الحجز على أموال أيمن جابر صهر عائلة الأسد المستثمر في الميليشيات، فمن هو؟
هذه المصاهرة فتحت له باب العمل غير المشروع على مصراعيه، من قبيل عمليات تهريب التبغ والنفط لصالح الرئيس العراقي السابق صدام حسين، والتي أسهمت بتكوين جزء من ثروته
28 أبريل 2021
عمّان- في إطار حملة الحكومة السورية الأخيرة ضد رجال أعمال سوريين، المتمثلة بالحجز على أموالهم، أصدرت وزارة المالية السورية، في 26 نيسان/الحالي، قراراً بالحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة لرجل الأعمال، ومؤسس ميليشيا “صقور الصحراء”، أيمن جابر، ضماناً لحقوق الخزينة العامة من الرسوم والغرامات المتوجبة بالقضية رقم 6 للعام 2020.
وتتضمن القضية بحسب القرار “مخالفة عدم إتمام معاملة جمركية لبضاعة قيمتها نحو 704.35 مليون ليرة سورية [235,963 دولار بحسب سعر الصرف في السوق الموازية البالغ 3,160 ليرة للدولار الواحد]، ورسومها المعرضة 89.3 مليون ليرة تقريباً [30 ألف دولار]”، وتبلغ غراماتها بحدها الأقصى 20 ألف ليرة إضافة إلى 89 مليون ليرة سورية.
وسبق أن أصدرت مديرية الجمارك، في كانون الأول/ديسمبر 2019، قراراً بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة بحق أيمن جابر، وتزامن القرار آنذاك مع قرار لوزارة المالية بالحجز على أموال رامي مخلوف.
وطال القرار إضافة إلى جابر، أحد مساعديه، المدعو حبيب شاهين، وشركة “الجزيرة المتحدة”، وذلك “ضماناً لحقوق الخزينة العامة من رسوم وغرامات مترتبة بقضية رقم 247/2019″، وكذلك لمخالفة “بحكم الاستيراد تهريباً لبضاعة ناجية من الحجز”، بحسب المديرية.
وكانت مديرية الجمارك قدرت قيمة البضاعة بما يزيد عن مليار ليرة، فيما بلغت رسوم جمركها نحو 131 مليون ليرة، والحد الأقصى لغراماتها 4.8 مليار ليرة.
من هو أيمن جابر؟
ينتمي أيمن جابر لأسرة فقيرة في قرية الشلفاطية بريف اللاذقية، وهو من مواليد العام 1969، وكان مغموراً إلى أن ارتبط بعلاقة مصاهرة مع عائلة الأسد، وليتحول لاحقاً إلى واحد من أهم واجهاتها المالية ورجال أعمالها.
ومنذ شبابه، انخرط جابر الذي يحمل إجازة في الهندسة الميكانيكية من جامعة تشرين في اللاذقية، بعمليات التهريب، لتقوده إلى التعرف على فواز الأسد، المعروف بـ”حاكم اللاذقية”، على خلفية احتكاره لميناء اللاذقية، وفرض أتاوات على البضائع الصادرة والواردة عبرها.
تالياً، وبعد زواج جابر بابنة كمال الأسد، ابن عم بشار الأسد في منتصف تسعينات القرن الماضي، توطدت علاقته مع ماهر الأسد، شقيق رأس النظام. هذه المصاهرة فتحت له باب العمل غير المشروع على مصراعيه، من قبيل عمليات تهريب التبغ والنفط لصالح الرئيس العراقي السابق صدام حسين، والتي أسهمت بتكوين جزء من ثروته.
شبكة العلاقات وبناء ثروته مكنتاه لاحقاً من إنشاء مجلس الحديد والصلب في سوريا، والدخول في استثمارات التعهدات والمقاولات، كذلك الإسهام في تأسيس شركة “شام القابضة” التي يستحوذ على الحصة الأكبر فيها رامي مخلوف، ابن خال بشار الأسد، الذي أسهم معه في إطلاق قناة الدنيا الفضائية.
