تفجير عفرين: هل يكون التعايش العربي-الكردي المأمول أهم ضحاياه؟
رغم أن المأساة جمعت بين ضحاياها العرب والأكراد والتركمان، تظل الخشية من أن يكون التفجير "قد أشعل فتيلاً جديداً في أزمة العلاقة العربية-الكردية، لاسيما مع مسارعة تركيا إلى توجيه الاتهام، إلى وحدات حماية الشعب الكردية (ي ب ك)،
4 مايو 2020
عمان- لا يحتاج المرء أن يكون شاهد عيان، أو رؤية صور الضحايا ليتخيل هول التفجير الذي ضرب مدينة عفرين، شمال غرب محافظة حلب، يوم 28 نيسان/أبريل الماضي. إذ تم بشاحنة مفخخة محملة بالوقود، في قلب سوق شعبي مكتظ قبل الإفطار بساعات قليلة.
لكن تداعيات التفجير، غير المسبوق ربما، لا تقف عند عدد الضحايا الذي بلغ 43 شهيداً، تم التعرف على جثث 21 منهم فقط، كما ذكر مدير المكتب الصحي في مجلس عفرين المحلي، أحمد حاجي، لـ”سوريا على طول”، فيما تم دفن 22 جثة أخرى مشوهة بشكل كامل بعد أخذ عينات منها. يضاف إلى ذلك “ما بين 65 و70 جريحاً، تتراوح إصاباتهم بين خفيفة ومتوسطة وحرجة، تم تحويل سبعة منهم إلى [مستشفيات في] تركيا”.
إذ رغم أن المأساة جمعت بين ضحاياها العرب والأكراد والتركمان، كما أكد حاجي، تظل الخشية من أن يكون التفجير قد أشعل فتيلاً جديداً في أزمة العلاقة العربية-الكردية، لاسيما مع مسارعة تركيا إلى توجيه الاتهام، عقب التفجير مباشرة، إلى وحدات حماية الشعب الكردية (ي ب ك)؛ الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي، والتي كانت تسيطر على عفرين حتى انتزاعها منها من قبل فصائل المعارضة السورية، بدعم عسكري تركي، من خلال عملية “غصن الزيتون” التي أطلقت في كانون الثاني/ يناير 2018. تلا ذلك إعلان الأجهزة الأمنية التركية، في 30 نيسان/أبريل الماضي، إلقاء القبض على من سمتهم “إرهابيي منظمة بي كا كا [حزب العمال الكردستاني (التركي) الذي يعد الاتحاد الديمقراطي امتداداً له في سوريا]/ ي ب ك المتورطين في تنفيذ هجوم عفرين”.
من “وحدات حماية الشعب” إلى جميع الأكراد
إضافة إلى الاتهام التركي، تبنى المجلس المحلي في عفرين، في بيان له، اتهام حزب العمال الكردستاني (التركي)، بما يشمل حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب، بالمسؤولية عن التفجير. وليتطور الأمر سريعاً إلى تعميم الاتهام للأكراد بشكل عام باقتراف الجريمة، كما ظهر في تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي. وهو ما رفضه حاجي “جملة وتفصيلاً”، من حقيقة تضرر “عدد كبير من الأكراد بسبب التفجير. مضيفاً أن “الفاجعة أثرت على جميع من يقطن عفرين، بحيث توحدوا في الألم والمصاب”.
في المقابل، نفى الناطق الرسمي باسم وحدات حماية الشعب الكردية، نوري محمود، أي مسؤولية للوحدات عن التفجير، معتبراً في حديث لـ”سوريا على طول” أن “الاتهامات عارية عن الصحة”. وهو ما أكدت عليه هيفي مصطفى، وزيرة الداخلية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، مضيفة أن خلق “الفوضى من مصلحة الفصائل”، لكن تبقى “المصلحة الأكبر للاحتلال التركي في مضيه بالتغيير الديمغرافي وتهجير ما تبقى من السكان الأصليين [الأكراد]”.
وقالت مصطفى التي شغلت سابقاً منصب الرئيسة التنفيذية لمجلس عفرين، لـ”سوريا على طول”، إن عمليات قوات “تحرير عفرين [وهي خلايا تابعة لوحدات حماية الشعب] تتركز في المناطق العسكرية فقط”.
كذلك، وفي سياق إدانته لتفجير عفرين، اعتبر المجلس الوطني الكردي، المعارض للإدارة الذاتية والمحسوب على المعارضة السورية، التفجير إضافة إلى “استمرار الانتهاكات الفظيعة بحق أهالي عفرين وكامل منطقتها على يد عناصر الفصائل المسلحة هناك، بهدف ترويع الناس وإجبارهم على النزوح وتقاسم ممتلكاتهم”، مجدداً في بيان دعوة المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى “إخراج المسلحين من المدن والقرى وتسليم إدارة المنطقة إلى أهلها ومساعدتهم على تدبير شؤونهم وإنهاء معاناتهم وتخليصهم من شرور الإرهابيين”.
وفيما رأت مصطفى أن عمليات من مثل التفجير الأخير “ستؤجج الخلافات الكردية-العربية كون ذلك هدفاً للمحتل التركي”، كما قالت، أكد الإعلامي خالد الرفاعي، من مدينة عفرين، أن الوضع على الأرض مختلف على ما هو عليه على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ لا يوجد “أي غليان شعبي بحق أي فئة”، بل “هناك حزن مشترك يعم جميع سكان المدينة”، وأن “جل الغضب توجه على الأجهزة الأمنية بسبب تقصيرها”.
وكان اتحاد الإعلاميين السوريين قد أصدر بياناً وجه فيه اتهامات للإدارة الذاتية وما وصفه بـ”الميليشيات الانفصالية بقيادة حزب العمال الكردستاني” بالوقوف وراء التفجير، مع المطالبة في البيان ذاته “باستقالة قائد الشرطة العسكرية وقائد الشرطة المدنية ورئيس الفرع الأمن السياسي” في عفرين، إلى جانب استقالة “قادة الفيالق الثلاثة في الجيش الوطني”، كنوع من تحملهم المسؤولية.