السوريون في لبنان: قلة يعلمون كيفية نيل حقهم في لقاح كوفيد-19
بيروت- بينما كان يدفع عربة البطاطا في شوارع مخيم شاتيلا […]
23 مارس 2021
بيروت- بينما كان يدفع عربة البطاطا في شوارع مخيم شاتيلا للاجئين بضواحي بيروت، عبّر حسن حوران عن رغبته بالحصول على اللقاح المضاد لفيروس كورونا (كوفيد-19)، لكن كما كثير من السوريين ليس لديهم أدنى فكرة عن كيفية التسجيل للحصول عليه.
“لا أحد يساعدنا؛ طلبنا المساعدة من الأمم المتحدة للحصول على اللقاح وحماية أنفسنا وأطفالنا”، قال الرجل البالغ من العمر 41 عاماً، واللاجئ من ريف حلب.
للحصول على لقاح كوفيد-19 في لبنان، ينبغي التسجيل على المنصة الإلكترونية “إمباكت” (IMPACT)، المخصصة للتطعيم، والتابعة لوزارة الصحة اللبنانية، كما يُمكن التسجيل أيضاً من خلال الاتصال على الرقم 1214 أو عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 70056182.
وقد استطلع موقع “سوريا على طول” آراء عدد من اللاجئين السوريين إذا كانوا يريدون أخذ اللقاح، وفيما إذا كانوا قد سجلوا على المنصة الإلكترونية المخصصة لذلك، عبر الفيديو المرفق:
من أصل 1.5 مليون لاجئ سوري، سجّل 15,924 شخص فقط على منصة “امباكت”، وتلقى اللقاح 725 منهم. تضم لبنان أيضاً 28,800 لاجئ فلسطيني سوري، وهم مشمولون في فئة اللاجئين الفلسطينيين على المنصة الحكومية الإلكترونية. سجّل إلى الآن 13,277 لاجئ فلسطيني، تم تلقيح 2,460 منهم.
وهذه المعدلات هي أدنى من الأرقام العامة في لبنان نسبياً، إذ سجّل 975,831 شخص من التعداد السكاني البالغ ستة مليون نسمة، وتم تلقيح 154,732 منهم. وحتى هذا التاريخ، سجلت لبنان 5,808 حالة وفاة بفيروس كورونا المستجد، من ضمنهم 159 لاجئاً سورياً. حيث بلغ معدل الوفيات في أوساط المجتمع السوري 4.3% مقارنة بـ 1.2% على مستوى البلد، وفقاً لـ دلال حرب، المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان.
ويعود تدني معدلات التطعيم في أوساط اللاجئين السوريين في لبنان إلى التدني المعرفي حول آلية التسجيل على منصة التطعيم، والإحجام عن أخذ اللقاح بسبب المعلومات المتداولة المغلوطة.
علاوةً على ذلك، “هنالك صعوبات بالدخول للمنصة تواجهها بعض الفئات ولاسيما المُسنّون وأولئك الذين لايستخدمون الأجهزة الذكية والانترنت”، بحسب ما ذكرت هدى سمرا، الناطقة الرسمية باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” في لبنان.
وتسعى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين للوصول إلى اللاجئين الذين تزيد أعمارهم عن 75 عاماً بهدف رفع مستوى الوعي حول اللقاح المضاد لفيروس كورونا المستجد. “نريد نشر المعلومات، والمساعدة في التسجيل والإشراف؛ نحاول رفع مستوى التوعية ومعالجة أي تردد ينتابهم بشأن اللقاح”، وفق ما أوضحت حرب.
ولكن حتى بعد إتمام التسجيل، ما تزال هناك تحديات تتمثل بنقل المسنين إلى مراكز التطعيم. إذ تشكل تكلفة النقل عقبةً أيضاً أمام البعض، وفقاً لـحرب.
لا يعلمون أنهم مخولون لتلقي اللقاح
ينتظر لبنان تلقي ستة ملايين جرعة من اللقاح، من المتوقع وصول 250,000 جرعة منها خلال الربع الأول من عام 2021. وبحسب الخطة الوطنية للتطعيم، يتم تقديم اللقاح مجاناً لجميع القاطنين في لبنان، بصرف النظر عن جنسيتهم أو نوع إقامتهم.
ولكن قلةً من السوريين فقط من يعلمون ذلك، إذ أظهر استبيان أجرته الهيئة الطبية الدولية، شمل 6,900 شخص، أن 58% من المُستبانين غير اللبنانيين لا يعلمون أن اللقاح يُعطى مجاناً ولكل الجنسيات.
“من المُقلق جداً أنه وفي هذه المرحلة، حيث حملة التطعيم جارية على قدم وساق، وما يزال هناك مثل هذا العدد الضخم [من اللاجئين السوريين] لم يسجلوا لتلقي اللقاح؛ مستوى التوعية متدني جداً”، وفق ما أشارت ناديا هاردمان، باحثة في قسم حقوق اللاجئين والمهاجرين في هيومن رايتس ووتش.
على مدى خمسة عشر يوماً، كان عبد العزيز العباس، متطوع مع الأمم المتحدة في الرقابة الصحية المجتمعية يتواصل مع اللاجئين السوريين الذين تزيد أعمارهم عن 75 عاماً لإعلامهم عن اللقاح ومساعدتهم في التسجيل، لاسيما أولئك الذين “يعانون من أمراض ولا يعلمون كيفية تعبئة البيانات المتعلقة بأوضاعهم الصحية على المنصة”.
