خريجة علم اجتماع من جامعة دمشق تلجأ للعمل في مطعم لتعيل عائلتها
في دمشق، ومع تغيب الشباب في غياهب الحرب، تدخل النساء […]
21 يناير 2017
في دمشق، ومع تغيب الشباب في غياهب الحرب، تدخل النساء إلى سوق العمل لترعى وتتدبر أمر عائلتها.
بعض النساء، مثل ليان، شابة سورية في الثامنة والعشرين من العمر، اختارت أن تعمل في مجالات يسودها الرجال مثل المقاهي والمطاعم.
وكان هناك رد فعل ملموس. حيث استقبلت المحكمة الشرعية في دمشق العديد من دعاوى الطلاق مرفوعة من الأزواج لعدم رغبتهم في هذه الأعمال. حتى أن القاضي الشرعي ذهب للقول “أن عمل النساء في مهن المقاهي والمطاعم لا تليق بالمجتمع السوري باعتبار أنها غير محببة في مجتمعنا”، وفق ما نقلت صحيفة الوطن عن القاضي الشرعي الأول بدمشق محمود معراوي، في 8 كانون الأول.
وحين بدأت ليان بالعمل كنادلة في أحد مطاعم العاصمة دمشق قي حي تسكنه شريحة من الطبقة المتوسطة، منذ ثلاثة شهور مضت، توقفت صديقاتها عن التكلم معها، وأيضاً أقرباؤها الذين قالوا إن عملها لا يليق باسم العائلة، وفق ما قالت لمراسل سوريا على طول، محمد الحاج علي.
وخلال عملها، قالت ليان أنها تتلقى الكثير من النقد. وتسمع الزبائن وهم يتهامسون “الله يستر عليها”، ويتسائلون فيما بينهم “شو الي خلاها تشتغل؟”.
وتعتبر خريجة قسم الاجتماع، والتي تتقاضى أجراً يبلغ 30 الف ليرة سورية، المعيل الوحيد لعائلتها المكونة من خمسة أشخاص. فوالدها متقاعد، ووالدتها ربة منزل، وأخويها اللذان هم في الجامعة لا يعملان ويماطلان في دراستهما لتجنب الخدمة العسكرية.
وقالت ليان إنه فيما لو أتيحت لها فرصة الرد على زبائن المطعم، “سأقول لهم إن لكل شخص حياته الخاصة وليس لهم الحق في أن يتدخلوا في حياتي الشخصية”.
ما هي الدوافع التي دفعتك لهذا العمل، وأنت خريجة علم الاجتماع في جامعة دمشق؟
هناك الكثير من الدوافع وأهمها الدافع المالي، فأنا الآن أعتبر المعيلة الوحيدة للعائلة المكونة من 5 أشخاص، ولدي أخوين لكنهما لا يعملان بسبب دراستهما وهما يسعيان ألاّ تنهتي لكي لا يذهبا إلى الخدمة العسكرية؛ فيتقصدون الرسوب بالمواد الجامعية، ليؤجلوا المدة الدراسية.
بالإضافة إلى أن الأسعار مرتفعه جداً في مدينة دمشق. فيجب أن يعمل كل من في المنزل ليتمكنوا من تلبية الحاجات الاساسية.
امرأة في دمشق، تبيع الخبز في الطلياني، دمشق. حقوق نشر الصورة لـ عدسة شاب شاب دمشقي
هناك شرائح من المجتمع في دمشق تحافظ على العادات والتقاليد، فكيف ينظر المجتمع السوري إلى عمل النساء في مهن لم يعتد أن يرى المرأة فيها؟
نعم، هناك نقد كبير من المجتمع لعمل المرأة في مجالات لم يعتد عليها، مثل العمل في المقاهي أو الأسواق، أو الأعمال التي تضطر أن تبقى فيها لوقت متأخر من الليل. لكن بدأ المجمتع السوري تقبل هذا، لأن معظم الناس تعرف مدى غلاء الأسعار في دمشق، وحاجة المرأة للعمل بسبب قلة عدد الشباب، سواءً بسبب الهجرة أو الخدمة العسكرية.
كما أن هناك فئة من النساء السوريات يقمن بأعمال من داخل منازلهن. مثل أعمال تحضير الخضراوات ولف السكاكر والخياطة وغيرها كثير.
ما هي المواقف التي تتعرضين لها بسبب العمل في هذا المجال، والذي يعتبر جديداَ على المجتمع وغير مألوف في دمشق نوعاً ما؟
هنالك الكثير من المواقف التي أتعرض لها ضمن العمل وبعضها يكون في الوسط المحيط من الأقارب والأصدقاء.
والمواقف التي أواجها أثناء العمل عديدة، وكثيراً ما أسمع الزبائن الذين يأتون إلى المطعم يقولون “الله يستر عليها” ومنهم من يقول “شو يلي خلاها تشتغل هون”.
في حين تكلم أقارب العائلة مع والدي بسبب عملي، أن هذا العمل لا يليق بالعائلة. وأيضاً فقدت الكثير من صديقاتي.
وكان هناك حديث كبير عن حالات الطلاق في دمشق بسبب عمل المرأة، بحسب ما سمعنا من القاضي الشرعي في دمشق محمود المعراوي.
(في 8 كانون الاول، نشرت صحيقة الوطن مقالاً بتصريحات للقاضي الشرعي الأول في دمشق حول عمل المرأة في المقاهي والمطاعم. وقال القاضي إن المحكمة استقبلت العديد من دعاوى الطلاق مرفوعة من الأزواج لعدم رغبتهم في هذه الأعمال).
ماذا تشعرين حينما يعلق عليك الزبائن في المطعم؟ لو أتيحت لك فرصة للرد عليهم، ماذا ستقولين؟
كنت في البداية أنزعج من التعليقات التي تأتي من زبائن المطعم ومن الناس المحيطين بي. لكن الآن لا أكترث بهذه التعليقات، حتى أنها لم تعد تترك أي أثر داخلي.
في البداية سأقول لهم إن لكل شخص حياته الخاصة وليس لهم الحق في أن يتدخلوا في حياتي الشخصية. وأن عملي هذا هو من أجل النقود فقط. ونحن الآن في وضع سيء جداً. غلاء كبير في الأسعار، والمواصلات والتدفئة. ومهما كان المرتب مرتفعاً، فإن الأسعار أكثر ارتفاعاً وباستمرار.
في النهاية أنا أعمل في مكان عام، وعملي ليس معيباً أو فيه أي شبهة. وأنا لا أخشى أحد ولا أهتم بما يقولون.
لماذا لم تقومي بالتقدم إلى الوظائف الحكومية، كونك تخرجت من الجامعة ويمكنك العمل في إحدى الدوائر الحكومية؟
مع أن فرص توظيف النساء الآن باتت أكبر بكثير من فرص الشباب، لأن مسابقات التوظيف باتت تشترط على الشباب إنهاء الخدمة الإلزامية. لكن تبقى وظائف الحكومة مقتصرة على المواليين للنظام وعائلات الشبيحة ومقاتلي الدفاع المدني.
وأما الوظائف في القطاع الخاص الذي يعتبر الآن ضيق جداً، فإنه يتطلب مواصفات محددة تحتاج إلى اللغة الإنجليزية واستخدام برامج معينة في الحاسوب، والتي يفتقد إليها قسم كبير من السوريين.
ترجمة: فاطمة عاشور