ويمتلك جابر “الشركة العربية لدرفلة الحديد” في منطقة جبلة بريف اللاذقية، والتي مكنته من العضوية في الاتحاد العربي للحديد والصلب. هذا ويمتلك جابر عدداً من الشركات في لبنان، من قبيل الشركة العربية للطاقة، والشركة العربية المتحدة للنقل العام وتجارة المشتقات النفطية والخدمات النفطية، وشركة الجزيرة المتحدة للنقل العام وتجارة المشتقات النفطية والخدمات النفطية، المسجلة في بيروت.
الاستثمار في الميليشيات
عشية اندلاع الثورة السورية في آذار/ مارس 2011، سارع أيمن جابر وشقيقه محمد إلى تشكيل ما يعرف بـ”كتائب الدفاع الوطني”، والتي ظهرت لاحقاً تحت مسميات مختلفة من قبيل: “صقور الصحراء”، “مغاوير البحر”، كقوات رديفة للقوات الحكومية، وتكفل جابر في دفع رواتب المنضوين في هذه المجموعات، والتي شاركت في العمليات العسكرية، كما فرض حصار على مخيم الرمل للاجئين الفلسطينيين بريف اللاذقية ومناطق غيره.
واتهم جابر في تحويل مصنع الحديد في جبلة إلى معمل لتصنيع البراميل المتفجرة، التي استخدمتها القوات الحكومية لقصف المدن والبلدات السورية الخارجة عن سيطرتها وتدميرها.
وقد مُنح جابر الرئاسة الفخرية لجمعية “الوفاء للوطن” المعنية بتقديم مساعدات لذوي قتلى قوات القوات الحكومية والميليشيات الرديفة لها.
صهر الأسد رجل الحلفاء
في العام 2013، نُشرت تسجيلات مصورة لعناصر “صقور الصحراء” وهم يرددون هتافات طائفية، يعتقد أنها أثناء تلقيهم تدريبات عسكرية داخل اللواء 47 الخاضع لسيطرة الحرس الثوري الإيراني جنوب مدينة حماة. إذ تلقت الميليشيا دعماً كبيراً من الحرس الثوري الإيراني.
لكن، نظراً لحجم التجاوزات التي ارتكبتها ميليشيات جابر في معقل الحاضنة الشعبية للنظام، وكذلك زيادة قربه من الحرس الثوري، حاول النظام تحجيم دوره في العام 2016، ما دفعه إلى تعزيز علاقته بالروس، الذين قدموا لميليشيا “صقور الصحراء” تدريبات عسكرية، ليتم الاعتماد عليها في معارك تدمر وحقل الشاعر في البادية السورية ومعارك جنوب الرقة.
وتوجت علاقة أيمن جابر مع الروس بتكريمه من قائد القوات الروسية في سوريا، ألكسندر دفورنيكوف، مع عدد من عناصره، بعد سيطرة القوات الحكومية وميليشيا جابر على قرية ربيعة بريف اللاذقية، في كانون الثاني/ يناير 2016.
مجدداً، سعى النظام إلى تحجيم دور جابر وتفكيك الميليشيات التابعة له، بعد تطور علاقته بحليفتي سوريا روسيا وإيران، كذلك عمل النظام على الحد من تحركاته، والتي يشاع أنها وصلت حد إلقاء القبض عليه في أيار/ مايو 2018، ضمن حملة أمنية شنها النظام في مدينة اللاذقية، ضد ما أسماه حينها “إلقاء القبض على مطلوبين للعدالة وفاسدين ومرتشين”.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي أدرجت أيمن جابر وشقيقه محمد على قائمة العقوبات، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، على خلفية نشاطهما المالي غير الشرعي، ودعمهما ميليشيات عسكرية.
وفي الشهر ذاته، كشفت وثائق “برادايز” التي نشرتها صحيفة “زود دويتشي تسايتونغ” الألمانية، تورط الأخوين جابر في عمليات تهرب ضريبي، كأصحاب حصص في شركات “أوف شور” اللبنانية.