حملة جديدة للجيش السوري في عمق البادية و”مئات” العائلات النازحة يفتقرون للماء والمأوى
دفعت حملة جديدة تشنها القوات الموالية للأسد في المناطق الصحراوية [...]
13 يوليو 2017
دفعت حملة جديدة تشنها القوات الموالية للأسد في المناطق الصحراوية جنوب سوريا “مئات” السكان للنزوح إلى الريف حيث لا مأوىً يقيهم حر الشمس وبالكاد يحصلون على الماء. ومن بينهم أبو فارس، 46 عاماً وأب لسبعة، وهو من محافظة السويداء.
نزح من بلدته في يوم الإثنين حين انتزعت القوات الموالية للحكومة، بدعم من الغارات الجوية للروس والنظام، السيطرة على مجموعة من القرى و”النقاط الاستراتيجية” من مقاتلي المعارضة في ريف شمال شرق محافظة السويداء، وفق ما ذكرت وكالة أنباء سانا الحكومية الرسمية، في اليوم ذاته.
“الصواريخ والغارات الجوية والقصف المدفعي…أرهبت الناس”، وفق ما قال أبو فارس، لمراسلة سوريا على طول، آلاء نصار من محافظة درعا المجاورة، حيث يقيم حالياً مع عائلته في خيمة. وأشار إلى أن جيرانه في السويداء نزحوا أيضا “بالمئات”، واضطر معظهم إلى دفع مئات الدولارات للمهربين لييعبروا بهم باتجاه الغرب عبر مناطق النظام إلى داخل محافظة درعا التي يسيطر عليها الثوار.
وتستمر المعارك الآن في عمق منطقة البادية بالصحراء السورية، شرقي المناطق التي تشملها اتفاقية الهدنة التي توسطتها روسيا والولايات المتحدة والأردن، بهدف خفض التوتر بين قوات المعارضة والنظام جنوب غرب البلاد.
عائلة نازحة من محافظة السويداء في ريف درعا، الخميس. حقوق نشر الصورة لـ أمين مرزوقي.
وفي يوم الخميس، وهو اليوم الرابع للمعارك، بلغ عدد النازحين من ريف السويداء الشرقي والذين دخلوا المناطق التي تسيطر عليها المعارضة “مايقارب 1300 نسمة، ومازال العدد في ارتفاع”، وفق ما قال أمين مرزوقي، رئيس دائرة الإحصاء والشؤون الإدارية في مجلس محافظة درعا لسوريا على طول.
والآن لم يعد بوسع أبو فارس وغيره من النازحين سوى الانتظار في العراء.
أين تقيم الآن ولماذا اخترت ذلك المكان وكيف هو وضعك الحالي؟
وضعنا كنازحين بشكل عام من ريف السويداء في هذه اللحظات مبك جدا، حيث لم يستطع جميع النازحين الوصول للمناطق المحررة، فمنهم من لا يملك مالا ليدفعه للمهربين، وهذا مادفع الكثير منهم للنزوح إلى مناطق داخل ريف السويداء فهي أبعد نسبيا عن الاشتباكات ومن استطاع الوصول للمناطق المحررة مثلي ليس بأفضل حال فأنا أقيم حالياً ببلدة المسيفرة في خيمة من بيوت الشعر في ظل ارتفاع درجات الحرارة، وقد اخترت هذه المنطقة لوجود أقارب لي فيها كانوا قد نزحوا إليها في وقت سابق.
عائلتي وزوجتي لم يشعروا بالأمان إلا بعد أن وصلوا إلى ريف درعا المحرر، وأكثر ما نعانيه هنا كثرة المصاريف لتأمين المياه في ظل فصل الصيف والحرارة المرتفعة جدا في العراء حيث لا تقي الخيمة حر الشمس الحارقة.
بالنسبة للمياه لاتوجد مياها حيث نقطن ولكن يتم نقل المياه إلينا بالجرارات فالآبار بعيدة عنا ومعدل صرفي اليومي من المياه من برمل حتى 5 براميل حسب معدل درجات الحرارة وكل نقلة مياه تكلفني 5500 ليرة سورية، ولم أجد فرصة للعمل حتى الآن.
