الدفعة الأخيرة ترحل من مدينة حمص.. والثوار يسلمون”عاصمة الثورة”
غادرت القافلة الآخيرة من مقاتلي المعارضة والأهالي من حي الوعر، […]
22 مايو 2017
غادرت القافلة الآخيرة من مقاتلي المعارضة والأهالي من حي الوعر، في حمص والذي شهد فصولاً كثيرة من الاشتباكات والصمود، الأحد، لتعلن بذلك، استعادة السيطرة الكاملة لنظام الأسد على ثالث أكبر مدينة في سورية.
واختتمت القافلة التي خرجت يوم الأحد، اتفاقية الإخلاء التي تدعمها روسيا والتي استمرت على مدى شهرين، وشهدت رحيل أكثر من 15000 ثائر وعوائلهم من الحي المنكوب بالحرب.
وباستسلام الوعر، خلع الثوار تاج حكمهم في آخر موطئ قدم لهم في مدينة حمص، التي كانت تدعى يوماً “عاصمة الثورة” ورحلوا عنها. وتأتي الهزيمة بعد ستة شهور فقط من خسارة فصائل المعارضة السورية لمدينة حلب، لتمثل الجرح الأحدث في سلسلة النكسات والاستسلامات في شتى أنحاء البلد.
وبدأ ما يقارب 1500 مقاتل ثوري وعوائلهم بالصعود على متن الباصات ظهر يوم الأحد. ومن المفترض أن يتوجهوا إلى ريف حماة ليلتقوا بقافلة ثانية بنفس العدد، كانت غادرت الوعر في ليلة السبت. ومن هناك ستتجه الباصات شمالاً إلى محافظة إدلب ومدينة جرابلس في ريف حلب الشمالي. وبذلك، سيتم إخلاء آخر معقل للمقاومة الثورية في مدينة حمص.
وبموجب بنود اتفاقية الوعر، فالأهالي لديهم الخيار، إما التوجه إلى محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة الثوار أو ريف حمص الشمالي المحاصر، أو المخيمات التي تفتقد للتجهيزات في ريف حلب الشمالي قرب الحدود التركية. وما يزال أيضاً أمام الأهالي خيار البقاء في منازلهم.
عناصر الشرطة العسكرية الروسية يقفون حرساً أثناء مغادرة مقاتلي المعارضة وعوائلهم حي الوعر، السبت، حقوق نشر الصورة لـAFP.
“سيتحرر حي الوعر تماماً من المسلحين”، في يوم الأحد، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الروسية “سبوتنيك” عن محافظ حمص طلال البرازي، في اليوم السابق.
وليست اتفاقية الإخلاء التي توستطتها روسيا سوى محض استسلام؛ فحملة النظام المستمرة منذ زمن طويل والتي أمطرت فيها الحي بوابل الغارات الجوية العنيفة وقذائف الهاون ونيران القناصة، أتت بلجنة المفاوضات الثورية التي تمثل الحي مهزومة إلى طاولة التفاوض لتوقع الهزيمة والاستلام في أذار الماضي.
وبعد عامين من التفاوض، اضطرت المعارضة أن تتنازل عن الشرط الآخير الذي كان يعتبر إلى تلك اللحظة النقطة الحاسمة أو الشعرة التي ستقصم المفاوضات، آلا وهو: تأمين إطلاق سراح المعتقلين الذين يقبعون في سجون النظام، والبالغ عددهم 7300 أو معرفة مصيرهم.
وكان الوعر، آخر الأحياء الثورية المتبقية في مدينة حمص، مُذ غادر مقاتلو المعارضة حمص القديمة، ضمن اتفاقية هدنة واسعة النطاق في مركز المحافظة، في أيار 2015. ومنذ عام 2013وقوات النظام تطوق أهالي الوعر البالغ عددهم 50000 نسمة.
“الإحتلال الروسي”
ودخلت الشرطة العسكرية الروسية حي الوعر خلال عطلة نهاية الأسبوع مع صعود دفعة المُهجَرين الآخيرة على متن الباصات، معنونةً بذلك بداية المرحلة الثانية من عودة الحي لحكم النظام.
وساهم أكثر من 100 ضابط روسي بتسهيل عملية الإخلاء الآخيرة، وترأسوا المعبر الوحيد إلى الحي وبدؤوا بتفتيش المباني الحكومية قبل عودة سلطات النظام المزمعة بعد ستة شهور.
وقال أبو أحمد، لسوريا على طول، الأحد وطلب عدم ذكر اسمه الصريح، وهو من أهالي الوعر، وأثر البقاء فيه “الروس منذ يوم أمس بالجزيرة السابعة والثامنة من الحي أي في منتصف حي الوعر، رأيتهم يحتلون أرضي ومدينتي العدية”.
وبموجب اتفاقية أذار، “سيتم نشر كتيبة عسكرية روسية (تتكون) من 60 الى 100 شخص، بينهم ضباط روس”، ويتعتين عليهم مهمة من عشرة نقاط بعد استكمال إخلاء المقاتلين من الحي. ومن ضمن مسؤولياتهم “حفظ الأمن واحترام القانون داخل الحي، ومنع قوات الدفاع الوطني والميليشيات الشيعية وغيرها من الدخول للحي”.
مقاتلو الوعر وعوائلهم قبل رحيلهم، السبت. حقوق نشر الصورة لـStringer/AFP/Getty Images
ورغم أن اتفاقية الوعر تنص على عدم السماح لقوات النظام بدخول الحي لمدة ستة شهور، إلا أن أهالي الوعر ذكروا أنهم رؤوا عناصر النظام في “قلب الحي” بعد ظهر يوم الأحد.
و”دخلت قوات النظام إلى منتصف الحي، وهذا ما يشكل خرقاً وضحاً لبنود الاتفاق”، في الساعة الرابعة بحسب التوقيت المحلي وفق ما قال أبو أحمد لسوريا على طول، في يوم الأحد.
وبعد إتمام خروج الدفعة الآخيرة من المقاتلين “سيتم اليوم الدخول إلى وسط الحي لحماية الأملاك العامة والخاصة بعد الانتشار الكامل لقوى الأمن الداخلي”، وفق ما ذكرت سانا، وكالة الأنباءالحكومية الرسمية في سوريا، الأحد. ولم توضح وكالة الأنباء، فيما إذا كانت هذه القوى سورية أو روسية.
وتحدثت سوريا على طول مع خمسة من أهالي الوعر، الأحد، وبعضهم هاجر من المدينة مع القافلة الأخيرة وبعضهم مكث فيها. وجميعم أعربوا عن إحساسهم بالمرارة وخيبة الاستسلام وهم يرون أمام أعينهم أنهم يسلمون حيهم ليستوطنه الروس وقوات النظام.
و”كان إخلاء الدفعة الآخيرة هو الأصعب” وفق ما قال جلال التلاوي، مراسل لدى موقع سمارت نيوز الموالي للمعارضة، لسوريا على طول، الأحد، من الباص الذي يقله متوجهاً إلى ريف حلب الشمالي، مضيفا “غادرنا ونحن نرى بأم أعيننا كيف يُسلم الوعر للنظام والروس”.
وختم “كنا في الحي نعيش وكأننا عائلة واحدة، وأدى الخروج إلى تفكك النسيج الاجتماعي كاملاً، فالعائلة الواحدة تفككت بين من رغب بالبقاء ومن رغب بالخروج الى ادلب او جرابلس او ريف حمص الشمالي بعد ما كنا أسرة واحدة قبل التهجير”.
ترجمة: فاطمة عاشور