اللاجئون السوريون في الولايات المتحدة: ترامب ليس أميركا
أم بمفردها، مدرس سابق، ناج من هجوم غاز السارين، معتقل […]
19 نوفمبر 2016
أم بمفردها، مدرس سابق، ناج من هجوم غاز السارين، معتقل سياسي سابق. هؤلاء أربعة من ألاف السوريين الذين لجؤوا إلى الولايات المتحدة منذ بداية عام 2011.
والآن يعيشون في كاليفورنيا، لويزيانا، جورجيا وفلوريدا. وجدوا منازل جديدة وأصدقاء جددا. وهم يعملون، ويتدربون على اللغة الإنجليزية ويبنون حياة جديدة.
خلال السنة والنصف الماضية، شهد السوريون في أميركا أشرس وأكثر السباقات الرئاسية قطبية وهي تدور بين المرشح الجمهوري دونلاد ترامب، نجم تلفزيوني سابق ورجل عقارات ثري جداً، وهيلاري كلينتون، وزيرة خارجية أميركا وسابقا عضو في مجلس الشيوخ الأمريكي والسيدة الأولى.
وأثناء مسار الحملة، ردد دونالد ترامب، والذي كان حينها مرشحاً، مخاوف بعض الأمريكيين من أن اللاجئين الذين يدخلون الولايات المتحدة من بلدان مختلفة كسوريا والعراق، ربما يجسدون تهديداً على الأمن القومي.
وشبه ترامب اللاجئين السوريين، الذين يتجاوز عددهم 12 ألفا وبعضهم استوطن في أميركا في عام 2016 بالأفاعي الغادرة. وحذّر من “حصان طروادة”، في حين شبه ابن ترامب الأكبر، مستشار رئيسي في الحملة، اللاجئين السوريين بحبات الشوكولا الملونة السامة.
مظاهرة مناهضة لترامب في مدينة دنفر الأميركية في 11تشرين الثاني. حقوق نشر الصورة لـAndrew Repp Photography.
وقال ترامب، المرشح الرئاسي أنذاك، لجمهور من مؤيديه في ولاية آيوا الأميركية، في كانون الأول، عام 2016، مشيراً إلى اللاجئين السوريين “أيا كان من يأتي، إن فزت أنا، فسيعودون أدراجهم”. وأضاف “سنقوم بذلك بطريقة إنسانية، وما إلى ذلك، ولكنهم سيُخرجون ليعودوا، فنحن لا نعلم من هم ومن أين أتوا”.
وفي 8 تشرين الثاني، فاز دونالد ترامب. وسيعين رئيساً للولايات المتحدة في كانون الأول 2017 ليكون الرئيس الخامس والأربعين لأميركا. والسؤال الآن كم من الأفكار التي تغنى بها في خطاباته، بما فيها التدقيق إلى أقصى درجة على المهاجرين، والترحيل الجماعي لأولئك الذين لا يحملون وثائق معهم، تسجيل المسلمين، وتعليق الهجرة من المناطق المتوترة، ستصبح سياسة؟.
وهنا، وبعد أسبوع من انتخاب ترامب، تحدثت سوريا على طول مع أربعة ممن آتوا إلى الولايات المتحدة خلال الخمس سنوات الماضية. فأين يجدون أنفسهم من سياسات الرئيس المنتخب المناهضة للإسلام والمناهضة للهجرة والمعادية للاجئين.
بعضهم أعرب عن خوفه وقلقه وريبته مما ينتظره في المستقبل. البعض الآخر كانوا متفائلين بحذر، متشجعين بالمظاهرات المناهضة لترامب ويؤمنون أن حكم القانون سيكون درعهم مما هو أسوأ.
“أنا لست إرهابياً”
“ترامب ليس أميركا”، وفق ما قال عدنان الأحمد،40عاماً، مدرس لغة إنجليزية، لسوريا على طول، من منزله في لويزيانا “ولا أتوقع أن يتم بالفعل طردنا من أميركا”.
وهاجر أحمد من محافظة درعا، جنوب سوريا إلى الأردن في عام 2013 مع زوجه وأطفاله، بسبب “خوفي على أولادي من الموت او الاختطاف”. وأمضت العائلة عشرة شهور في مخيم الزعتري، في شمال الأردن، قبل الانتقال إلى العاصمة، عمان. وأبدى موافقته على اتصال مكتب التوطين بالسفر إلى أميركا في عام 2015. وخضع لمقابلات وتدقيق أمني على مدى شهور قبل أن يضع قدمه على الطائرة.
