إعلان الفيدارلية شمال سوريا يعيد مخاوف “التقسيم” إلى الواجهة
قوبل قرار بتشكيل نظام فيدرالي في مناطق ذات غالبية كردية […]
22 مارس 2016
قوبل قرار بتشكيل نظام فيدرالي في مناطق ذات غالبية كردية في شمال سوريا، برفض واسع من عدة أطراف فاعلة على الساحة السورية، وحتى من بين الأكراد أنفسهم، الذين كان منهم أيضا من يؤيد الفيدرالية، رافضا اعتبارها “تقسيما” للبلاد.
وكان 200 مندوب من ممثلي المناطق الواقعة تحت سيطرة الأكراد، صوتوا في اجتماع عقد الخميس الماضي في رميلان في محافظة الحسكة، لمصلحة تشكيل نظام فدرالي في شمال سوريا.
والمناطق المعنية في النظام الفدرالي هي المقاطعات الكردية الثلاثة: عفرين، كوباني، والجزيرة، الخاضعة لحكم حزب الاتحاد الديمقراطي(PYD) بقيادة الإدارة الذاتية، بالإضافة إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، تحت مسمى “النظام الاتحادي الديمقراطي لروج آفا- شمال سوريا”.
ولا يقتصر النظام الفدرالي على الأكراد فقط، بل “سيشمل كل مكونات المجتمع، ويضمن أن سوريا المستقبل ستكون لجميع السوريين”، بحسب بيان صدر عقب الاجتماع.
وبعد أقل من يوم على صدوره، لاقى القرار رفضاً واسعاً، كما أعتبره الائتلاف العربي السوري محاولة “لاغتصاب إرادة الشعب السوري”.
إلى ذلك، صرح كاميران حاجو، مدير لجنة العلاقات الخارجية للمجلس الوطني الكُردي، لوكالة آرارنيوز، يوم السبت، أن “الخروج بنظام فيدرالي فجأة ومن لا شيء، وبدون أية مناقشة ضرورية حولها بمشاركة ديمقراطية مناسبة، من المحتمل أن يؤدي إلى مثل هذا القرار، ليس أكثر من شكل جديد من أشكال الديكتاتورية”.
وأجرى كل من محمد الحاج علي ومحمد عبد الستار ابراهيم، مراسلا سوريا على طول، ثلاث مقابلات مع صحفيين وناشطين لديهم وجهات نظر مختلفة حول قرار إقامة الفدرالية الجديدة في الشمال السوري.
- مصطفى عبدي، صحفي كردي يقيم في كوباني، من المؤيدين لفكرة الفدرالية
ماذا يعني اعلان الفدرالية الجديدة في شمال سوريا؟
أولاً بشأن الفدرالية المعلنة في روج افا وشمال سوريا هنالك تشويه وجهل بمعناها، فهي فدرالية مكونات، وليست فدرالية قومية، وليس الكرد فقط من أعلنوها، بل غالب مكونات الشمال السوري من عرب إلى تركمان إلى آشور وسريان وأرمن وشيشان، جميعهم إلى جانب الكرد أعلنوها بمؤتمر حضره 200 شخصية وطنية، وغالبهم من الثوار ومعارضون لنظام حكم بشار الاسد.
والوثيقة المنشورة عبرت عن توجههم إلى قيام سوريا اتحادية لا مركزية، وأن التطبيق سيتم خلال ستة أشهر، أي ضمن المدة التي حددها المبعوث الدولي دمستورا لتقييم نتائج المفاوضات والوصول لصيغة حل.
بالتالي فإن الفدرالية لا تعني التقسيم، وإنما هي إعادة توحيد سوريا، فسوريا اليوم مقسمة بين مناطق سيطرة فصائل عسكرية، وكل فصيل يحكم مدينة أو منطقة وفق قوانينه، وفدرالية الشمال تعني توحيد الشمال السوري بإدارة من مختلف المكونات، وحتى الآن الرئيس الحالي هو من العرب.
