الرقة بعد سنوات من طرد “داعش”: جسور مدمرة ومعاناة مستمرة (صور)
تضم المحافظة 134 جسراً وعبارة، دُمر 66 منها بشكل كلي أو جزئي بفعل قصف التحالف الدولي أو مفخخات "داعش".
22 أبريل 2021
عمان- بعد أربع سنوات على تأسيس مجلس الرقة المدني، التابع للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، والمسؤول عن شؤون المحافظة الخدمية والصحية كافة، ورغم الاهتمام الدولي والمحلي بمشاريع دعم الاستقرار في مدينة الرقة التي اتخذها “تنظيم داعش” عاصمة له، فإن هذا الاستقرار لا يبدو متحققاً مع استمرار تقطع أوصال المدينة وبالتالي تواصل معاناة السكان.
ففي تشرين الأول/أكتوبر 2017 أعلنت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من التحالف الدولي القضاء على تنظيم “داعش” في مدينة الرقة. لكن ذلك كان ثمنه، ضمن أثمان أخرى، تدمير الجزء الأكبر من البنية التحتية في المدينة، لاسيما هدم كثير من جسورها وعباراتها المائية التي “تعد شريان الحياة الرئيس لسكان المنطقة”، على حد تعبير أحد سكان الرقة في حديث لـ”سوريا على طول”. وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، بلغت نسبة الدمار في المدينة بين 70 و80%.
وفيما يفصل نهر الفرات مدينة الرقة عن ريفها الجنوبي، تخترق روافده المحافظة أيضاً، ما يعيق تنقل السكان في المنطقة ككل في ظل خروج جسور وعبارات مائية من الخدمة.
وبحسب بيانات جمعها “سوريا على طول” من مصادر رسمية ومنظمات مجتمع مدني في المدينة، تضم المحافظة 134 جسراً وعبارة، دُمر 66 منها بشكل كلي أو جزئي بفعل قصف التحالف الدولي أو مفخخات “داعش”.
ورغم ترميم 56 جسراً وعبارة، إلا 14 منها تم ترميمه بشكل مؤقت، بتثبيت جسور معدنية (حربية)، فيما تم ترميم عشر أخرى بطرق بدائية “من خلال وضع الردميات والأنقاض كبديل للجسر”، كما قال مدير منظمة مجتمع مدني تنموية عاملة في الرقة لـ”سوريا على طول”، طالباً عدم الكشف عن اسمه لدواع أمنية. لافتًا إلى أن “هذه الجسور غير ثابتة، وتتحول إلى معابر موت خلال تساقط الأمطار لخطورتها، عدا عن أنها لا تصلح لمرور الشاحنات والسيارات ذات الأوزان الثقيلة”.
وكما أن الجسور المعدنية المؤقتة والمرممة بطرق بدائية لا تسهم في حلّ جذري لأزمة التنقل بالنسبة لسكان المنطقة، فإن استمرار وجود ثماني جسور وعبّارتين خارج الخدمة يزيد من معاناة المدنيين في الرقة الذين يعتبرون أن “ترميم الجسور الخارجة عن الخدمة وخاصة جسر الرشيد (الجديد) وسحل الخشب أولوية كبيرة لهم وللمنظمات العاملة في المنطقة”، بحسب ما أضاف المدير.
معاناة عموم سكان الريف الجنوبي للرقة، نتيجة خروج الجسور والعبارات عن الخدمة، بشكل كلي أو جزئي عبر الترميم الأولي، تتجسد في قصة خليل عبد القادر، 45 عاماً. إذ يعتمد تاجر المواد الغذائية المقيم في منطقة الكسرات، على أسواق مدينة الرقة في التزوّد بالمواد الأساسية وتوزيعها بمنطقته، كما قال لـ”سوريا على طول”.
ففيما أسهم تأهيل جسر المنصور (القديم)، والذي تم ترميمه في حزيران/يونيو العام 2019، بحل أزمة التنقل بين مدينة الرقة وريفها الجنوبي، بعد أن كان السكان يعتمدون على “عبّارات الموت” المعروفة محلياً باسم “البرك”، وهي سفن تنقل الأفراد والمركبات، إلا أن استمرار خروج جسر الرشيد (الجديد) عن الخدمة يعيق الحركة التجارية.
إذ “عندما تكون حمولة الشاحنة أكثر من أربعة أطنان”، أوضح عبد القادر، فإنه “لا يمكن مرورها من على جسر الرقة القديم والوحيد حالياً”. ما يستدعي الاتجاه “غرباً مسافة 35 كيلومتراً لعبور سد الفرات عند قرية كديران، ومن ثم مسافة 30 كيلومتراً إلى منطقة الكسرات”. أما “لو تم تأهيل الجسر الجديد الذي كان يستخدم للحركة التجارية، فلن تتجاوز المسافة من المدينة إلى الكسرات 15 كيلومتراً”.
المسافة والوقت الطويلان لوصول البضائع من مدينة الرقة إلى الريف الجنوبي يكبّدان عبد القادر تكاليف أكبر. إذ يدفع 75,000 ليرة سورية (27 دولار أميركي بحسب سعر الصرف الحالي في السوق الموازية، والذي يراوح عند قرابة 3,000 ليرة للدولار)، أي ثلاثة أضعاف قيمة النقل فيما لو كان جسر الرشيد عاملاً. وذلك من شأنه “رفع الأسعار على المواطنين”، كما قال.
لذلك يجب “العمل بشكل فعلي وجاد على تأهيل ما تبقى من جسور مدمرة، وخاصة جسر الرشيد،”، شدد عبد القادر. معتبراً أن التأجيل هو “استمرار لمعاناة السكان المقيمين على الضفتين”.