أطفال الركبان يتساقطون الواحد تلو الآخر…والشتاء سيحصد المزيد
ينتظر عشرات الأطفال قدرهم المجهول في مخيم الركبان للاجئين السوريين، […]
19 ديسمبر 2016
ينتظر عشرات الأطفال قدرهم المجهول في مخيم الركبان للاجئين السوريين، حيث تتزايد أعداد الوفيات من الأطفال نتيجة سوء التغذية والرعاية الطبية.
أربعة أطفال جدد انضموا إلى قافلة الوفيات خلال الأسبوعين الماضيين بسبب المرض والبرد وغياب الرعاية الصحية.
ويضم مخيم الركبان الواقع على الحدود السورية الجنوبية الشرقية مع الأردن قرابة 75ألف لاجئ، وبدأ باستقبال ساكنيه في المنطقة المحرمة “منزوعة السلاح” بين الأردن وسورية مع بداية العام الماضي، وقد اعتبرته بعض المنظمات ثاني أكبر مخيم من حيث عدد اللاجئين، بعد مخيم الزعتري.
وساهم غياب المراكز الصحية والرعاية الطبية في المخيم، في انتشار الأمراض المعدية بشكل كبير خصوصاً بين الأطفال.
فمنذ بداية شهر تموز/يوليو الماضي بدأ مرض التهاب الكبد الوبائي بالانتشار في المخيم، مسبباً العدوى للعديد من الأطفال، وأدى الغياب شبه التام لدور الهيئات الإنسانية العاملة في المجال الإغاثي والطبي إلى تفاقم الوضع بشكل أكبر، حيث وصل عدد الوفيات إلى 24طفلاً حتى اليوم.
ومن جهتها، سردت والدة الطفل شادي الذي لقي حتفه في 13 نوفمبر/تشرين الثاني معاناته وألمه “بقي ابني يصارع المرض ويتألم شهراً كاملاً، وأنا أرى شبح الموت يدور حوله، ولا أستطيع فعل شيء له”.
وأضافت الأم بحسرة، إن حالته بدأت تتحول من سيء إلى أسوأ، حيث ظهرت على جسده تورمات وانتفاخات بسبب فقدان سوائل الجسم، لم نستطع إسعافه إلى مكان آخر، ولا حتى إدخاله إلى الأراضي الأردنية.
وأكد علي، أحد سكان المخيم، وعضو شبكة تدمر الإخبارية، أن الأوضاع الإنسانية والطبية للنازحين في مخيم الركبان في “تدهور مستمر” بسبب سوء التغذية وغياب الرعاية الصحية، فقد توفي 4 أطفال خلال الأسبوعين الماضيين.
وأضاف، إن “درجات الحرارة دون الصفر في المخيم، وتوفيت طفلة بعمر 7سنوات نتيجة البرد، ونحن نترقب المزيد من الوفيات في ظل غياب التدفئة”.
صورة للعاصفة الرملية من داخل المخيم. مصدر الصورة الناشط علي من سكان المخيم.
وكان الجيش الأردني أعلن في21 حزيران 2016، أن كل حدوده مع سورية عبارة عن منطقة عسكرية مغلقة، وذلك بعد حادثة تفجير الركبان التي قتل فيها سبعة جنود أردنيين تبناها تنظيم الدولة؛ مما منع إيصال المساعدات الإغاثية والطبية للاجئين العالقين بسبب الترتيبات الأمنية المشددة.
وقال علي، إن “النقطة الطبية الوحيدة الموجودة بالمخيم لا يمكن تسميتها بنقطة طبية، فهي عبارة عن خمس كرفانات، تجهيزاتها أقل من عيادة طبية إسعافية، يعمل بها طالب طب غيرمتخرج وقابلة نسائية، وفي كثير من الأحيان تتوقف عن الخدمة لعدم توفر الأدوية”.
من جهته، قال محمد الحمصي عضو شبكة تدمر الإخبارية، إن “الناس يبحثون عن الأمان، لكنهم يواجهون ظروفاً مأساوية في المخيم ومع حلول الشتاء سيتفاقم الوضع سوءاً في هذه الظروف الصحراوية الصعبة”.
من جانبه، أكد الطبيب جلال الزعبي، المسؤول عن النقطة الطبية في المخيم، والمقيم في الأردن، أنه لايمكن الحصول على إحصائية دقيقة حتى هذه اللحظة، لأن من يعمل داخل النقطة الطبية في المخيم هم ممرضون، ونحن بحاجة لإجراء “تشخيص تفريقي” حتى نحدد سبب الوفاة، فمن الممكن أن يكون الطفل مصاب باليرقان، ولكن سبب الوفاة ليس اليرقان.
