تكرار التهجير: نازح من درعا خسر بيته خوفا من النظام ثم فقد مأواه في “اسطبل بقر” هربا من فصيل موال لتنظيم الدولة
لم يكن دانيال محمد يتصور وهو يعيش في حظيرة بقر […]
9 مارس 2017
لم يكن دانيال محمد يتصور وهو يعيش في حظيرة بقر سابقا في جنوب غرب محافظة درعا مع طفلته الصغيرة وزوجه الحامل، أن الأمور يمكن أن تسوء أكثر، وكان يسكن هناك على أرضية مزرعة مهجورة للماشية والألبان لقرابة عام، منذ هاجر بلدته بالقرب من مدينة درعا، بعد سيطرة قوات الحكومة السورية عليها في شباط 2016.
وكانت هناك300 عائلة أيضاً تستوطن مزرعة تربية الأبقار الحلوب، التي كانت تملكها “الشركة الليبية السورية” قبل الحرب وفق ما ذكرت سوريا على طول في تشرين الماضي.
وخلال هذه المدة التي عاشها في الحظيرة، عمل محمد، الذي كان عامل بناء سابقا، جهده ليصنع أفضل ما هو ممكن من ظروفه تلك، واستدان مبلغاً من المال ليجعل من الإسطبل مسكناً له ولعائلته، وفق ما ذكر لـ محمد فالوجي مراسل في سوريا على طول.
ومن ثم، ومنذ ثلاثة أسابيع مضت، اجتاح جيش خالد بن الوليد التابع لتنظيم الدولة المنطقة كجزء من حملته ضد خصومه في الجيش السوري الحر وفصائل إسلامية هناك.
وتقع الحظيرة التي باتت مخيماً للنازحين في قرية جلين، التي سيطر عليها جيش خالد بن الوليد خلال حملته. وفي حين توقف التقدم في الأسبوع الماضي، فإن المعارك استمرت على الجبهات بين جيش خالد بن الوليد وفصائل ثورية أخرى.
الحظيرة في تشرين 2016. حقوق نشر الصورة لمؤسسة نبأ الإعلامية
ووسط الاقتتال، فتح جيش خالد بن الوليد معبراً في المنطقة التي يسيطر عليها في الأسبوع الماضي، وسمح بخروج المدنيين أخيراً.
وهاجر محمد وعائلته ثانيةً، وفي هذه المرة هرباً من الاقتتال وجيش بن الوليد، تاركاً وراءه معظم ممتلكاته في اسطبل البقر، واستغرقت رحلته لأربع ساعات مشياً على الأقدام وعلى ظهر الخيل، فاتخذ طريقاً موحلاً من جلين إلى أعماق الوادي المجاور لها ومن ثم صعد باتجاه البلدات التي يسيطر عليها الجيش السوري الحر.
الآن وبعد أن مكث مع أقاربه، يتأمل محمد “المعاناة المريرة” للنزوح المتكرر. ومع استمرار المعارك بين جيش بن الوليد وخصومه، فما يزال من غير الواضح إن كان سيتمكن للعودة إلى مكان إقامته المؤقت في حظيرة الأبقار أو إلى أي مكان أخر. وقال محمد “لا أعلم أين سوف يكون مصيري بعد هذا اليوم”.
نزحت أكثر من مرة،حدثنا عن قصة نزوحك؟ وماذا حدث معك بعد أن غادرت مناطق سيطرة جيش خالد بن الوليد منذ أسبوع مضى؟
معاناة النزوح هي معاناة كبيرة ومريرة جداً؛ حيث بدأت قصة النزوح من بلدة عتمان التي سيطر عليها نظام الأسد بتاريخ (5-2-2016) وأجبرت على ترك منزلي والنزوح إلى بلدة جلين حيث سكنت في الشركة الليبية التي لا تصلح للسكن بالأساس؛ كونها كانت مكان لتربية الأبقار، أما اليوم نزوحي من مناطق سيطرة التنظيم أصعب بكثير نتيجة وعورة الطريق وهذا الطريق ترابي نقوم بعبوره سيراً على الأقدام، وكون زوجتي حامل بطفل اضطررت الى استئجار دابة وركبت زوجتي وطفلتي عليها، وبدأنا بالسير لمدة أربع ساعات باتجاه بلدة عمورية التي يسيطر عليها الجيش الحر، وخلال فترة النزوح إلى بلدة عمورية كانت الاشتباكات والقصف لا تهدأ بين فصائل الجيش الحر والتنظيم، وكنا نتخوف بأن يتم إصابتنا بأحد الرصاصات الطائشة، وبعد وصولنا لبلدة عمورية لم يكن هناك أي مكان لإيوائنا إلا المسجد الصغير في البلدة، بالإضافة إلى المدرسة وكانت قد امتلأت بالنازحين الذين وصلوا قبلنا إلى هذه المنطقة، وقام باستقبالي أحد أقاربي في بلدة المزريب في الريف الغربي وسكنا في نفس المنزل الذي يقيم به هو.
