المقدم حسين هرموش: إجماع على مكانة أول الضباط المنتصرين لحرية السوريين وخلاف على المصير
"رأى إبراهيم أن "كل دول العالم سعت للتخلص من شقيقي حسين، لأنه لم يقبل أي دعم قدّم له من معارضة الخارج
24 يونيو 2020
عمان- في الجدل الذي أثاره نشر ناشطين على وسائل التواصل الإجتماعي ووسائل إعلام سورية، مؤخراً، صوراً جديدة لجثامين سوريين قضوا تحت التعذيب في أفرع الأجهزة الأمنية لنظام الأسد، استحوذت صورة قيل إنها لجثمان المقدم حسين هرموش، على الاهتمام الأكبر في رد فعل السوريين المعارضين لنظام الأسد تحديداً.
إذ إضافة إلى رفض جزء كبير لعملية النشر أساساً، والتي تضم الدفعة الأحدث من بين 50 ألف صورة لـ11 ألف معتقل سربها مصور جنائي في الشرطة العسكرية السورية في العام 2013، يعرف باسمه المستعار “قيصر“، ثار الجدل حول ما إذا كان المقدم هرموش، أول ضابط سوري يعلن انشقاقه عن القوات الحكومية، عقب اندلاع الثورة السورية في آذار/مارس 2011، هو صاحب الصورة فعلاً.
وقد نفى إبراهيم، شقيق أحمد هرموش، والمقيم حالياً في بلجيكا، أن تكون الصورة الأخيرة لأخيه، إذ “هناك علامات في وجه حسين لا تتطابق مع صورة الجثمان”، كما قال لـ”سوريا على طول”. مضيفاً أنه “وصلتنا صورة سابقة لجثمان حسين العام 2015 بعد أن سُربت الصور الأولى لقيصر، ودققت أنا وأمي في ملامح الجثمان، وكنا متأكدين من أنها لا تعود لحسين. في تلك الفترة أيضا، جاءني خبر يؤكد نقل أخي إلى معتقل سري في جزيرة أرواد [في البحر الأبيض المتوسط]”.
وفيما تمنى إبراهيم “أن لا يتم تداول الصور ونسبها عشوائيا لأخي رأفة بقلب أمي، [إذ] يكفينا أننا فقدناه ولا نعلم عنه شيئا”، فإنه حذر أيضاً من أن تداول الصورة ونسبتها لحسين قد “يفيد النظام في تكذيب صور قيصر”.
من هو حسين هرموش؟
ولد حسين مصطفى هرموش في قرية إبلين بجبل الزاوية في ريف إدلب الشمالي، العام 1972. وبعد التحاقه بالجيش السوري، درس الهندسة الحربية في روسيا بين العامين 1990 و1996، حيث نال أيضاً دبلوماً في الترجمة من اللغة الروسية إلى العربية، والدبلوم الأحمر التقني. وليعمل بعد ذلك في سوريا في عدة عدة مشاريع بمدينتي دمشق وحلب.
لمع اسم هرموش الذي كان وصل مع اندلاع الثورة السورية رتبة مقدم في الفرقة 11-مشاة بالجيش السوري، بإعلانه انشقاقه عن الجيش في 9 حزيران/ يونيو 2011، وليكون أول ضابط وقائد عسكري يعلن هذا الموقف.
وقد جاء قرار هرموش بعد حملة عسكرية شنتها القوات الحكومية على مدينة جسر الشغور بريف إدلب، في 4 حزيران/يونيو 2011، أفضت إلى مجزرة بحق أهالي المنطقة. إذ كما روى شقيقه إبراهيم، “كان حسين حينها في إجازة من عمله، وشاهد مجازرالنظام بأم عينه. فشارك معنا بتظاهرات خرجنا بها ضد النظام. ثم اتخذ قراره بالانشقاق. وقد أيدناه بهذا القرار، إلا أننا كنا نبحث عن مكان آمن نهرب إليه قبل إعلان انشقاقه، كي لا يصل النظام إلينا”.
ولخّص المقدم هرموش، في فيديو إعلان انشقاقه، أسباب اتخاذه هذا القرار مع عدد من عناصر الجيش بـ”القتل الجماعي للمدنيين العزل في جميع أنحاء سوريا، وتوريط ضباط وصف ضباط أفراد الجيش السوري الحر بمداهمة المدن والقرى الآمنة”. مطالباً ضباط و صفّ ضباط الجيش بالانشقاق.
رداً على ذلك، قام النظام بوضع 486 شخصاً من عائلة هرموش، بمن فيهم إخوته وزوجته وأبناؤه، على قوائم المطلوبين للأجهزة الأمنية.
تسليمه لنظام الأسد
في 19 حزيران/يونيو 2011، انتقل هرموش إلى تركيا، و”لحقنا به أنا وأمي وزوجته وأبناؤه الأربعة (ثلاثة شبان وابنة)، والتقينا في المخيمات التركية. وقد أقمنا في المخيمات معه طيلة فترة وجوده في تركيا”، بحسب إبراهيم.
عقب انتقاله إلى تركيا، أسس هرموش، في تموز/ يوليو 2011، لواء الضباط الأحرار؛ أول جسم عسكري معارض، والذي أصبح نواة الجيش الحر الذي ظهر لاحقاً. وأخذ على عاتقه حماية المدنيين والمتظاهرين من أعمال القمع والعنف التي كان تنفذها القوات والأجهزة الأمنية الحكومية.