وتستغرق عملية إعادة التوطين في الولايات المتحدة، بدءاً من الترشيح من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) حتى الوصول، في المتوسط من 18 إلى 24 شهرا تتضمن تحقيقاً من قبل المركز الوطني لمكافحة الإرهاب، ومكتب التحقيقات الفيدرالي، وزارة الدفاع، ووزارة الأمن الداخلي.
أحمد كغيره من اللاجئين السوريين الذين تحدثوا إلى سوريا على طول، في هذا الأسبوع، كان ما يزال متوتراً من الحملة الرئاسية، وخاصة بسبب “تصريحات ترامب العنصرية التي اعلنها عبر حملته عن محاربة المسليمن وطرد المهاجرين”، وفق ما قال.
وتعهدت إدارة الرئيس الأمريكي أوباما، في أيلول، بإعادة توطين 40 ألف لاجئ جديد من الشرق الأوسط وجنوب آسيا، بما في ذلك سوريا، وذلك في عام 2017. وسنرى ما إذا كان الرئيس المنتخب ترامب سيلتزم، عند توليه منصبه، بما تعهد به الرئيس السابق. ووفقا للمواقف السياسة المدرجة على الموقع الرسمي للرئيس المنتخب، يهدف دونالد ترامب إلى “القيام بإجراءات تحرٍ جديدة” للمهاجرين “لاستبعاد الإرهابيين”. كما أنه سيعلق مؤقتا “الهجرة من بعض المناطق الأكثر خطورة في العالم والتي لديها تاريخ بتصدير الإرهاب”. ولم يُذكر أي شيء بشأن ترحيل اللاجئين الذين دخلوا الولايات المتحدة خلال فترة رئاسة أوباما.
وفي السياق، قالت أم محمد، أرملة وأم لثلاثة أطفال، تعيش في كاليفورنيا، لسوريا على طول “لدي جيران أمريكيين طيبين (…) ولكني الآن خائفة جدا بفوز ترامب بالرئاسة الأمريكية، بعد تصريحاته بتهجير المسلمين والمهاجرين غير الشرعيين”.
وأضافت أم محمد “أنا لست إرهابية ولا أطفالي إرهابيين”. أم محمد من ريف درعا، 33 عاما، لجأت إلى الاردن في منتصف 2013 مع زوجها وأولادها، ثم توفي زوجها بعد عام، وبدأت أم محمد العمل في المنزل حيث تصنع وتبيع مشابك للشعر لكسب المال وسد احتياجات أطفالها.
وفي عام 2015، بينما كانت أم محمد تعيش في محافظة المفرق، تلقت مكالمة هاتفية من مكتب إعادة توطين التابع للأمم المتحدة، لسؤالها عما إذا كانت ترغب بالسفر إلى الولايات المتحدة ضمن برنامج إعادة التوطين الخاص باللاجئين. وقالت أم محمد “وافقت مباشرة دون تردد”، ثم أجرت المقابلات والفحوصات اللازمة، مضيفة “نحن نريد فقط أن نعيش في سلام وأمان”.
أما اليوم، تزعزع الأمان الذي وجدته أم محمد في أمريكا قليلا. حيث أن إحدى مخاوف أم محمد بعد الانتخابات هي أن ترامب “أعطى للمتمردين في أمريكا الضوء الأخضر للتحرش بالمهاجرين المسلمين”.
وجمع مركز قانون الفقر الجنوبي (SPLC)، وهو منظمة أمريكية غير ربحية يهدف لتعقب ومكافحة الكراهية والتعصب والتمييز في البلاد من خلال التعليم والمقاضاة، 437 تقرير حول “الترهيب والكراهية والتحرش” في الأيام الستة الأولى بعد الانتخابات. وشملت معظم الحالات المزعومة (136) حادثة ضد المهاجرين، تليها حوادث ضد السود، ضد المسلمين من ثم ضد المثليين.
ووفقا للاحصاءات الصادرة عن مكتب التحقيقات الفدرالي (FBI)، ارتفعت جرائم الكراهية ضد المسلمين بنسبة 67% في عام 2015، خلال حملة الانتخابات الرئاسية المليئة بخطابات معادية للمسلمين واللاجئين والمهاجرين.
