حتى تفاح الزبداني.. أحرقته الحرب وقتله الحصار
كانت الزبداني، والتي تعلو أكثر من الف متر فوق سطح […]
28 أغسطس 2016
كانت الزبداني، والتي تعلو أكثر من الف متر فوق سطح البحر في منطقة وادي بردى، ونظراً لاعتدال صيفها وخصوبة تربتها، تتميز بأشهر أصناف التفاح وألذها مذاقاً في كل سورية.
وقبل الحرب في سورية، كان التفاح والمعروف باسم “التفاح الزبداني”، والمميز بحلاوة طعمه موجوداً في الأسواق والمحلات التجارية في كافة أنحاء العالم العربي.
أبو عمر القلموني، مزارع تفاح حاله كحال الكثيرين من أهالي الزبداني، كان يعتمد كلياً على مزرعة العائلة، وكان لديه 1600 شجرة تفاح ويجني من خلالها أكثر من 22 ألف دولار سنوياً.
واليوم، أُحرقت بساتين التفاح بحجة تواري المسلحين في أفيائها، أو أن مزارعيها أنفسهم قطعوا شجرها لاستخدمه حطبا في ظل انقطاع المحروقات، تحت وطأة الحصار الذي فرضه النظام وحزب الله.
وحتى لو أن هذه الأشجار التي أُبيدت، استبدلت بغيرها،”يستحيل إعادة الأشجار” كما يقول المزارع لمراسل في سوريا على طول أمجد المهندس، معللاً الأمر بأن “بعض الأشجار كان عمرها يصل لـ30 سنةوإذا أردت أن تعيد الإنتاج والتصدير كما كان يجب ان تحصل على اشجار عمرها أكثر من عشرة سنوات”.
ما هو سبب تراجع انتاج التفاح في القلمون؟
منذ بداية النزاع في سوريا وضع النظام الحواجز التي كانت تمنع المزارعين من الذهاب لمزارعهم لجني المحصول والعناية بالأشجار، وبعد اندلاع المعارك في المنطقة ودخول قوات حزب الله اللبناني لمناطق القلمون الغربي قامت تلك القوات بإحراق الأشجار في المزارع التي يسيطرون عليها بحجة تسلل المسلحين بين تلك الأشجار وردموا آبار المياه التي تغذي المنطقة لتضييق الحصار على أهالي القلمون.
وكان بعض الأهالي يقومون بقطع الأشجار للحصول على التدفئة من شدة البرد في فصل الشتاء المعروف ببرده الشديد نظراً لعدم وجود وسائل التدفئة والحصار الذي عانت منه المنطقة طويلا، بالإضافة إلى عدم العناية بالأشجار وغلاء أسعار المبيدات الحشرية والأسمدة اللازمة لتلك الأشجار في المناطق التي كان بقدرة المزارعين الوصول إليها، مما أدى إلى تلف المحاصيل وموت الأشجار.
شجر الاتفاح في الزبداني عام 2012. حقوق نشر الصورة لـ عدسة شاب دمشقي.
ما مدى اعتماد أهالي المنطقة على إنتاج التفاح ومتى بدأ ايقاف التصدير؟
تعتبر مناطق القلمون الغربي مثل الزبداني ورنكوس من المناطق التي يعتمد أغلب الأهالي فيها على إنتاج التفاح كمصدر رزق لهم فأغلب السكان هم مزارعون ولديهم مزارع تتفاوت في حجمها وعدد الأشجار وأغلب أهالي المنطقة كانوا يحصلون على ما يقارب 7000 دولار سنوياً من إنتاج التفاح، بالنسبة لي كان لدي 1600 شجرة وكنت أحصل على أرباح أكثر من 22 ألف دولار سنوياً.
وبدأ الإنتاج بالتراجع تدريجياً عام 2012 ولكنه بدأ بالتدهور الكبير عام 2014، مع دخول قوات حزب الله بشكل كبير على مناطق القلمون وسيطرتها على العديد من المزارع والمساحات وإحراق الكثير منها، بالاضافة الى بدء الحصار على مدن القلمون.
والآن ليس لدي أي محصول سوى بعض الأشجار الموجودة في الحديقة وبين البيوت الريفية كما هو الحال لأغلب الناس ويعود ذلك لاحتراق القسم الأكبر من الأشجار والقسم الآخر لا أستطيع الذهاب إليه بسبب وجود عمليات القنص والقصف على تلك المناطق.
هل من طريقة للحفاظ على ما تبقى من الأشجار أو لرفع الإنتاج تدريجياً؟
يستحيل إعادة الأشجار؛ فبعض الأشجار كان عمرها يصل لـ30 سنة، وإذا أردت أن تعيد الإنتاج والتصدير كما كان يجب ان تحصل على اشجار عمرها أكثر من عشرة سنوات قادرة على الإنتاج. وما تبقى من الأشجار هو داخل القرى بين البيوت فقط وهذا لا يكفي؛ فعند تواصلي مع أحد التجار في دمشق، وكان يعمل في تجارة التفاح أخبرني أن عمليات التصدير توقفت وبدأت عملية الاستيراد من إيران وغيرها من الدول للتفاح الذي لا يصل لمستوى تفاح الزبداني.
كما أن المناطق التابعة لريف حمص والمناطق السورية التي تنتج التفاح تحت سيطرة النظام لم يتأثر فيها الإنتاج فما زال تقريبا كما هو بعكس مناطق المعارضة المحاصرة من قوات النظام السوري وحزب الله اللبناني بشكل كامل.
كيف أثر ذلك على وضعك المادي؟
كان عندي رصيد سابق من انتاج المحاصيل قبل 2012 وكانت تكفيني انا وعائلتي ولكن بدأت الأمور تتدهور لأن الرصيد ينقص باستمرار، ولا يوجد دخل لهذا الرصيد وابني الآن يعمل باصلاح بعض الموبايلات والأدوات المنزلية وهو المسؤول عن عائلتنا من الناحية المادية.
كان مصدري الوحيد هو ارض التفاح والآن لم يتبق لدي سوى بعض الاشجار لا تتجاوز 20 شجرة داخل المدينة وانتاجها ليس جيدا لعدم وجود مواد مبيدة للحشرات والأسمدة لهذه الأشجار التي لا تكفي.
ترجمة: فاطمة عاشور