تركيا تحدد عدد المرضى السوريين المسموح لهم بالدخول لتلقي العلاج، والآلاف ينتظرون دورهم
قالت مصادر في محافظة إدلب، لسوريا على طول، أن “السوريين […]
31 مايو 2017
قالت مصادر في محافظة إدلب، لسوريا على طول، أن “السوريين حُرموا” من العلاج الطبي بعد أن بدأت السلطات التركية بفرض نظام الحصص في مطلع الشهر الجاري، بحيث تسمح لخمسة مرضى فقط، من ذوي الحالات الطبية “الباردة” بعبور الحدود، يوميا.
إلى ذلك، قال أحمد أبو الريك، إداري في مستشفى باب الهوى الحدودي، لسوريا على طول، يوم الثلاثاء، إن ما يقارب ثلاثة آلاف مريض سرطان وقلب وفشل كلوي ينتظرون الآن عند الحدود لتلقي العلاج. وباب الهوى هو النقطة الحدودية الوحيدة المفتوحة بين محافظة إدلب السورية وتركيا.
وبموجب السياسة التركية الجديدة، سيستغرق الأمر ما لا يقل عن 85 أسبوعا، ما يقارب العام ونصف العام، حتى يتمكن جميع المرضى البالغ عددهم 3 آلاف مريض من مغادرة سوريا للعلاج.
ولم يتضح من هو المسؤول عن تحديد المرضى الخمسة المسموح لهم عبور الحدود يوميا. ويشكل المستشفى التي يعمل فيها الريك، محطة أخيرة لآلاف الأشخاص الذين يعانون من الأمراض “الباردة” كالسرطان والفشل الكلوي وأمراض القلب. وهناك، يعالج الكادر الطبي ويشخص حالات المرضى، على الأراضي السورية، قبل اتخاذ قرار بشأن نقلهم إلى مرافق أكبر، في تركيا، للحصول على درجة أعلى من الرعاية، بما في ذلك العلاج الكيميائي والقسطرة القلبية.
ومع عدم وجود مستشفيات مجهزة لعلاج الحالات الخطيرة، في محافظة إدلب، الخاضعة لسيطرة الثوار في سوريا، يعتمد المرضى على معبر باب الهوى الحدودي للوصول إلى المرافق الطبية المجهزة في تركيا.
وقال الريك أنه قبل صدور القرار كان يدخل المعبر قرابة “60 حالة يوميا”.
لكن في 18 أيار، فرضت السلطات التركية حدا معينا للمرضى المسموح لهم بالعبور، وهو خمسة مرضى ذوي حالات طبية باردة، يوميا، وهذا يعني أن كل من يحتاج إلى الرعاية لإنقاذ حياته، عبر الحدود، في مقاطعة هاتاي التركية، سيضاف إلى حوالي 3 آلاف شخص آخر ينتظر فرصة الدخول عبر معبر باب الهوى.
ولم تورد وسائل الإعلام التركية أنباء بشأن الحصص المفروضة حديثا. كما أن موقعا رسميا تابعا لمعبر باب الهوى، الذي يسيطر عليه أحرار الشام من الجانب السوري للحدود والذي ينشر سياسات حدودية جديدة بشكل دوري، لم يتناول خبر قرار المرضى الجديد.
معبر باب الهوى الحدودي في أيلول 2016. تصوير: باب الهوى.
في السياق، بقيت أسباب صدور قرار حصص المرضى غير واضحة، إلا أن الريك يقول إن السبب الرئيسي الذي ذكرته السلطات التركية هو “عدم عودة المريض ومن يرافقه إلى الأراضي السورية بعد تلقي العلاج، ولا يعود إلا أعداد قليلة منهم”.
ولم يتسن لسوريا على طول التحقق بشكل مستقل مما قاله الإداري في مستشفى باب الهوى.
من جهته قال عبد الرزاق خليل، المتحدث باسم إدارة الصحة في إدلب، إن قرار عبور خمسة من مرضى الحالات الباردة عبر الحدود، يوميا، يلغي مرسوما، قصير الأمد، أصدرته السلطات التركية، الشهر الماضي، ينص على وقف حركة المعابر “تماما”.
