الثوار يغادرون وادي بردى والنظام يعلن الانتصار في حرب مياه دمشق
قالت مصادر على الأرض، لسوريا على طول، إن الآلاف من [...]
30 يناير 2017
قالت مصادر على الأرض، لسوريا على طول، إن الآلاف من الثوار وعائلاتهم غادروا وادي بردى، اليوم الأحد، باتجاه محافظة إدلب شمال سوريا، كجزء من الاتفاق المبرم مع النظام، في حين أعلنت دمشق انتصارها، على حد مزاعمها، في حرب المياه، التي امتدت على مدى الأسابيع الخمسة الماضية.
وبدأ مايقارب ال 2100 شخص من وادي بردى – 400 مقاتل، 70 مصاب بجروح خطيرة، وأكثر من 1500 من أفراد العائلات المرافقة- بالصعود إلى حافلات الإخلاء حوالي الواحدة بعد ظهر اليوم ، كجزء من اتفاقية التسوية التي تم توقيعها مع النظام يوم الجمعة.
ووضع الاتفاق نهاية للمواجهات، التي استمرت أكثر من شهر، للسيطرة على مضخة مياه عين الفيجة، والتي كانت تزود دمشق بحوالي 70 % من المياه العذبة قبل تدميرها، في كانون الأول.
وقالت مصادر موالية للنظام إن المياه توقفت عن الضخ للعاصمة في 22 كانون الأول، بعد أن لوث الثوار منطقة نبع عين الفيجة بالمازوت. وأنكر الثوار من جهتهم، هذا الادعاء واتهموا القصف الحكومي بتدمير محطة ضخ مياه وادي بردى.
قوات النظام تدخل محطة ضخ المياه في عين الفيجة، يوم السبت. تصوير: ريف دمشق الآن.
وأيا كان السبب، فإن مايقارب 5.5 مليون نسمة في جميع أنحاء العاصمة السورية وضواحيها المجاورة عانوا من نقص في المياه العذبة، لأكثر من شهر كامل.
إلى ذلك، قتل ما لايقل عن 200 شخص وأصيب 400 آخرون، إضافة إلى 45 ألف شخص فقدوا منازلهم، خلال حملة النظام للسيطرة على عين الفيجة، وفقا لما أعلنته مجموعة من منظمات المجتمع المدني في “نداء الاستغاثة” الذي أطلقته، الأسبوع الماضي، على الفيسبوك.
وبحسب بنود الاتفاق، يتوجب على جميع ثوار وادي بردى، ممن رفضوا التوقيع على اتفاق تسوية الأوضاع مع النظام، مغادرة المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة، يوم الأحد مع عائلاتهم، تحت إشراف الهلال الأحمر العربي السوري.
وفي المقابل، يستعيد نظام الأسد السيطرة على محطة ضخ المياه في عين الفيجة، مع ضمان إيقاف جميع العمليات العسكرية داخل المنطقة.
في السياق، ذكرت سوريا على طول، أنه تم التوصل إلى اتفاقين لوقف إطلاق النار، في وقت سابق من هذا الشهر، ولكن انهار كلاهما في غضون ساعات، بعد أن تم التوقيع عليهما.
وقال مقاتل في المعارضة لسوريا على طول، يوم الأحد، أن ما يميز اتفاق يوم الجمعة عن الاتفاقين السابقين هو البنود الجديدة: 1- بإمكان الثوار الذين سيغادرون منطقة وادي بردى حمل أسلحتهم الخفيفة معهم. 2- بإمكان أهالي وادي بردى الذين فروا من منازلهم في بلدتي بسيمة وعين الفيجة، خلال المواجهات الأخيرة العودة بعد انتهاء عملية الإخلاء وتسلم النظام مقاليد الأمور.
واستمرت عمليات الإخلاء حتى وقت إعداد هذا التقرير، مساء اليوم الأحد، كما صمد اتفاق وقف إطلاق النار دون وقوع أي حوادث، وهي المدة الأطول لتوقف العمليات الحربية، منذ بداية الحملة العسكرية في كانون الأول.
وقال أبو عدي، مقاتل في المعارضة، لسوريا على طول، من إحدى حافلات الإجلاء مع عائلته، يوم الأحد ” شعوري شعور مؤلم بفقدان الأرض التي ولدت فيها وعشت فيها (…) وقررت الخروج إلى الشمال كي لا أتحول إلى شبيح”.
