الانسحاب الروسي “يثير الذعر” في أسواق دمشق المالية
انخفض سعر صرف الليرة السورية، الأسبوع الماضي، في السوق السوداء […]
31 مارس 2016
انخفض سعر صرف الليرة السورية، الأسبوع الماضي، في السوق السوداء إلى رقم قياسي، بعد أسبوعين من “الذعر” في أسواق العملات في دمشق، والذي أثاره إعلان روسيا سحبها “الجزء الأساسي” من قواتها في سورية، وفق ما قال خبير اقتصادي يتابع مسار العملة السورية منذ عام 2012 لسوريا على طول.
وبدأ سعر الصرف بالتدهور في 15 أذار، في اليوم التالي لإعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المتلفز، حيث انخفض سعر الليرة السورية من 452 مقابل الدولار إلى 459 ليرة. وفي 26، تجاوز سعر صرف الدولار الـ500 ليرة سورية للمرة الأولى، ليبلغ الذروة عند 513 ليرة سورية في يوم الإثنين، في الثامن والعشرين من أذار، وفق ما ذكرت البورصة السورية.
وبحسب الخبير الاقتصادي، فإن ذلك يعني “قفزة في أسواق العملة، ويشير إلى أن شيئاً غير مسبوق حدث”، وفقا لما قال ستيف إتش هانك، وهو أستاذ في علم الاقتصاد التطبيقي في جامعة جونزهوبكنز، ومدير “برنامج العملات المتعثرة” في معهد كاتو الأمريكي للدراسات الإقتصادية.
وفي هذه الحالة، فإن هذا “الشيء غير المسبوق”، كان إعلان بوتين في الإثنين في 14 أذار أن أهداف موسكو في سورية “تم إنجازها”، وأن بلده ستسحب “الجزء الرئيسي” من قواتها في سوريا.
و”ذلك كان صدمة دونما شك، وأعقبه نوبة ذعر نوعا ما”، وفقا لما قال هانك، الذي أضاف أن “الناس بدأوا يتهافتون بشدة على بيع الليرة السورية”.
وربما بدأت العملة بعد ذلك بـ”الاستقرار، لأن الناس أدركت أن روسيا قلصت من وجودها ولم تغادر كلياً”.
والآن يبدو أن الليرة “تعود إلى زحفها البطيء نحو الأسفل”، حسب هانك الذي كان يشير إلى هبوط قيمة العملة.
ومع حلول 30 أذار، انخفض سعر صرف الليرة السورية إلى 502 مقابل الدولار، وفق ما أشارت البورصة السورية.
الذعرفي ساعة
وفور إعلان “الانسحاب” الروسي، بدأ السوريون في دمشق بيبيع الليرة السورية لشراء الدولار، ما أدى إلى رفع قيمة الأخير بالتزامن مع انخفاض قيمة الليرة السورية، وفق ما ذكرت صحيفة الحياة، في بداية هذا الأسبوع.
ولتجنب الخسارة، اختار بعض أصحاب المحال إغلاق متاجرهم في وجه الزبائن، لأن الليرة التي ستدفع لهم ستفقد قيمتها خلال بضع ساعات.
وقال أحد أصحاب محال بيع الجملة للألبسة الجاهزة في العاصمة دمشق، لصحيفة الحياة، في يوم الاثنين “سأذهب إلى المنزل باكراً هذا اليوم. لا أريد أن أبيع كل دقيقة بسعر، أو أغبن أحداً أو أحد يغبنني. أفضل إغلاق الدكان على البيع في هذه الظروف”.
أصحاب محال سوق الحريقة الدمشقي القديم يغلقون متاجرهم في الأيام الأخيرة، حقوق نشر الصورة لـ eSyria
ومع ذلك قال هانك، والذي يتتبع مسار الليرة السورية على أساس يومي منذ عام 2012، إن الحديث عن “انهيار” يتسم بالغلو. وأضاف “منذ 19 أذار، كان هناك انخفاض في سعر الصرف بلغ 6%، وهو أسرع من االمنحى المعتاد، ولكن الأمور تعود الآن إلى طبيعتها”.
الهبوط التدريجي لليرة السورية. حقوق نشر الصورة لـ معهد كاتو. لاحظ أن محور العينات مقلوب ليوضح الانخفاض في قيمة الليرة السورية.
وفي هذا الأسبوع وبعد سيطرة النظام السوري على مدينة تدمر الصحراوية، والتي قصفت الطائرات الحربية الروسية مواقع لتنظيم الدولة فيها، ارتفع سعر صرف الليرة السورية في السوق السوداء من 513 ليرة سورية للدولار إلى 502 ليرة.
انتشار “الدولرة”
مجمل أسعار البضائع، سواء في مناطق سيطرة النظام أو الثوار، مرتبطة بالدولار ارتباطا مباشر. وقال هانك “وهذا ما نسميه الدولرة”، مشيراً إلى العملية التي تربط بها بعض الدول عملاتها بعملة أجنبية قوية، كالدولار أو اليورو.
ولكن في حالة سوريا فإن هذه العملية “حتمية”، ويضيف هانك وسبب “حتمية الدولرة” هو المعدل العالي للتضخم السنوي، والذي يقدر بنسبة 80%، وبذلك يستحيل أن يحقق التجار ربحا ثابتاً باعتمادهم على الليرة السورية حصراً.
أسعار الليرة السورية انخفضت ولكن بثبات منذ عام 2014. حقوق نشر الصورة لـ معهد كاتو
الرواتب بالليرة
إلى ذلك، قال محمود الشمالي، ناشط من ريف إدلب “المدنيون إذا لم يكن لديهم وارد بالدولار من أقاربهم في الخارج، أو منظمات عاملة في سوريا، فأثر انخفاض الليرة سلبي بشكل كبير عليهم”.
وأضاف “فبينما رواتبهم ودخلهم بالليرة السورية التي تشهد انهياراً، فإن أسعار المواد مرتبط ارتباطاً وثيقا بسعر الدولار، وهو ما يؤدي إلى رفع الاسعار مقابل انخفاض العملة بين يديهم”.
وبالنسبة لأكثر من مليون سوري في المدن والبلدات المحاصرة، فإن الأسعار مرتبطة بما يملكون من موارد، وهي شحيحة.
وعاشت “المناطق المحاصرة، وتحديداً الغوطة الشرقية، أياماً أسوأ بكثير من هذه الأيام، فوصل الأمر بأهلها لأن يشتروا كيلو السكر الواحد بأربعة آلاف ليرة سورية، أي بحدود 50 دولارا، في ذروة الحصار، وبالتالي انعكاس انخفاض الليرة لن يكون كما هو الحال عند مناطق سيطرة النظام”، وفقا لما قال رضوان غنوم، اقتصادي من الغوطة الشرقية لسوريا على طول.
ترجمة : فاطمة عاشور