4 دقائق قراءة

احترقت أوراقها الثبوتية فأحرقت أحلامها بتأشيرة “لم شمل” مع زوجها في السويد

بات الأسى والقنوط يتملك أم أسامة، 35عاماً، بعد أن هرب [...]


23 مايو 2017

بات الأسى والقنوط يتملك أم أسامة، 35عاماً، بعد أن هرب زوجها من الحرب قبل أربعة سنوات بسبب خسارته لعمله كبناء في موطنهما دير الزور.  ودفع أبو أسامة ما يملكه من المال للمهربين واتجه شمالا إلى السويد، على أمل أن يضم إليه زوجه وأطفاله قريباً من خلال تأشيرة لم الشمل، والتي تمنح في السويد للزوجين وأطفالهما الذين يطلبون اللجوء.

ولم تكن تدري ما تخبئ لهما الأيام، فبعد سنة واحدة، استولى تنظيم الدولة على معظم أنحاء دير الزور، ومساحات كبيرة في مركز المحافظة، بما فيها الحي الذي تقطنه أم أسامة، فباتت محتجزة فيه وأطفالها.

وبعد سنة أخرى، ضربت غارة جوية منزلهما، واحترق جواز سفرها وجميع الأوراق الثبوتية و”أصبحت رماداً”، وفق ما قالت من موطنها في دير الزور لـ مجدولين الزعبي، مراسلة في سوريا على طول.

وبدون هذه الإثباتات، يستحيل إخراج تأشيرة لم شمل العائلة.

امرأة من دير الزور وهي تمشي في مخيم الهول بمحافظة الحسكة في شباط 2017. حقوق نشر الصورة لـ Delil Souliman/AFP/Getty Images

فكان الخيار الوحيد الذي يتراءى لهما هو إيجاد مهرب يخرج أم أسامة وأطفالها من دير الزور، ثم تسافر بعدها 400 كم بالاتجاه الجنوبي الغربي عبر مناطق تنظيم الدولة إلى دمشق. وهناك يمكن لأم أسامة أن تجدد الثبوتيات التي احترقت ليكون بيدها من جديد فرصة الحصول على لم الشمل.

في نيسان، 2017، كل شيء بات مهيئاً. ومن خلال مكالماتهما الهاتفية، التي تسافر عبر الدول، رتبت أم أسامة وزوجها مهرباً يثق كلاهما به، وهو صديق قديم لهما ما زال يقيم في دير الزور. وتدبرا من النقود ما يكفي فقط لهذه الرحلة إلى الجنوب التي ستخاطر بها أم أسامة وأطفالها.

وكل ما كان عليها أن تصعد بسيارة صديق العائلة والأمل وجهتهم ومسارهم.

ماذا حدث بعد أن دخلت السيارة؟

بعد ساعة من سيرنا توقفنا في طريق لا أعرفه فيه أشجار، وطلب منا المشي بهدوء وعدم إصدار أصوات عالية، وفي أثناء مشينا اعترضنا رجلان ضخمان ومسلحان، سألانا أين نحن ذاهبون، صمت ولم أتكلم بشيء، وقال صديق زوجي بأننا خارجين في رحلة، حضنت أطفالي وكانوا خائفين ويبكون.

سألني أحد الرجلين لماذا لم تلبسي ابنتك اللباس الشرعي؛ الخمار والثوب الفضفاض والطويل، وأجبته بأنها ما زالت طفلة صغيرة، فقام بضربي ورميي على الأرض.

وبعد ساعة من إيقافنا قال أحد الرجلين أعطني كل ما تملكي من المال لأطلق سراحك أنت وأطفالك، وكان كل ما أملكه 2000 دولار.

أعادنا الرجلين إلى بيتي أنا وأطفالي، وصديق زوجي لا نعرف عنه أي شيء.

كيف كانت حالة أطفالك بعد الصدمة التي عاشوها في هذه التجربة؟

بعد عودتنا إلى البيت، نام أطفالي من التعب، وحاولت الاتصال بزوجي لأخبره بما حدث معنا، فاستيقظت سارة من نومها وهي تبكي وتصرخ “لا تضرب أمي” كانت تحلم بالرجلين.

وقال ابني أسامة لي لا نريد الذهاب إلى أبي، هذه المرة تمكنا من الرجوع إلى البيت ربما المرة القادمة لا نعود.

ما هي ردة فعل زوجك عندما أخبرته بما حدث معك؟

بقي زوجي صامتاً لبعض دقائق بسبب خيبة الأمل بعد أن كان سعيداً بأنه سيجتمع مع عائلته من جديد وبعدها قال بصوت مليء بالدموع والحزن محاولاً أن يخفف عني “يا فرحة ما تمت”.

بالعودة بالزمن إلى الوراء لبضعة سنين: تركك زوجك في أيلول 2013، كيف أثر رحيله عليك وعلى أطفالكم؟

في الفترة الأولى من غيابه، ما يقارب 6 أشهر لم يبعث لنا أي مبلغ من المال، بسبب إصابته بفقر الدم والضغط النفسي، وكانت الحالة سيئة جداً

واضطر ابني أسامة البالغ من العمر 17 عاماً للعمل بعد فترة دوامه في المدرسة في أحد محلات بيع الخضراوات في المنطقة مقابل مبلغ زهيد من المال.

نأكل في اليوم وجبة واحدة فقط، وعلى أثر ذلك مرض أطفالي وأصيبوا بسوء تغذية.

بالإضافة إلى أنه عند إصابة أحد أطفالي بمرض ما لم أكن أخذه للدكتور، لأنه يأخذ كشفية عالية وأنا لا أملك المال سوى لأساسيات الحياة، كنت أعطيهم بعض الأعشاب أو معالجة بسيطة دون أخذهم للعلاج.

وبعد فترة (ستة شهور) بعث لي زوجي مبلغ من المال 2000 دولاراً. وواجه زوجي صعوبة في إيجاد طريقة لإيصال المبلغ في ظل سيطرة تنظيم الدولة على المنطقة، حيث أعطى زوجي المبلغ لجار سابق لنا في دير الزور وموجود حالياً في السويد، ليعطوني أهله في دير الزور المبلغ.

كيف كان أطفالك بغياب والدهم؟

في أول فترة، واجه أطفالي صعوبة كبيرة في تعودهم على غياب أبيهم، وخاصة أحمد الذي أصبح عمره الآن 13عاماً وسارة 10 سنوات، كانوا متعلقين جداً بأبيهم، دائماً يبكون ويسألونني لماذا يعيش أصدقائنا مع والديهم ونحن لا، يتذكرون أبيهم والأيام الماضية ويتخيلون عودته، وكنت أعيش في ضغط كبير لأقوم بدور الأم والأب في نفس الوقت.

مضى الآن شهر بعد إخفاقك في محاولة الهروب، هل تفكرين بمحاولة الهرب مجدداً؟

في هذه الفترة لا نفكر في الهروب، لأن أطفالي خائفين ولن أتمكن من إقناعهم في الهرب من جديد حتى ينسوا كل ما حدث.

زوجي يحاول إيجاد أحد المهربين الموثوقين لإخراجنا من دير الزور بشكل أمن.

ترجمة: فاطمة عاشور

شارك هذا المقال