روث الحيوانات وقطع الأثاث والملابس والبلاستيك وسائل يستخدمها السوريون المحاصرين للتدفئة
يخيم الدخان الكثيف ورائحة البلاستيك المحترق على مضايا. في الشوارع، […]
1 ديسمبر 2016
يخيم الدخان الكثيف ورائحة البلاستيك المحترق على مضايا.
في الشوارع، يعرض التجار أكوام ما تبقى من الحطب للبيع، بينما يجمع السكان المحليون قطع الأخشاب من الأبواب، الطاولات، والكراسي المحطمة، في حزم، استعدادا لفصل الشتاء المقبل.
وفي مضايا، انخفضت درجات الحرارة إلى ما دون الصفر خلال عطلة نهاية الاسبوع، لأول مرة هذا العام. وكبقية السوريين ممن يعيشون في المناطق المحاصرة، والبالغ عددهم مليون سوري، يعتمد سكان مضايا الـ40 ألف على الوقود والحطب للتدفئة.
وتستعد المناطق المحاصرة في جميع أنحاء البلاد لما توقعته الأمم المتحدة بأن يكون “إلى حد بعيد أسوأ (شتاء) بالنسبة للمدنيين في سوريا”.
وأدى الحصار لفترات طويلة من قبل النظام السوري وحلفائه إلى ارتفاع كبير في الأسعار ونقص الوقود والحطب. وتضاعفت أسعار الحطب ثلاث مرات، خلال العام الماضي وحده، في مناطق المعارضة المحاصرة، بسبب نقص المخزون، وفقا لما قاله ناشطون محليون لسوريا على طول.
وبينما تنخفض درجات الحرارة في جميع أنحاء البلاد، يلجأ السكان إلى تحطيم الأثاث لجمع الحطب وحرق البلاستيك للحصول على الوقود.
وقال أربعة من سكان المناطق التي يحاصرها النظام لسوريا على طول، هذا الشهر، أن الناس يتجهون نحو تدابير بائسة للتدفئة، من أجل مواجهة نقص الوقود والحطب، كحرق البلاستيك، وتجفيف روث الحيوانات وتفكيك أثاث منازلهم.
هذا هو ما يبدو عليه فصل الشتاء في المناطق المحاصرة.
شرق حلب
في شرق حلب، المحاصرة منذ أيلول، والتي يقطنها 250 ألف نسمة، يترافق قدوم الشتاء مع تصعيد عسكري عنيف من قبل النظام؛ فمنذ استئناف حملة النظام الجوية المدعومة من روسيا، في منتصف تشرين الثاني، ضربت 2000 غارة جوية و 7 آلاف قذيفة مدفعية شرق حلب، وفقا لبيان صادر عن الدفاع المدني السوري يوم الاثنين.
ووفقا لما يقوله عمر عرب، ناشط مدني، لسوريا على طول، فإن الحملة العسكرية الأخيرة دفعت بالتدفئة لتصبح في أسفل قائمة الأولويات بالنسبة لسكان شرق حلب المحاصرة.
ويقول عرب “لا يوجد حركة شرائية في المدينة، فلم يبق شيء ولم يتم استهدافه”، بينما عبر أبو محمد أحد أهالي المدينة عن سخطه قائلاً “وهل يترك لنا الطيران الحربي متسعاً من الوقت لنفكر بالتدفئة”.
وطالما أن معظم السكان، في نصف المدينة المحاصر، لا يستطيعون شراء الوقود والحطب، يلجأ المدنيون إلى حرق الملابس القديمة أو روث الحيوانات المجفف لأغراض التدفئة.
كما يقوم السكان بتفكيك الأثاث الخشبي للحصول على الحطب تحسبا لـ”أيام الشتاء القاسية”، وفقا لما قاله عرب.
وفي الشتاء الماضي، سيطرت فصائل الثوار في حلب على طريق الكاستيلو، لتصل بذلك نصف المدينة الخاضع لسيطرة الثوار بالريف الغربي لحلب، وبالتالي توفر إمكانية الوصول إلى الحطب.
الآن، بعد عام واحد وحملتين من قبل النظام، تضاعف سعر الحطب أربع مرات تقريبا من 40 ل.س (0,07$) لكل كيلوغرام إلى 125 ل.س (0.25 $).
وقال عرب أسعار الوقود زادت عشرة أضعاف “وهناك تخوفات مع ازدياد البرد”.
مضايا
منذ أن حاصر حزب الله والنظام مضايا في تموز عام 2015، لجأ عضو المجلس المحلي، حسام مضايا، إلى قص جميع الأشجار المزروعة في أرضه لجمع الحطب والتدفئة خلال أشهر الشتاء الماضي.
ولم يكن حسام الوحيد الذي قام بذلك، حيث قال الناشط لسوريا على طول، أن الناس في مضايا “لم تترك شيئاً يشتعل لم تشعله” للحصول على الدفء في ضواحي دمشق.
لم يتبق أشجار للحطب. مضايا قبل وبعد الحصار. تصوير: الهيئة الإغاثية الموحدة في مضايا والزبداني.