وحينما يُعلمهم أن اللاجئين يمكنهم أيضاً تلقي اللقاح، يتفاجئ كثيرون. “هل تقصد أنه يمكننا التسجيل الآن، وفي ذات الوقت مع اللبنانيين؟”، كانوا يسألونه. مبدين استغراباً كما ذكر لـ”سوريا على طول”، إذ كان ردهم “كلاجئين سوريين، كنا نعتقد أننا مواطنون من الدرجة الثانية، وبالتالي فإن أولوية اللقاح ستكون للبنانيين ومن ثم الفلسطينين أو السوريين”.
ورغم أنّ اللقاح مُؤمَّن بصرف النظر عن نوع الإقامة، إلا أنّ الكثير من اللاجئين السوريين الذين يفتقدون إلى تصاريح الإقامة “أبدوا مخاوف من تعرضهم للمضايقات، أو حتى الاحتجاز والترحيل لدى تسجيل أرقامهم الوطنية عبر هذا التطبيق الذي تتولى الحكومة إدارته”، وفق ما أوضحت هاردمان.
ويراقب البنك الدولي والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر عملية التطعيم للتأكد من سيرها بطريقة عادلة. وبحسب المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة، “لم يتم الإبلاغ عن أي تمييز ضد اللاجئين السوريين في مراكز التلقيح”.
لكن أفادت وسائل إعلام محلية، في 23 شباط/فبراير، أن العديد من السياسيين اللبنانيين تجاوزوا قائمة الانتظار لتلقي اللقاح.
التردد بشأن اللقاح
بحسب استبيان للبنك الدولي، ارتكز على 3,866 مقابلة، يعتزم ثلاثة من أصل عشرة لبنانين أخذ اللقاح. وفي هذا السياق، أظهر استبيان الهيئة الطبية الدولية أن 74% من المُستبانيين عازفون عن اللقاح أو مترددون بشأنه.
كذلك، فإن نحو 80% ممن استطلعت آراؤهم في استبيان الهيئة الطبية الدولية لديهم مخاوف من التأثيرات الجانبية للقاح، فيما يرتاب آخرون “بقدرة نظام الرعاية الصحية في لبنان على المحافظة على سلسلة التبريد وتوزيع اللقاح بأمان”، بحسب ما أوضحت الدكتورة ندى عواضة، مستشارة طبية كبيرة في الهيئة الطبية الدولية.
ويبدو أن المعلومات المغلوطة المتداولة عن اللقاح تشكل عقبة حقيقية كبيرة. إذ يشير استبيان الهيئة الطبية الدولية إلى أن 65% من المُستبانين غير متيقنين من مخاطر تغيير اللقاح للحمض النووي. كذلك أوضحت دراسة صادرة عن مؤسسة مهارات ومؤسسة انترنيوز، تتعقب فيها الادعاءات المنتشرة بشأن كوفيد-19 في أوساط المجتمع السوري في لبنان، أنّ الشائعتين الأكثر تداولاً هما: اللقاح سيقتل الكثير من الناس، وأن الفيروس يصيب فقط أولئك الذين يعيشون في المناخات الباردة.
غير أنّ العباس من خلال اتصالاته اليومية باللاجئين السوريين، اعتاد على هذه الشائعات المتداولة عبر تطبيق “واتساب” أو “فيسبوك”، مشيراً إلى أن “الكثيرين مترددين بشأن اللقاح، وهم ينتظرون أن يرون تأثيراته على الآخرين قبل تلقيه”. فيما أخبره بعض اللاجئين أن لاحاجة لهم باللقاح فقد سبق وأصيبوا بكورونا – لكن الإصابة لا تعطي مناعةً- بينما يرى أخرون “أنهم أقوياء ولا حاجة لهم باللقاح”.
وأكدّ 90% من السوريين المشاركين في استبيان الهيئة الطبية الدولية أنهم سيتشجعوا على أخذ اللقاح إذا رأوا آخرين يثقون بهم يتلقونه. “من المهم جداً تحديد الجهات المؤثرة في المجتمع السوري؛ ربما رجال الدين، الأطباء، أو العاملين في أنظمة الرعاية الصحية، ينبغي أن نتحرى عنهم”، بحسب ما ذكرت الدكتورة عواضة.
سباق مع الزمن
تعمل المنظمات غير الحكومية على زيادة الوعي عبر المكالمات الهاتفية أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي بسبب ضوابط الإغلاق المفروضة لاحتواء الفيروس. وفي هذا السياق ترسل الأونروا والمفوضية رسائل عبر وسائل التواصل الاجتماعي تُشجع فيها اللاجئين على التسجيل لتلقي اللقاح.
وكانت الهيئة الطبية الدولية أعلنت عزمها الاتصال، منذ بداية الأسبوع الأول من الشهر الحالي، بـ 6,000 شخص سوري ولبناني من الفئات المستضعفة، لمساعدتهم على التسجيل في منصة التطعيم، ويجري التركيز على المجموعات ذات الأولوية.
وبحسب الخطة الوطنية، سيُعطى العاملون في مجال الرعاية الصحية ومن هم فوق 75 عاماً الأولوية، ويتبعهم أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 65 و74 عامًا، ومن ثم الذين تتراوح أعمارهم بين 55 و64 عامًا والذين يعانون أصلاً من ظروف صحية معينة، وكذلك العاملين في المراقبة الوبائية. لاحقاً، أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 55 و64 عامًا والعاملين في مجال الرعاية الصحية الذين لم يتم تطعيمهم من قبل وأولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و54 عامًا المصابين بأمراض مزمنة. ثم يأتي دور العمال الأساسيين؛ وأخيرًا، جميع من تبقى من سكان البلد.
تم نشر هذا التقرير أصلاً في اللغة الإنجليزية وترجمته إلى العربية فاطمة عاشور