ميدان المعركة تراجعت، وبالتالي فإن النتائج الحتمية هي عدد إصابات ووفيات أكبر”.
وكان وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، قال في مؤتمر صحافي، عُقد في البنتاغون يوم الجمعة الماضي “ليس هناك أي تغيير في قواعد الاشتباك” وإن قوات التحالف وشركائها على الأرض تبذل “جهوداً استثنائية لتجنب الإصابات بين المدنيين الأبرياء”.
وفي السياق، قال سردار حجي محمود، إعلامي حربي مع قوات سورية الديمقراطية، لسوريا على طول “عندما تتقدم قواتنا، فإنها تترك منافذ على اليسار أو اليمين حتى تفتح المجال للمدنيين ويستطيعوا الخروج”.
وتمكن أحمد من النزوح مع عائلته من مدينة الرقة في 14 أيار بدفع مبلغ 100 ألف ليرة سورية (نحو 466 دولارا) لأحد المهربين ليقودهم إلى خارج المدينة باتجاه أقرب مواقع لقوات سورية الديمقراطية.
وقال إن قوات أمن تنظيم الدولة أخرجت عائلته وهجرت سكان خمسة أحياء من منازلهم في المدينة “تحت قوة السلاح”، مشيراً إلى أن المنطقة التي تم إخلاؤها أخيراً تم تحويلها إلى منطقة عسكرية.
وهربوا من المدينة بعد أن لم يبق لديهم ما يخسروه. وقال أحمد “خرجنا من الرقة وتركنا كل شيء ورائنا”.
وبعد أن وصلوا إلى مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية، أُخذوا إلى عين عيسى، وبعد التفتيش الأمني، غادر أحمد وعائلته المخيم واتجهوا ليقيموا مع أصدقاء لهم في القرى المجاورة، وقال أحمد “عددنا الآن يقارب 70 شخصا في نفس المنزل من النساء والرجال والأطفال”.
ترجمة: فاطمة عاشور