المعارضة السورية تقدم فرصة جديدة للطلاب
تشرين الأول/ أكتوبر 29، 2013. إعداد محمد ربيع وجبين بهيتي […]
29 أكتوبر 2013
تشرين الأول/ أكتوبر 29، 2013.
إعداد محمد ربيع وجبين بهيتي
خاص بالفنار
عمان- جلس الطلاب، 20 في كل غرفة، متململين أحيانا في مقاعدهم المؤقتة، يحدقون في الغالب مفكرين في الأسئلة الكثيرة المكتوبة على كتيب الاختبار السميك. كان شهر آب/أغسطس، عندما خضع هؤلاء الـ400 طالب في الجو الحار والخيام المغبرة للامتحان النهائي في المدرسة الثانوية، البكالوريا، والذي قد يؤهلهم للدخول إلى الجامعة.
طلاب يخضعون لأمتحان الثانوية العامة في حلب
تم تنظيم هذه الامتحانات في مخيم الزعتري للاجئين وسط الصحراء الأردنية الشمالية والطلاب كانوا من اللاجئين السوريين. بالنسبة إليهم، الحصول على معدلات مرتفعة –حصلوا على نتائجهم في 3 تشرين الأول/أكتوبر الجاري- هو مجرد خطوة أولى صغيرة لبداية جديدة. ورغم العقبات البيروقراطية والمالية لدخول الجامعات، فإن الطلاب يقولون إنها فرصة تمسكوا بها بحماس.
”شعرت كما لو أنني استرجعت حياتي مرة أخرى”، قال يوسف محاميد، 19عاما.
منذ اندلاع الانتفاضة السورية في آذار/مارس 2011، توقفت الحياة بالنسبة للملايين من السوريين، وخاصة بالنسبة للثلث المشرد داخليا والمليونين الذين أجبروا على الفرار من البلاد. بالنسبة لطلاب المدارس الثانوية، كان هناك حاجز بينهم وبين التسجيل في الجامعات.
هذا العام، للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، انتقل معارضو النظام لتنظيم امتحانات جديدة في ما يبدو الآن كنظام تعليمي مواز. ونتيجة لذلك، خضع نحو 10 آلاف طالب بكالوريا في المناطق التي تقع خارج سيطرة النظام السوري، سبعة آلاف منهم في تركيا، ألف و400 طالب في الأردن وألف و200 طالب في لبنان، إلى امتحانات الثانوية العامة وفقا لمسؤولين معارضين من مكتب اللجنة الوطنية العليا للتعلم والتعليم العالي.
”بعض الطلاب كانوا قادرين على الالتحاق بامتحانات النظام (السوري) ولكن هناك عدد كبير لا يستطيع ذلك بسبب القصف والحصار”، قال خليل مفلح مسؤول التعليم في سوريا لأكثر من عقدين قبل أن يهرب ويصبح عضوا في اللجنة لتنظيم الامتحانات في الأردن. “لم نجد أي وسيلة أخرى لاحتضان هؤلاء الطلاب إلا بتنظيم الامتحانات”.
كحال الكثيرين من المراهقين السوريين، كان محاميد يدرس للبكالوريا (الامتحان الأخير للمرحلة الثانوية) في درعا، قبل عامين عندما اضطر إلى الهرب من البلاد. انتقل أولا إلى الكويت، ومعه كتبه للتحضير لليوم الذي يتمكن فيه من العودة إلى سوريا لإجراء الامتحان. ولكن عندما سمع أن المعارضة ستبدأ في إدارة اختبار هذا العام، قرر الذهاب إلى الأردن.
لم يكن لديه سوى أسابيع قليلة للإعداد للاختبار، لكنه شارك فيع على أي حال.
قال محاميد “لدي طموح.. أريد أن أكون متعلماً، وليس جاهلاً”.
إلا أن المشكلة، تقول أدريان فريك، مستشارة حقوق الإنسان والتي شاركت في كتابة تقرير هذا الصيف بعنوان: “اللاجئون من طلاب الجامعات والأكاديميين في الأردن لا يعدون ولا يعترف بهم” إن احتياجات هؤلاء الطلاب كبيرة جداً.
”وجدنا الكثير من الطلاب في المخيم حريصون على مواصلة تعليمهم، بأي ثمن”، قالت فريك “كان انطباعي عن الطلاب الذين تحدثنا إليهم أنهم أجلوا مغادرتهم لسوريا فقط من أجل استكمال امتحاناتهم – التعليم هو مثار تركيز ضخم”.
وأضافت فريك “أعلم بوجود حالة واحدة قام فيها طالب من ذوي الاحيتاجات الخاصة على كرسي متحرك يعيش في مصر بالعودة إلى حلب لإجراء الامتحانات”، قائلة “يضع الناس أنفسهم في خطر في محاولة لإكمال تعليمهم إلى أقصى حد ممكن”.