بدوره، أخبر عبد الستار أحمد، طالب من الغوطة الشرقية في دمشق، يعيش حاليا ويدرس في إحدى الجامعات في جورجيا، سوريا على طول، بأنه سمع عن الحوادث المعادية للمسلمين بعد الانتخابات، لكنه يقول أنه لم يتغير الكثير في نمط حياته اليومية.
وقال عبد الستار “لا شك أن هناك أميركان متخوفون من المهاجرين وأنا حدثت معي عدة أحداث منها في الجامعة عندما تعرفت على أشخاص حاولوا الابتعاد عني”.
وأضاف “بعد فترة طلب البروفيسور مني الحديث عن كيفية خروجي من سوريا وعندما تحدثت تفاجأت بوجود الأشخاص الذين يبتعدون عني يقتربون مني ويتعاطفون ويدخلون بأحاديث معي”.
وأصيب أحمد في الهجوم بغاز السارين عام 2013 الذي تعرضت له ضواحي الغوطة الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة، حيث قتل مئات الأشخاص أثناء الهجوم. وبعد استنشاق الغاز، تم نقله إلى الأردن لتلقي العلاج، وبقي في الأردن إلى حين تم توطينه في الولايات المتحدة.
وقال أحمد “جاءتني أعتذرات كثيرة (…) الأميركان ذاتهم تلقوا صدمة بالغة في المنطقة التي أعيش فيها (…) حتى أنهم غير متقبلين إلى الآن فكرة نجاح ترامب”.
وكشاب أعزب، فإن أحمد هو جزء من الديموغرافية التي يخشاها الكثير من الناس في أمريكا وأوروبا مع مجيئ اللاجئين.
ومع ذلك، وصف أحمد العلاقات والتفاعل الإيجابي مع الناس في محيطه الحالي.
حيث قال “أنا سعيد بتواجدي هنا وأرى أنهم أشخاص رائعون ومتفهمون، ليس لدي مشاكل، وأعجبني احترام اختلاف الآراء هنا”.
وبخلاف سابقيه، يبدو طلال الخلف أقل قلقا. وطلال 27 عاما، من دمشق ويعيش حاليا في ولاية فلوريدا، للاعتقال من قبل قوات أمن النظام في عام 2008 بسبب “معارضة أخي وأبي للنظام السوري”، حسب ما قاله لسوريا على طول. واحتجز الخلف في فرع فلسطين (235) المعروف بسمعته السيئة، والتابع للاستخبارات العسكرية لمدة شهرين قبل أن يطلق سراحه ويهرب إلى لبنان. من هناك، تمت إعادة توطينه في الولايات المتحدة في عام 2012.
طلال الخلف يقيم في فلوريدا، جاء إلى الولايات المتحدة بعد اعتقاله من قبل قوات النظام.
وعبر طلال عن تفاؤله بشأن مستقبله في أمريكا، حيث يعمل حاليا لحساب شركة إنشاء واستضافة مواقع إلكترونية “لا أظن أن هناك تهديد للاجئين السورين خصوصا (…) وما قاله ترامب بأنه سيطرد اللاجئين هذا فقط للإعلام “.
أما رأي عدنان الأحمد، مدرس اللغة الإنجليزية السابق، فكان متوافقا مع ما قاله طلال “هي دولة قانون ودستور (…) ولا أتوقع أن يتم بالفعل طردنا من أمريكا، الشعب الأمريكي شعب طيب وكريم، لن يقبلوا بهذا التصرف أبدا”.
ويوجه الطالب عبد الستار، الذي نجا من هجوم غاز السارين، لأولئك الذين يخشون من السوريين الذين أعيد توطينهم في الولايات المتحدة، رسالة يقول فيها “السوريون المهجرون هم أناس مثلكم قد يختلفون في العادات عنكم لكن ما حدث أنهم هجروا من ديارهم نتيجة الإرهاب سواء كان الأسد أو داعش أو النصرة أو غيره من تلك التنظيمات، هم أناس أشد رغبة في العودة إلى ديارهم حينما تنتهي الأزمة، لا تكونوا جزءا صعبا لهم في محنتهم”.
ترجمة: فاطمة عاشور وسما محمد