الخيم داخل حظيرة البقر في مخيم الشركة الليبية جنوب غرب درعا. حقوق نشر الصورة لـ راديو الكل.
ما هي أمنيتك الآن بعد خروجك من منزلك وأنت مرغم؟
أمنيتي كما هي أمنية الجميع أن نعيش بأمان في ظل هذه الأوضاع، وأن أعود لمنزلي الذي سيطرت عليه قوات النظام في بلدة عتمان، أو حتى مكان نزوحي في الشركه الليبيه التي سيطر عليها جيش خالد؛ حيث قمت بتجهيز أحد مساكن الدواب في هذه الشركة وأخذته مكان سكن لي ولعائلتي، وقد كلفني الكثير من النقود في ظل ندرة فرص العمل وغالبية النقود دين عليّ، ولا تزال كل معداتي المنزلية في الشركة الليبية داخل منطقة جلين، ولا أعلم أين سوف يكون مصيري بعد هذا اليوم.
كيف كانت المعاملة بعد سيطرة جيش خالد التابع لتنظيم الدولة على المنطقة؟
سيطر التنظيم (خلال المقابلة يشير محمد إلى جيش خالد بن الوليد بكلمة التنظيم) على عدة قرى وهي: سحم وتسيل وجلين وعدوان، وقام التنظيم بمصادرة جميع المواد الإغاثية والطحين داخل هذه البلدات، كما نفذ عمليتي إعدام ميداني داخل مشفى تسيل لشابين أصيبوا في معركة المنشيه بدرعا؛ حيث تم نقلهم لتسيل لتلقي العلاج وعند دخول التنظيم تم إعدامهما.
(نشر جيش خالد بن الوليد صوراًعلى الإنترنت لثوار مقاتلين أعدمهم، حين تقدم الشهر الماضي. وما يزال مصير طاقم مستشفى تسيل مجمهولاً. وهو إحدى أكبر المستشفيات في المنطقة).
أما بالنسبة لنا كانت هناك صعوبات بتأمين الغذاء وندرة كافة مواد المحروقات والتدفئة لكن هذه المواد ليست مقطوعة عن عناصر التنظيم، كما شاهدت العديد من حالات الإعدام وقطع الرؤوس لمقاتلين في الجيش الحر تم القبض عليهم أثناء محاولتهم إعادة السيطرة على تلك المناطق، وقام التنظيم بفتح ممر بتاريخ 28-2-2017 والسماح للأهالي بالخروج لمناطق خارج سيطرته.
هل اعتقل التنظيم أي شخص أثناء نزوحكم، وهل تعرضتم لمضايقات؟
كان هناك العديد من حالات الاعتقال لأشخاص كانوا في صفوف الجيش الحر، وتم التحقيق مع بعض المدنيين ولم يتم اعتقال أياً منهم، كما أُجبر بعضهم على البقاء في مناطق سيطرة التنظيم لعدم توفر مكان بديل يقطنون به في حال تركهم لمنازلهم، وسُمح لنا بإخراج أي شيء نريده، ولكن صعوبة الطريق وندرة المواد جعلتنا نقتصر ذلك على احتياجاتنا الشخصية.
هناك عدد كبير نزح إلى وادي اليرموك وما زالوا فيه فلماذا اختاروا البقاء؟ ولماذا توجه القسم الآخر إلى القرى المكتظة بالسكان؟
الأهالي الذين اختاروا البقاء في الوادي بعضهم مرغم على ذلك لأن لا مكان يأويهم، والبعض الآخر يتخوفون من التحقيقات الأمنية التي قد يتعرضون لها من قبل الجيش الحر بعد خروجهم بسبب انضمام أفراد من أسرهم الى التنظيم.
أما من توجه إلى القرى المكتظة بالسكان، فذهب الى أقاربه أو قام باستئجار منزل في تلك المناطق.
ترجمة: فاطمة عاشور