حماة: النظام يصادر “سرافيس” النقل لاستخدامها في تحركات قواته
يفضل معظم السوريون التنقل بوساطة وسائل نقل ذات كلفة رخيصة […]
24 أبريل 2016
يفضل معظم السوريون التنقل بوساطة وسائل نقل ذات كلفة رخيصة تسمى “السرافيس”، وهي عبارة عن باصات صغيرة، غالباً ما تكون بيضاء اللون، تعمل على خطوط محددة ضمن المدن والبلدات السورية.
وأطلعت سوريا على طول، خلال العام الماضي على الأقل، على عدة تقارير تتكلم عن معاناة النظام من نقص في المركبات التي يستخدمها في نقل الامدادات، وعن استيلاء جنوده ليس فقط على “السرافيس”، بل أيضاً على مركبات المواطنين الخاصة، وذلك من أجل استخدامها في نقل الجنود والأسلحة من وسط المدن إلى جبهات القتال.
وفي مدينة حماة، هناك العديد من خطوط “السرافيس” التي تمتد من داخل المدينة إلى عدة مناطق ريفية مجاورة.
وفي الآونة الاخيرة، ازداد تذمر سائقي “السرافيس” بشكل كبير، داخل مدينة حماة التي يسيطر عليها النظام وحولها، بسبب مصادرة المركبات من أصحابها عند نقاط التفتيش، وإرسالها إلى جبهات القتال في مدينة حمص وجنوب مدينة حلب، وذلك بحسب ما أفاد به خالد الشامي، الاسم المستعار لناشط واعلامي من مدينة حماة، لمراسلة سوريا على طول أميمة القاسم.
وتاليا يروي كل من أبو أحمد وأبو ضرار للقاسم قصتهما بالتفصيل.
بالنسبة لسائق “سيرفيس” مثل أبو أحمد، فإنه لم يستطع إلا أن يجيب بامتعاض، عندما سئل عن سبب امتناعه عن المطالبة بتعويض عن “سيرفيسه” الذي تمت مصادرته، حيث قال “كيف تريديني أن أطالب بحقي؟ فإذا تفوهت بأي كلمة سيكون مصيري كمصير السيرفيس”.
تجمع السرافيس بالقرب من مطار حماة. الصورة من ناشط من مدينة حماة طلب عدم ذكر اسمه.
أبو أحمد، سائق سيرفيس من سكان حماة يعمل كسائق منذ عشر سنوات.
ماذا حدث معك بالتفصيل؟
كان لدي سرفيس وكنت اعمل عليه طوال وقتي، لأومن قوت يومي ولقمة عيش أبنائي الستة، ومع بدأ توتر الأحداث في تدمر سمعت أن الجيش يقوم بمصادرة السرافيس ليستخدمها بنقل جنوده إلى تدمر.
فقمت بتقليل فترات عملي عليه، واصبحت اعمل فقط خمس ساعات يوميا، وفي يوم الأحد الموافق في 15/3 كنت في طريقي إلى البيت بعد انتهاء فترة عملي، فأوقفني حاجز الجوية بمدخل حماة الغربي، وابلغني بأن السرفيس مطلوب لحاجتهم له، وأنه سيتم اعادته لي بعد أسبوع وأنه علي مراجعة مطار حماة.
وبعد انقضاء الاسبوع قمت بمراجعة المطار لكنهم قالو لي أن أعود بعد يومين، وقمت بمراجعتهم عدة مرات، وفي يوم الأحد 27/3 طلبوا مني أن لا اعود لأن السرفيس دمرته المجموعات المسلحة خلال المعارك والتصدي لهم.
ماذا كانت ردة فعلك عندما سمعت هذه الإجابة؟
لم أستطع أن أتفوه بأي كلمة خوفاُ من اعتقالي، فماذا باستطاعتي أن افعل اذا كان اصحاب القانون بأنفسهم هم من أخد حقي وحرمني من مصدر رزقي الوحيد، فكيف تريديني أن أطالب بحقي؟، فإذا تفوهت بأي كلمة سيكون مصيري كمصير السيرفيس.
من أين تؤمن قوت يومك بعد مصادرة “السيرفيس”؟
أنا الآن لا أعمل. لكن ابني أحمد، البالغ من العمر 20 سنة، يعمل في محل لبيع الأدوات الكهربائية لتأمين الغذاء.
أبو ضرار، سائق سيرفيس (خط حماة مصياف) من أهالي حماة، يعمل سائقا منذ 12 سنة.
ماهي قصتك بالتفصيل؟
كنت أعبر الحواجز بشكل يومي ولم تعترضني أي صعوبة في عملي، ولكن في أحد الأيام طلب مني أحد الحواجز أن أسلمه سيرفيسي الخاص، ولكني استطعت أن أقدم رشوة للمسؤول عن الحاجز، ودفعت حينها 25000 ل.س كرشوة ولم يأخذوا مني السيرفيس.
وبعد مرور شهر، تم إيقافي على نفس الحاجز، وهنا توقعت أنهم يريدون رشوة كما المرة السابقة، لكن الضابط رفض وصادر السيرفيس وطلب مني مراجعة مطار حماة لاسترجاعه.
وبعد عدة مراجعات للمطار، ودفع مبلغ 150 ألف ليرة لضابط يعمل في المطار، استطعت أن استعيد السيرفيس بعد مرور شهر ونصف تقريباً على احتجازه.
