أيام “دموية رهيبة” في ثلاث محافظات سورية رغم محادثات السلام
قتلت موجة غارات جوية للنظام، وقذائف هاون ومدفعية، عشرات من […]
26 فبراير 2017
قتلت موجة غارات جوية للنظام، وقذائف هاون ومدفعية، عشرات من أهالي المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في ثلاث محافظات سورية، يومي السبت والأحد، رغم الهدنة المزعومة وبدء محادثات السلام في جنيف.
وتزامنت الغارات الجوية المستمرة على مدى اليومين والقصف البري لـ”الأهداف المدنية”، وفق ما تواردت الأنباء مع تفجيرات تعرضت لها مقار أجهزة أمنية في مدينة حمص، في المناطق التي يسيطر عليها النظام، يوم السبت؛ إذ أدت سلسلة من الهجمات الانتحارية على مركزي أمن هناك إلى مقتل عشرات من شخصيات النظام بمن فيهم العميد حسن دعبول، رئيس فرع الأمن العسكري بحمص.
ويُعتقد أن هيئة تحرير الشام، وهو تشكيل ثوري يضم جبهة فتح الشام التي كانت تنتمي للقاعدة في سوريا سابقاً، هي من نفذت الهجوم الذي وقع في اليوم الثالث لمفاوضات السلام في جنيف.
وفي حين حاول المبعوث الأممي الخاص لسورية ستيفان ديمستورا أن يبقي المحادثات حية في أعقاب الهجوم في مدينة حمص، فإن المندوب الدائم لسورية في الأمم المتحدة، بشار الجعفري أكد أن “التفجيرات الإرهابية التي ضربت مدينة حمص اليوم هي رسالة إلى جنيف من رعاة الإرهاب. ونقول للجميع ان الرسالة قد وصلت وأن هذه الجريمة لن تمر مرور الكرام”، وذلك في تصريح صحفي بمقر الأمم المتحدة بجنيف، وفق ما ذكرت وكالة أنباء “سانا” السبت.
شاب سوري يحمل نقالة بحثاً عن ناجين عقب غارة جوية في دوما، السبت. حقوق نشر الصورة لـ SAMEER AL-DOUMY/AFP/Getty Images.
وفي ظل محادثات السلام التي ما تزال قائمة في جنيف، فإن أهالي حي الوعر في حمص ودوما في ريف دمشق وأريحا في محافظة إدلب، يحتمون منذ يومين في الأقبية من وابل القصف العنيف للنظام المستمر.
وكان “يوم أمس (السبت) يوما داميا بكل معنى الكلمة”، وفق ما قال ناشط إعلامي من دوما لسوريا على طول، الأحد، مضيفا “اليوم الشوارع فارغة ولا توجد أي حركة تذكر للمدنيين”.
الوعر، حمص
وشهد حي الوعر المحاصر الخاضع لسيطرة الثوار 48 ساعة من القصف المستمر بلا هوادة، فيما سمته الوسائل الإعلامية الموالية للنظام “انتقاماً” لسلسة الهجمات الانتحارية داخل مركز المحافظة الخاضعة لسيطرة النظام، يوم السبت.
وفي يومي السبت والأحد، نفذ الطيران الحربي للنظام نحو 50 غارة جوية، تزامنت مع عشرات قذائف الهاون وقذائف الدبابات بالإضافة إلى “القنص المستمر من كل نقاط النظام” على الحي الثوري الذي تبلغ مساحته 4 كيلومترات مربعة، وفق ما ذكر الدفاع المدني المحلي.
وأسفرت الهجمات عن مقتل أربعة من أهالي الحي وإصابة العشرات، ومن بينهم سبعة في حالة حرجة، فيما سماه السكان “يوميين داميين ورهيبين”.
و”يعلم الأهالي في داخلتهم بأن قوات النظام تحاول استغلال تفجيرات الأفرع الأمنية التي حدثت في مناطقه لقتل وتدمير وتهجير سكان الحي”، وفق ما قال جلال التلاوي، ناشط إعلامي من حي الوعر، ومراسل سمارت نيوز، لسوريا على طول، الأحد.
آثار الغارات الجوية على حي الوعر في حمص، السبت، حقوق نشر الصورة لـ جلال التلاوي.
وكانت الغارات الجوية، وفق ما تواردت الأنباء، “رداً على الهجمات الانتحارية (السبت) التي استهدفت المبنى الأمني في مدينة حمص”، وفق ما زعمت وسائل إعلامية موالية للنظام.
وخلال الأسبوعين الماضيين، قُتل نحو 30 شخصاً نتيجة قصف النظام للحي الخاضع لسيطرة المعارضة، وفق ما ذكرت سوريا على طول، آنذاك.
وكانت آخر مرة تصل المساعدات الأممية حي الوعر في 26 تشرين الأول عام 2016. وحال رصاص قناصة النظام وعملية سطو مسلح دون وصول قوافل إنسانية كان من المقرر دخولها الأسبوع الماضي.
