10 دقائق قراءة

إسرائيل في سوريا: تحصينات تؤسس لتواجد دائم وإغراءات لاستمالة السكان

تواصل القوات الإسرائيلية تعزيز تواجدها داخل الأراضي السورية، ما يحرم المزارعين والرعاة من مصدر رزقهم، ويأتي ذلك بالتزامن مع تنفيذ ضربات جوية ومداهمات على مواقع عسكرية سابقة للنظام


27 فبراير 2025

درعا، باريس – “في مثل هذا الوقت من العام، كانت سياراتنا تخرج من وادي اليرموك محملة بالكوسا والفاصولياء والبندورة، لكن هذا العام منعنا الاحتلال الإسرائيلي ودمر مصدر رزقنا”، بهذه الكلمات بدأ المزارع بسام دمارة حديثه عن التوغل الإسرائيلي داخل الأراضي السورية بعد سقوط النظام السوري في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر 2024.

يعتمد دمارة، 45 عاماً، من أبناء بلدة معرية الواقعة على المثلث الحدودي السوري الأردني الإسرائيلي، على الزراعة وتربية المواشي، حاله حال أبناء المنطقة، قبل أن تحرمهم تل أبيب من “زراعة أرضنا وتربية مواشينا”، كما قال لـ”سوريا على طول”، مقدراً خسارته بنحو 20 مليون ليرة سورية (2000 دولار أميركي، بحسب سعرف الصرف في السوق السوداء البالغ عشرة آلاف ليرة للدولار الواحد).

العدوان الإسرائيلي على جنوب سوريا، الذي بدأ بعد ساعات من إسقاط قوات المعارضة لنظام الأسد لا يبدو أنه شارف على الانتهاء، إذ لم تكتف تل أبيب بالسيطرة على المنطقة الحدودية المنزوعة السلاح على طول الجولان السوري المحتل، منتهكة اتفاقية “فض الاشتباك” الموقعة عام 1974، وإنما تقدمت إلى أبعد من ذلك، متوغلة في محافظتي درعا والقنيطرة، بما في ذلك جبل الشيخ على الحدود السورية-اللبنانية.

وفي أحدثت تصعيد، شنت المقاتلات الحربية الإسرائيلية، في 25 شباط/ فبراير الحالي، عدة غارات جوية على مواقع عسكرية سابقة في محافظتي درعا وريف دمشق، بالتزامن مع توغل بري لقواتها باتجاه سرية المجاحيد قرب قرية البكار بريف درعا الغربي، أحد المواقع العسكرية السابقة لقوات النظام البائد.

وقال عماد البصيري، مراسل “سوريا على طول”، الذي وصل إلى السرية صباح أمس الأربعاء، أن القوات الإسرائيلية التي توغلت في الليلة الماضية، “فجّرت مدفعاً قديم الصنع، يعود لعام 1979، داخل السرية، ودمرت كتلاً إسمنتية تحت الأرض”، مشيراً إلى أن القوات الإسرائيلية “تعمل بشكل ممنهج على تدمير البنية التحتية للجيش السوري الجديد”.

عندما بدأت إسرائيل توغلها لأول مرة في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر، استهدفت مئات المواقع العسكرية والأصول في جميع أنحاء البلاد، ما أدى إلى تدمير جزء كبير من ترسانتها في عملية أطلقت عليها اسم “سهم باشان”، في إشارة إلى اسم توراتي لجنوب غرب سوريا، كما توغلت بعمق يتراوح بين اثنين وعشرة كيلومترات داخل الأراضي السورية.

تزامناً مع عمليات التوغل الإسرائيلي، بدأت قوات الاحتلال بتجهيز مواقع عسكرية وتحصينها وفتح طرق جديدة، ومنعت سكان المنطقة من الاقتراب وحرمتهم من أراضيهم الزراعية ورعي مواشيهم بالقرب من هذه المواقع، ما يفتح باب التساؤل حول مدة بقائها، لاسيما بعد تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأخيرة المتعلقة بمنع تل أبيب أي تواجد لقوات الجيش السوري الجديد داخل مناطق الجنوب السوري في محافظات درعا والقنيطرة والسويداء.

تعليقاً على ذلك، رفضت الإدارة السورية الجديدة تصريحات إسرائيل معتبرة إياها بـ”المستفزة”، كما جاء  في البيان الختامي لمؤتمر الحوار الوطني السوري، الذي انعقد يومي 24 و25 من هذا الشهر، ووصف البيان التوغل الإسرائيلي بأنه “انتهاك صارخ لسيادة الدولة السورية”، مطالباً بالانسحاب “الفوري وغير المشروط”.

