البوكمال: سيدة تضع توأما ملتصقا “غير مكتمل”.. والشبهات تشير إلى اليورانيوم
حين دخلت أم محمد مركزا طبيا الشهر الماضي، كل ما […]
1 مارس 2017
حين دخلت أم محمد مركزا طبيا الشهر الماضي، كل ما علمته أنه من المرجح أنها حامل بتوأم؛ فالأطباء في بلدتها الصحراوية النائية في شرق سورية، الحدودية مع العراق، يفتقدون إلى التجهيزات المتطورة التي تتيح لهم معلومات أكثر.
كانت الأم ذات التسعة وعشرين عاماً، ولديها أطفال أصحاء تنتظر في حملها توأماً، وبدلاً من ذلك رأت وليدها وبه أرجل توأم آخر غير مكتمل ملتصقة به عند بطنه.
“أعترف لم أتقبل الأمر في بدايته فقد كنت أشعر بالخوف من حمل طفلي”، وفق ما قالت أم محمد لمراسلة سوريا على طول هدى عبر الرحمن عبر الواتس آب من البوكمال، القابعة تحت حكم تنظيم الدولة حالياً.”وكلما اقتربت منه أنفجر بالبكاء الشديد فلا استطيع أن أفعل شيئاً لإنقاذه وأجهش في البكاء”.
وأوضحت أم محمد أن الأطباء عزوا تشوه المولود إلى تعرضه لليورانيوم المنضب، معدن ثقيل إشعاعي سام ويستخدم لاختراق الدبابات المدرعة.
وفي تشرين الثاني عام 2015، قبل 14 شهراً من ولادة أم محمد، ألقت طائرات A-10 الأميركية الالاف من ذخائر اليورانيوم المنضب على شاحنات نقل النفط التابعة لتنظيم الدولة في صحراء محافظة دير الزور، وفق ما جاء في تقرير مشترك لـ Airwars (الحروب الجوية) والسياسة الخارجية في الأسبوع الماضي.
وتم إطلاق الذخائر وفق ما تواردت الأنباء في تشرين الأول بسبب “ارتفاع احتمال تدمير الأهداف” بحسب ما قال المتحدث باسم القيادة المركزية الرائد جوش جاك لمنظمة إيرورز والسياسة الخارجية في التقرير ذاته. ولكن كل الضربات الموثقة، على أية حال، وقعت “بعيداً” عن البوكمال، بلدة أم محمد، وفق ما ذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
إلى ذلك، قال فضل عبد الغني، مؤسس ورئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان، لسوريا على طول، الأحد “لم نسجل أي استخدام لليورانيوم المنضب داخل المدن أو بجوار المواقع العسكرية لتنظيم الدولة القريبة للمدن في محافظة دير الزور”.
وأيّما كان السبب في تشوه ابنها، فليس أمام أم محمد ما تفعله لتنقذه “فالخروج من منطقة البوكمال مستحيل لكثرة الألغام التي زرعها التنظيم أو حواجز النظام”. وقالت “يوماً بعد يوم يزداد حبي له ويزداد حزني أيضاً فأنا أشعر به، طفلي الصغير يتألم مع كل شهيق يأخذه”.
- أم محمد،29عاماً، تعيش في مدينة البوكمال في محافظة دير الزور، في كانون الأول ولدت صبياً وبه جسم توأم غير مكتمل ملتصق به عند بطنه.
كم عدد الأطباء الذين أشرفوا على حالتك ؟ وهل ذكروا أن التوأم غير مكتمل؟
أشرفت على حالتي طبيبة واحدة فقط علماً أن عدد أطباء النسائية قليل جدا بعد منع داعش لأطباء النسائية الذكور من مزاولة هذه المهنة.
لم أعلم بتشوه الجنين أثناء فترة الحمل لأن آلات تصوير الأشعة فوق السمعية المستخدمة بسيطة وليست متطورة. وبناءاً على الصورة التي أجريتها لمرة واحدة فقط كان تشخيص الدكتورة المعالجة على أن أغلب الظن أنني حامل بتوأم وليس طفل ملتصق مشوه. ولم يكن هنالك فكرة إجهاض لأن الطبيبة المعالجة لم تكن تعلم وضع الطفل التوأم.
