بعد أن تخلى المهرب عنها وسرق أموالها: عائلة سماح عالقة في الرقة بدلا من التوجه إلى تركيا
تبحث سماح الحمصية وعائلتها عن مخرج لهم من مدينة الرقة. […]
9 أبريل 2017
تبحث سماح الحمصية وعائلتها عن مخرج لهم من مدينة الرقة. وكانت سماح، ذات الـ31 عاما، بدأت في نهاية شهر شباط، رحلة مع زوجها وطفلتها من الحدود الجنوبية لسوريا بالقرب من الأردن، مرورا بمناطق تنظيم الدولة، حتى تركيا شمالا.
غادرت سماح وعائلتها مدينة حمص في عام 2014، هربا إلى الأردن، بعد أن استدعي زوجها لأداء الخدمة الاحتياطية في الجيش السوري. ولكن بعد ترحيل العائلة من الأردن في شباط الماضي، بسبب كفالتهم المزورة، أدركت العائلة أنها لن تتمكن من العودة للعيش في سوريا.
وقالت سماح، لأسامة أبو زيد، مراسل سوريا على طول، قررنا التوجه إلى تركيا “من أجل مستقبل طفلتي وتعليمها وكي نبدأ حياة جديدة”.
صورة Guy Denning. الذاكرة الإبداعية للثورة السورية.
لكن ما خططت له العائلة فشل عندما سرق المهرب الذي كان يقودهم إلى مدينة الباب، شمال سوريا، أثناء طريقهم إلى تركيا، أموال العائلة، وتخلى عنهم في منتصف الرحلة بالقرب من مدينة الرقة.
وبقيت العائلة عالقة في عاصمة تنظيم الدولة.
وهناك، يتحدث السكان في الشوارع عن خوفهم من الغارات الجوية للتحالف، والخوف من فيضان السد، واحتمالية النزوح من المدينة.
وتقول سماح “تتذكر أنك كنت تسمع بهؤلاء على الأخبار أما اليوم أنت بينهم”.
كيف هو الوضع الآن في الرقة؟
لم أزر الرقة سابقاً، هذه المرة الأولى في حياتي، لكنني لم أشعر لدقيقة أنها في سوريا لولا وجود من في المدينة من عائلات حالهم أشبه بحالنا، فهناك عائلات كثيرة نزحت في وقت سابق من ريف حمص الشرقي والقرى المحيطة بتدمر والقريتين ولم يتمكنوا من المغادرة.
وعلى الرغم من تشابه الحال إلا أن الجميع حذر من الأخر، علماً حتى أهل الرقة ذاتهم تجد الزهد بأعينهم من وضعهم والظلم الذي لحق بقسم منهم لوجود التنظيم.
هناك كثافة في المدينة نوعاً ما، لكن جلهم من نازحي مناطق أخرى غير الرقة. والحديث القائم الآن في المدينة يدور ما بين كارثة الغرق التي قد تحدث أو النزوح.
(يقع أكبر سدود سوريا في مدينة الطبقة، على بعد 40 كم من نهر الفرات في مدينة الرقة. وقد أصدر مهندسو السد السابقين، ووكالة الإعلام التابعة لتنظيم الدولة أعماق ومنظمة الرقة تذبح بصمت، تحذيرات بشأن احتمال انهيار السد، جراء الاشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية وتنظيم الدولة والضربات الجوية للتحالف).
ودائماً ما يقول الناس أنهم سوف يتجهون نحو دير الزور. ولكن أعتقد بأن الأغلب سيتجه إلى قرى (خاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية) محيطة بالرقة. إنهم يخشون القول بأنهم سيتجهون نحو مناطق مغايرة لمناطق التنظيم.
كيف تمكنتِ أنتِ وعائلتكِ من التأقلم مع الحياة في الرقة؟
لا أعلم ماذا أقول لك. إن مجرد التفكير بأنك تعيش هنا يُشعرك بأن جبلاً يطبق على صدرك. ودائما ينشغل تفكيرك بالطيران مع كل غارة، وتتذكر أنك كنت تسمع بهؤلاء على الأخبار أما اليوم أنت بينهم. وأنظر إلى طفلتي التي فقدت مدرستها وهي في مكان لا ذنب لها أن تكون فيه، وأبكي على ابني الذي هاجر إلى أوربا على أمل أن يلم شملنا هناك (…) أكثر الوقت أفكر فيه وأبكي.
وتفكيرك بأنك شعرت لفترة بالأمان وبحياة جديدة، تنسى فيها ما جرى في حمص، ثم بلمح البصر ذهب كل شيء، وانتقلت وإلى مكان أتعس. لم أتوقع أن أسكن في منطقة يسيطر عليها داعش ولو لأسبوع واحد.
لماذا لم تغادروا الرقة؟
بعد أن فقدنا مالنا ولم نعد نملك شيئا بقينا هنا، ومع انقطاع الطريق نحو الباب منذ بدء المعارك هناك وتمركز قوات النظام، بات أشبه بالمستحيل الوصول إلى الباب.
(في 29 آذار، قطعت قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها الأكراد، الطريق الرئيسي الذي يربط مدينة الرقة بالطبقة وأراضي تنظيم الدولة شرقي محافظة حلب، وفقا لما ذكرته سوريا على طول).
الوضع في الرقة سيء عموماً. استأجرنا أحد المنازل هنا منذ وصولنا بعد أن أرسل لنا أحد أقربائنا المال.