في الشهر التالي، وتحديداً في 29 آب/أغسطس، انقطع الاتصال بهرموش عقب خروجه من مكان إقامته في مخيم ألتين أوزو بولاية هاتاي على الحدود التركية-السورية، رفقة ضابط سوري يدعى مصطفى قاسم، لتلبية دعوة عشاء من ضابط في المخابرات التركية يدعى أوندر أوغلو، مسؤول عن الضباط السوريين القادمين عبر الحدود إلى تركيا.
وقد اتصل إبراهيم في اليوم التالي، كما قال، بأوغلو وسأله عن أخيه، فكان رد أوغلو: “التقيت به أمس مدة ربع ساعة، وطلب مني أن أصطحبه إلى الحدود السورية. وقد نفذت ذلك بناء على طلبه”.
لكن في 15 أيلول/سبتمبر 2011، بثت قناة سورية الفضائية الموالية للنظام لقاء مع المقدم هرموش، ناقض فيه ما ذكره في بيان انشقاقه. إذ نفي وجود “أي أوامر من ضباط الجيش بإطلاق النار على المدنيين”، وأن أول من اتصل به من المعارضة السورية هم “الإخوان المسلمين وعبد الحليم خدام، ومدير مكتب رفعت الأسد”.
إلا أن “أي عاقل [يقارن] تصريحات حسين بعد انشقاقه بتصريحاته بعد خطفه، يدرك أنه كان مجبرا على الأخيرة”، كما قال إبراهيم، و”هذا كان واضحاً من علامات التوتر والإرهاق البادية على وجهه، ونحن أعلم به وبكينونته وما في قلبه أكثر من أي أحد”.
قبيل انجلاء مصير هرموش، اقتحمت القوات الحكومية قرية إبلين، مسقط رأس هرموش، في 8 أيلول/سبتمبر 2011، حيث “قتلوا أخي الأكبر محمد واعتقلوا زوجته وابنه. كما اعتقلوا في وقت لاحق خمسة شبان من العائلة، منهم شقيقيّ وليد وحسن، وابن أخي، وجميعهم لا نعلم عنهم شيئا حتى الآن”، كما ذكر إبراهيم.
في شباط/ فبراير 2012، أكد بيان لمكتب النائب العام في أضنة جنوب تركيا، أن حسين هرموش ومصطفى قاسم سلّما بالقوة إلى أجهزة الأمن السورية. وبحسب وكالة الأناضول، تم اعتقال خمسة أشخاص بينهم عنصر من المخابرات التركية، على خلفية القضية.
وبحسب المعلومات التي حصل عليها إبراهيم، فقد اختطف أوغلو المقدم حسين، و”انتقل به إلى بلدة كسب في محافظة اللاذقية. ومن ثم تم ترحيله إلى مطار المزة العسكري بدمشق”.
وقد تمت إدانة أوغلو بالجريمة، وحكم عليه بالسجن 20 سنة. لكنه “حصل على قرار انتقال حر من سجن إلى آخر واستطاع الفرار من خلال ذلك، بعد إمضائه 23 شهراً في السجن” وفقاً لإبراهيم. مضيفاً أنه “علمنا فيما بعد أنه دخل الأراضي السورية”.
مصير مجهول
في 29 كانون الثاني/ يناير 2012، أصدرت الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الإنسان بياناً ذكرت فيه أن “كتيبة من عناصر المخابرات الجوية نفذت الأسبوع الماضي حكم الإعدام رميا بالرصاص بحق المقدم حسين هرموش في ساعة متأخرة من الليل”، مطالبة السلطات السورية بتسليم جثته لذويه وفق القواعد الشرعية المتبعة.
لكن عائلة المقدم هرموش، كما كثير من الناشطين، ما زالوا يعيشون على أمل لقائه حياً.
ففي العام 2017، ناشدت غفران حجازي، زوجة هرموش، في لقاء صحفي الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عدم الإفراج عن الطيار السوري محمد صوفان الذي أسقطت تركيا طائرته على أراضيها وألقت القبض عليه في 4 آذار/ مارس 2017، إلا بموجب عملية تبادل، تشمل إطلاق سراح زوجها. وهو ما لم يتم، إذ قامت أنقرة بتسليم صوفان بعد ستة أشهر من احتجازه إلى السلطات السورية.
كما لقيت المصير ذاته دعوات ناشطين، في العام 2015، إلى المطالبة بالإفراج عن هرموش بصفقة تبادل مع النظام لتسليم الطيارين الروسيين الذين أسقطت تركيا طائرتهما في جبل التركمان بريف اللاذقية.
ورأى إبراهيم أن “كل دول العالم سعت للتخلص من شقيقي حسين، لأنه لم يقبل أي دعم قدّم له من معارضة الخارج، كونها كانت تشترط عليه تطبيق أجندات خاصة بها لتقديم الدعم، أهمها تسلمهم مناصب في السلطة في مرحلة ما بعد الأسد، وهو ما كان يرفضه حسين رفضا قاطعا مراراً وتكراراً. فقد كان هدفه الأول الخلاص من حكم بشار الأسد، وعدم السكوت عن الخطأ سواء كان من المعارضة أو النظام”. معتبراً أن “النظام ساقط لا محالة”.