5 دقائق قراءة

السوريون في الأردن “معاناة بين محدودية التمويل والخيارات”

تشرين الأول/ أكتوبر 27، 2013.  إعداد فريق سوريا على طول. […]


27 أكتوبر 2013

تشرين الأول/ أكتوبر 27، 2013.

 إعداد فريق سوريا على طول.

 هذه المقالة هي الثانية في سلسلة من جزئين تبحث في تفاصيل حياة اللاجئين السوريين في الأردن.

 عمان: يبدو بشكل متزايد أن إقامتهم أصبحت دائمة وأن الضغوطات السياسية والمالية على أكثر من 530.000 لاجئ سوري في الأردن ستسمر في البلد الذي لا يسمح لهم بالعمل بشكل قانوني.

لايزال السوريون الذين يعيشون في الأردن يصرون على أن بقاءهم في الأردن مؤقت. لكن منظمات الإغاثة الدولية مثل أي أر اس تعتقد أن الوقت قد حان لنكون واقعيين ونبدأ في التخطيط للمستقبل.

“بالنظر الى أن هذه الأزمة الإنسانية أزمة طويلة الأمد، يجب على المجتمعات الدولية أن تبدء بالتخطيط على المدى الطويل”  قال ند كولت، المتحدث باسم هيئة الإغاثة الدولية، التي تقوم بعمليات المساعدة في الأردن، لسوريا على طول.

 طفل يجلس خارج كرفان بمساحة 75 متر في مخيم الزعتري, شمال الاردن, الذي يأوي قرابة مائة وعشرون الف لاجئ سوري. اللاجئين الجدد يسكنون في خيم مصنوعة من الخيش. حقوق نشر الصورة لـ سوريا على طول, عبد الرحمن المصري

 

وكانت الخطابات المعادية لوجود السوريين في الأردن قد ازادات حدتها في الفترة الأخيرة، مع دعوة  أعضاء البرلمان والسياسيين للحكومة بإغلاق الحدود وإيقاف إدخال السوريين بسهولة.

في بلد مكون من ٦,٢ مليون نسمة، تعتبر تكلفة تواجد اللاجئين على الأردن إحدى المشكلات في البلاد الذي هو أحد أفقر دول العالم في الموارد، بحيث لايستطيع تحمل هذه التكلفة.

جزء من المشكلة، بحسب ما يقول السوريون والمراقبون الدوليين، أن السوريين غير مسموح لهم بالعمل قانونياً في الأردن، نظرياً يوجد ٥٣٠,٠٠٠ شخص يحتاجون إلى من يعيلهم ويدفع نفقاتهم.

وجد بعض اللاجئون وظائف مهينة، من تنظيف الأرضيات في المولات أو العمل في المطاعم، والذي يعتبر جزء بسيط مما قد يعمل به عامل بشكل قانوني.

تخشى أماني، مديرة روضة سابقة في معضمية الشام في ريف دمشق وحاصلة على شهادة البكالوريوس في الأدب العربي، العمل. يعمل إبنها في الفترة المسائية في مطعم وجبات سريعة في عمان ويتقاضى نحو ٢٠٠$ شهرياً.

” في كل مرة يأتي مسؤول من وزارة العمل اإى المطعم، يخفي صاحب المحل العمال السوريين لأنه إذا تم القبض عليه يجب دفع غرامة مالية،” قالت أماني. “ماذا يمكننا أن نفعل، علينا أن نعيش- هل ينبغي أن  نبدأ بتسول المال؟ ” تتساءل أماني.

قالت أماني، والتي كان زوجها أستاذ جامعي سابق وهو الآن معتقل في سجون النظام بعد أن انضم إلى الثورة وأسس كتيبة في معضمية الشام، إن مدخراتها قاربت على النفاذ وأنها لا تعلم أي شئ عن مصير زوجها.

“جئنا هنا منذ نحو عام، قمت ببيع كل الذهب والمجوهرات التي بحوزتي لتدبر أمر معيشتنا،”  قالت أماني.

إن عدم المقدرة على الحصول على تصريح عمل “هو السبب في غضب السوريين” قال حسين، وهو لاجئ يبلغ ٢٥عام، من دمشق  ويعيش الآن في عمان

“أتمنى العودة إلى دمشق” قال حسين عندما سُئل عن المستقبل.

إن المشكلة، كما يقول محمود الشرع، مخرج تلفزيوني سابق في دمشق، تكمن في توفير مصدر دخل ثابت ومناسب لإعالة عائلته. “السوريون لايمتلكون فرص عمل حقيقة،” قال الشرع. “معظمهم يعيش في حالة فقر وانعزال بحيث يعتمدون على مدخراتهم والمساعدات الانسانية.”

يقول محمد العوضي، ٤١عاماً، صحفي سابق في القناة السورية وانشق عن النظام، أنه يعمل اثناء الفترة المسائية في الخفاء مقابل راتب قليل لا يكفي أجرة المنزل. “أعمل في السر لأنه لايمكنني العمل قانونياً.”

يقول السوريون إن هناك من يبصق على سياراتهم، كما تتم مضايقتهم من قبل الشرطة، ودائما ما يسمعون أنهم السبب في زيادة الجريمة، ارتفاع ايجارات المنازل والأسعار في الأردن.

نشرت  صحيفة الغد اليومية الأردنية مقالاً هذا الأسبوع تقول إن “اللاجئين السوريين قد حدوا من قدرة الاقتصاد الأردني.” وقال اقتصادي محلي أن التداعيات السلبية لوجود السوريين ليست اقتصادية فقط ولكنها اجتماعية أيضاً وهي تخلق إرتفاعاً في معدلات الجريمة.”