صف لنا لحظة هجوم النظام وميليشياته على بلدتك يوم الإثنين؟
النظام كان يعد العدة ويحشد حشودا ضخمة منذ أن أعلن عن هدنة في الجنوب السوري، فقد كان يخطط للهجوم على المنطقة وسلبها، ومنذ صباح يوم الإثنين شن النظام هجمة شديدة على المنطقة وانهالت علينا الصواريخ والغارات الجوية والقصف المدفعي حيث كان نصيب بلدتنا تل أصفر وحدها نحو 200 قذيفة و27 غارة جوية من طائرات الميغ خلال 3 ساعات فقط، أرهبت الناس وأدت لحركة نزوح كبيرة بالمئات نتيجة القصف والاشتباكات التي كانت على أشدها وكأنه يوم القيامة، كان المئات من الأهالي يركضون ويهربون إلى مناطق أبعد عن الاشتباك والقصف والخوف دون أن يحملوا معهم أي أمتعة.
عائلة نازحة من السويداء في ريف درعا. حقوق نشر الصورة لـ بيان الكيّان.
كيف تمكنت من النزوح من تل أصفر وإلى أين كانت وجهتك وكيف كان الطريق؟
مشاهد القصف والتشريد المروعة في البلدة أنذاك دفعتني للمضي بعائلتي المؤلفة من 9 أشخاص لمكان أكثر أمنا، وكان هناك عددا من المهربين ممن يعرفون حواجز النظام ويستطيعون المرور عليها يقومون بتهريب الأشخاص من مناطق النظام إلى ريف درعا المحرر مقابل مبلغ من المال، وقد أخذ مني مبلغ 300 ألف ليرة، لم أكن لأتوانى عن دفع ذلك المبلغ ببيعه صيغة زوجتي وما تملكه من ذهب علّي أؤمّن حياة أطفالي.
وبعد خروجنا من منزلنا بلحظات من تل أصفر نزل صاروخا فراغياً بشكل مباشر على منزلي فدمّره وأسقطه أرضا، لا أستطيع وصف تلك اللحظات ومدى القهر والاختناق الذي انتابني، بعدما دمر منزلي الذي قضيت فيه سنين طويلة من عمري رغم كل الظروف..دمّرته طائرات الأسد بلحظة وقتلت في داخلي تكويني الصغير وملجئي وآخر ذكرياتي في تل أصفر، ليخيب أملي بعد ذلك وأصدم بعد وصولي للمناطق المحررة بنبأ سيطرة النظام على بلدتي مؤخرا بشكل كامل، وهذا ماحرق قلبي أكثر.
وكانت نقطة انطلاقنا من منطقة تربا في ريف السويداء الشرقي والتي تقع شمال قرية أم رواق ، ورغم خطورة ذلك القرار إلا أنني في ذلك اليوم لم يكن لدي خيار آخر وتوكّلت على الله وانطلقنا معه في سيارة فان، كانت رحلة محفوفة بالمخاطر وكلما استذكرت تلك اللحظات أقول لنفسي كم أنا مجنون بقطعي تلك المسافة فقد نجوت بأعجوبة من الاعتقال أو القتل، فالنظام معروف بأنه لايؤمن له جانب وقد مررنا على 4 حواجز للنظام وكلما توقفنا على حاجز تسارعت دقات قلبي وأفراد أسرتي والمهرب يحاول طمأنتنا بألا نخاف، ولكن عند كل حاجز كنا نقول لأنفسنا هذه هي النهاية، فلا شيء يضمن سلامتنا وكأنك تمشي على حرف الهاوية، ففي أي لحظة يمكن لعناصر الحاجز إنزالك واعتقالك أنت ومن معك، خصوصا أننا في مناطق تتبع للنظام وهاربون من مناطق محررة ونعتبر في نظره إرهابيين.
وبعد 3 ساعات من الخوف والترقب والرعب الذي بثته الرحلة في قلوبنا والتي كانت طويلة جدا بالنسبة لنا، وصلت أنا وعائلتي بسلام إلى منطقة المسيفرة بريف درعا المحرر.
وقد حمدت ربي على ما منّه علينا بوصولنا بأمن وسلام إلى المناطق المحررة.
ترجمة: فاطمة عاشور