الغوطة الشرقية: أمل وترقب بعد دحر النظام في شمالي البلاد وجنوبها
منذ 24 ساعة، بدأ النظام بسحب عناصره ودورياته من داخل عدة مدن في ريف دمشق، وتمركز في الحواجز المنتشرة عند مداخل ومخارج المدن، مع "تعزيز الحواجز ببناء متاريس ترابية حولها خشية استهدافه"
6 ديسمبر 2024
باريس- في صبيحة هذا اليوم “عاد الأمل إلى نفوس أهالي ريف دمشق بانتهاء معاناتهم من القبضة الأمنية”، بعد سيطرة هيئة تحرير الشام وفصائل المعارضة المشاركة في عملية “ردع العدوان”، اليوم الجمعة، على عدة مدن وبلدات في محافظة حمص، وسط سوريا، كما قال راتب عمران (اسم مستعار)، من سكان مدينة دوما لـ”سوريا على طول”.
وكان إعلان فصائل المعارضة عن السيطرة على محافظة حماة، أمس الخميس، نقطة تحول لدى النظام والمدنيين في مناطق سيطرته بدمشق وريفها، إذ لعبت تداعيات الاخبار والصور الواردة من مدينة حماة دوراً في “زعزعة ثقة النظام بنفسه وثقة حاضنته به”، وتمثل ذلك في “مغادرة أشخاص تابعين له وعائلاتهم، عبر أوتستراد دمشق-حمص، إلى طرطوس واللاذقية”، بحسب عمران، الذي كان عائداً من الطريق ذاته في ساعة متأخرة من يوم أمس.
بعد بدء عملية “ردع العدوان”، في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر، شن النظام السوري حملة تجنيد واعتقالات في الغوطة الشرقية بريف دمشق، بعد أن نشر دوريات تابعة للشرطة العسكرية والأمن العسكري في شوارع عدة مدن وبلدات، منها: مدينة دوما وسقبا وكفربطنا.
خلال هذه الأيام، حاول شباب الغوطة الشرقية تفادي المرور على الحواجز العسكرية، خشية “زجّهم النظام في معارك خاسرة”، بحسب عمران، خاصة بعد انتشار العديد من الفيديوهات التي تظهر وقوع العديد من عناصر النظام، بعضهم من مناطق التسويات (حمص، ريف دمشق، درعا)، أسرى في صفوف فصائل المعارضة.
لكن، منذ 24 ساعة بدأ النظام بسحب عناصره ودورياته من داخل عدة مدن في ريف دمشق، من بينها دوما وحرستا، وتمركز في الحواجز المنتشرة عند مداخل ومخارج هذه المدن، مع “حماية هذه الحواجز ببناء متاريس ترابية خشية استهدافها”، كما قال مصدر مجند احتياطياً في صفوف النظام بأحد مدن الغوطة الشرقية لـ”سوريا على طول”، طالباً عدم الكشف عن اسمه لدواع أمنية.
لم يتوقف النظام عن عمليات سوق المطلوبين، إلى الخدمة العسكرية، لكنها اقتصرت على الحواجز خارج المدن فقط، بحسب المجند، مفسراً ذلك بـ”خوف النظام من دخول هذه المدن والبلدات”، التي كانت تحت سيطرة فصائل المعارضة السورية منذ أواخر عام 2012، وحتى توقيع اتفاق التسوية، برعاية روسية، الذي انسحبت بموجبه فصائل المعارضة والمدنيين من رافضي التسوية، في ربيع 2018، إلى الشمال السوري.
وبينما يعاني النظام من “الذعر والتخوّف من وقوع عمليات ضده من داخل الغوطة”، يعيش السكان “في ترقب وقلق شديدين” خشية أن تتوقف فصائل المعارضة زحفها إلى دمشق، لأن “توقف العمل العسكري ضده يعني تحويل دمشق وريفها إلى منطقة عسكرية بعد انسحاب قوات النظام وآلياته من عدة محافظات سورية”، بحسب عمران، متفائلاً أن يكون “الخلاص في غضون أيام قليلة”.
شخص يحمل ورقة في مدينة دوما بريف دمشق، مهنئاً “إدارة العمليات العسكرية”، وهي غرفة العمليات المشرفة على عملية “ردع العدوان”، بعد السيطرة على مدينة حماة، 06/ 12/ 2024.
ويزيد من قلق أهالي الغوطة الشرقية، لا سيما الشباب منهم، استمرار النظام في عمليات سوق واعتقال المطلوبين “رغم أنها اقتصرت على حواجزه خارج مراكز المدن”، لأن “السوق في هذه الأيام يعني الحكم على المجندين بالقتل”، بحسب المصدر المجند احتياطياً، متسائلاً باستنكار: “سابقاً كان يسوقنا إلى الجبهات شمال سوريا، لكن بعد خسارته مناطق واسعة أين يذهب بنا؟”.
هل يتحرك ريف دمشق؟
استبعد المصدران اللذان تحدثا لـ”سوريا على طول” أي عمل عسكري منظم ضد النظام داخل الغوطة الشرقية، خاصة أن الأخير قضى كلياً على أي وجود عسكري، وسحب كامل السلاح من المعارضة قبل تهجيرها إلى الشمال، على عكس محافظة درعا، التي حافظت فصائلها على تواجد نسبي، ونجحت في المساهمة بإدارة المحافظة والضغط على النظام للحد من انتهاكاته.
وبينما تواصل فصائل المعارضة القادمة من الشمال عملياتها العسكرية ضد النظام، مسيطرة على محافظات إدلب وحلب وحماة وصولاً إلى حمص، التي تبعد عشرات الكيلومترات عن أول مدن ريف دمشق من جهة الشمال، أعلنت مجموعات عسكرية في محافظتي درعا والسويداء جنوب سوريا، اليوم الجمعة، عن “معركة الحسم”.
وسيطرت المجموعات في الجنوب السوري على عدد من مقرات النظام ومراكزه الأمنية، بالإضافة إلى تأمين انشقاق عدد من عناصره، وهذا بدوره “يزيد الأمل لدينا بأن الأمور خرجت عن سيطرة النظام حتى في دمشق وريفها”، لكن أيضاً “يزيد مخاوفنا من ردة فعله في المناطق التي انحسر فيها”، بحسب عمران.
في ظل التطورات السريعة التي تشهدها البلاد، من المفترض أن يشهد الشمال السوري اجتماعاً بين أحمد طه، قائد فصيل جيش الأمة في الغوطة الشرقية سابقاً، وقائد أركان جيش الإسلام، وقياديين آخرين من فصائل معارضة ريف دمشق المهجرين إلى الشمال، استعداداً لإطلاق رتل عسكري إلى دمشق وريفها ضمن عمليات “ردع العدوان”، كما تداول ناشطون.
وبالتالي، فإن أي عمل عسكري ضد النظام في مناطق المعارضة سابقاً (الغوطة الشرقية على سبيل المثال)، لا يمكن أن يكون من الداخل وإنما “من خارجها”، بحسب عمران، متمنياً أن تخرج الغوطة الشرقية بـ”أقل الأضرار”.
وختم قوله: “نعيش بأمل وتفاؤل كبير، يرافقه حذر شديد”.