لكن السيرفيس كان بحاله يرثى لها، فقد نزع منه كل شيء حتى المقاعد الخلفية، وعندما استفسرت عن كلفة صيانته قالوا لي أن صيانته تكلف أكثر من نصف ثمنه ليعود كما كان، مما اضطرني لبيعه خوفاً من تكرار الحادثة.
ماذا كانت ردة فعلك على ما جرى معك؟
الحالة يرثى لها، فالمناطق الواقعة تحت سيطرة النظام لا يوجد فيها قانون ولا أمن، فإن أي عسكري عادي باستطاعته أن يطلب أي شيء من أي مواطن. يجب أن ننفذ ولا يمكن أن تعترض.
من أين تؤمن قوت يومك بعد مصادرة “السيرفيس”؟
أنا الآن عامل حر، فأنا أعمل بأي شيء قد يتوفر لي.
خالد الشامي، اسم مستعار لناشط وإعلامي في حماة.
هل ما زالت حماة تشهد مصادرة “السرافيس” تزامنا مع أحداث تدمر؟
ليس ما يجري في تدمر هو سبب لمصادرة السرافيس، فالنظام منذ أربع سنوات سحب أكثر من خمسين بالمئة من السرافيس والشاحنات العاملة في حماة وريفها، باتجاه كافة المناطق المشتعلة ولكن زادت بأحداث حلب وتدمر. كما يتم سحب سيارات الهونداي والكيا، وهذه الأنواع من السيارات أصبحت شبه معدومة في حماة، كونها قادرة على حمل العتاد الحربي، بالإضافة إلى أنواع أخرى من السيارات كالشاحنة الكبيرة، اعتبارا من القاطرة والمقطورة وانتهاءً إلى السوزوكي يتم سحبها من قبل النظام، ولكن مع أحداث تدمر أصبحت هذه الحملة على السرافيس عن طريق الحواجز لأخذها إلى المعارك هناك.
هل هناك ردود فعل أو اعتراض من قبل اصحاب “السرافيس” للمطالبة بتسليمهم مركباتهم؟
ليس هناك أي اعتراض من قبل السائقين، فكل ما يستطيع فعله هو تقديم الرشوة للحاجز أو الدورية التي تريد مصادرته، وبذلك يتمكن من منع مصادرته وتركه، ومنهم لا يتمكن بالرغم من تقديم الرشوة، وهناك حالات يتم اختفاء السرافيس مع سائقيها ولا يظهر لهم أثرا، ومنهم من يكتشف قتله بعد مرور فترة من الزمن، ومنهم من يكون معتقل.
وأنا اعرف بعض الاشخاص من الذين تم مصادرة سرافيسهم أو مركباتهم بشكل عام (سيارات- شاحنات- مكاري)، ولا يتم استرجاع المركبات إلا بوجود واسطة أو دفع رشوة بمبلغ كبير. ومنهم من تم استرجاع مركباتهم بعد فترة من الزمن، ولكنها تكون بحالة مزرية جدا وتحتاج نصف ثمنها لإصلاحها. ومنهم من تم مصادرة مركباتهم ولم يتم استرجاعها حتى اللحظة بعد مرور سنتين على مصادرتها.
لذلك قام مجلس المحافظة بتسيير حافلات كبيرة لتعويض النقص بوسائل النقل الداخلي، وباصات النقل العام كانت متوقفة عن العمل لفترات طويلة، جرت صيانتها وتشغيلها داخل مدينة حماة وريفها لسد النقل الحاصل جراء مصادرة المركبات.
برأيك لماذا يتم مصادرة المركبات من أصحابها؟
الناس الآن توجهت لشراء شاحنات صغيرة نوع (فاو)، لأنها أقل عرضة للمصادرة وهي شاحنة حمولتها 500 كغ, لذلك غير مرغوب فيها عند النظام.
وهناك نوعين من المصادرة، الأولى مصادرة من قبل قوات الجيش، لاستخدام هذه المركبات في الحملات العسكرية وتركيب الأسلحة عليها مثل رشاش 14.5-12.7-23.
وهناك مصادرات من قبل الدفاع الوطني، وتكون لغاية استعمالها والتشبيح فيها واستخدامها في حملات الدهم والاعتقال أو بقصد بيعها وتسمى السيارة المصادرة (لفة) أي أنها غير معروفة المصدر، وتباع بدون أوراق ثبوتية وبأسعار زهيدة.
ذكر في الحالات التي اجرينا معها مقابلة أن مكان المراجعة في مطار حماة وليس في فرع أمني أو شرطة مرور، لماذا المطار تحديدا؟
لأن جميع الآليات التي يتم مصادرتها يتم نقلها إلى مطار حماة، الذي يتم فيه التحضير للحملات العسكرية، وهو تجمع للآليات، فمن هناك يتم توزيعها إما باتجاه تدمر أو ريف حلب الجنوبي أو الشمالي، وفي بعض الأحيان يذهب السائق بنفسه ليسلم سرفيسه هناك، بقيادة شخص يقوم بمصادرة عدة آليات، وغالبا المراجعات في المطار لا يتم الاستفادة منها ولا تأتي بنتيجة.
ترجمة: بتول حجار