جنود إسرائيليون يقفون أمام مدرعة عسكرية في قرية دواية الصغيرة بريف القنيطرة، 25/ 12/ 2024، (عماد البصيري/ سوريا على طول)

جنود إسرائيليون يقفون أمام مدرعة عسكرية في قرية دواية الصغيرة بريف القنيطرة، 25/ 12/ 2024، (عماد البصيري/ سوريا على طول)

“لن نخرج من أرضنا”

لم تكتمل فرحة أهالي قرية معرية، التي ينحدر منها بسام دمارة، بسقوط النظام حتى دخلت قوات الاحتلال الإسرائيلي القرية ونصبت حواجز عسكرية لتفتيش المارة، ما دفع الأهالي إلى الخروج بمظاهرة تعبيراً عن رفض التواجد الإسرائيلي. فانسحبت القوات الإسرائيلية إلى سرية عسكرية تعرف باسم “سرية الجزيرة”، على أطراف القرية.

بعد ذلك، جلبت قوات الاحتلال غرف مسبقة الصنع إلى موقع السرية، ورفعت سواتر بمحيطها وخدّمتها بالإنارة، بحسب البصيري، الذي زار المنطقة واستمع لِشهادات الأهالي، لافتاً إلى أن القوات الإسرائيلية المتمركزة في السرية “استدعت وجهاء القرية عبر مكبرات الصوت ورسائل الواتساب بشكل متكرر، وعرضت عليهم مساعدات غذائية وأغرَتهم بتقديم خدمات الكهرباء والمياه وبناء المدارس والمستشفيات”، لكن الأهالي أصروا على “رفض هذه العروض طيلة الأسابيع الماضية”، قبل أن يعود الاحتلال مجدداً هذا  الأسبوع بعروض جديدة تمثلت “تأمين فرص عمل للأهالي”، وهو ما قوبل بالرفض أيضاً.

مع تدهور وضعه الاقتصادي، حاول دمارة الوصول إلى أرضه وخلايا النحل الخاصة به في وادي اليرموك، لكن قوات الاحتلال منعته من الوصول، حاله حال سكان منطقة حوض اليرموك، مشيراً إلى أن المعدات الزراعية الخاصة بالمزارعين في الوادي “مكسرة”، ولحق الضرر بـ”الأراضي الزراعية والمحاصيل بعد أن شق الجنود الإسرائيليون طرقاً جديدة فيها”.

دشم عسكرية (تحصينات) في سرية الجزيرة ببلدة معرية في منطقة حوض اليرموك غرب درعا، التي تسيطر عليها القوات الإسرائيلية منذ سقوط نظام الأسد، 23/ 02/ 2025، (عماد البصيري/ سوريا على طول)

دشم عسكرية (تحصينات) في سرية الجزيرة ببلدة معرية في منطقة حوض اليرموك غرب درعا، التي تسيطر عليها القوات الإسرائيلية منذ سقوط نظام الأسد، 23/ 02/ 2025، (عماد البصيري/ سوريا على طول)

عدا عن خسارة محصوله ومعداته الزراعية، تراكمت الديون على زايد السالم، 47 عاماً، من أبناء قرية معرية، إذ اشترى البذور والغراس لأرضه قبل احتلالها على أن يسدّها بعد جني المحاصيل.

ومني السالم بخسارة أكبر، عندما تعرض ابنه البالغ من العمر 14 عاماً لإصابة بنيران الاحتلال أثناء تواجده في تظاهرة بقرية معرية في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، قائلاً: “أسعفنا ابني إلى دمشق بواسطة دراجة نارية لعدم وجود سيارة، وأجريت له عملية جراحية هناك لكنه فقد إحدى عينيه”.

حُصر الأهالي “داخل القرية، بمساحة لا تتجاوز ثلاثة كيلومترات، ومنعنا من دخول أراضينا”، بحسب السالم، مقدراً مساحة الأراضي الزراعية التي منعت القوات الإسرائيلية المزارعين الدخول إليها بأكثر من ثلاثة آلاف دونم، وبالتالي “لم يعد مكان نرعى مواشينا التي أصبحت بلا طعام”، واصفاً أوضاعهم المعيشية بـ”السيئة”.

