بمشاعر ملتهبة: آلاف السوريين يتجمهرون في الساحات العامة بحثاً عن ذويهم المعتقلين (صور+فيديو)
فيما غمرت السعادة العشرات بعد الإفراج عن ذويهم، أشعل مرسوم العفو لهيب السوريين ونكأ جراحهم، ليعودوا من جديد إلى رحلة البحث عن ذويهم المعتقلين أو المختفين قسرياً أو عن معلومات عنهم.
4 مايو 2022
باريس- يبحث أحمد حسين الزوباني عن أي معلومة لمعرفة مصير شقيقه المعتقل في سجون النظام، ويتواصل هو ووالديه مع ذوي المعتقلين المفرج عنهم حديثاً، بموجب مرسوم العفو الصادر في 30 نيسان/ أبريل الماضي، لمعرفة ما إذا “رأوا أو سمعوا شيئاً عنه”.
وأصدر بشار الأسد المرسوم التشريعي رقم 7 للعام 2022، يقضي بمنح عفو عام عما أسماه “الجرائم الإرهابية المرتكبة من السوريين” قبل تاريخ 30 نيسان/ أبريل الماضي، وهو أول عفو من هذا النوع منذ اندلاع الثورة السورية في آذار/ مارس 2011.
في تشرين الأول/ أكتوبر 2013، اعتقل لؤي حسين الزوباني، 41 عاماً، الذي ينحدر من بلدة اليادودة غرب درعا، على حاجز “طيار” تابع للأمن العسكري، أثناء ذهابه إلى عمله، وانقطعت أخباره عن عائلته منذ عامين، لكن قبل ذلك نُقل إلى أكثر من فرع من فروع المخابرات السورية، كما وردت أخبار “لم نتأكد من دقتها”، من بعض المعتقلين المفرج عنهم، إذ أكد بعضهم بأنهم “أمضوا معه أياماً في فرع الأمن العسكري بدمشق، فيما التقى آخرون به في فرع المخابرات الجوية بدمشق”، كما قال شقيقه لـ”سوريا على طول”، من مكان إقامته في بريطانيا.
لؤي، الأب لطفلين، كان يعمل معلماً لمادة اللغة الإنجليزية في إحدى مدارس البلدة الحكومية، ومحاسباً في مشفى اليرموك بدرعا بعد انتهاء وظيفته الأساسية.
وبعد انقطاع أخباره توقعت العائلة بأن ابنهم” متوفى”، لكن بعد مراجعة سجل الأحوال المدنية (النفوس) تبين أنه “ما زال على قيد الحياة”، لذا مع عملية الإفراج عن المعتقلين الحالية “نتمنى أن يكون حيّاً، وأن يفرج عنه”، قال أحمد، واصفاً مشاعرهم في هذه الأيام “نعيش على أعصابنا”، ويتمنون الذهاب إلى دمشق لاستقبال المفرج عنهم ومعرفة مصير ابنهم، كما يفعل آلاف السوريين “لكن أبي وأمي كبار في السن ولا قدرة لهم على ذلك”.
ومنذ صدور مرسوم العفو، وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في الفترة بين 1 و4 أيار/ مايو الحالي، إفراج النظام عن 193 معتقلاً، بينهم 24 سيدة، و7 أشخاص كانوا أطفالاً حين اعتقالهم، بحسب ما قالت نور الخطيب، مديرة قسم المعتقلين والمختفين قسرياً في الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وهي معتقلة سابقة في سجون النظام. فيما يبلغ إجمالي عدد المعتقلين والمختفين قسرياً منذ اندلاع الثورة السورية لدى النظام السوري، الموثقين لدى الشبكة السورية، 132,667 شخصاً من أصل 151,462 معتقلاً أو مختف قسرياً على يد مختلف أطراف الصراع.
ومنذ صباح أمس الثلاثاء لم يفرج النظام عن أي معتقل جديد، بحسب الخطيب، موضحة لـ”سوريا على طول” أن “النظام يفرج عن أعداد قليلة وبدفعات متتالية وعلى مدى طويل”، في محاولة “لإظهار أنه يقوم بعمليات إفراج كبيرة ويطبق مرسوم العفو”، مشيرة إلى أن الأعداد المفرج عنها “تحدث في الأحوال العادية”، أي بدون صدور مرسوم تشريعي.
