5 دقائق قراءة

“بعيداً عن ديارنا” أربعة سوريين نازحين يستقبلون شهر رمضان في المنفى

يستقبل أكثر من 6 ملايين نازحاً سورياً شهر رمضان الثامن، […]


يستقبل أكثر من 6 ملايين نازحاً سورياً شهر رمضان الثامن، منذ بدء الحرب، بعيداً عن منازلهم وأحبائهم.

ومنذ بداية العام، أدت سلسلة من اتفاقيات الاستسلام والإجلاء إلى نزوح عدد كبير من السكان المدنيين من أربع مناطق كانت تحت سيطرة المعارضة سابقاً: الغوطة الشرقية، جنوب دمشق، شرق القلمون، وريف حمص الشمالي.

وبسبب ذلك، فإن عشرات الآلاف من النازحين حديثاً سيفطّرون لأول مرة في محيط غير مألوف لهم في جميع أنحاء البلاد.

وتحدثت سوريا على طول مع أشخاص نازحين حديثاً من كل منطقة من هذه المناطق النازحة ليصفوا لنا ما هي الوسائل المتاحة للاحتفال بشهر رمضان بعيداً عن منازلهم وما الأشياء التي استطاعوا الحفاظ عليها من تقاليد هذا الشهر.

الغوطة الشرقية

نور الشام، 24 عاماً يعمل كنجار، نازح منذ سبع سنوات وهو في الأصل من بلدة حران العواميد في الغوطة الشرقية، حيث فر الشام في بداية الأمر إلى سقبا في عام 2011 وعندما سيطرت القوات الحكومية على مدينته، هذا العام، نزح مرة أخرى إلى زملكا قبل أن يتم إجلاؤه أخيراً إلى معرة النعمان في ادلب الشهر الماضي بموجب اتفاقية استسلام بين فصائل الغوطة الشرقية والحكومة السورية.

وفي معرة النعمان، يعيش نور مع عائلته في غرفة نوم في منزل أحد السكان المحليين الذين سمحوا لهم بالعيش فيها دون مقابل.

وكان رمضان في الغوطة الشرقية بالنسبة لنور يعني تجمع الأصدقاء والجيران في منزل العائلة، حيث يقوم هو وأقاربه بإعداد مجموعة من الأطعمة التقليدية وتوزيعها عليهم من أجل الإفطار وقت الغروب.

والآن النازحين حديثاً في ادلب، مع الأصدقاء والجيران البعيدين مثل نور أو مثل الذين لا يزالون يعيشون في الغوطة الشرقية تحت سيطرة الحكومة، يستقبلون شهر رمضان مع ضغوط النزوح حالياً.

رجل يعد مشروبات رمضان التقليدية في معرة النعمان الواقعة تحت سيطرة المعارضة، يوم الخميس. الصورة من مركز المعرة الإعلامي.

وقال الشام، في الغوطة الشرقية “أهالينا كانوا مبسوطين وكانوا يشترون أغراض رمضان، ولكن الآن ليس لديهم دخل ولا يستطيعون شراء شيء”.

وأضاف أن المنظمات المحلية، التي تسعى إلى تخفيف معاناة النازحين من الغوطة الشرقية إلى إدلب، وزعت لعائلة الشام وغيرهم وجبات مجانية وسلال غذائية تكفي للأيام الأربعة الأولى من رمضان. بعد ذلك، لا أعلم ماذا سأفعل.

وتابع “بالنسبة للوضع المعيشي هنا لايوجد شغل وحتى الناس كلهم عاطلون عن العمل ويعيشون على الإعانات من المنظمات الدولية”.

ويأمل الشام أن يكون هذا الشهر هو آخر رمضان له ولعائلته في بلد النزوح، وأن يأتي عام جديد بتغييرات سياسية أو عسكرية تسمح لهم بالاحتفال برمضان مع أحبائهم في الغوطة الشرقية مرة أخرى.

وأضاف “أتمنى بالأشهر القادمة أن تفرج علينا ونعود لمدننا ويلتم شملنا مع الأهل والأقرباء المفرقين ونعود إلى بيوتنا، لأن الحياة صعبة جداً هنا”.

جنوب دمشق

مالك بردان، 31 عاماً من محافظة درعا، لكنه عاش في جنوب دمشق الواقعة تحت سيطرة المعارضة قبل أن يتم إجلاؤه إلى ريف حلب الشمالي في 10 أيار تاركاً زوجته الحامل وابنه البالغ من العمر 18 شهراً.

لقد شعر البردان بأنه “شخص غريب” منذ وصوله إلى ريف حلب الشمالي قبل أسبوع، الذي يبعد حوالي 350 كيلومتراً شمال منزله في المناطق الجنوبية من العاصمة السورية.

