سياسية كردية: مشاركة المرأة شرط أساسي لتحقيق الديمقراطية في سوريا
فوزية اليوسف، هي واحدة من كبار السياسيين في مناطق الإدارة […]
25 أبريل 2018
فوزية اليوسف، هي واحدة من كبار السياسيين في مناطق الإدارة الذاتية ذات الغالبية الكردية، والتي تمتد شمال سوريا. ويعتبر مركزها “غير عادي” بالنسبة لأي امرأة من بلد جاء في المراتب الثلاثة الأخيرة ضمن المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين. تقول اليوسف إن تغيير هذه الحقيقة هي خطوة أساسية نحو تحقيق الديمقراطية في سوريا.
وتوضح اليوسف لمراسل سوريا على طول، محمد عبد الستار إبراهيم “إن تحرير مجتمعنا مرتبط بالكامل بحرية المرأة”.
ومنذ عام ٢٠١٦، تشغل اليوسف منصب الرئيس المشارك للهيئة التنفيذية للاتحاد الفيدرالي في شمال سوريا، وهي هيئة تدير مقاطعات الجزيرة وكوباني، في شمال شرق سوريا، وتشرف على المجالس المحلية في منبج والرقة.
ويسيطر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي على الحكم، حيث تربطه علاقات وثيقة بحزب العمال الكردستاني في تركيا، ويملك الرؤية السياسية ذاتها لزعيم حزب العمال الكردستاني المعتقل عبد الله أوجلان. ويرى أوجلان أن الصورة المثالية للمجتمع هي المجتمع الديمقراطي الكونفدرالي حيث تمارس سلطة محلية عملية اتخاذ القرار. كما أن حرية المرأة عنصر مهم في أيديولوجيته السياسية.
إن دافع اليوسف للإنخراط في السياسة له جذور عميقة في تجربتها كامرأة كردية في سوريا، وهما هويتان متشابكتان بعمق في نظرها.
فوزية يوسف في انتخابات جمعية الشهيد ريحان في القامشلي في أيلول 2017. الصورة من فضائية روناهي.
وقالت” المرأة في مجتمعنا مهمشة كما الكرد، وهي جنس من الدرجة الثانية والكرد أيضاً مواطنون من الدرجة الثانية في سوريا”.
وفي هذا الأسبوع، تقوم سوريا على طول باستكشاف الأدوار المختلفة التي اتخذتها المرأة السورية للعمل من أجل السلام على المستوى الدولي والمجتمعي، وفي المقابلة الثالثة من سلسلتنا تجادل اليوسف بأن مشاركة المرأة في السياسة هي عنصر حاسم في إقامة مجتمع سلمي وشامل وديمقراطي في سياق متعدد الأعراق مثل سوريا.
وأضافت “اعتماد السياسية على نمط واحد وجنس واحد و رؤية واحدة يؤدي الى الفاشية في النهاية”.
متى بدأت العمل في المجال السياسي لأول مرة؟
في البداية كانت انطلاقتي نحو السياسة عاطفية ولكن مع الزمن و تطور الوعي السياسي والاجتماعي لدي، أدركت أن السياسة التي تُمارس أو المعتاد عليها ناقصة وخاطئة، لذلك لا تؤدي إلى الحلول بل إلى تعميق الأزمات بشكل أكبر وهناك حاجة لتوجه جديد ورؤية جديدة.
السياسة الموجودة مع الأسف لا تخدم المجتمع والنساء، إنما تخدم فئة من الناس و فئة قليلة جداً. في حين هناك حاجة لسياسة مجتمعية و سياسة متحررة من كل أنواع الاحتكار، باختصار سياسة تكون أساليبها نبيلة بقدر نبالة أهدافها. ويجب أن يكون هناك علاقة بين السياسة والأخلاق، السياسة والقيم الإجتماعية، السياسة والديمقراطية. كنت، مثل الكثير من النساء، أريد أن أضيف هذه الميزات للسياسة بدلا من الميزات المضادة للمرأة المجتمع.
ما الذي دفعك إلى المشاركة في العمل السياسي؟
الذي دفعني قضيتين: القضية الكردية و قضية حرية المرأة.
وكوني كردية فقد كان هناك إنكار لهويتي و إقصاء كامل لكل حقوقي، وأشعر يومياً في البيت أوفي الشارع أو المدرسة بأنني مواطنة من الدرجة الثالثة أو امرأة مجردة من كل الهويات.
فكانت لغتي الأم وهويتي و رموزي وثقافتي وحقوقي السياسية كلها ممنوعة في ظل نظام البعث في سوريا، و كان هناك تهميش تام وخوف دائم من الإعتقال.
والقضية الأخرى هي قضية تحرر المرأة. المرأة في مجتمعنا مهمشة كما الكرد وهذه نقطة مشتركة بين القضيتين.
مجتمعنا إقطاعي، يرى المرأة بأنها ملك للرجل ولا تملك أي إرادة. الواقع الذي شهدته أمي ونساء قريتي اللواتي كن يعانين يومياً من العنف والظلم والاضطهاد، دفعني للبحث عن خيار آخر للحياة أو عن طريقة لتغيير هذا الواقع، لذا رأيت في العمل السياسي مخرجا وطريقة من أجل تغيير ما نعيشه كشعب وكنساء.
ما هي التحديات التي تواجه المرأة بالانضمام إلى السياسة؟
هناك تحديات كثيرة تواجه المرأة عندما تريد أن تشارك في السياسة. أولا التحدي الاجتماعي، يتم تقييم العمل السياسي من قبل مجتمعنا على أنه عمل الرجال فقط، ومشاركة المرأة فيه مثل دخولها إلى مقهى الرجال و هذا أمر غير مقبول.
