حملة التجنيد الإجباري تستعر في دمشق، وأخوة ثلاثة يرون الهجرة خيارا
عبر مئات الحواجز الأمنية المنتشرة في دمشق، يسحب جنود النظام […]
2 ديسمبر 2015
عبر مئات الحواجز الأمنية المنتشرة في دمشق، يسحب جنود النظام الشباب من الباصات ويفحصون بطاقاتهم الشخصية ليتأكدوا فيما إذا كانوا بسن الجيش ليأخذوهم إلى الجبهات.
ويعتبر تجنيد الكبار في السن بأعمار السبعين، من مزارعين وغيرهم، سياسة جديدة يتبعها النظام، لزج هؤلاء في “فرق الدفاع الذاتي” وتعويض النقص في القوى البشرية لديه.
وفي هذا الصدد، قررت عائلة دمشقية مؤلفة من ثلاثة أخوة ألا تنخرط بأي أعمال ثورية وألا تظهر أي ولاء للأسد، ولم ترد الانخراط في جيش الأسد لمقاتلة الثوار، بحسب ما قال خالد، موظف حكومي في منطقة الزبلطاني، في العاصمة دمشق، الذي يتقاضى راتب عشرين ألف ليرة سورية شهريا.
وبينما كانت الحواجز سابقا، تدقق أكثر على هويات الأشخاص المتخلفين عن الخدمة الإلزامية، فإنها اليوم تدقق على أي شخص سواء أدى الخدمة من قبل أم لا، وأضاف خالد، لمراسلة سوريا على طول، فتون الشيخ، أن الشباب اليوم يختبؤون في المنازل مع نفاذ الخيارات المتاحة أمامهم.
ما هو وضع الشباب غير الموالين لأي من أطراف النزاع في العاصمة دمشق؟
منذ بداية الثورة قررنا أنا وأخوتي، ونحن 3 شباب في العائلة أصغرنا طالب في جامعة دمشق يدرس طب الأسنان وعمره 23 عاما،ً وأنا أعمل في مؤسسة حكومية في منطقة الزبلطاني موظف براتب 20 ألف ليرة (50 دولار) وأخي الكبير يعمل موزع أدوية ويملك عائلة وطفلتين، قررنا أن نبقى بعيدين عن النزاع القائم مع أي طرف فنحن لا نملك ولاءً للأسد ولكننا ظاهرياً كأغلب العوائل الساكنة في مدينة دمشق نكتسي برداء الحكومة مرغمين لنحظى ببعض الخدمات والبقاء بمنازلنا، وبقي كلٍ منا في مجاله مع توخي الحذر دائماً.
ما هو تأثير حملة التجنيد الإجباري في شوارع دمشق على الشباب فيها؟
الحملة التي يشنها النظام في هذا الوقت هي الأخطر بالنسبة لنا منذ بداية الثورة، فكانت هناك اعتقالات وخدمة احتياطية ولكن كانت فقط للشباب المتخلفين، أما الآن فهي تشمل الجميع حتى وإن ملك ورقة تأجيل فـ “مصلحة الوطن أعلى من المصالح الأخرى” هذا ما نسمعه من الجميع مؤخراً.
ومن هنا بدأت تتغير حياتنا فلم نعد نملك الجرأة للذهاب إلى العمل أو الجامعة، فقد تعرض أخي الأصغر إلى الاعتقال قبل شهر تقريباً ولم نستطيع إخراجه إلا بمبلغ كبير من المال، ونحن الآن شبه ملازمين للمنزل وأختي وأمي هن من يقمن بشراء احتياجات المنزل، وهذا ليس حالنا فقط فمعظم أصدقاءنا اضطروا إلى ترك العمل أو الدراسة خوفاً من حاجز “طيار” على الطريق وإجبارهم على الخدمة العسكرية.
ما هي الخيارات المتاحة حالياً أمامكم؟
لم يعد خيار الحياة الطبيعية (دراسة، عمل) متاحاً الآن، فقط هما ثلاثة خيارات وعلينا الاختيار بوقت قصير تجنباً لمنعنا من إحداها:
أولها، هو الانضمام لصفوف النظام والقتال معه، وهذا بالنسبة لي مستبعد، فكيف لي أن أفعل ما هو عكس إيماني بالإضافة إلى أن كل من يذهب مع الجيش النظامي يملك يقيناً بالشهادة ولكن “ليس بشرف” لأن أغلب الشباب اقتنعت بضعف النظام ولن يدفع ليرة واحدة مقابل حياة أحدنا إن تعرضنا للخطر، فهو يحمي من يناصره من الدول الأخرى في المرتبة الأولى.
وثانيها، هو الانضمام لصفوف الثوار في المناطق المحررة، فليست الفصائل وحدها من دعت الشباب للانضمام لها، بل كل من نعرفهم من أصدقاءنا وأقرباءنا في الداخل المحرر يبعث لنا نداءات بحمايتنا من الجيش النظامي واللجوء لهم، ولكن هذا الخيار عليه الكثير من المخاطر فكلٍ منا يملك عائلة فكيف له أن يستغني عنها وهو على يقين أن النظام ممكن أن يقضي عليها في حال ثبتت ثوريتنا.
وأما الخيار الثالث والأكثر منطقية في وقتنا هو السفر، لم تعد الوجهة المستقبلة مهمة فأي أرض ستكون جيدة غير هنا، مع أني كنت ممن يلقب الشباب المهاجرين بالخونة ومنهم أصدقائي الذين انقطعت علاقتي بهم بعد سفرهم وكانت حجتي “لمن تتركون الأرض” وها نحن لا خيار لنا غيره.
لم نشهد مثل هذه الفوضى من قبل في العاصمة فالآن يذهب الصالح مع غيره في طريق واحد ولا يكون ثمننا في بلدنا غير أجساد تقف في الصف الأول من النزاع، فالآن لا يهم إن كنت طبيباً أم عامل نظافة، المهم ما هو اتجاهك السياسي وكثير من الشباب من اختار أحد الخيارين الاول والثاني، فهناك عوائل لا تملك ثمناً لتذكرة طيران له ولعائلته.