وصعد الناشط السابق إلى الحافلة التي تديرها الحكومة والتي كانت تغادر من المنطقة المحاصرة إلى جنوب دمشق لوحده، وقال البردان إن زوجته وابنه بقيا في العاصمة في منزل أهل زوجته ” لتجنب إرهاق التشرد”.

Embed from Getty Images


متجر فوانيس قديمة في بلدة سقبا في الغوطة الشرقية التي كانت تحت سيطرة المعارضة في السابق في أيار 2017. تصوير عبد المنعم عيسى.

واليوم مع بداية شهر رمضان يتذكر بردان الروح التشاركية التي كانت تجسد الشهر الفضيل من كسر الصيام مع أسرته، وزيارة الأقرباء والتجمعات مع أصدقاء مقربين لوقت متأخر من الليل.

والآن في إقامته وحيداً في شمال سوريا، لم يعد بردان يرى في رمضان فرصة للإجتماع مع الأحباء وإنما بات يذكره بالمسافة التي تفصله عن الأصدقاء والعائلة.

وقال “سأستقبل رمضان وقلبي مليئ بالحزن والدموع، قلبي مكسور لأني بعيد عن المنزل… أشعر بالضياع “.

شرق القلمون

نزح فارس المنجد، 35 عاماً مع زوجته وابنته من شرق القلمون في 24 نيسان من خلال صفقة الإجلاء التي تمت بين المعارضة والحكومة السورية في وقت سابق من هذا العام. واليوم، يعيشون في مدينة عفرين ذات الأغلبية الكردية في شمال غرب سوريا الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة التابعة لتركيا.

وقال المنجد لسوريا على طول “كان لرمضان نكهته الخاصة، حيث أن رمضان كان يشكل لنا صلة وصل مع جميع أفراد العائلة والأقارب والجيران”.

وكانت عائلة المنجد وجيرانهم يتبعون نفس الروتين الذي يبدأ بالاستيقاظ قبل صلاة الفجر على صوت مسحّر الحي وينتهي بالاجتماع مساءاً لتناول الإفطار معاً قبل الذهاب للصلاة في مسجد الحي.

Embed from Getty Images


أطفال يتجمعون حول شاحنة آيس كريم في مدينة دوما خلال شهر رمضان 2017. تصوير حمزة العجوة.

أما الآن انقسمت عائلة المنجد وجيرانه “وفقدوا” العادات والاحتفالات التي كانوا يعيشونها معاً، ولم يعد قادراً على طهي وجبات الطعام الاحتفالية. ويعيش المنجد اليوم من الأموال التي ادخرها سابقاً لأنه لم يتمكن من الحصول على عمل.

وعلى الرغم من أسلوب حياة التقشّف الجديد، إلا أنه لا يزال يشعر بالامتنان “ويحمد الله على الصحة الجيدة والحياة الكريمة ” على حد قوله.

وأضاف المنجد ” شهر رمضان بالنسبة لنا شهر عبادة و شهر تقرب من الله، ولا يهم المكان الذي نؤدي به العبادة المهم أن نقوم نحن بواجبنا”.

شمال حمص

سمير أبو خالد، 25 عاماً، غادر منزله في ريف حمص الشمالي المحاصر في وقت سابق من هذا الشهر بموجب اتفاقية إجلاء مع الحكومة السورية، ويعيش اليوم في مخيم للنازحين في ريف إدلب.

سوق الفاكهة في معرة النعمان الواقعة تحت سيطرة المعارضة، يوم الخميس. الصورة من مركز المعرة الإعلامي.

للمرة الأولى يقضي أبو خالد، وهو مصور مستقل سابق، شهر رمضان بعيداً عن أصدقائه وأقاربه، حيث بقيت والدته ووالده في شمال حمص الذي عاد إلى سيطرة الحكومة.

وفي بلدة تلبيسة مسقط رأس أبو خالد “يتجمع الجميع لتناول السحور والإفطار خلال الشهر الكريم” على حد قوله، ولكن في مخيم النازحين المكتظ بالسكان في محافظة إدلب حيث يعيش الآن “لا يوجد شيء من هذا القبيل على الإطلاق، فالرجال وحدهم في خيمتهم والنساء في خيمة أخرى”.

وقال أبو خالد “رمضان هذا العام هو اختبار للصبر، الصبر على الإبتعاد عن الأقارب والصبر على المصاعب التي نتعرض لها في المخيمات”.

 

ترجمة: بتول حجار

‬‬‬‬

 

شارك هذا المقال