ولم تصدر أي معلومات رسمية عن النظام السوري توضح أعداد المفرج عنهم، أو المزمع إطلاق سراحهم، فيما اكتفت وزارة العدل، التابعة لحكومة دمشق، بالتحذير من أن تجمع مئات المواطنين في أماكن عامة في دمشق وحمص وحماة لساعات طويلة تؤدي إلى “تعب وأرق ومعاناة لا سيما لدى كبار السن والأمهات”.
وأضافت الوزارة: “هذا التجمع والانتظار من قبل الأهالي لا داع له لاسيما وأن المشمولين بالعفو يتم إطلاق سراحهم مباشرة بشكل فردي ومتتابع بعد إتمام الإجراءات القانونية ولا يتم نقلهم إلى أماكن هذه التجمعات”. موضحة “أن جميع السجناء والموقوفين المشمولين بمرسوم العفو سيتم إطلاق سراحهم تباعاً خلال الأيام القادمة”، وأنه ” تم إنجاز جزء كبير من هذا العمل خلال الأيام الماضية”.
وجاء بيان وزارة العدل بعد تجمع آلاف السوريين في الساحات العامة في عدة مدن سورياً، وخصوصاً دمشق، حيث تجمع آلاف السوريين عند “جسر الرئيس”، نظراً لأن النظام أطلق سراح الدفعات الأولى من المعتقلين عند الجسر.
من جهتها، توقعت الخطيب أن تستمر عمليات الإفراج حتى الشهر القادم، معتبرة أن النظام يهدف من طول المدة مقابل الأعداد القليلة للمفرج عنهم الترويج إلى أنه يفرج عن أعداد كبيرة من المعتقلين، ولكن الواقع عكس ذلك.
وفيما غمرت السعادة العشرات بعد الإفراج عن ذويهم، أشعل مرسوم العفو لهيب السوريين ونكأ جراحهم، ليعودوا من جديد إلى رحلة البحث عن ذويهم المعتقلين أو المختفين قسرياً أو عن معلومات عنهم، وفي ذلك قالت الخطيب “خلال الأيام الثلاثة الماضية لم نستطع النوم إلا لساعات قليلة، بسبب كثرة الرسائل التي تصلنا من المئات”، معتبرة أن هذه الرسائل التي وصلت خلال الأيام القليلة “تحتاج أشهراً للرد عليها”.
وفيما يسعى النظام إلى كسب مرسوم العفو لصالحه، كشف تجمع آلاف السوريين بمختلف المدن عن حجم معاناة المجتمع السوري من “جريمة الاعتقال والاختفاء على يد النظام السوري”، وفقاً للخطيب.
كذلك، كشف مرسوم العفو عن وجود آلاف المعتقلين غير الموثقين من المنظمات الحقوقية، بحسب الخطيب، مشيرة إلى أن صدور العفو وتفاعل الناس معه “شجعت الناس على توثيق حالات أبنائهم المعتقلين، وأتاحت لنا الفرصة للوصول إلى الأهالي وتوثيق ذويهم المعتقلين”.
يؤكد ذلك تفاعل عائلة لؤي حسين الزوباني، التي عمّمت صورته وكامل المعلومات الشخصية الخاصة به لأول مرة على وسائل التواصل الاجتماعية وفي المجموعات الخاصة بملف المعتقلين، متمسكين بطرف خيط لمعرفة مصير ابنهم، ذو 32 عاماً لحظة اعتقاله.
سوريون وسوريات يركضون خلف حافلة عسكرية تقلّ معتقلين مفرج عنهم من سجون النظام، في منطقة جسر الرئيس بدمشق، بينما يردد مصوّر الفيديو عبارة “يا رب”، راجياً أن يكون قريبه المعتقل من بين المفرج عنهم، 4/ 5/ 2022 (إنترنت)
تسجيل مصور نشره تلفزيون سوريا، المعارض، من منطقة جسر الرئيس في العاصمة دمشق، يظهر أعداداً كبيرة من ذوي المعتقلين، في وقت متأخر من مساء أمس الثلاثاء، بعضهم يفترشون الأرصفة، وآخرون يعتلون جسر الرئيس أو يتجولون في الشوارع، أثناء انتظار الفرج عن ذويهم 3/ 5/ 2022 (تلفزيون سوريا).
مواطنون يروون لإذاعة شام إف إم الموالية قصص ذويهم المعتقلين، ومعاناتهم مع الانتظار لاستقبال المفرج عنهم، وقد حذفت الإذاعة التقرير بعد نشره على معرّفاتها الرسمية 3/ 5/ 2022 (شام إف إم)