أثاث داريا المسروق يعرض للبيع على أرصفة مدينة مجاورة
قالت امرأتان من سكان داريا، ممن نزحوا إلى المناطق المجاورة، […]
1 سبتمبر 2016
قالت امرأتان من سكان داريا، ممن نزحوا إلى المناطق المجاورة، لسوريا على طول، أن الأثاث والأدوات المنزلية التي سرقت من بيوت داريا، بعد اتفاقية إخلاء المدينة، تباع الآن على الأرصفة في مدينة صحنايا المجاورة لها، وبأسعار زهيدة، حيث وجدت إحداهن أثاث بيتها معروض للبيع، وبسعر مخفض هناك.
ولا تعود السلع المعروضة للبيع حاليا، للمقاتلين والمدنيين الذين غادروا داريا باتجاه إدلب وريف دمشق فقط، وإنما أيضا للسكان الذين نزحوا من المدينة منذ عام 2012، وكثير منهم يعيشون في صحنايا، وهي بلدة تقع إلى الجنوب مباشرة من داريا، حيث يتم حاليا بيع الأثاث المسروق.
وقالت فاطمة، التي خرجت من داريا عام 2012، وتعيش حاليا في صحنايا ” كان لدينا في البيت أثاث خشبي، ورثته أمي عن جدتها”، مضيفة “آخر ما توقعته أن أجدها مرمية على أحد أرصفة النزوح نفسها التي ارتمينا عليها شهورا “.
ووجدت فاطمة مصادفة خزانة ملابسها، طاولتها، مرآتها والأريكة معروضة للبيع، بجوار مسجد الوهاب، في صحنايا، في وقت سابق من هذا الأسبوع. وعرفتها، لأنها كما تقول، مطعمة بعرق اللؤلؤ.
وتملك الكثير من الأسر في داريا، التي اشتهرت بصناعاتها الخشبية، أثاثا ذو نمط تقليدي، وهو ما يحتاج لعمل مكثف ودقة، حيث لكل قطعة نمط خاص بها، وورثت نساء داريا معظم هذه القطع عن أمهاتهن.
وأصبح “هذا النوع من الأثاث نادرا هذه الايام، ولم يبق إلا من ورثه عن أهله”، وفقا لما قالته فاطمة لسوريا على طول.
“المعفشون يعكرون فرحة النصر في داريا”. تصوير: شبكة أخبار داريا ونهر عيشة المؤيدة
وعممت كل من المواقع الإخبارية التابعة للنظام والمعارضة على حد سواء، صورا ومقاطع فيديو تظهر شاحنات تحمل الأثاث المسروق من داريا، على وسائل التواصل الاجتماعي، هذا الأسبوع.
ولم يتضح على الفور من قام بعمليات السرقة. حيث انتقدت الصفحات الإخبارية الموالية للنظام في الفيسبوك، التعفيش، أو سرقة الأثاث، واصفة من قام بذلك بأنهم انتهازيين، بينما اتهمت المواقع الموالية للمعارضة الشبيحة أو اللجان الشعبية التابعة للنظام.
ودخل عدد من الأفراد “يرتدون الزي العسكري ويحملون السلاح” إلى داريا بعد إخلائها، وسرقوا محتويات المنازل، وفقا لما جاء في منشور على صفحة أخبار دمشق الآن، الموالية للنظام، يوم الثلاثاء.
ويقول المنشور ” تُكافأ اليوم دماء شهدائنا بسرقة علنية على الملئ”.
وورد فيه أيضا “لماذا تقف أجهزة الدولة عاجزة عن محاسبة هؤلاء المتسلطين المسيئين لها؟”.
في السياق، قالت امرأة ممن غادروا داريا خلال عطلة نهاية الأسبوع، كجزء من اتفاقية إخلاء المدينة، لسوريا على طول، أنها قامت مع عدد من جيرانها، بحرق أثاثهم قبل أن يغادروا “بحيث لا يتمكن النظام من سرقته أو بيعه”.
ولا يستطيع المدنيون دخول داريا في الوقت الحالي، حيث شكل مجلس الوزراء السوري لجنة يوم الثلاثاء، لـ”متابعة إعادة تأهيل البنى التحتية والخدمية في داريا، تمهيدا لعودة الأهالي”، حسبما ذكرته وكالة الأنباء الرسمية سانا.
أثاث يفرغ من إحدى الشاحنات ويقال أنه من داريا. تصوير: Syria98861566.
وتبحث منال، التي نزحت إلى صحنايا، عام 2012، خلال مجزرة داريا، التي راح ضحيتها المئات من السكان على مدى خمسة أيام، عن أثاث والدتها بين البضائع المسروقة والمعروضة للبيع، على البسطات بجوار مسجد الوهاب.
وقالت لسوريا على طول “لم نأخذ معنا أي شيء، كنا نعتقد أنه خلال شهر أو شهرين سوف نعود، وكل ما كان يهمنا في ذاك الوقت هو أن نهرب بأرواحنا وبجسمنا الكامل قبل أن نفقده”.
وبعد أربع سنوات، تجوب منال ووالدتها المسنة الطرقات في صحنايا بحثا عن ممتلكاتهم، حيث تقول ” نبحث أنا وأمي المسنة وهي محروقة الفؤاد على أغراضها، ليس لقيمتها المادية إنما لقيمتها المعنوية بالذكريات”، مضيفة “لكننا لم نجد شيء حتى الأن، وسنعاود الكرة بالبحث، ونتمنى ألا يسبقنا أحد عليها”.
ولسوء الحظ فإن البعض من أولئك الذين وجدوا ممتلكاتهم، مثل فاطمة، لا يستطيعون شراءها.
حيث قالت فاطمة، لسوريا على طول ” سألت البائع عن سعره فكرت حقا بشرائه منهم، كان ثمنه بخسا، لكنه يفوق قدرتي، لم استطع شرائه، فأخبرت البائع أن سعره أضعاف ما ذكرت لي، كي يحترم قيمته فقط”.
وأضافت “كانت أشياء غالية على قلبي، تمنيت دوما أن أعود للجلوس على أريكتي بدلا من اسفنجة المعونات، التي تذكرني بأننا نازحون كل مساء”.
و”من لا يملك القدرة على شراء أغراضه مرة أخرى، يمكنه أن يتخذ من هذا السوق مكانا للزيارة يسترجع فيه ذكرياته، ويحبس دموعه إلى أن يصل بيته، ليبكي بدون أن يتعرض للمسائلة عن سبب دموعه”.
ترجمة: سما محمد