استمرار القتال بين الجيش التركي ووحدات الحماية الكردية في كوباني رغم الجهود الأمريكية لتهدئة الوضع
استهداف ناقلة جنود تركية بصاروخ يوم الأربعاء. الصورة من صفحة [...]
1 نوفمبر 2018
استهداف ناقلة جنود تركية بصاروخ يوم الأربعاء. الصورة من صفحة YPG.
اشتبكت القوات التركية مع وحدات حماية الشعب الكردية بالقرب من كوباني على طول الحدود السورية التركية واستمر القصف والاشتباكات البرية ليلة الثلاثاء والأربعاء، بعد أن هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان “بعمليات أكثر شمولاً وفعالية” ضد القوات التي يقودها الأكراد شرق نهر الفرات.
وشكلت هذه الاشتباكات، التي حصلت بين حليفين إقليميين للولايات المتحدة الامريكية، اختبارًا لدبلوماسية أمريكا في شمال سوريا. وتعمل وحدات حماية الشعب بقيادة الأكراد (YPG) تحت مظلة قوات سوريا الديمقراطية، وهي خليط من الجماعات المسلحة المدعومة من الولايات المتحدة وتشكلت في عام 2015 للإطاحة بتنظيم الدولة في شمال شرقي سوريا. وفي الوقت نفسه تعتبر تركيا كلاً من وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية خطراً مباشرا على حدودها الجنوبية مع سوريا.
وبدأ القتال ليلة الثلاثاء عندما استهدفت المدفعية التركية للمرة الثانية من هذا الأسبوع مواقع وحدات حماية الشعب في تل أبيض، ما أدى إلى مقتل جندي واحد وإصابة آخر.
ومن جهتها ردت قوات سوريا الديمقراطية، يوم الأربعاء، حيث قصفت ودمرت مركبة عسكرية تركية بالإضافة إلى نقطة حدودية بالقرب من أبو سليم، وهي قرية تقع غرب كوباني، وفقاُ لما صرح به متحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية لسوريا على طول.
وأظهر شريط فيديو نُشر يوم الأربعاء على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي التابعة لوحدات حماية الشعب صاروخاً مضاداً للدبابات يستهدف مركبة عسكرية تركية.
وقال المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية لسوريا على طول، يوم الأربعاء، أن “القتال بين قواتنا والجانب التركي اشتد للغاية الآن”.
وأعلنت وكالة الأنباء التركية الرسمية الأناضول عن مقتل ما لا يقل عن أربعة من مقاتلي وحدات حماية الشعب وأصابة ستة آخرون خلال اشتباكات يوم الأربعاء.
وكان الجيش التركي قد استهدف مواقع وحدات حماية الشعب في تل أبيض يوم الأحد، لكن الخطوط الأمامية كانت لاتزال هادئة حتى ليلة الثلاثاء عندما اشتد القتال.
وسعت الولايات المتحدة إلى تخفيف حدة التوتر بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية منذ اندلاع المواجهات.
ونقلت وكالة الأنباء الروسية Sputnik التابعة للدولة الروسية عن المتحدث باسم البنتاغون شون روبرتسون أن الولايات المتحدة “على اتصال مع تركيا وقوات سوريا الديمقراطية لتهدئة الوضع” يوم الثلاثاء.
وفي الوقت نفسه، وصلت لجنة عسكرية أمريكية إلى تل أبيض، يوم الأربعاء “للتوسط بين القيادة [الكردية] وتركيا من أجل العمل على تهدئة الوضع” حسبما أفاد المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية لسوريا على طول.
إلا أن مسؤولين في قوات سوريا الديمقراطية وبعض المدنيين أكدوا لسوريا على طول، يوم الأربعاء، أن القصف مازال مستمراً بعد ظهر الأربعاء.
وحتى وقت كتابة هذا التقرير، كانت نتيجة الاجتماع مع الوفد الأمريكي في تل أبيض غير واضحة. ومع ذلك، قال المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية “هناك احتمال” بأن يتم التوصل إلى اتفاق يشمل توزيع كلاً من القوات الأمريكية والتركية على طول الحدود.