وأضاف أن “الأمراض المنتشرة الربو التحسسي والالتهاب المعوي الحاد وسوء التغذية والدفتيريا، بالإضافة إلى اليرقان”.
ومن الجدير ذكره، أن 18 طفلاً لقوا حتفهم بسبب مرض اليرقان (التهاب الكبد الوبائي) منذ شهر تموز الماضي.
وأكدت منظمة الصحة العالمية، أن الالتهاب الكبدي Aيمكن أن يسبب أعراضاً مرضية، تتراوح بين البسيطة والوخيمة، وينتقل فيروس الالتهاب بتناول الملوّث من الطعام والمياه أو بالاتصال المباشر بشخص مصاب بالعدوى.
كما أنه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمياه غير المأمونة، وقصور خدمات الإصحاح، وتردي قواعد النظافة الشخصية، في حين يُصاب معظم الأطفال (بنسبة 90%) بالالتهاب الكبدي A قبل بلوغ سن العاشرة في البلدان النامية التي تسوء فيها الظروف الصحية.
وأكدت منظمة أطباء بلا حدود، أنه بعد أن بدأت الأردن بتشديد إجراءاتها، ومن ثم إغلاق الحدود في 21 حزيران/ يونيو، لم تتمكن المنظمة من الوصول إلى هؤلاء الناس، ومنذ ذلك الحين هم محرومون من أية رعاية صحية، كما أنهم يحصلون على أقل من نصف كمية المياه اللازمة.
وقالت الطبيبة الوحيدة من منظمة أطباء بلا حدود، “لا أستطيع أن أعالج التهاب الكبد الوبائي الذي أعرف أنه تفشى بينهم منذ أن تعذّر على منظمة أطباء بلا حدود الوصول إليهم”.
وعلى حد تعبيرها، فإن “هؤلاء تم إقصاؤهم عن الوجود بخبث فيما الركود والطريق المسدود يتخذان مظهر البحث عن الحل”.
وبرر رئيس الوزراء هاني الملقي، بأن المملكة لم يعد بمقدورها تحمل عبء أي لاجىء إضافي، وأنه لن يتم السماح بدخول اللاجئين إلا ضمن التقديرات الميدانية للحالات الإنسانية.
وقال إن الاعتبارات الأمنية والعسكرية فوق أي اعتبارات أخرى، والوضع في الركبان مسألة دولية وليست أردنية.
وفي تقرير نشرته هيومن رايتس وتش، قال جيري سيمبسون، باحث أول ومدافع عن حقوق اللاجئين “على الأردن عدم معاقبة النساء والرجال والأطفال السوريين الفارين من نفس الأعمال الوحشية التي قتلت الجنود الأردنيين”.
وأضاف سيمبسون “على باقي الدول بذل كل ما في وسعها لمساعدة الأردن على إبقاء حدوده مفتوحة أمام المحتاجين”.
في حين أعرب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي عن تفهم المفوضية لحجم الأعباء التي يتحملها الأردن نتيجة الأزمة السورية. وقال “نحن نقدر التحديات التي تواجه الأردن على هذا الصعيد”.
ومن جهته أكد المحامي رياض الصبح، أن “من حق الحكومة الأردنية حماية حدودها، ولكن لابد من دراسة وضع المخيم، والعمل على إدخال الحالات الإنسانية الملحة”.
وأضاف “على الحكومة إنجاز معادلة تضمن الأمن، وتقدم المساعدات الإنسانية والطبية التي يحتاجها سكان المخيم في آن واحد”.
وبثت منظمة العفو الدولية في 15 أيلول 2016 شريط فيديو وصوراً بالأقمار الصناعية لمواقع قبور مؤقتة ومدافن تظهر مشهداً نادراً في عمق المنطقة الصحراوية المحايدة بين الأردن وسوريا، حيث تم عزل آلاف اللاجئين العالقين بصورة شبه تامة عن المساعدات الإنسانية لمدة شهرين.
ومن الجدير ذكره، أن الحكومة الاردنية سمحت بدخول شحنة مساعدات أخرى في 22 نوفمبر/تشرين الثاني .
وكانت الحكومة قد جددت في 23 تشرين الاول 2016 التوقيع على مذكرة التفاهم مع المفوضية منذ العام 1998، بهدف تحديد آلية للتعامل مع الأمور المتعلقة باللاجئين، والأشخاص المشمولين برعاية المفوضية.