ورغم أن القوات الإسرائيلية تتمركز في السرية العسكرية على أطراف القرية، إلا أنها تتجول داخل القرية ليلاً، وتمنع الأهالي من التجول مستخدمين “العيارات النارية والقنابل الضوئية” لترهيب الأهالي”، بحسب السالم، قائلاً: “أطفالنا يعيشون في حالة رعب، ويرون كوابيس في الليل بسبب أصوات  الرصاص والقنابل، لذا هم بحاجة لتأهيل نفسي”.

“الاحتلال يضغط ويضيق الخناق علينا للخروج من أرضنا، لكننا لن نخرج من أرضنا حتى لو قطع كل سبل الحياة، كما أننا نريد الجولان المحتل سابقاً ولن ننساه”، بحسب السالم، مناشداً هيئات الأمم المتحدة والدول العربية بالضغط على إسرائيل “وإجبارها على الخروج من أرضنا”.

القنيطرة: ترفض عروض الجيش الإسرائيلي!

لا يختلف الوضع كثيراً في محافظة القنيطرة، حيث نشر الجيش الإسرائيلي قواته في العديد من المواقع العسكرية بمنطقة “جباتا الخشب” ومدينة “خان أرنبة” والبعث و”تل الأحمر الغربي” في ريف القنيطرة، وجهزت قواته المواقع التي تموضعت بها عبر جلب غرف مسبقة الصنع وفتح طرقات جديدة وإنارتها بشكل جيد.

صورة تظهر تل الأحمر الغربي الواقع قرب بلدة كودنة بريف القنيطرة، بينما تجهز جرافة لقوات الاحتلال في سفح التل دشماً عسكرية، 01/ 01/ 2025، (عماد البصيري/ سوريا على طول)

صورة تظهر تل الأحمر الغربي الواقع قرب بلدة كودنة بريف القنيطرة، بينما تجهز جرافة لقوات الاحتلال في سفح التل دشماً عسكرية، 01/ 01/ 2025، (عماد البصيري/ سوريا على طول)

“كل بضعة أيام تنزل دورية إسرائيلية من تل الأحمر الغربي” إلى بلدة كودنة بريف القنيطرة، المحاذية له، و”تتجول في شوارعها”، كما قال زيد الطحان، 40 عاماً من أبناء البلدة لـ”سوريا على طول”.

وفي الأسبوع الماضي، طرحت الدورية الإسرائيلية عدة أسئلة على الناس، لمعرفة “من هم أصحاب المحلات التجارية وأرقام هواتفهم، ومن المسؤولين عن المسجد ومضخة المياه وأرقام هواتفهم، وكذلك عن النقطة الطبية والعاملين فيها”، بحسب الطحان.

تعاني بلدة كودنة، كما هو حال القرى والبلدات التي دخلت إليها قوات الاحتلال، من “عدم توفر مياه شرب، بعد أن دمرت قوات الاحتلال الآبار وأوقفت ضخ المياه عبر الشبكة”، إضافة إلى “منع الجميع من الاقتراب من تل الأحمر الغربي ومحيطه بدائرة نصف قطرها أكثر من 2 كيلومتراً، ويطلقون النار على كل من يحاول الاقتراب”.

“عادة نزرع الأراضي بالمحصول الشتوي، لكن هذا العام منعتنا قوات الاحتلال من زراعتها أو الرعي في منطقة التلول، التي كانت مرعى لمواشينا”، قال الطحان، مقدراً مساحة أراضي سكان كودنة التي تسيطر عليها إسرائيل بأكثر من ألفي دونم زراعي.

وقال الصحفي نور جولان، المقيم في محافظة القنيطرة، أن القوات الإسرائيلية “قامت بتخريب الأراضي الزراعية وجرفت أشجار الزيتون وبعض الأحراش، ومنعت المزارعين من الوصول إلى أراضيهم وتضايق رعاة الأغنام”، كما أنها “اعتقلت عدداً من الشبان ودمرت بعض المنازل ومضخات المياه”.

“قدم الجيش الإسرائيلي عروضاً لسكان القنيطرة، من قبيل: تقديم المساعدات الإغاثية وخدمات البنية التحتية ودعم المستوصفات وتعبيد الطرق ومد الكهرباء، لكن السكان رفضوا”، بحسب جولان، لافتاً في حديثه لـ”سوريا على طول” إلى أن “بعض ضعاف النفوس في بلدات حضر وحرفا شمال القنيطرة قاموا بتسجيل أسمائهم للدخول إلى إسرائيل والعمل هناك بذريعة تردي أوضاعهم المعيشية”. قالت وسائل إعلام إسرائيلية أن تل أبيب عرضت فرص عمل للسوريين في المنطقة العازلة.