أيضا هناك التحدي الثقافي والفكري. لم يكن من الشائع مشاركة المرأة في السياسة في مجتمعنا وتعاني المرأة من ضعف الثقة بالذات، لأن البيئة المحيطة تشعرها دائماً بشعور النقص أو بأنها غير جديرة بلعب هذا الدور.
الأمر الآخر هو التحدي القانوني. فالمرأة لا يمكن أن تصل لمنصب الرئاسة في الكثير من الدول أو أن تمارس حقها في الانتخاب، و ما إلى ذلك. هذا يعني أن دخول المرأة لساحة السياسة ليس بالأمر السهل، فهي تصارع كل هذه التحديات لحظة بلحظة.
والجدير بالذكر أن في منطقتنا وخلال السنوات السبع الماضية، تم تجاوز هذه المصاعب إلى حد كبير ولم يتم ذلك بسهولة.
فوزية يوسف تشرح النظام الانتخابي في المؤتمر الصحفي في 8 أغسطس 2017. الصورة بإذن من حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (PYD).
إن تضحية الآلاف من الشابات ضمن وحدات حماية المرأة، وهي جزء من الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي، بأنفسهن في الحرب ضد داعش وكل أنواع الاٍرهاب، ومقاومتها العظيمة أثرت بشكل كبير في تغيير العقلية التقليدية التي كانت سائدة في مجتمعنا الكردي بشكل خاص وشعوب شمال سوريا بشكل عام. وهذا يعتبر مكسب مهم جدا وثورة اجتماعية كبيرة في المنطقة.
في المرحلة السابقة لم يكن هناك حضور للمرأة في المناصب السياسية، وكان ينظر لها نظرة دونية بحيث يتوقف عملها فقط بأمور البيت وإنجاب الأطفال. بعد دخول المرأة مجال السياسة، وخاصة بعد تطبيق نظام الرئاسة المشتركة، أدى الى تغيير في الرؤية السائدة. [مناصب الحكم في الإدارة الذاتية مشتركة بين الرجال والنساء]
النساء أثبتن أنهن ناجحات وبأن البعض منهن أكثر جدارة من الرجال. مما أدى إلى تغيير الأفكار التقليدية للمجتمع عن المرأة. وفي منطقتنا، السياسة لم تعد ساحة احتكار للرجل، وإنما عمل اجتماعي متاح للجنسين دون تمييز.
برأيك ما أهمية مشاركة النساء بالسياسة بالنسبة لمستقبل سوريا؟
مشاركة النساء في السياسة وتأثيرها في مستقبل سوريا، سؤال مهم للغاية. السبب الأساسي في الثورة السورية كان تغيير الواقع الموجود والتذمر لم يكن ضد أشخاص وإنما ضد نظام إدارة لا يحقق الحرية والحقوق للمجتمع السوري بكافة مكوناته.
وبما أن النظام الجديد في سوريا من المفترض أن يكون ديمقراطياً قبل كل شيء، حينها يجب أن تكون مشاركة المرأة في تأسيس هذا النظام أمر لا بد منه. اعتماد السياسية على نمط واحد وجنس واحد ورؤية واحدة يؤدي الى الفاشية في النهاية.
مشاركة المرأة بشكل فعال في تأسيس النظام الجديد لسوريا تعني تجاوز السياسة الأحادية الجانب، واحتكارهاومن قبل الرجل، كما تعني مشاركة أكثر من نصف المجتمع في صنع القرار السياسي وهذا أمر مهم جدا من أجل تطوير الثقافة الديمقراطية في المجتمع.
أيضاً السياسة بحاجة الى رؤية جديدة، رؤية تتجاوز القومية، والتعصب الديني والجنس، وكل أنواع التعصب التي لا تخدم المجتمع السوري، وبرأيي يمكن أن تلعب المرأة الواعية دوراً مهماً في هذه الناحية.
النساء لم يشاركن بشكل فعال في السياسة المتبعة سابقاً والتي تعتمد على التعصب الفكري والديني والمذهبي. أيضا النساء يملكن مرونة أكثر من الرجال في التعامل مع التنوع. هناك قابلية لدى المرأة لتجاوز طراز السياسة الكلاسيكي ويمكن أن تلعب دورا مهما في ترسيخ سياسة تخدم الديمقراطية واحترام التنوع الإثني، والديني، والمذهبي واللغوي الموجود في سوريا.
ما الذي يمكن فعله لرفع نسبة مشاركة النساء؟
يجب أن نتخلص من الخوف المرتبط بانخراط المرأة في مجال السياسة، فمشاركة المرأة تؤدي إلى نهضة من كل النواحي. ومن المهم تغيير الهياكل الداخلية للأحزاب السياسية وفتح المجال أمام النساء. وكانت الإدارة الذاتية قد فرضت 50 في المائة من الحصص للنساء، لذا يتعين على الأحزاب السياسية الآن ملء ذلك. لكننا نحتاج إلى نقل هذا من القانون الانتخابي إلى الثقافة والأخلاق في المجتمع ، كخطوة أولى.
علاوة على ذلك ، أعتقد أن دور وسائل الإعلام يحمل أهمية كبيرة في تشجيع النساء على المشاركة في السياسة. وتعتبر زيادة الوعي السياسي والثقافي مهمة لتشجيع النساء على دخول هذا المجال. كما أن التعليم مهم ، ويجب وضع منهج دراسي يرفع الوعي بدور المرأة في بناء المجتمع ، فضلاً عن أهمية مشاركتها في عملية صنع القرار وتكوين مستقبلنا.
ترجمة: بتول حجار