وحي الوعر، هو آخر معقل للثوار في مدينة حمص، بعد مغادرة المقاتلين حمص القديمة كجزء من اتفاقية واسعة النطاق، في أيار عام 2014. وفي أواخر 2015، التقى مفاوضو النظام والثوار ليناقشوا اتفاقية الاستسلام، إلا أن المحادثات لم تؤت أكلها.
دوما، ريف دمشق
قصفت طائرات حربية للنظام، وفق ما تواردت الأنباء صواريخ تحتوي على مواد حارقة في دوما، الغوطة الشرقية، الأحد، بعد يوم من موجة غارات جوية قتلت تسعة على الأقل من الأهالي، وفق ما ذكرت مصادر محلية لسوريا على طول.
وقال منصور أبو الخير، عضو المكتب الإعلامي للدفاع المدني السوري في ريف دمشق، لسوريا على طول، الأحد إن “جميع الصواريخ التي انهالت استهدفت أماكن سكنية بحتة وسط المدينة ومدرسة والسوق الشعبي بعيداً عن أي مقرات عسكرية أو جبهات”.
وتظهر فيديوهات تم تداولها على الإنترنت وحدات الدفاع المدني، الأحد وهي تصارع لإخماد النيران داخل مبان سكنية. وذكر أبو الخير أن شباب الدفاع المدني يعانون من إطفاء حرائق النابالم الآن لعدم وجود بودرة أو رغوة (فوم)، وحرائق النابالم لا تنطفئ بسهولة وكلما انطفأت تعود للاشتعال، و”هم يحاولون بإمكانيات بسيطة”.
ولم يتسن لسوريا على طول التأكد باستقلالية من طبيعة الأسلحة التي استهدفت دوما، الأحد.
وفي يوم الأحد، سوت ست غارات جوية أبنية بأكملها أرضاً في دوما. وأدى انهيار أحد المباني السكنية إلى مقتل تسعة من الأهالي على الأقل، من ضمنهم أربعة أطفال، كانوا يختبؤون في ملجأ تحت الأرض.
“وهناك جثث أُخرجت متفحمة لم يتم التعرف عليها”، وفق ما قال أسامة العمري ناشط إعلامي من دوما لسوريا على طول، الأحد. وأضاف “هذا ما أثار سخط الأهالي وسادت حالة من الهلع والقلق بينهم”، موضحا أن “الشوارع فارغة (…) جميعهم ملتزمون بيوتهم حتى انهم لم يرسلوا أطفالهم إلى المدارس”.
دوما التي كانت مأوى لنصف مليون نسمة قبل الحرب، تهاوت ولم تعد سوى هيكلاً لما كانت عليه ذات يوم، فهي واحدة من أكثر المواقع التي قصفها النظام في سورية. وحاصر النظام المدينة، التي تعتبر عاصمة الغوطة بحكم الأمر الواقع في حزيران 2012.
وتأتي الهجمات الأخيرة وسط حملة مستمرة للنظام على بعد 6 كم جنوب غرب دوما، للسيطرة على القابون المجاورة في شرقي دمشق.
أريحا، إدلب
وفي محافظة إدلب، الخاضعة لسيطرة المعارضة، قصف الطيران الحربي للنظام السوري مدينة أريحا، التي تبعد 10 كم عن مركز المحافظة وذلك لليوم الثاني على التوالي، الأحد.
واستهدفت خمس غارات جوية على الأقل، بالصواريخ الفراغية، وفق ما قيل، عدة أهداف عبر المدينة، من بينها صاروخان على مركز الدفاع المدني. وأصيب أحد المسعفين، الأحد، وخرج المركز عن الخدمة وفق ما ذكرت صفحة الدفاع المدني في إدلب.
وفي يوم السبت، ضربت 15غارة مدينة أريحا التي تتوسط محافظة إدلب. وكانت الحصيلة المبدئية للقتلى 15شخصاً، بالإضافة إلى إصابة العشرات.
واستهدفت الغارات الجوية في يوم الأحد المنازل السكنية وسوقاً رئيسية مكتظةً بالناس ومستودعاً للوقود.
الطيران الحربي يقصف مدينة أريحا، السبت. حقوق نشر الصورة لمركز إدلب الإعلامي.
وتظهر الصور التي انتشرت عبر المواقع الإعلامية الموالية للمعارضة خلال عطلة نهاية الأسبوع المباني المنهارة والأنقاض المتراكمة في الشوارع وعناصر الدفاع المدني وهم يحاولون جهدهم إخماد الحرائق.
يذكر أن الغارات الجوية للروس والنظام والتحالف الذي تقوده أميركا هو حدث اعتيادي شبه يومي في محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، مع تصريح جميع الأطراف استهدافها جبهة فتح الشام، التي كانت تنتمي للقاعدة سابقاً وإحدى الفصائل الحاكمة في شمال غرب سورية.
إلا أن الأهالي، يقولون باستمرار أن ضحايا الغارات “أهداف مدنية” وليس مواقع عسكرية.
ترجمة: فاطمة عاشور