سكان دمشق يتنفسون الصعداء بعد إزالة الحواجز الأمنية
قبل عام 2011، كانت مسافة طريق أبو مالك من منزله […]
3 يوليو 2018
قبل عام 2011، كانت مسافة طريق أبو مالك من منزله في جنوب شرق دمشق إلى عمله في وزارة التربية والتعليم وسط المدينة تستغرق 20 دقيقة، وهي مسافة مألوفة مقارنةً مع أي مكان آخر في العالم.
لكن بعد أن بدأت الاحتجاجات المناهضة للحكومة عام 2011، أفسحت المجال لما أصبح حربا أهلية استمرت لسنوات، بدأت القوات الحكومية في دمشق بوضع الحواجز، حاجزاً تلو الآخر، على طول طريق أبو مالك البالغ من العمر 42 عاماً.
وفي بعض الأيام كانت تستغرق المسافة أكثر من ساعتين بالباص، بحسب أبو مالك، الأمر الذي كان يجبره على مغادرة المنزل الساعة 6:30 صباحاً لكي يمر على الحواجز الخمسة المتواجدة في طريقه إلى العمل.
ومع ذلك، كان أبو مالك يذهب يومياً ويصل إلى مكتبه متأخراً ساعة كاملة أو أكثر، كما أن زملاءه كانوا يصلون متأخرين أيضاً، إلا أن أصحاب العمل في الوزارة كانوا يتفهمون بأنه ” لا يمكن التنبؤ بالحواجز التي تختلف من يوم إلى آخر”.
ولكن اليوم يعتبر أبو مالك أن روتينه اليومي قد تغير نحو الأفضل مع وجود حاجزين فقط على الطريق الواصل بين منزله وعمله، ويشعر أنه يستطيع “الذهاب إلى أي مكان وفي أي وقت دون أي مشاكل”.
رافعة تزيل الحواجز في وسط مدينة دمشق في 8 أيار. الصورة من صفحة دليلك في دمشق.
ومنذ أن استعادت الحكومة السورية سيطرتها على جيوب المعارضة الأخيرة في دمشق وريفها، في آيار، قامت بإزالة عشرات الحواجز الأمنية والعسكرية في المدينة، مما أتاح للسكان ،مثل أبو مالك، التحرك بحرية بشكل نسبي لأول مرة منذ سنوات.
ومع إزالة الحواجز الأمنية واستعادة الحكومة السورية السيطرة على العاصمة بشكل كامل ولأول مرة منذ عام 2011، ازداد الإحساس بالأمان وازدادت الحركة التي حولت بعض الأحياء، القريبة من خطوط الأمامية للاشتباك سابقاً، من “مدن أشباح” إلى مناطق مفعمة بالحياة حتى وقت متأخر من الليل، وفقاً لما قاله بعض سكان دمشق لسوريا على طول.
“فسحة للتنفس”
بدأت الحواجز الأمنية في الظهور لأول مرة في شوارع دمشق في ربيع عام 2011، في محاولة لاحتواء الاحتجاجات المناهضة للحكومة، فبعد أن سيطرت فصائل المعارضة لاحقاً على مساحات في العاصمة وما حولها وتوسع نطاق النزاع، ازدادت الحواجز إلى حد ما.
وبحلول نهاية عام 2017، كانت قوات الأسد والميليشيات المتحالفة معها تدير حوالي 280 حاجزاً في المناطق الحضرية والريفية في دمشق، وفقاً للإحصاءات التي جمعتها إذاعة صوت العاصمة ومقرها دمشق، وﻟم ﺗﺗﻣﮐن ﺳورﯾا على طول ﻣن التأكد من ھذا اﻟﻌدد ﺑﺷﮐل ﻣﺳﺗﻘل.
وأعلن محافظ ريف دمشق علاء منير إبراهيم، في أواخر شهر أيار، أن 90% من الحواجز الموجودة على الطريق في المحافظة قد أزيلت الآن.
وقال بعض السكان أن عملية إزالة الحواجز الجارية في دمشق لم يخفف عنهم فقط ساعات الإنتظار كل يوم، بل أعفاهم من دفع الرشاوي و”المضايقات” التي يتعرضون لها من قبل العناصر على الحواجز أيضاً.
أحد أفراد الجيش السوري يتحقق من هوية أحد السكان عند حاجز في دمشق في حزيران 2013، تصوير لؤي بشارة.
وقال أبو سالم، رجل أعمال يبلغ من العمر 46 عاماً ويملك العديد من محلات الملابس في منطقة الدويلعة شرق دمشق، أن إزالة الحواجز مكنته من خفض الأسعار في محلاته.
وفي السنوات الماضية، عندما كان ينقل أبو سالم الملابس من الموردين في مركز مدينة دمشق إلى محلاته، كان يضطر إلى دفع رشاو على الحواجز وتعويض السائقين عن أي تأخير وتغطية تكاليف البضائع التي أتلفها عناصر الأمن أثناء التفتيش عن البضائع المهربة.
وفي ذلك الوقت، أدت التكاليف المترتبة على رجل الأعمال السوري عند الحواجز إلى رفع أسعار بضاعته وبالتالي أدى ذلك إلى “هروب الزبائن للشراء من محلات أخرى” على حد قوله، ولكن الآن انخفضت التكاليف وأصبحت البضائع تصل بالوقت المحدد.
وقال طالب الحقوق في جامعة دمشق أحمد، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه بالكامل خوفاً من تداعيات التحدث إلى وسائل الإعلام مثله مثل جميع سكان دمشق المذكورين في هذا التقرير، أنه أصبح يذهب إلى محاضراته بإنتظام للمرة الأولى منذ سنوات بعد إزالة الحواجز الأمنية.
حيث تجنب الشاب البالغ من العمر 22 عاماً مغادرة منزله للذهاب إلى جامعته، بسبب خوفه من “المضايقات” من قبل العناصر المتواجدين على الحواجز الذين “يجبرونك على دفع الرشاوى وإلا سيقومون باعتقالك”.
ولكن مع إزالة الحواجز في الأسابيع الأخيرة بدأ أحمد يشعر “براحة نفسية لاتصدق” على حد قوله.
وفي منطقة العسالي، وهي إحدى ضواحي جنوب دمشق المجاورة لمنطقتي الحجر الأسود ومخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين اللتان كانتا تحت سيطرة تنظيم الدولة سابقاً، يتذكر حذيفة البالغ من العمر 24 عاماً كيف كانت الشوارع في حيه تصبح خالية من السكان بعد الساعة 8:00 مساءً في السنوات الأخيرة، وقال لسوريا على طول”الناس كانت تخاف من الحواجز ومن عمليات الاختطاف”.
والآن تعج شوارع العسالي بالسكان حتى وقت متأخر من الليل “ولم يعد هناك ما نخشاه” على حد قول حذيفة.
ويقارن، طالب الحقوق أحمد، الحياة قبل وبعد إزالة الحواجز ويقول”مثل الميت الذي أعدته إلى قيد الحياة” مضيفاً “الآن أصبح لدينا فسحة أمل للتنفس”.
ترجمة: بتول حجار