وطالب الصحفي جولان الحكومة السورية بضرورة التعجيل في “إنشاء نقاط عسكرية مدعومة من دول صديقة وحليفة لإسرائيل في المنطقة العازلة، لسد الباب على إسرائيل التي تستغل ضعاف النفوس”.

تحصينات دائمة؟

في 23 شباط/ فبراير الحالي، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي أن جيشه سيبقى في منطقة جبل الشيخ والمنطقة العازلة لوقت “غير محدود”، وطالب بأن تكون منطقة جنوب سوريا، بما فيها محافظات درعا والقنيطرة والسويداء “منزوعة السلاح”، لافتاً إلى أنه لن يسمح “لقوات تنظيم هيئة تحرير الشام أو الجيش السوري الجديد بدخول المنطقة جنوب دمشق”، ولن يتسامح مع “أي تهديد للطائفة الدرزية في جنوب سوريا”.

في السياق ذاته، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن الجيش سيبقى متمركزاً لفترة طويلة في المنطقة العازلة مع سوريا، مضيفاً: “لن نسمح بتموضع أي قوة تهدد أمن إسرائيل في المنطقة الممتدة من هنا حتى طريق السويداء-دمشق [الذي يبعد قرابة 70 كيلومتر عن الجولان المحتل]، والجيش سيتحرك ضد أي تهديد محتمل”.

كذلك، شهدت سماء محافظتي درعا والقنيطرة تحليقاً مكثفاً للطيران الحربي وطيران الاستطلاع الإسرائيلي بعد تصريحات نتنياهو خلال اليومين الماضيين، كما قال البصيري، مضيفاً: “يوم الإثنين هو أكثر يوم نشهد فيه تحليق للطيران الإسرائيلي منذ بدء عملية التوغل”.

منذ تصريحات نتنياهو الأخيرة، تشهد محافظات جنوب سوريا تظاهرات شعبية رافضة للاحتلال الإسرائيلي ومطالبة بخروجه.

وشيدت القوات الإسرائيلية تسعة مواقع عسكرية “دائمة” داخل الأراضي السورية منذ بدء توغلها في نهاية العام الماضي. قال الطحان: “من يشاهد النقاط العسكرية في تل الأحمر الغربي والتجهيزات الإسرائيلية فيه من طرق ودشم وإنارة، يُدرك أنهم لن يخرجوا منه”، وهو ما أكده مراسل “سوريا على طول”، وفقاً لمشاهداته للنقاط العسكرية في معرية بدرعا، وتل الأحمر الغربي وجبل الشيخ وجباثا الخشب.

وقال الصحفي جولان، أن القواعد التسعة تعد بمثابة “نقاط دفاعية إسرائيلية داخل الأراضي السورية، ومن خلالها تقوم إسرائيل بدوريات وتوغلات باتجاه العمق السوري، وعادة ما يتراوح التوغل بين 15 و20 كيلومتر، تستخدم خلاله الجرافات العسكرية وسيارات الهمر والدفع الرباعي”.

ونظراً لحجم التجهيزات من “إنارة القواعد، وتمديد الكهرباء إليها، وتجهيزها بغرف مسبقة الصنع، وتعبيد الطرق الواصلة إليها”، يبدو أن “إسرائيل لن تنسحب من المنطقة منزوعة السلاح في المنظور القريب”، بحسب جولان، لكنه قلل من احتمالية “تواجدها الدائم”، معتبراً أن إسرائيل تريد من تحركاتها الأخيرة “ضمانات دولية تتعلق بأمن حدودها مع سوريا”.

يتمثل وجود قوات الأمن العام، التابعة لوزارة الداخلية السورية في الحكومة الجديدة، في مدينة القنيطرة وريفها بعناصرها من أبناء المنطقة، لكن “من دون إشهار سلاحهم”، بما في ذلك “مبنى المحافظة بالقنيطرة، الذي انسحبت منه قوات الاحتلال قبل عشرين يوماً”، بحسب البصيري. 

