4 دقائق قراءة

المفخخات لا تغيب عن منبج منذ انسحاب قوات سوريا الديمقراطية

انفجرت سيارة مفخخة في مدينة منبج شرقي حلب، الخاضعة لسيطرة فصائل الجيش الوطني السوري، وهي السابعة منذ طرد قوات سوريا الديمقراطية من المدينة في كانون الأول الماضي، وسط اتهامات إلى الأخيرة بالوقوف وراء الهجمات.


3 فبراير 2025

باريس- في يوم دامٍ، لقي 15 شخصاً مصرعهم، غالبيتهم نساء، وأصيب 18 آخرون بجروح، اليوم الإثنين، جراء انفجار سيارة مفخخة بشاحنة كانت تنقل عاملات إلى إحدى الأراضي الزراعية في أطراف مدينة منبج بريف حلب الشرقي، الواقعة تحت سيطرة فصائل الجيش الوطني السوري.

وقال الدفاع المدني السوري أن حصيلة ضحايا التفجير، حتى مساء اليوم، بلغت 15 قتيلاً (11 امرأة، 3 أطفال، ورجل)، بينما بلغ عدد الجرحى 18 (13 امرأة وخمسة أطفال وفتيات)، ويوجد من بين المصابات حالات حرجة.

كانت “السيارة المفخخة وهي من نوع سوزوكي مركونة بجانب الطريق بالقرب من دوار المطاحن في جنوب مدينة منبج، وتزامن انفجارها مع مرور شاحنة تقل العاملات”، كما قال صدام الحسن، ناشط إعلامي من منبج، لـ”سوريا على طول”.

حادثة اليوم هي التفجير السابع الذي يستهدف منبج ومحيطها منذ سيطرة فصائل الجيش الوطني السوري عليها، في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر 2024، في إطار معركة “فجر الحرية” التي أطلقها الجيش الوطني، في الأول من الشهر ذاته، ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) شمال وشرق حلب، بالتزامن مع عملية “ردع العدوان” التي أطلقتها إدارة العمليات العسكرية، وانتهت بسقوط نظام بشار الأسد.

“تسببت السيارات المفخخة التي استهدفت منبج منذ طرد قسد بمقتل ما لا يقل عن 30 شخص”، بحسب الحسن، متهماً “قسد” بالوقوف وراء هذه التفجيرات كما قال لـ”سوريا على طول”.

رداً على تفجير منبج، أصدرت رئاسة الجمهورية بياناً توعدت فيه “محاسبة المتورطين” وأن هذه “الجريمة” لن تمر “دون إنزال أشد العقوبات بمرتكبيها”، دون أن توجه الاتهام بشكل صريح لـ”قسد”.

يهدف التفجير إلى “قتل أكبر عدد ممكن من المدنيين لأن السيارة المفخخة انفجرت لحظة مرور الشاحنة، ويشهد الطريق الذي ركنت فيه عادة مرور مثل هذه الشاحنات التي تحمل الكثير من المدنيين”، كما قال د.عماد الجاسم، ابن مدينة منبج، لـ”سوريا على طول” من مكان إقامته في ريف حلب الشمالي.

وذهب الجاسم أيضاً إلى أن “قسد” متورطة في الحادثة لأن قياداتها “كانت تهدد الأهالي بأنهم سوف يحولون المدينة إلى ساحة تسيل فيها الدماء إذا لم يقفوا معها ضد دخول فصائل المعارضة”، متهماً “قسد” بـ”إرسال مفخخات إلى كل منطقة جغرافية تخسرها” لصالح المعارضة.

تعليقاً على ذلك، قال يوسف أبو حسن، القيادي العسكري في القوة المشتركة التابعة للجيش الوطني، أن “السيارة [المفخخة] حاولت الدخول يوم أمس إلى المدينة، لكن نظراً لكثرة الحواجز والنقاط الأمنية التابعة لنا المنتشرة على مداخل منبج وفي المناطق الرئيسية، اضطر ركن السيارة في المكان الذي انفجرت فيه”.