(سماح أخبرت سوريا على طول أن هناك العديد من مكاتب تحويل الأموال غير المرخصة، حوالات، تعمل ضمن مناطق سيطرة تنظيم الدولة في الرقة. أرسل أحد أقربائها المال عبر واحد من هذه المكاتب غير الرسمية).
زوجي لا يعمل ولا نستطيع الانخراط بالناس كثيرا،ً خوفاً من أن تعلم الحسبة بمرادنا بالذهاب نحو تركيا أو مناطق الجيش الحر، في جرابلس، حينها سنتعرض لخطر الجَلد أو من يدري ما قد يحدث لزوجي.
هل بحثتم عن وجهة أخرى غير مدينة الباب مثلاً؟
نعم نسعى إلى ذلك أو التوجه إلى المناطق التي يسيطر عليها الأكراد، إلا أن الموضوع صعب للغاية فالوصول لمدينة عين عيسى (مدينة خاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، على بعد 50 كم شمال الرقة) يحتاج لمبلغ 300 ألف ليرة (600 دولار) للشخص الواحد، بالإضافة إلى أن الطريق غير آمن فقد نتعرض لخطر الاستهداف من قبل الطيران أو من القوات الكردية.
(قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من قبل الولايات المتحدة، تحاصر مدينة الرقة من الشمال، حاليا).
كما أننا نخشى البقاء في مخيم عين عيسى.
(يشكل مخيم عين عيسى للنازحين، موطنا لمئات العائلات من الرقة التي نزحت بسبب تقدم قوات سوريا الديمقراطية والفيضان الأخير في الرقة).
لأننا علمنا بأنه لا يُسمح بمغادرة المخيم هناك إلا لمن له أقارب ضمن المناطق الكردية ونحن من حمص!
مدينة الرقة، الشهر الماضي. تصوير: الرقة تذبح بصمت.
هل يواجه أهالي الرقة العوائق ذاتها في حال فكروا بمغادرة المدينة؟
نعم؛ فالكثير يخشى من الذهاب لتلك الأسباب وأسباب أخرى تتعلق بأنهم قد يُتهموا بارتباطهم بالتنظيم خصوصاً مع ما يملكونه من خلفية عن إعدامات واعتقالات بحق من سبقهم على أنهم من التنظيم.
لماذا لما تمكنني أنت وعائلتك من البقاء في الأردن؟ كم هي المدة التي أمضيتموها داخل الأردن؟
دخلنا الأردن في أيلول عام 2014 كنا قبلها في مدينة حمص، وكان زوجي ما يزال يعمل حين تم تبليغه للالتحاق بالخدمة الاحتياطية فقررنا التوجه إلى الأردن، حيث يعيش اثنان من أشقائه منذ عام 2012.
دخلنا الأردن من منطقة الركبان رويشد وتم وضعنا في مخيم الأرزق بسبب عدم وجود كفالات.
(يتم وضع اللاجئين السوريين الذين يدخلون الأردن بدون جوازات سفر إما في مخيم الزعتري أو الأزرق. ويتعين على الكفيل الأردني الذهاب إلى المخيم، وهو إجراء يعرف باسم “الكفالة”).
خرجنا بإجازة وبقينا على هذا الحال لأشهر نخرج بإجازات إلى حين صادفنا شخصا قال بأنه يستطيع تأمين كفالة لنا مقابل 1200 دينار أردني، فقمنا ببيع ما أملك من ذهب، وتأمين ما تبقى من المال عن طريق أشقاء زوجي.
وقبل طردنا، أوقفت دورية أمن زوجي واكتشفوا أن الكفالة مزورة، قاموا باستدعائنا ومن ثم قذفنا لاحقاً جميعنا أنا وزوجي وطفلتي.
حدثيني عن رحلتكم من الأردن حتى الشمال السوري؟
عندما تم قذفنا من الأردن في 26 شباط إلى نصيب (معبر حدودي) في الأردن قررنا التوجه إلى تركيا، حيث يعيش شقيق زوجي، لأننا لا نريد أن نبقى في سوريا ومن أجل مستقبل طفلتي وتعليمها وأن نبدأ حياة جديدة، بعد أن انتهى ما بدأنا به، على أنه فصل جديد في حياتنا، داخل الأردن، بقرار قذف.
ومن درعا اتفقنا مع أحد المهربين الذي قام بتأمين الطريق نحو مخيم الركبان (الواقع في الجهة الشرقية للحدود السورية الأردنية) وبعد وصولنا مخيم الركبان توجهنا إلى قرية العليانية بالبادية السورية، ومنها إلى مدينة البوكمال بمحافظة دير الزور.
(يسيطر كل من تنظيم الدولة وفصائل معارضة تابعة للجيش السوري الحر، على أجزاء من الصحراء الشرقية في سوريا، وهي منطقة ذات كثافة سكانية قليلة).
وفي مدينة البوكمال تعرفنا على مهرب على أن يتم تأميننا من هناك إلى مدينة الباب بمبلغ قدره 1000 دولار علينا نحن الـ3، وبالقرب من مدينة الرقة قام بإنزالنا وسلب أموالنا وغادر، إلى حين جاءت سيارات تابعة للتنظيم كانت مارة من هناك فسألتنا من أين نحن ووجهتنا وقلنا لهم كنا ذاهبين إلى الرقة فأوصلونا برحلة لم تستغرق الساعة. حققوا معنا قليلاً، ووجهوا لنا بعض الأسئلة، وأخذوا إثباتاتنا الشخصية ولكن أعادوها لاحقاً.
ترجمة: سما محمد.