ووفقا لأبو علي، عضو المجلس المحلي، فإن مضايا تعاني من موجات برد قارس في الشتاء إضافة لتساقط الثلوج بغزارة كونها تقع في منطقة جبلية على بعد 25 كم شمال غرب دمشق.
وقال حسام “إذا لم يدخل حطب إلى البلدة هذه السنة فنحن بانتظار حالات وفاة جديدة”.
وفي يوم الاثنين، وصلت قافلة مساعدات تابعة للأمم المتحدة والهلال الأحمر العربي السوري إلى مضايا للمرة الأولى منذ أواخر ايلول. وفي اليوم نفسه، تظاهر أطفال مضايا في الشوارع، مطالبين بإدخال الوقود إلى المدينة المحاصرة لفصل الشتاء، إضافة إلى العديد من المطالب الأخرى.
وفي العام الماضي، تضاعفت أسعار الحطب ثلاث مرات تقريبا من 300 ل.س (0.55 $) لكل كيلوغرام إلى 800 ل.س (1.50 $)، وفقا لحسام مضايا، الذي أوضح أن الأسعار ارتفعت بسبب الاحتكار الذي يمارسه التجار في المدينة المحاصرة.
ولتفادي البرد، يقوم سكان مضايا بتحطيم وحرق الأبواب الخشبية داخل منازلهم، وإغلاق المداخل بقطعة قماش.
وقال حسام “الناس تقوم بتكسير خزانات المياه والكراسي والأقفاص الزراعية البلاستيكية”، مضيفا “عندما تمر الساعة السابعة في البلدة، ستستنشق رائحة البلاستيك المحروق والدخان الخانق المنتشر في كل مكان”.
الغوطة الشرقية
يكافح سكان بلدات الغوطة الشرقية المحاصرة، وعددهم 400 ألف نسمة، من أجل الاستعداد لفصل الشتاء، بعد أن منعهم تقدم النظام خلال الأشهر الستة الماضية، من الوصول إلى أراضيهم الزراعية.
وفي أيار، استغل النظام وقوات حزب الله الانقسامات بين الثوار واستولوا على منطقة المرج، سلة غذاء الغوطة الشرقية والسبب الرئيسي في نجاة السكان من الحصار منذ عام 2012، حسب ما أوردته سوريا على طول سابقا.
وقال أبو بشير، واحد من أهالي الغوطة الشرقية، لسوريا على طول أن فقدان الأراضي الزراعية في المرج يعني أن “نسبة العائلات التي ستقضي الشتاء بدون تدفئة ستكون أكثر بكثير”، موضحا أن المزارع ليست فقط مصدرا للدخل، ولكن أيضا “مصدرا للتدفئة”.
وارتفع ثمن كيلوغرام الحطب في الغوطة الشرقية بنسبة 50 % العام الماضي. من 75 ل.س (0.14 $) إلى 110 ل.س (0.20 $)، وفقا لأبو بشير.
بائعو الحطب في الغوطة الشرقية. تصوير: الحل السوري.
كما أن أسعار الوقود في الغوطة الشرقية متقلبة وترتفع بسرعة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة، حيث ارتفع سعر أسطوانة الغاز من 10.500 ل.س (19.50$) إلى 13.000 ل.س (24$) على مدى الأيام القليلة الماضية.
وبالنسبة لأبو بشير، فإن اقتراب فصل الشتاء يعني خيارا صعبا بين درء الجوع أو البرد.
وقال أبو بشير “أنا أفضل أن أنفق ما أستطيع تأمينه من مال على الطعام لعائلتي كي لا نموت جوعاً، وستكون التدفئة أخر الأولويات”.
ريف حمص الشمالي
يقول أبو محمد الحمصي، عضو المجلس المحلي، في ريف حمص الشمالي، لسوريا على طول، أن الأراضي الزراعية، التي تزود الأهالي بالحطب للتدفئة في فصل الشتاء، لم تعد قادرة على تلبية طلب 250 ألفا من السكان المحاصرين.
“منذ أربع سنوات حتى الآن كان الاعتماد الأكبر في التدفئة على الحطب، مما أدى إلى انعدام الغطاء الحراجي من مناطق شاسعة من ريف حمص الشمالي، وأصبح هناك صعوبات في تأمين الحطب”، وفقا لما قاله الحمصي.
وارتفع سعر الوقود إلى 600 ل.س (1.10 $) لكل لتر في المدن الثلاثة المحاصرة في ريف حمص الشمالي، بعد أن كان 50 ل.س (0.10 $) قبل بدء الحصار.
وعلى الرغم من إمكانية وصول المدن المحاصرة في ريف حمص الشمالي إلى الأراضي الزراعية إلا أن نقص المياه جعل أكثر من نصف الأراضي التي كانت صالحة للزراعة جرداء، وفقا لما ذكره الصوت السوري، في آب.
وقال الحمصي، أنه بسبب عدم توافر الحطب “أصبح اعتماد السكان على روث الحيوانات بنسبة 90% وأيضاً على الملابس القديمة التي يحرقها السكان للتدفئة”.
ترجمة: سما محمد