انشقاقات عن “قسد” ومطالب شعبية بدخول “ردع العدوان” إلى شرق ديرالزور
بالتزامن مع حالة الغليان الشعبي في دير الزور ضد قوات سوريا الديمقراطية، شهدت المحافظة انشقاقات على مستوى القيادات العسكرية داخل مجلس دير الزور العسكري التابع لها في الريف الشرقي
13 ديسمبر 2024
باريس- يشهد مجلس ديرالزور العسكري، التابع لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، انشقاقات على مستوى القيادات العسكرية في ريف المحافظة الشرقي، منذ ثلاثة أيام، آخرها انشقاق تركي الضاري، الناطق باسم مجلس دير الزور وقائد مجلس بلدة الكسرة.
وجاء انشقاق الضاري، بحسب بيان مصور نشر اليوم، على خلفية “انتهاكات قسد بحق المدنيين في دير الزور والرقة”، مطالباً التحالف الدولي “برفع الغطاء عن قسد”.
تزامنت الانشقاقات مع إطلاق عناصر “قسد” الرصاص الحي على متظاهرين في مدينتي الرقة ودير الزور، خلال اليومين الماضيين، كانوا يطالبون خروج “قسد” من المنطقة ودخول قوات إدارة العمليات العمليات العسكرية، التي أطلقت عملية “ردع العدوان” بقيادة هيئة تحرير الشام، في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر، وتُوجت بسقوط نظام الأسد في الثامن من الشهر الحالي.
والضاري واحد من بين ستة قياديين انشقوا عن مجلس دير الزور العسكري خلال الأيام الثلاثة الماضية، بالتزامن مع التوترات الأمنية في المحافظة والتغيرات في خريطتها العسكرية بعد سقوط الأسد.
رفض شعبي
عمت، يوم أمس، مظاهرات مطالبة بخروج “قسد” من ريف دير الزور الشرقي كلاً من: بلدة حطلة، الحلبية، الحسينية، ومراط، ما دفع “قسد” إلى مواجهتها بإطلاق نار كثيف في الهواء لتفريق المتظاهرين.
وفي التاسع من الشهر الحالي، أي بعد يوم على سقوط الأسد، قتل عشرة أشخاص أثناء تفريق قوات “قسد” لمظاهرة خرجت ضدها في مدينة دير الزور، بعد يوم واحد من سيطرتها عليها، ما دفعها إلى الانسحاب منها، في 11 من الشهر ذاته لصالح إدارة العمليات العسكرية، بحسب وسائل إعلام محلية معارضة.
من جهته، نفى قيادي من مجلس دير الزور العسكري، ما زال في منصبه، مسؤولية “قسد” عن استهداف المتظاهرين، لافتاً إلى أنها كانت تتمركز في مقراتها ولم يخرج أياً من عناصرها لمواجهة المتظاهرين، كما قال لـ”سوريا على طول” شريطة عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام، مضيفاً: “توجد عصابات مسلحة بينهم، هي من استهدفت المدنيين واتهمت قسد لتأجيج الرأي العام ضدها”.
“قوات قسد مصممة لفرض الأمن والأمان في المنطقة، وملاحقة خلايا داعش والمجموعات المسلحة التي تسعى لنشر الفتن بيننا وبين السكان”، وفقاً للقيادي.
وبعد الانشقاقات داخل مجلس دير الزور واستمرار التظاهرات الرافضة لـ”قسد”، أغلقت الأخيرة جميع المعابر النهرية الفاصلة بين ضفتي نهر الفرات بمحافظة دير الزور، في محاولة لفصل مناطق سيطرتها عن مناطق غرب الفرات، التي صارت خاضعة لإدارة العمليات العسكرية، والتي يفر إليها المنشقون عن “قسد”.
تعليقاً على ذلك، قال إبراهيم الحسين، ناشط إعلامي من أبناء عشيرة الشعيطات في ريف دير الزور، مساء اليوم، أن “قوات قسد تطوق الآن قرى الشعيطات [أبو حمام، غرانيج، الكشكية]، وتفرض حظر تجوال شامل تحت تهديد إطلاق النار على أي شخص”.
وأضاف الحسين، الذي انتقل من ريف دير الزور الشرقي إلى مدينة ديرالزور بعد دخول قوات “ردع العدوان” إليها، “الوضع الآن كارثي شرق سوريا، نتيجة استهداف قسد للتظاهرات في دير الزور والرقة”، لافتاً إلى أن “هناك رفض شعبي تام لوجودها”.