طفل أم محمد. حقوق نشر الصورة لـ أم محمد
كيف كانت حالتك الصحية اثناء فترة الحمل؟ وهل عانيت من اضطرابات أو مضاعفات غريبة نوعا ما؟ وكيف تم علاجك؟
كنت أشعر بدوار ودوخة بشكل شبه مستمر كما أنني عانيت من فقدان الوزن وأصبت على اثرها بالنحول الشديد فكنت أظن أن الأمر طبيعي بسبب الحمل وكذلك الأمر بالنسبة للطبيبة النسائية فقد قامت بوصف أدوية تعطى للحامل بشكل عام كالفيتامينات والمقويات ولكن لم يتحسن وضعي الصحي.
ولدت في كانون الأول في بداية الشهر التاسع.
هل زوجك من أقاربك؟ وهل يوجد تشوهات للأطفال في عائلتك أو عائلة زوجك؟
زوجي من الأقارب البعيدين وهذه أول حالة تشوه لطفل في عشيرتنا كلها علما أن هذا ليس أول حمل لي، لدي أطفال أخرين بصحة جيدة والحمد لله ولا يعانون من أي تشوهات خلقية.
كيف كانت حالتك النفسية بعدما رأيت طفلك بعد الولادة؟ وكيف هو تقبلك له منذ ذلك؟
أصبت بالذهول والحزن الشديدين ولم أتقبل الامر في بدايته فقد كنت أشعر بالخوف من حمل طفلي فلذة كبدي وأتساءل بقرارة نفسي لماذا طفلي أنا؟ وكلما اقتربت منه أنفجر بالبكاء الشديد فلا استطيع أن أفعل شيئاً لإنقاذه ووأجهش في البكاء، فما ذنب هذا الطفل الصغير؟ هل سيكبر ليضم أمه وأباه؟ هل سيكبر ليلعب مع إخوته؟ أم سيكون منبوذاً في مجتمعه؟ هل سيكبر أصلاً؟ هل سيعيش أم يفقد حياته؟ هذه الأفكار لا تغادر تفكيري ابدأ.
هل من المنطق والعدل أن نعاني أنا وطفلي كوننا خلقنا في سوريا في هذه المنطقة المحاصرة، ما ذنبنا؟ هل كتب عليه الموت؟
في بادئ الأمر خفت منه كثيراً ولكن يوماً بعد يوم يزداد حبي له ويزداد حزني أيضاً فأنا أشعر به، طفلي الصغير يتألم مع كل شهيق يأخذه، كما أن إخوته شعروا بالخوف ولم يتقبلوه.
كل يوم أحلم بأنني سأسافر به لبلد آخر وأجري له عملية فصل الجسم الملتصق وأنقذ حياته.
لو أن معجزة تحدث واستيقظ لأرى طفلي معافى مثل باقي إخوته.
أنا مازلت أعيش حالة خوف من أن أفقده ولكنه طفلي سواء أكان مشوهاً أم غير مشوه إنه قطعة مني وأنا أحبه وأتمنى أن تتم معالجته.
ما هو تشخيص الأطباء لحالته؟ وما سبب التشوه حسب التقارير الطبية؟
لم يستطع الأطباء إعطاء تشخيص حقيقي للحالة لبساطة المعدات والأجهزة الموجودة لديهم ولكن أغلب الأطباء بعد صدور النتائج والتحاليل الطبية أحالوا سبب التشوه إلى اليورانيوم الذي ضرب بمنطقة قريبة جداً من المدينة وانتشرت اشعاعاته بالهواء، وأيضاً إلى (آثار ومخلفات) الطرق البدائية لتصفية النفط.
ما هو الوضع الصحي للطفل؟ وهل يوجد احتمالية معالجة التشوه؟
صحة الطفل ليست جيدة وليست مستقرة، الأطباء لا يستطيعون فعل أي شيء حيال ذلك لأنه من الصعب إجراء عملية فصل للقسم السفلي الملتصق بالبطن؛ فليس في المدينة كلها سوى مشفيين وليس فيهما أجهزة متطورة لإجراء عمليات جراحية معقدة مثل هذه، وبالكاد تتوفر خدمات بسيطة لأهالي المنطقة. كما أن الخروج من منطقة البوكمال لتركيا أو لأي منطقة أخرى مستحيل لكثرة الألغام التي زرعها التنظيم وحواجز النظام، وفي حال بقي الجسد السفلي ملتصقاً بالطفل من المحتمل جدا أن يفقد حياته.
مراكز الرعاية الطبية موجودة ولكن خدماتها محدودة وبالكاد يمكن أن توفر اللقاحات للأطفال وأحيانا ايضا لا تتوفر، ولكنني بالمقابل تلقيت الدعم النفسي الكامل من زوجي ومن العائلة كاملة ولله الحمد.
ترجمة: فاطمة عاشور