من جهته احتفل نظام الأسد بتوقيع الاتفاقية، حيث قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا، نقلا عن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة، يوم الأحد أن الجيش العربي السوري والميليشيات المتحالفة معه “أنجزوا مهمتهم في إعادة الأمن والاستقرار إلى قرى وبلدات وادي بردى”.
وما يزال عدد مقاتلي المعارضة الذين قبلوا باتفاق التسوية، غير معروف، إلى الآن، بينما ادعت المواقع الإعلامية الموالية للنظام أن الرقم يتراوح مابين1200 إلى 2600 مقاتل. واعترفت المصادر الموالية للمعارضة أن بعض الثوار قرروا أن يلقوا أسلحتهم فعلاً، ولكنهم قالوا إن الأرقام الدقيقة لن تتجلى حتى إنهاء عمليات الإخلاء بما أن “الباب ما زال مفتوحاً”.
ونشر التلفزيون الحكومي السوري صوراً لعشرين جندياً داخل عين الفيجة، السبت، وهم يرفعون العلم الوطني السوري فوق محطة ضخ المياه، بعد أن أخلت قوات المعارضة البلدة. ودخلت ورشات الصيانة منشأة النبع لأول مرة، الأحد، بعد أكثر من شهر، وذلك لإجراء تقييم مبدئي لحجم الدمار.
ونقلت سانا عن محافظ ريف دمشق، المهندس علاء ابراهيم قوله إن الأضرار التي لحقت بمنشأة نبع الفيجة “كبيرة وتتطلب بعض الوقت للانتهاء من عمليات الإصلاح والصيانة واعادة ضخ المياه بشكل كامل الى مدينة دمشق”.
لن يكون هناك خسارة أكبر في الأرواح””
“الأهالي الآن في وادي بردى بين حزين وفرِح”، وفق ما قالت صفاء، ممرضة من عين الفيجة، وأم لخمسة أطفال، لسوريا على طول، الأحد.
وأوضحت “حزينون على خروج الثوار ودخول النظام، وفرحون لأن القصف والحصار قد أتعبنا وسينتهي ولن يكون هناك خسارة أكبر في الأرواح”.
وخلال الحملة العسكرية، استهدف الجيش السوري وميليشيات حزب الله الحليفة، الصحفيين، والهيئة الطبية ومنظومة الدفاع المدني والبنى التحتية في وادي بردى، وفق ما ذكرت سوريا على طول آنذاك.
ولم يدخل الدواء أو الغذاء أو أي من المستلزمات الأساسية الأخرى البلدات السبعة الخاضعة لسيطرة الثوار في وادي بردى منذ أكثر من شهر. وبقي الأهالي داخله إلى حد كبير، دون مياه صالحة للشرب أو كهرباء أو أي وسائل اتصال مع العالم الخارجي.
إخلاء الثوار المقاتلين من عين الفيجة. تصوير: معاذ القلموني.
وكانت حملة النظام البرية والجوية والتي ارتكزت بشدة على الغارات الجوية والبراميل المتفجرة ونيران القذائف والقناصة، غير مسبوقة في وادي بردى الذي شهد سلاماً مضطرباً منذ سيطرة الثوار عليه في عام 2012.
وقالت الممرضة صفاء، لسوريا على طول، “منذ بداية الثورة، ومنطقة وادي بردى، مهادنة وليست مجهزّة لتكون منطقة نزاع، فنحن خلال القصف على الوادي والحصار الذي كنا غير مجهزين له، كنا بانتظار أي اتفاق ليعود وادي بردى آمناً كما كان سابقاً. وكان هذا الاتفاق هو بمثابة حقن دماء الأطفال والشيوخ داخل الوادي وليس تسليم وخيانة لدماء الشهداء الذين قضوا داخل الوادي”.
وقالت أم صهيب سيدة دمشقية، معلمة في مدرسة ابتدائية، أن الاتفاق يعني الأمل بعودة المياه عاجلاً.
“كنت أنتظر بفارغ الصبر أن يتم هذا الاتفاق لتعود المياه الى دمشق”، وتابعت “فنحن بحاجة ماسة للماء، وهم بحاجة للهدوء والآمان فهذا الاتفاق كان من مصلحة الطرفين”.
ترجمة: سما محمد