بوادر نزاع بين فصائل المعارضة بسبب اتفاق تسوية مع الحكومة في درعا
بدأت تظهر بوادر نزاع بين قوى المعارضة في جنوب غرب […]
3 يوليو 2018
بدأت تظهر بوادر نزاع بين قوى المعارضة في جنوب غرب سوريا بشأن المفاوضات الجارية مع الحكومة السورية، يوم الاثنين، بعد أن وافق أحد فصائل المعارضة على اتفاق مصالحة مبدئي مع المفاوضين الروس مساء الأحد.
ولاحت بوادر النزاع بعد لقاء جمع مفاوضي المعارضة مع إدارة الأزمات – وهي هيئة معارضة تشكلت الأسبوع الماضي للمشاركة في المحادثات مع الحكومة السورية – مع ممثلين روس في مدينة بصرى الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف درعا الشرقي، مساء الأحد، لمناقشة بنود التسوية السياسية التي تهدف لإنهاء القتال هناك.
واتهم عدد من مسؤولي وقادة المعارضة في وقت لاحق مقاتلين من قوات شباب السنة، وهو فصيل معارض في محافظة درعا بجنوب سوريا، بالموافقة على اتفاق تسوية مبدئي مع الحكومة السورية خلال محادثات يوم الأحد – وهو ما نفته المجموعة بشدة.
وفي تسجيل مصوّر نشر عبر حسابات وسائل تواصل اجتماعي موالية للمعارضة مساء الأحد، ظهر مقاتلون من شباب السنة وهم يسلمون دبابة ومدرعة لقوات الحكومة في بصرى الشام، كخطوة أولى في المصالحة التي ستشهد عودة ريف درعا الشرقي إلى سيطرة الحكومة للمرة الأولى منذ عام ٢٠١٢.
وكانت محادثات الأحد في بصرى الشام، التي يسيطر عليها إلى حد كبير مقاتلو شباب السنة، الأحدث في سلسلة من المفاوضات التي تم الإعلان عنها بين سلطات المعارضة والمسؤولين الروس حول تسوية سياسية محتملة في جنوب غرب سوريا، منذ أن شنت القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد حملة جوية وبرية مكثفة ضد مواقع المعارضة في محافظات درعا والسويداء والقنيطرة في منتصف حزيران.
وتشكل محافظة درعا، وهي موطن لما يقدر بنحو ٧٥٠ ألف مدني، القسم الأكبر من جنوب غرب سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة، كما تعدّ درعا واحدة من المعاقل الأخيرة المتبقية للمعارضة في سوريا بعد سيطرة القوات الحكومية هذا العام على المناطق المحاصرة – سابقاً – مثل الغوطة الشرقية وجنوب دمشق وشمال حمص والقلمون الشرقي، مما دفع قوات المعارضة إلى النزوح للمناطق الشمالية الغربية من البلاد.
وتهدف الحملة العسكرية الحالية للحكومة إلى استعادة السيطرة على جنوب غرب سوريا، أكبر هجوم على الأراضي الخاضعة لسيطرة المعارضة هناك، منذ بدء سريان اتفاق خفض التصعيد الذي تم برعاية الولايات المتحدة وروسيا والأردن في تموز ٢٠١٧.
إلى ذلك، شنت الطائرات الحربية السورية والروسية مئات الغارات الجوية على جنوب غرب سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة، منذ ١٥ حزيران، عندما استولى الجيش العربي السوري والميليشيات الإيرانية الموالية للأسد على مساحات كبيرة من محافظة درعا، ودفع القتال المستمر نحو ٢١٧ ألف من سكان درعا للفرار من منازلهم منذ بدء المعارك، بحسب ما ذكره اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية، الأسبوع الماضي.
ومع استمرار المعركة من أجل جنوب غرب سوريا، يقف كل من سكان درعا ومقاتلو المعارضة فيها أمام خيار مواجهة حملة الحكومة أو قبول المصالحة والعودة لسيطرة الدولة.
وفي مدينة داعل، الواقعة على بعد ١٥ كيلومتراً شمال درعا، وافقت السلطات المحلية على اتفاق المصالحة مع الحكومة السورية يوم الجمعة الماضي، حيث استعادت القوات الموالية للأسد السيطرة على المدينة بقليل من القتال، بحسب ما أفادت به وكالة سانا.
وذكرت سانا أن عدة بلدات وقرى أخرى كانت خاضعة لسيطرة المعارضة، في ريف درعا الغربي، توصلت أيضاً إلى اتفاقيات مصالحة مع القوات الحكومية في نهاية الأسبوع.
ولكن مشاركة المعارضة في مفاوضات درعا أثبتت وجود انقسامات بين صفوف فصائل المعارضة في جنوب غرب سوريا، حيث ينقسمون بين التفاوض للتوصل إلى تسوية سياسية أو مواصلة القتال.
ونشرت هيئة تحرير الشام بياناً عبر مجموعة تحمل اسم “الموت ولا المذلة” في التلغرام، صباح الاثنين، تعلن فيه رفضها الكامل للمفاوضات مع الحكومة.
ويقع المقر الرئيسي للهيئة في محافظة إدلب شمال غرب سوريا، إلا أنها تتواجد بشكل محدود في محافظة درعا.
واستمرت الاشتباكات بين فصائل المعارضة والقوات الموالية للحكومة طوال يوم الاثنين، حيث تركزت المعارك العنيفة قرب مدينة نوى في ريف درعا الغربي، بحسب ما قاله قيادي في المعارضة لسوريا على طول، طالباً عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتحدث إلى الصحافة.
مفاوضو الروس والمعارضة يجتمعون في بصرى الشام، يوم الأحد. تصوير: بصرى برس.
من جهته نفى أحمد العودة، قائد قوات شباب السنة، الأنباء التي تفيد بأن فصيله وافق على المصالحة مع الحكومة السورية في سلسلة من التسجيلات الصوتية التي وزعها النشطاء عبر الواتساب، مساء الأحد.
وأكد العودة تسليم شباب السنة للعربة المدرعة إلى القوات الموالية للأسد، يوم الأحد، ووصفها بـ “بادرة حسن نية” تهدف إلى منع إراقة المزيد من الدماء مع استمرار المفاوضات.
وقال العودة في الرسائل الصوتية “همنا الأكبر هو أن يتمكن الناس من العودة إلى ديارهم”، مضيفاً “ضحّيت بدبابة ليعود النازحون”، في إشارة إلى فوائد التسوية السياسية المحتملة مع الحكومة.
وتابع العودة “تمت استشارة الجميع، ولم أتخذ هذا القرار بمفردي، نحن في بصرى الشام لم نسلم أسلحتنا، ولم نستسلم”.
وفي يوم السبت، قبل يوم واحد من الاجتماع في بصرى الشام، انسحب الوفد المدني لإدارة الأزمات من المفاوضات الجارية بسبب “عدم الثقة” بالمفاوضين الروس، وفقاً لبيان صادر عن رئيس الوفد، يوم الأحد.
وبحسب البيان الذي أصدره رئيس الوفد عدنان مسالمة، تخلى الوفد المدني عن المفاوضات “في ظل عدم وضوح المناقشات وإصرار الروس على فرض شروطهم”.
وأوضح البيان أن “أي شيء لم يتم توقيعه من قبل جميع أعضاء فريق التفاوض يعتبر ملزما فقط للأفراد الذين وافقوا عليه”.
ترجمة: سما محمد