بدأت مبادرة المعارضة للتعليم بعدما عقدت اللجنة (الوطنية العليا للتعلم والتعليم العالي) مؤتمرا في أواخر حزيران/يونيو في غازي عنتاب بتركيا، حيث مقرها الرئيسي، للبت في المحتوى التي ستشمله الامتحانات بما في ذلك المناهج المنقحة (أنظر القصة المرفقة: صراع سوري جديد: المناهج). ثم تم تحديد شكل الإعلان عن الامتحانات الجديدة عبر شبكات التواصل الاجتماعي وفي المخيمات بالإضافة إلى القيام بدورات مكثفة لتعليم المواضيع الجديدة المشمولة في الامتحانات.
بالإضافة إلى الفترة الزمنية القصيرة، كانت المشكلة الرئيسية، حسب أنور المصري عضو اللجنة المكلفة في مخيم الزعتري، في نقص إلى المواد التعليمية.
”كانت الكتب مجانية في الزعتري ولكن كميتها محدودة”، قال المصري. “لم يكن هناك ما يكفي لكل الطلاب”.
المشكلة الأكبر للطلاب، رغم ذلك، هي الخطوة اللاحقة.
يمكن للطلاب في المناطق التي يسيطر عليها النظام الالتحاق بالجامعات التي لا تزال تعمل. ولكن من هم خارج سوريا، لاسيما في الأردن ولبنان، يواجهون صعوبة في الحصول على كتبهم أقل بكثير من الحصول على اعتراف الجامعات في الخارج بهم. وتعد هذه مشكلة أكبر بالنسبة لأولئك الذين أخذوا شهادة الثانوية العامة تحت إشراف المعارضة، يعترف مسؤولون في الائتلاف المعارض. لا يملك الائتلاف اعترافاً دولياً واسع النطاق أو نظاماً واضحاً لتمثيل جميع الفصائل المعارضة، والطلاب أنفسهم نادراً ما يكون بحوزتهم الأوراق المناسبة.
”معظمهم فروا من دون أوراق ثبوتية، عندما تكون لاجئاً فإنك تهرب في بعض الأحيان بدون أن تحمل جواز سفرك” قالت فريك. “والسفارات السورية لا تساعد، بشكل لا يثير الدهشة، السكان اللاجئين”.
ومع ذلك، يقول مسؤولو المعارضة إن ثلاث جامعات في تركيا على استعداد لاستقبال الطلاب السوريين ولكن الطلاب يشكون من أن أحداً لا يعرف ماهية هذه الجامعات.
”عندما نسأل الأساتذة، يقولون نحن لانعرف”، قال محمد فائز عبيد، 18 عاماً، من سراقب في إدلب والذي خضع للامتحانات في شهر آب/ أغسطس في قرية صغيرة تبعد 30 دقيقة عن منزله لأن مدارس سراقب تتعرض للقصف المستمر. أضاف أنه يجب عليه حالياً الذهاب إلى الخارج إذا أراد مواصلة تعليمه بسبب عدم وجود فرص في محافظته. لكنه لا يرى أن ذلك احتمال ممكن.
”كيف يمكن أن نذهب لهذه الجامعات ونحن لا نتكلم التركية”، قال عبيد. “كأنهم يكذبون علينا، يعطوننا أمل كاذب ليظهروا وكأنهم يقمون بشيء لأجلنا”. (تقدم الحكومة التركية دروسا لتعلم التركية لبعض الطلاب).
والمشكلة الأخرى هي مالية. إذ تقدم تركيا منحاً دراسية مجانية للطلاب السوريين الأكفاء. إلا أن معظم الطلاب السوريين في الأردن ولبنان لن يتمكنوا من استكمال دراستهم الجامعية بسبب عدم قدرتهم على تسديد الرسوم. يقول مسؤولو اللجنة إن هنالك عدد محدود من المنح ولكنها فقط لأصحاب المعدلات العالية.
لكنها لا تزال البداية، يقول المعلمون. “انقطع معظم الطلاب عن تعليمهم منذ اندلاع الانتفاضة ضد النظام السوري” قال المصري، مضيفاً “هذا العام كان بمثابة أول فرصة تتاح لهم للعودة إلى الدراسة مرة أخرى”.
ويقول الطلاب إنهم يأملون بلا أمل أن يتمكنوا من المضي قدماً. “لم يكن لدي أمل أن أواصل دراستي، وأعتقد أنني فقدت سنة من حياتي”، قال أشرف عايش، 18 عاماً، الذي خضع لامتحانات في مدينة إربد الأردن، بعد انقطاعه عن دراسته قبل 14 شهراً. “الآن أتمنى، إن شاء الله، يتم الاعتراف بالامتحان لأنه بخلاف ذلك، فإنه سيكون كارثة”.
ومع ذلك، لا يزال محاميد مصمماً. “لن أفقد الأمل”، قال، “سأبدأ من جديد”.
تابعونا على صفحة الفيس بوك و التويتر