أمال سوريين بإطلاق سراح ذويهم تتحطم على هامش اتفاقية “البلدات الأربعة”
أعرب سوريون عن إحباطهم بشأن اتفاقية إخلاء الأهالي من بلدات […]
25 أبريل 2017
أعرب سوريون عن إحباطهم بشأن اتفاقية إخلاء الأهالي من بلدات محاصرة، الإثنين، عقب أيام من التظاهرات، يتهمون فيها كل من الحكومة والثوار بالإخفاق بتنفيذ بنود تؤمِن تحرير أكثر من 1500سجين تحت قبضة النظام.
وجاب نحو 200 سوري شوارع مدينة إدلب، مركز محافظة إدلب، الأحد، وهم يحملون شعارات كتب عليها “الحرية للمعتقلين”، “تاجرتم بدمائنا، تاجرتم بمعتقلينا، تاجرتم بأبنائنا (…) ماذا تريدون بعد؟”، و “من أنتم.. من أعطاكم الحق والشرعية لتفاوضوا عنا”.
وإطلاق سراح معتقلين يقبعون في سجون النظام هو أحد بنود اتفاقية وقف الحصار في البلدات الأربعة عبر سورية. وترتبط البلدات المحاصرة التي تشكل لب الاتفاقية من خلال “اتفاقية البلدات الأربعة” التي توستطها إيران بين القوات الموالية للنظام وأحرار الشام، وهو فصيل إسلامي بارز، وتم إبرامها في أيلول عام 2015.
ولكن صيغة الاتفاقية في عام 2015 لم تنه حصار البلدات الأربعة وهي بلدتين في شمال غرب محافظة إدلب واثنتين في ضواحي دمشق.
وبموجب النسخة الآخيرة من الاتفاقية، التي توسطتها قطر وإيران، وفق ما تواردت الأنباء، شرع ما يقارب 20 ألف نسمة من أهالي الفوعة وكفريا ذاتي الغالبية الشيعية بإخلاء البلدتين اللتين يحاصرهما الثوار خلال فترة 60 يوماً، بدأت في وقت سابق من هذا الشهر.
وبالمقابل، يُسمح كذلك للمقاتلين وعوائلهم وأي من الأهالي الذين يختارون أن يرحلوا من الزبداني ومضايا، البلدتين المحاصرتين في محيط دمشق، اللتين تأويان معاً 40000 نسمة.
المتظاهرون في مدينة إدلب، الأحد. حقوق نشر الصورة لشبكة بلدي الإعلامية.
ووعدت الاتفاقية أيضاً بتسليم المساعدات الإنسانية الملِّحة إلى اليرموك، مخيم محاصر للاجئين الفلسطنيين في جنوب دمشق، وكذلك تحرير 1500 معتقل مرتبط بالمعارضة.
ويجري الآن تنفيذ الاتفاقية من قبل جميع الأطراف، رغم تنفيذ تفجير انتحاري ضخم كاد يحرف عمليات الإخلاء الأولية عن مسارها في بداية هذا الشهر. وفي أول إخلاء من الفوعة وكفريا، غادرت الباصات بما يقدر بـ 5 آلاف نسمة، فقط لتلتقي بسيارة انتحارية مفخخة، أسفرت عن مقتل 100 شخص على حاجز على مشارف مدينة حلب.
وبعد أربعة أيام، صعد ما يقدر بـ 3000 مقاتل موال للنظام ومدني من أهالي الفوعة وكفريا على متن قافلة الحافلات وتوجهوا إلى مدينة حلب في الجولة الثانية من عمليات الإخلاء من بلدتي إدلب المتجاورتين.
وفي هذه الأثناء، ركب حوالي 3000 من أهالي مضايا والزبداني الحافلات واتجهوا شمالاً إلى إدلب.
وأدخلت قافلة الهلال الأحمر العربي السوري، كجزء من المراحل التالية للاتفاقية، المساعدات لمخيم اليرموك، الأحد، للمرة الأولى منذ عام 2015، وفق ما قال الأهالي من داخل المنطقة المحاصرة.
وكانت آخر مرة تدخل فيها المساعدات لمخيم اليرموك في عام 2015. ويسيطر تنظيم الدولة على معظم المخيم، في حين تسيطر هيئة تحرير الشام، وهو اتحاد ثوري إسلامي كان يرتبط بالقاعدة سابقاً، على بعض الشوارع في شمال المخيم.
وظل أهالي اليرموك منذ آخر مرة تسلموا فيها المساعدات يناشدون المنظمات الدولية لتمدهم بالغذاء والدواء. وفي حين دخلت المساعدات إلى حيي يلدا وببيلا الخاضعتين لسيطرة المعارضة، فإن الإمدادات لم تصل الحي نفسه حتى يوم الأحد.
ومع ذلك، دخلت المساعدات الإغاثية، يوم الأحد فقط تحت إشراف هيئة تحرير الشام، حيث تلقت أم عبد الله، إحدى الأهالي، وفق ما قالت لسوريا على طول “كيس طحين، وزيت، وعدس، ومعلبات وملح وأرز وسكر”.
المتظاهرون في مدينة إدلب، الأحد. حقوق نشر الصورة لـ شبكة بلدي الإعلامية.
وقالت أم عبد الله “كانت هذه المساعدات هي المُنقذ لنا بعد طول انتظار، وعلى الرغم من أنها غير كافية بعد كل هذا الحصار إلا أنها أفضل من لا شيء”.