بينما “ينتشر الأمن العام بشكل أكبر في مدينتي البعث وخان أرنبة شمال القنيطرة، رغم التواجد الإسرائيلي فيها”، وفقاً للبصيري.

جنود إسرائيليون يقفون أمام مدرعة عسكرية في قرية دواية الصغيرة بريف القنيطرة، 25/ 12/ 2024، (عماد البصيري/ سوريا على طول)

جنود إسرائيليون يقفون أمام مدرعة عسكرية في قرية دواية الصغيرة بريف القنيطرة، 25/ 12/ 2024، (عماد البصيري/ سوريا على طول)

هل انهارت اتفاقية “فض الاشتباك”؟

بعد يومين من سقوط نظام الأسد، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، “انهيار” اتفاقية فض الاشتباك، الموقعة عام 1974، مؤكداً أنه أمر قواته بـ”الاستيلاء على المنطقة العازلة”.

في عام 1974، توصلت سوريا وإسرائيل إلى اتفاقية هدنة تعرف باسم “اتفاقية فض الاشتباك” أو “اتفاقية 1974″، انسحبت بموجبها إسرائيل من كافة المناطق التي احتلتها في حرب 1973 ومناطق محدودة احتلتها عام 1967.

واتفق الطرفان، آنذاك، على إنشاء منطقة عازلة (منطقة فصل) تكون داخل مناطق سيطرة سوريا وعلى طول امتداد الخط الحدودي البالغ قرابة 75 كيلومتراً من جبل الشيخ شمالاً وصولاً إلى المثلث الحدودي السوري الأردني الإسرائيلي، بعرض يتراوح من 200 متراً إلى 10 كيلومترات، تتولى سوريا الإدارة المدنية داخل المنطقة، مع بقاء الجيش السوري خارج حدودها، وانتشار قوات أممية (أندوف) لمراقبة فض الاشتباك.

تعليقاً على سريان الاتفاقية بعد سقوط نظام الأسد، قال المحامي المؤمن بالله الخبي، الحاصل على درجة الماجستير في القانون العام، أن “الاتفاقيات الدولية التي تبرمها الدول وفق القانون الدولي لا ترتبط بشخصيات رسمية تمثل الدول الموقعة، بل ترتبط جوهرياً ومضموناً في الدولة ككل بغض النظر عن شكل الحكم أو توقيع الاتفاقية في عهد رئيس ما أو في حقبة معينة”.

سرية الجزيرة، التي تسيطر عليها القوات الإسرائيلية في بلدة معرية بريف درعا الغربي، 23/ 02/ 2025، (عماد البصيري/ سوريا على طول)

سرية الجزيرة، التي تسيطر عليها القوات الإسرائيلية في بلدة معرية بريف درعا الغربي، 23/ 02/ 2025، (عماد البصيري/ سوريا على طول)

بالتالي، فإن اتفاقية “فض الاشتباك لعام 1974″، تعد اتفاقية “سارية المفعول حتى لو سقط نظام الحكم في الدولة العربية السورية”، قال الخبي لـ”سوريا على طول”، مشيراً إلى أن الاحتلال الإسرائيلي “خرق الاتفاقية على مرأى أعين قوات فض الاشتباك التابعة للأمم المتحدة، ويعد هذا الفعل خرقاً فاضحاً للقانون والأعراف الدولية وللاتفاقيات الدولية”.

تواصلت “سوريا على طول” مع حكومة دمشق لطرح أسئلة حول التوغل الإسرائيلي المستمر وموقفها منه، لكنها لم تتلق أي رد حتى لحظة نشر هذا التقرير.

وصف الخبي ممارسات إسرائيل بـ”الإجرامية”، وحتى أن بعضها يرتقي إلى “جرائم حرب”، إذ “تارة تحتجز مسعفين تابعين للهلال الأحمر، الذي يقومون بمهام انسانية، وتارة تختطف بعض رعاة الأغنام من القرى”، مشدداً على ضرورة “تقديم الأهالي المتضررين شكاوى إلى قوات الاندوف المتواجدة على أرض محافظة القنيطرة من أجل إخراج كيان الاحتلال من الأراضي الزراعية التي تعتبر مصدر رزق لهم”.

وفي الوقت ذاته، على الحكومة السورية أن “تكثف جهودها الدبلوماسية والدولية والأممية من خلال مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة للنظر بواقع محافظة القنيطرة وأهلها لأن الأمر يزداد خطورة”، قال الخبي.

شارك هذا المقال