الألغام المخفية تعيق الحركة و تخيف الأهالي في عفرين
عندما عاد فند جمعة إلى مدينة عفرين، مسقط رأسه، في […]
15 مايو 2018
عندما عاد فند جمعة إلى مدينة عفرين، مسقط رأسه، في أواخر شهر نيسان بعد قضائه شهرين في المنفى، اختار خطواته بعناية.
وكان جمعة البالغ من العمر 36 عاماً، وهو أب لأربعة أطفال، فر من مسقط رأسه إلى مدينة اعزاز الواقعة تحت سيطرة المعارضة مع عائلته في شهر شباط الماضي، وذلك قبل قيام فصائل المعارضة المدعومة من قبل تركيا بدحر القوات الكردية التي كانت تسيطر على عفرين وضواحيها منذ عام 2012.
وفي أوائل شهر نيسان، اختار جمعة العودة إلى مدينته، الواقعة تحت سيطرة المعارضة بمفرده، إلا أن اصطحاب عائلته كان بمثابة مخاطرة كبيرة، على حد قوله. وحذرت منشورات وضعتها قوات الجيش السوري الحر على جدران منزل جمعة وآلاف من السكان العائدين من الألغام والعبوات الناسفة التي وضعتها القوات الكردية المنسحبة على طول الطرق وفي المنازل والمباني.
وبعد شهر واحد من عودته، قال جمعة لسوريا على طول أنه كان يسمع أصوات الانفجارات “كل يوم” في عفرين “ولا يمكننا التنقل في المدينة بسبب الألغام”.
رجل سوري يمشي بين الأنقاض في مدينة عفرين يوم 5 أيار. تصوير نظير الخطيب.
وعندما سيطرت القوات الموالية لتركيا على مدينة عفرين في وقت سابق من هذا العام، تعهدت ميليشيا وحدات حماية الشعب الكردية وحلفاؤها بتشكيل قوات ستكون “كابوساً دائماً” بالنسبة لقوات المعارضة المحتلة.
ودخلت حرب وحدات حماية الشعب الكردية “مرحلة جديدة، لتتحول من المواجهة المباشرة إلى تكتيكات الكر والفر” كما جاء في بيان نشر على الإنترنت في شهر آذار.
والآن بعد شهرين من سقوط عفرين، يعيش سكان المدينة خوفاً دائماً من التعثر بأحد الألغام والعبوات الناسفة المخبأة، وفقأ لما قاله مدنيون ومسؤولون معارضون لسوريا على طول، وفي الوقت نفسه تعمل فرق نزع الألغام المعارضة والتركية على تحديد مكان الألغام والعبوات الناسفة وتفكيكها، ووفقاً لتقديرات بعض المسؤولين فأن آلاف العبوات الناسفة مخبأة في المدينة وحولها.
وﻗﺎل ﻣﻣﺛل ﻣن المجلس اﻟﻣدﻧﻲ ﻓﻲ ﻋﻔرﯾن، وهو ھﯾﺋﺔ ﺣﮐوﻣﯾﺔ ﻣؤﻗﺗﺔ ﺗم ﺗﺷﮐﯾﻟﮭﺎ ﻓﻲ شهر آذار في عفرين ﻣن ﻗﺑل ﻣﺟﻣوﻋﺔ سياسية ﺳورﯾﺔ ﮐردﯾﺔ متمركزة في تركيا وﻣﻌﺎرﺿﺔ لوﺣدات ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺷﻌب، لسوريا على طول ھذا اﻟﺷﮭر أن ﻣﺎ ﯾﻘدر ب 250 ﻣدﻧﯾاً ﻗُﺗﻟوا ﺑالعبوات الناسفة والألغام الأرضية ﻣﻧذ أن سيطرت فصائل المعارضة التابعة لتركيا على المدينة.
وتواصلت سوريا على طول مع عدة أشخاص من وحدات حماية الشعب و الناطقين باسم الأكراد في الأسابيع الأخيرة، إلا أنها لم تتلقى أي تعليق رسمي حتى وقت النشر.
وقال أحد قادة وحدات حماية الشعب الذي طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بإعطاء تصريحات للصحافة، لسوريا على طول أن وحدات حماية الشعب “لم تزرع الألغام داخل المدن أو المناطق السكنية”.
وشنت كلاً من قوات حماية الشعب وقوات المعارضة التابعة لتركيا حملات إعلامية ودعائية لاذعة ضد بعضهم البعض في الأشهر الأخيرة، واتهم كلاً من الجانبين الآخر بتزييف المعلومات وتضليل الجمهور.
وبسبب غياب السلطات المدنية غير السياسية داخل عفرين، لم تستطيع سوريا على طول من التحقق من أعداد الضحايا أو عدد الألغام المزروعة في المدينة بشكل مستقل.
ومع ذلك، فإن العديد من السكان، من الأكراد المحليين والوافدين العرب الجدد، أخبروا سوريا على طول بأن العبوات الناسفة تشكل تهديداً مستمراً على حياتهم وتحد من تحركاتهم في المدينة وتمنعهم من العيش بشكل طبيعي.
وقال جمعة “لقد عدنا إلى مدينتنا الآن، لكننا خائفون”.