ولم يتلق معظم المخيم الذي يقبع تحت حكم تنظيم الدولة أي مساعدات إغاثية.
ومقابل تسلم الإمدادات، من المزمع أن يُسلم ما يقارب 200 مقاتل تابع لهيئة تحرير الشام في اليرموك المناطق التي تقع تحت سيطرتهم في المخيم إلى قوات الأسد والميليشيا الفلسطينية الحليفة، وفق ماذكر موقع زمان الوصل الموالي للمعارضة في وقت سابق من هذا الشهر.
ولم تأت وكالة الأنباء الرسمية السورية “سانا” على ذكر أي إدخال للمساعدات.
“خرجت أطالب بابني”
وفي الوقت ذاته، وعلى بعد 275 كيلومترا شمال اليرموك في مدينة إدلب، قال أفراد أسر السجناء المحتجزين لدى النظام لسوريا طول إن الجزء الجوهري من الاتفاق وهو أكثر ما يعنيهم؛ الإفراج عن 1500 معتقل من سجون النظام، لا يتم تنفيذه بحسن نية.
وأفرجت قوات الأمن الحكومية السورية، وفق ما تواردت الأنباء، عن ذوي الجنح الصغيرة “الذين تم اعتقالهم مؤخراً ولا يمتّون للثورة بصلة”، وفق ما صرح اسماعيل عنداني، رئيس مجلس مدينة إدلب المدني، وكان من المشاركين في احتجاجات الأحد.
وأدان الأهالي الذين تحدثوا إلى سوريا على طول، الإثنين، كل من الحكومة السورية والهيئات المعارضة المنخرطة في الاتفاق للإخفاق إطلاق سراح المعتقلين الذين يقبعون في السجون “منذ بداية الثورة”.
وأفرجت الحكومة السورية، وفق ما تواردت الأنباء، عن أول 750 سجينا من شتى أنحاء سوريا، الجمعة. ومعظم المفرج عنهم لم يمض عليهم في السجن سوى “فترة شهر وما دون”، وفق ما قال أحمد رحال، ناشط إعلامي من إدلب لسوريا على طول.
وما يزال من غير الواضح متى سيتم تحرير الـ750 معتقلا الباقين المفترض الإفراج عنهم، رغم أنه بقي شهر واحد للحكومة السورية والقوات المعارضة لتنفيذ الوعود المنصوص عليها في الاتفاقية.
ومن جهته، قال محمد أبو زيد، الناطق الرسمي لحركة أحرار الشام الإسلامية، فصيل إسلامي متشدد شارك في الاتفاقية، لسوريا على طول، الإثنين أن “الاتفاق المبرم لم ينص على تحديد قوائم المعتقلين”، وتعهد بلسان الأحرار أنيعملوا “بما أوتينا من قوة (… )على تحسين شروط الاتفاق في المرحلة المقبلة”، حيث من المقرر إطلاق سراح الدفعة الثانية من المعتقلين.
ولكن أولئك الذين ينتظرون ذويهم المعتقلين مازالت الشكوك تساورهم وتقيدهم، وفق ما قال الناشط الإدلبي، أحمد رحال موضحا أن “هناك حالة من الغضب والاستياء والإحباط (وسط عوائل المعتقلين) تعم الشارع الإدلبي بشكل عام، تنديدا ببنود الاتفاق التي لم يؤخذ رأيهم بها”.
المساعدات الغذائية في مخيم اليرموك، الأحد. حقوق نشر الصورة لـ وكالة أنباء الإخبارية.
وأثارت موجة الإحباط المظاهرات في يومي الجمعة والأحد في شوارع مدينة إدلب، وحمل ذوو المعتقلين الذين ما يزالون وراء القضبان اللافتات وصور أحبائهم.
“خرجت في الاحتجاجات لأطالب بابني”، وفق ما قالت فاطمة، ابنها خالد عبد الوهاب الإبراهيم، 35 عاماً، اعتقل و”عائلته” من قبل الحكومة السورية منذ عام 2013.
وأضافت “كنت على أمل بأن يخرجه النظام ضمن بند إخراج المعتقلين في ملف البلدات الأربعة، والذي كانت تفاصيله غامضة بالنسبة لنا ولم يكن هناك أي تنسيق معنا لنسجل أسماء أبنائنا المعتقلين ليتم الإفراج عنهم ضمن الاتفاق”.
وقالت فاطمة أنها لا تملك أي معلومات عن مكان وجود ابنها وعائلته منذ اعتقالهم “نتيجة تشابه أسماء”، منذ أربع سنوات خلت.
أم فراس، متظاهرة أخرى، خرجت في الاحتجاجات لأن “جيش الفتح (غرفة عمليات تتضمن هيئة تحرير الشام وأحرار الشام) لم يعمل على إخراج المعتقلين ولم يضع قوائم أسماء”.
ابنها الآن في 25عاماً، اعتقل بتهم “إرهاب” مختلقة منذ خمس سنوات مضت. ونقلته القوات الحكومية إلى عدرا، سجن في أطراف دمشق، يشتهر بسمعته السيئة في تعذيب السجناء.
وحين أفرجت الحكومة السورية عن أول 750 سجينا، “لم يكن ابني من بينهم”، وفق ما قالت لسوريا على طول، مضيفة “كنت على أمل أنه يخرج بهذا الاتفاق، لكني تدمرت وتحطمت أمالي بما حدث”.
شارك في التقرير مجدولين الزعبي، محمد علوش، مرح فرح.
ترجمة: فاطمة عاشور