هناك اتهامات بأن تطبيق الفدرالية سيكون بداية لتقسيم سوريا لعدة دول (علوية وكردية ودرزية)؟
هذه مجرد اتهامات وتكهنات وتحليلات وما أكثرها، وظهرت أيضاً عندما تم الإعلان عن إقليم كردستان العراق الفدرالي.
واليوم وبعد 10 سنوات، ما يزال الإقليم ضمن العراق، وغالب قادته يصرون على وحدتهم.
وبجميع الأحوال الكرد سوريون إلى أن تتخلى باقي المكونات عن سوريتها، ولهم الحق بالاتفاق مع بقية المكونات في مناطقهم بإدارة شؤونهم ذاتياً.
كيف سيؤثر تطبيق الفدرالية على الحرب في سوريا؟
الفدرالية بالأصل مطبقة في “روج آفا” منذ عام 2012، وإن تأخر الإعلان عنها إلى اليوم، أو لنقل توسع تطبيقها وتنظيمها بعد أن تم تحرير غالب مناطق الشمال من سيطرة تنظيم الدولة.
الحرب في سوريا ليست باتجاه واحد وإنما عدة اتجاهات، فالحرب التي تقوم بها قوات سوريا الديمقراطية، التي تحمي الفدرالية، هي موجهة ضد داعش في ريف حلب وريف الرقة.
وهذه الحرب لن تتأثر بالإعلان، كون هذه القوات مشاركة ضمن الفدرالية، والجيش الحر المكون لها أكد أول من أمس مباركته للفدرالية أيضا.
وإن كانت باقي الفصائل ستواصل محاولة عرقلة مشروع الفدرالية، إلا أنها ستبقى خارج نطاق المواجهة العسكرية، على الأقل في الفترة الحالية، باعتبار هذه الفصائل خط ثاني بعد داعش والنظام.
- سيبان سيدا، ناشط سياسي كردي من القامشلي، معارض لفكرة الفدرالية في سوريا
لماذا ترفض الفيدرالية المعلنة من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي؟
تعتبر استفزازاً، وسوف تسبب مزيد من الشرخ بين الشارعين الكردي والسوري، خاصة في ظل تواجد النظام الديكتاتوري بالمنطقة.
وهذا يشير إلى أنها فيدرالية إعلامية، أكثر منها واقعية لمحاولة إثبات وجود بعد الإقصاء عن اجتماعات جنيف والرياض، فضلاً عن عوامل داخلية أخرى اقتصادية وأمنية تتعلق بالوضع داخل مناطق الإدارة الذاتية.
- أبو عمر الحسكاوي، عضو اتحاد شباب الحسكة، عربي من الرافضين لفكرة الفدرالية
لماذا ترفض فكرة الفدرالية، وما هي الأسباب؟
لأن ذلك سيكون رضوخ للأمر الواقع، يعني إذا كنا سنعترف بفيدرالية حزب الاتحاد الديمقراطي الآن، فكان قبلهم البغدادي الذي قام بإعلان الخلافة.
ونحن نرفض أي تقسيم لسوريا على أساس قومي أو عرقي، خاصة أن طبيعة منطقة الشمال السوري ليست كردية بحتة كما يظن البعض، فالعرب يشكلون الأكثرية، أما غالبية الكرد تنحصر ببعض المدن، مثل المالكية والتي أساسها سرياني واسمها (ديريك) باللغة السريانية، وأيضاً كوباني وعفرين، محاطتان بالعرب من الشرق والغرب.
على سبيل المثال، من لديه الحق لفصل تل أبيض، ذات الغالبية العربية عن مدينة الرقة، بنظام إداري خاص، فيصبح العربي يحتاج إلى كفيل من أجل دخول تل أبيض، باعتقادي حتى غالبية الأكراد يرفضون ذلك.
ترجمة: بتول حجار