” ليست عملية سريعة و بسيطة “
كانت عفرين، وهي مدينة ذات غالبية كردية تقع في جبال شمال غرب سوريا، قبل هذا العام بعيدة إلى حد كبير عن الحرب الدائرة في البلاد منذ سبع سنوات.
ولكن في شهر كانون الثاني، أطلقت تركيا عملية غصن الزيتون ضد عفرين بالتنسيق مع مايقارب 250 ألف مقاتل من مقاتلي الجيش السوري الحر، وكان الهدف المعلن للعملية هو القضاء على “الإرهابيين” على طول الحدود السورية التركية.
وقبل العملية كانت عفرين تقع تحت سيطرة حزب الإتحاد الديمقراطي الكردي وجناحه العسكري وحدات حماية الشعب. وتعتبر أنقرة حزب الاتحاد الديمقراطي فرعاً لحزب العمال الكردستاني الذي يشن تمرداً مسلحاً داخل تركيا منذ عقود.
وبعد أسابيع من القتال الذي تعرضوا له من جميع الجبهات، فرت عناصر وحدات حماية الشعب من مدينة عفرين قبل أن تسيطر عليها قوات المعارضة في 18 آذار.
ولكن قبل مغادرتهم، قامت القوات الكردية بزراعة عشرات الآلاف من الألغام، وفقاً لما أكده ميسرة أبو عبد الله، مسؤول الهندسة وإزالة الألغام في الفيلق الأول التابع للجيش السوري الحر.
سكان مدينة عفرين في 5 آيار. تصوير نظير الخطيب.
وقال أبو عبد الله أن الجيش السوري الحر وبمساعدة فرقة تركية لإزالة الألغام، أمضى أسابيعاً يتنقل من حي إلى حي ومن شارع إلى آخر، ومن بناء إلى بناء في عفرين بحثاً عن العبوات الناسفة، مضيفاً أن فريق إزالة الألغام التابع للجيش السوري الحر محدود في العدد والعتاد وغالباً ما يعمل دون خوذات وغيرها من معدات الحماية.
وأضاف أبو عبد الله “نتلقى العديد من المكالمات من المدنيين للذهاب إلى منازلهم لإزالة الألغام، ومن الصعب جداً تفكيك الألغام فهي ليست عملية سريعة أو بسيطة”.
وتابع أبو عبد الله أنه تم تفكيك الألغام من مناطق واسعة في المدينة، بما في ذلك منازل المدنيين والمباني السكنية والألغام المخفية حول المحاصيل والأراضي الزراعية.
وذكر أن “أكبر عائق نواجهه في عملنا هو عدم وجود أدوات ومعدات” بالإضافة إلى الضغوط الكبيرة التي تتعرض لها فرق إزالة الألغام، في محاولة لتطهير المناطق ذات الكثافة المرورية العالية في عفرين والأراضي الزراعية في القرى المحيطة بالمدينة.
وبعد شهرين من السيطرة على عفرين، قام الجيش السوري الحر وفرقة إزالة الألغام التركية بإخلاء الطرق الرئيسية والأحياء السكنية، بحسب أبو عبد الله ، إلا أنهم وبحسب التقديرات لم يزيلوا إلا نصف العبوات الناسفة والألغام في المدينة والمناطق الريفية المحيطة بها.
‘هدفنا’
ومن جانبها، لم تصدر وحدات حماية الشعب بيانات رسمية تؤكد أو تنفي وجود الألغام في منطقة عفرين.
وبحسب بيان تابع لوحدات حماية الشعب نُشِر على موقعهم الرسمي في 4 أيار، أن القوات الكردية نفذت العديد من الهجمات الناجحة على القوات التابعة لأنقرة داخل عفرين، مما أسفر عن مقتل عدد من عناصر غصن الزيتون ومسؤولين من المعارضة، بمن فيهم جمال الزغلول قائد شرطة الغوطة الشرقية الحرة سايقاَ. وكلفت بالمقام الأول قوات الشرطة، بما فيها تلك التي كانت تعمل في الغوطة الشرقية سابقاً، بالحفاظ على النظام المدني والتعامل مع الجرائم الجنائية، وفقا لما ذكرته المنافذ الإعلامية التابعة للمعارضة.
ونُقل الزغلول، إلى جانب سكان آخرين من المناطق التي كانت تابعة للمعارضة سابقاً شرق دمشق، إلى مدينة عفرين في نيسان بعد اتفاق إجلاء تم بين قوات المعارضة والحكومة السورية.
وقامت فصائل الجيش السوري الحر التابعة لأنقرة بنقل العشرات من العائلات النازحة من الغوطة الشرقية إلى المنازل الفارغة بعد أن فر أصحابها من المدينة في وقت سابق من هذا العام، حسبما أفادت سوريا على طول في مطلع شهر أيار.
وقُتل الزغلول هو وزوجته إثر انفجار لغم أرضي في قرية الباسوطة جنوب مدينة عفرين في 3 أيار، وفقاً لما نشره موقع عنب بلدي التابع للمعارضة في ذلك الوقت.
وجاء في البيان أن وحدات حماية الشعب اتهمت الزغلول بفرض تعاليم صارمة للإسلام على سكان الباسوطة بالإضافة إلى “وضع إرهابيي الجيش الحر في منازل أهالي عفرين المهجورة”.
وذكر البيان أن “أي شخص يتعاون مع القوات المحتلة هو هدفنا”.
ترجمة: بتول حجار