وأعلن موقع باب الهوى الرسمي عن الإغلاق المؤقت، في 20 نيسان، وتم إبلاغ المسافرين بأن “المعبر مغلق من الجانب التركي أمام الحالات الطبية الباردة حتى إشعار آخر”.
ويتعارض هذا القرار مع كتيب أصدرته سلطات المعبر في آذار، توضح فيه خطوات الحصول على الموافقة للسفر إلى تركيا للحصول على الرعاية الطبية “في حال لم يتوفر العلاج أو الإجراءات الملائمة” في محافظة إدلب المجاورة.
وقال خليل، لسوريا على طول، إن علاج السرطان وغيره من الأمراض المميتة غير متوفر في جميع أنحاء إدلب، ووصف الوضع بعد قرار الحصص الجديد بأنه “سيء جدا”، حيث أن مستشفيات إدلب المتهالكة “غير قادرة على تقديم أي شيء للمرضى”.
وفي الشهر الماضي، شنت قوات النظام السوري وحلفاؤها 24 هجمة “ممنهجة” على المستشفيات ومرافق الرعاية الصحية في محافظة إدلب، “مما أسفر عن مقتل 10 من العاملين في مجال الرعاية الصحية وإصابة 16 آخرين بجروح” بحسب ما أوردته الجمعية الطبية السورية الأمريكية، مؤخرا .
وقال سكان في إدلب لسوريا على طول إن نظام الرعاية الصحية في المدينة يتعرض للقصف، كما أنه خارج عن الخدمة فعليا، ولا يستطيع تقديم العلاج للمرضى الذين يحتاجون إجراءات معقدة.
ومن بين هؤلاء المرضى أحمد عبد العليم، البالغ من العمر 29 عاما، وهو حلاق من دمشق، يعيش الآن في مدينة إدلب مع طفليه. ابنته، رغد البالغة من العمر تسع سنوات، مصابة بالسل نتيجة شرب المياه الملوثة. أما ابنه علي، فهو مصاب بمرض الشلل الرباعي الصاعق ولا يستطيع المشي بشكل جيد او التنفس، “وهو بحاجة لجلسات فيزيائية مكثفه” وفقا لما قاله عبد العليم لسوريا على طول.
ومع الإمدادات المحدودة، لم يتمكن للأطباء في إدلب من فعل أي شيء لأطفال عبد العليم. لذا توجه شمالا باتجاه معبر باب الهوى، على بعد 30 كم، يوم الاثنين، بعد أربعة أيام من صدور قرار الحصص الجديدة، في محاولة للعثور على علاج لرغد وعلي في تركيا.
إلا أن السلطات الحدودية رفضت طلبه، وقالت له “لحتى يضل للمريض ساعة أو نصف ساعة عن الموت منطالعو من المعبر لتركيا”.
وواجه أحد سكان محافظة إدلب، واسمه أنس، يعيش في قرية أزمارين على طول الحدود التركية، تجربة مماثلة عندما تسبب القرار الجديد بحرمان والده المسن من تلقي علاج مرض القلب.
وتأهل والد أنس، الذي يحتاج إلى إجراء قسطرة قلبية، لدخول تركيا في السابق. وقال أنس إن قرار 20 نيسان والذي يتضمن التوقف عن إدخال الحلات الطبية الباردة، ثم صدور قرار دخول خمس حالات فقط هو أمر “صعب”.
ومع القائمة الطويلة للمرضى الذين ينتظرون دخول تركيا، يبدو أن دور والد أنس لن يكون قريبا.
وقال أنس “نصحنا الطبيب بزيادة عدد الوجبات و تقليل كمية الطعام فقط، لعدم توافر أي علاج له هنا”، مشيرا إلى محافظة إدلب. وكان آخر فحص طبي لوالده في مستشفى باب الهوى في أيار.
ويعاني والد أنس حاليا من ألم في الصدر، وضيق شديد في التنفس وألم في القلب.
وختم أنس قائلا “كيف يمكن أن أصف الألم الذي ينتابني، وأنا أرى والدي يموت أمام عيني وأنا اقف مكتوف الأيدي؟”.
ترجمة: سما محمد.