ويضيف رد الفعل العنيف ضد السوريين في الأردن عنصراً آخراً من الضغط على الشعب الغير محصن. “عملت الشهرين الماضيين في مكتبة لكنني كنت  دائماً أختبئ من السلطات” قال محمود، وهو نجار في السابعة والعشرين من عمره، ” يقول لي الأردنيون أننا خربنا بلدهم”.

وكان وزير العمل الأردني قد صرح في وقت سابق أن عملية اعتقال السوريين والأجانب الذين يعملون بصورة غير قانونية  في الأردن ستستمر، وأن الترحيل سيبدأ في ١١ تشرين الثاني/ نوفمبر.

يمثل السوريون أخر موجة من اللاجئين الذين يبحثون عن ملاذ آمن في الأردن. على الأقل هناك ٧٠٠,٠٠٠ عراقي هربوا من العنف في بلدهم خلال العقد الماضي، مع عدم إحصاء الناس الذين عادوا، إضافة الى الليبين والفلسطينيين وأيضاً اللبنانيين.

“التوتر بين اللاجئين والمجتمع المضيف يزداد حدة بسبب الصراع على الموارد المحدودة مثل المنازل والوظائف والحصول على التعليم.”  قال ند كولت من اي ار سي.

كما يواجه السوريون تحدياً آخر يكمن في عدم قدرتهم على فتح حساب بنكي .

ومع أن ٨٠٪ من السوريين وجدوا منازلهم الخاصة، لكن لا يزال هناك ١٢٠,٠٠٠ سوري يعيشون في منتصف الصحراء الأردنية في الشمال في مخيم الزعتري. أكثر من ٩٠٪ من سكان الزعتري جاؤوا من المحافظة الجنوبية درعا في سوريا حيث يعانون في حياتهم الجديدة في الخيم والكرفانات الصغيرة المصنوعة من الصفيح.

في آخر زيارة لنا لمخيم الزعتري، هبت الرياح لتنثر التراب على الخيم البالية من حدة الشمس ولتزيد من الاحساس بالإرتباك.

يعاني سكان الزعتري من الملل بالإضافة الى المأسي غير المحلولة، سواء كانت جسدية، عقلية أو جنسية، والتي إضطرتهم لترك سوريا.

“يواجه العديد من السوريين اضطرابات أسرية وشهدوا أشياء مروعة.”  قال ند كولت من اي ار سي في مكتب عمان مضيفاً “يجب علينا أيضاً أن نوفر دعم نفسي أفضل للأطفال السوريين في داخل وخارج البلد.”

هرب طارق حمشو من مسقط راسه في درعا و يعيش الآن في الزعتري. حيث يحصل على ١٠ دنانير أردنية أي ما يقارب ١٦$ في اليوم بعمله مع هئية الإغاثة الدولية، وهي منظمة غير حكومية تعمل في المخيم. يريد حمشو أن يترك الزعتري، لكنه مضطر للبقاء حتى يستطيع توفير ٥٠٠ دينار(٧٠٥$) وهي رسوم تدفع للسلطات الأردنية لتسمح له بالخروج.

أما الحل الآخر فهو وجود كفيل أردني ليترك المخيم، لكن حمشو، حارس مرمى سابق في فريق كرة القدم بدرعا ذكر أنه أمر معقد. “إذا هربت فعلى كفيلي أن يخبر الشرطة،” قال حمشو. مضيفاً “بسبب هذه المسؤولية، من الصعب أن تجد شخص يتكفلك الا اذا كان يعرفك جيدا”.

أزمة لا تخف

مع أكثر من مليوني سوري يعيشون في دول مجاورة، لا تظهر أزمة اللاجئين أي مؤشرات تراجع. .

“مع دخول الحرب سنتها الثالثة يستمر نزيف سوريا من النساء، الأطفال، والرجال عبر الحدود في كثير من الأحيان مع لاشيء سوى ملابسهم التي يرتدونها،” قالت يو ان اتش سي ار في تصريح سابق.

في ضاحية دمشق الغوطة الشرقية، حيث نشرت الحكومة الأمريكية أن ١,٤٢٩ شخص قد قتلوا في هجوم ٢١ أب/أغسطس بالغازات السامة، شهدت هجرة جماعية في الأشهر الماضية، قال ناشط. والنتيجة حدوث إختناق للمرور الانساني على طول الحدود الأردينة.

قال نايف سري، مدير للمكتب الإعلامي في درعا الداعم للثورة والبالغ من العمر ٢٠ عاماً، إن عدداً ضخماً من الناس الذين هربوا من ضواحي دمشق بعد الهجوم الكيميائي كانوا غير قادرين على العبور الى الأردن بسبب الازدحام.

يحصل المحظوظون على ملجئ  في المدارس، قال سري. في حين يقبع آخرون بين الأشجار، حيث يفترشون الارض ويأخدون السماء كغطاء. مضيفاً أن الموادر الغذائية والأدوية شحيحة جداً.

من جهة أخرى على الحدود، يتعلق السوريون في الأردن بأمل العودة الى الوطن.

“أن تكون لاجئ هو تجربة مرة وشديدة،” قال محمود الشرع. “هذا و الفصل القسري لشخص عن أمته، منزله، مصادر الرفاهية له ولأسرته، هي التجربة التي سوف يكون لها نتائج مأسوية.”

تابعونا على صفحة الفيس بوك و التويتر

شارك هذا المقال