وكشفت أبو حسن لـ”سوريا على طول” أنهم ألقوا القبض على شخص “متهم بالوقوف وراء المفخخة، وتجري التحقيقات معه للتأكد من مدى صلته بالتفجير”، مشيراً إلى أن “المعلومات الاستخباراتية التي نملكها تشير إلى أن قسد وراء العملية”.

واستند أبو حسن في اتهامه لـ”قسد” باعتبارها “تتخذ من المفخخات استراتيجية حرب” إلى حادثة سابقة، عندما انفجرت سيارة في شارع الرابطة وسط منبج، في 17 كانون الثاني/ يناير، وتبين في التحقيقات والتسجيلات المصورة، أن السائق الذي ركن السيارة وغادرها يعمل لصالح “قسد” ويقيم في مدينة الرقة، على حد قوله.

وتناقل ناشطون تسجيلاً مصوراً يظهر شخصاً يركن سيارة في أحد شوارع منبج ومن ثم يغادر المكان، “وهذا دفعنا إلى تكثيف النقاط العسكرية على مداخل المدينة منعاً لدخول المفخخات”، بحسب أبو حسن.

من جهتها، أدانت “قسد” ما وصفته “التفجير الأرهابي في منبج”، مشيرة إلى أن “ثقافة المفخخات والاقتتال الداخلي والإرهاب والفوضى والفتنة هي جزء أصيل من أفعال الفصائل المرتزقة التابعة لتركيا”، وأنها “استراتيجية يتبعها هؤلاء لترويع الأهالي ومنع الاحتجاج على الأوضاع السيئة التي تعيشها منبج”.

وحاولت “سوريا على طول” الحصول على تصريح رسمي من فرهاد الشامي، مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية، لكنها لم تتلق أي رد حتى لحظة نشر هذا التقرير.

خلايا “قسد” تجوب المدينة!

“تملأ خلايا قسد المدينة، ولم يعتقل أي عنصر أو قيادي في قسد من الذين تبقوا في المدينة بعد دخول الجيش الوطني”، بحسب صدام الحسن، متسائلاً: “أين حكومة دمشق، وما هو سبب صمتها عم يجري في منبج؟”.

ويتفق د.عماد الجاسم مع الحسن في أن “كثيراً من عناصر قسد وقادتها ما زالوا في المدينة، ويتجولون بشكل طبيعي وعلني”، قائلاً: “نحن نعرفهم بشكل شخصي، وبعضهم كان يعمل في جهاز استخبارات قسد، ومع ذلك هم في منازلهم دون حساب ولا أحد يقترب منهم”.

وأشار الجاسم إلى أن العديد من هؤلاء “يحتمون ببعض القادة العسكريين الفاسدين في الفصائل” متهماً إياهم بأنهم “يدفعون لهم المال لقاء الحماية وعدم المحاسبة”. وأضاف: “إذا لم يحاسب هؤلاء ويوضعوا في السجون لينالوا جزاءهم لن يكون هناك استقرار في منبج”.

من جهته، أقر القيادي العسكري أبو حسن بأنه لم تجرِ أي عملية اعتقال بحق عناصر “قسد” الذين تبقوا في المدينة “لأنه لا يمكن أن تجري الاعتقالات بشكل تعسفي، وليس لدينا قضاء أو سجون [في منبج] حتى اللحظة”.

لكن “قريباً سوف تجري تسويات لعناصر قسد” كون الأمن العام التابع لحكومة دمشق “دخل قبل يومين إلى منبج”، بينما “سيتم إحالة المتورطين بالدماء إلى القضاء لمحاسبتهم”، بحسب أبو حسن.

يذكر أن وزارة الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بدمشق، ضبطت سيارة مفخخة، في 23 كانون الثاني/ يناير الماضي، كانت بطريقها إلى مدينة حلب، وهي ثاني سيارة يتم ضبطها خلال أسبوعين، بحسب وكالة سانا الرسمية، التي أشارت إلى أن السيارة كانت قادمة من مناطق سيطرة “قسد”.

شارك هذا المقال