وأعلن وزير الدفاع التركي مؤخراً أن الولايات المتحدة وتركيا ستبدآن في نشر دوريات مشتركة في مدينة منبج السورية الشمالية هذا الأسبوع كجزء من اتفاقية “خريطة الطريق” المزعومة للمدينة، التي يديرها حالياً مجلس منبج العسكري التابع لقوات سوريا الديمقراطية. ويهدف هذا الاتفاق، الذي تم اعتماده في حزيران إلى نزع فتيل التوتر بين فصائل المعارضة المدعومة من قبل تركيا ومقاتلي وحدات حماية الشعب في المنطقة.
ومع ذلك، لا تزال هناك مخاوف بشأن إمكانية شن هجوم واسع النطاق على المناطق التي يسيطر عليها الأكراد على طول الحدود.
وفد عسكري أمريكي يصل إلى تل أبيض يوم الأربعاء. الصورة من صفحة قوات سوريا الديمقراطية.
وقال الرئيس التركي أردوغان في خطاب له أمام البرلمان التركي، يوم الثلاثاء، أن الهجمات الأخيرة تمثل بداية “عمليات أوسع وأكثر فعالية” ضد مواقع وحدات حماية الشعب شرق الفرات.
ولطالما اعتبرت تركيا وحدات حماية الشعب التي يقودها الأكراد تهديدًا كبيرًا لتركيا، وذلك بسبب العلاقات الأيديولوجية للجماعة بحزب العمال الكردستاني، وهو مجموعة يسارية كردية وشبه عسكرية تم تعيينها كمنظمة إرهابية من قبل الحكومة التركية. و شن حزب العمال الكردستاني على مدى عقود تمرداً دموياً في تركيا.
وفي عام 2016، أطلقت تركيا عملية “درع الفرات” في المناطق الحدودية غرب الفرات، بهدف طرد مقاتلي تنظيم الدولة، وفيما بعد قوات وحدات حماية الشعب أيضاً.
كما بدأت تركيا عملية أخرى، في وقت سابق من هذا العام، أطلق عليها اسم (غصن الزيتون) بالمشاركة مع فصائل المعارضة المدعومين من قبلها، وتمكنوا خلالها من طرد وحدات حماية الشعب من مدينة عفرين ذات الغالبية الكردية فضلاً عن المناطق الريفية. وعندما أطلقت تركيا عملية غصن الزيتون، أعلنت الولايات المتحدة أنها لن تقدم أي دعم عسكري لمقاتلي وحدات حماية الشعب في عفرين لأنهم بدؤوا يعملون خارج نطاق مهمة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لهزيمة تنظيم الدولة.
وقال بعض المراقبين أن هناك مخاوف داخل الإدارة الذاتية – وهي السلطة السياسية التي يقودها الأكراد والتي أعلنت من جانب واحد سيطرتها على المناطق ذات الغالبية الكردية في عام 2013 – من تكرار حدوث ذلك مرة أخرى.
وأشار المحلل نور الدين عمر، الذي يتخذ من بيروت مقراً له، وأجرى مؤخراً أبحاثاً في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في شمال سوريا، إلى أن بعض المسؤولين السياسيين والعسكريين الأكراد يخشون أن تترك قواتهم لتدافع عن نفسها مرة أخرى.
وقال عمر إن احتمال تقدم القوات التركية إلى المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في سوريا يتوقف على رد أمريكا، وأضاف أنه “ليس من مصلحة الولايات المتحدة في الوقت الحالي التخلي عن شركائها الإستراتيجيين”.
وأضاف “تركيا لن تكون قادرة على التقدم شرق النهر دون صفقة مع الولايات المتحدة، وإن الاشتباكات والقصف التركي الذي يحدث الآن لا يتم إلا لاختبار ردة فعل الأمريكيين”.
ومع ذلك، فإن الهجمات التركية الأخيرة على المناطق التي تسيطر عليها الغالبية الكردية في شمال سوريا جعلت السكان المحليين قلقين مما قد يأتي بعد القصف.
وقال أرمانج كوباني، أحد سكان كوباني، أن “الناس خائفون من أن يتكرر ما حدث في عفرين”.
ترجمة: بتول حجار