وطالب الحسين إدارة العمليات العسكرية النظر إلى ما يجري شرق الفرات والحسكة والرقة، و”التدخل بشكل فوري”.
من جانبه، قال صحفي من مدينة دير الزور يقيم في مناطق نفوذ “قسد” شمال المحافظة، أن الأخيرة استعادت السيطرة على كامل الضفة الشرقية من نهر الفرات في دير الزور بما في ذلك البلدات التي شهدت عمليات الانشقاق، متوقعاً أن “تتصاعد الأمور بشكل أكبر بين عشائر دير الزور وقسد، وربما تخرج تظاهرات أكثر”.
وأضاف الصحفي لـ”سوريا على طول”، شريطة عدم كشف هويته لأسباب أمنية، أن “أهالي دير الزور يرفضون التصعيد مع قسد، لأننا لا نريد حرباً. تعبنا من النزوح والمعتقلات”، وفي الوقت نفسه “يرفض أهالي المحافظة بشكل قاطع الانفصال عن سوريا وأي مشروع تقسيم”.
وبينما عمّت الأفراح جميع المحافظات السورية بعد سقوط الأسد “يرفض أهالي دير الزور الاحتفل بسقوطه حتى بسط حكومة واحدة موحدة سيطرتها على كامل الأراضي السورية”، منعاً لأي مشروع تقسيم، بحسب الصحفي.
انشقاقات على مستوى القادة؟
كانت الانشقاقات في در الزور على مستوى القادة، من قبيل: الناطق الرسمي باسم مجلس دير الزور العسكري، وكذلك قادة المجالس العسكرية في البلدات مثل بلدات: الكسرة، هجين، الصور، والبصيرة وغيرها. وأيضاً قائد اللواء الثاني التابع للمجلس في بلدة أبو حمام شرق دير الزور، بحسب تتبع “سوريا على طول” لبيانات الانشقاقات.
مع ذلك، نفى القيادي العسكري من “مجلس دير الزور” الأنباء الواردة عن انشقاقات كبيرة في المجلس، مقللاً أهمية هذه الانشقاقات وتأثيرها على قواتهم، قائلاً: “انشق اثنين فقط، لهما أطماع في مناطق غرب الفرات، وقواتنا تلاحق هذين المخربين”، على حد وصفه.
قد يكون للانشقاقات الأخيرة “تأثير محدود”، لكن “هناك تكتم وما تزال كثير من الأمور غير واضحة”، بحسب الصحفي من دير الزور، لافتاً إلى أن القادة المنشقين “كانوا من ضمن المجلس العسكري منذ سبع سنوات ولديهم خلافات متكررة وتاريخية مع إدارة قسد وسياستها في دير الزور”.
وأضاف الصحفي: “استعادت قسد السيطرة [على مناطق المنشقين] بعد تمشيط المنطقة بمساعدة طيران التحالف الدولي” بعد أن حاول بعض هؤلاء إبقاء مناطقهم تحت سيطرتهم بعد الانشقاق، لكن في النهاية “غادر جميع المنشقين إلى غرب الفرات”.
من جانبه، قلل صحفي كردي يعمل لصالح وسيلة إعلامية مقربة من الإدارة الذاتية، يتابع التطورات في دير الزور، من أهمية الانشقاقات الحالية في صفوف “قسد” أو انسحابها من بعض مناطق نفوذها، لأن “قسد بعد كل محاولة انقلاب أو انشقاق تنسحب إلى أقصى شرق المحافظة، ومن ثم تعود لتمشيطها بالكامل بدعم من التحالف”. لم تذكر الولايات المتحدة مشاركتها عن أي عملية من هذا النوع بشكل معلن.
واعتبر الصحفي أن “المنشقين من القادة العرب يحاولون تبييض صفحتهم عند إدارة العمليات العسكرية بهدف الحصول على مناصب مستقبلاً”.
على صعيد سياسي، لا يبدو أن هناك تغير في الموقف الأميركي تجاه “قسد” حتى اللحظة. بحسب المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، سابرينا سينغ، فإنه “لم يطرأ أي تغيير على عملنا أو شراكتنا مع قوات سوريا الديمقراطية”، مضيفة: “نحن مستمرون في العمل معهم”، كما جاء في بيان صحفي لها يوم الأربعاء.