5 دقائق قراءة

شمال غرب سوريا: غلاء أسعار الأضاحي يحرم كثيرين تطبيق شعائر العيد (صور)

مع تدني الأجور وتفشي البطالة في محافظة إدلب التي تحتضن ما يقارب أربعة مليون شخص، نحو نصفهم نازحون، لا يستطيع الكثير من الأهالي تطبيق شعائر العيد بشراء الأضاحي. 


23 يوليو 2021

عمان، إدلب – في سوق البردقلي، أحد أسواق المواشي ذات المساحة الواسعة غرب مدينة الدانا بريف إدلب الشمالي، البعيدة عن الأبنية السكنية، يتواجد تاجر المواشي حكمت السلطان في المنطقة المخصصة له ضمن السوق، مع نحو مئة تاجر آخر، لبيع الأضاحي طيلة أيام عيد الأضحى الذي يمثل موسماً بالنسبة لهم، فيما تكون ذروة نشاط السوق في يوم الإثنين من كل أسبوع في غير العيد. 

لكن “أسواق البردقلي وعرب سعيد ومعرة مصرين وأطمة ومدينة إدلب، المخصصة لبيع الأغنام في محافظة إدلب شمال غرب سوريا، تشهد ضعفاً في الإقبال على شراء الأضاحي هذا العام”، كما قال السلطان المقيم في حي الضبيط بمدينة إدلب لـ”سوريا على طول”، “بسبب ارتفاع أسعار المواشي”.

وقد وصل مبيع السلطان من الأضاحي في هذا العيد إلى “200 خروف فقط من أصل 600 خروف”، بينما باع العام الماضي 350 خروف من أصل 400 كما قال. مشيراً إلى أن “حظائر المواشي قلّت في عموم المحافظة، وخاصة بعد سيطرة النظام على خان شيخون التي كانت تحتضن وحدها 160 مربطاً [حظيرة] للمواشي، بينما الآن لا يتجاوز عددها 50 مربطاً”. 

طفل يجلس بين الأغنام في سوق البردقلي للمواشي غرب مدينة الدانا بريف إدلب الشمالي، 17/ 7/ 2021 (سوريا على طول/علي حاج سليمان)

طفل يجلس بين الأغنام في سوق البردقلي للمواشي غرب مدينة الدانا بريف إدلب الشمالي، 17/ 7/ 2021 (سوريا على طول/علي حاج سليمان)

ويأتي ارتفاع أسعار المواشي هذا العام  نتيجة “ارتفاع سعر الأعلاف بعد نقص المناطق الزراعية بسيطرة النظام عليها، كسراقب وخان شيخون اللتين كانتا مزروعتين بالقمح والشعير”، وفق السلطان. يُضاف إلى ذلك أن السنة الحالية “تُعد من السنوات العجاف لقلة هطول الأمطار، ما رفع أجرة الري على المزارع”، وبحيث وصل سعر طن العلف من الشعير إلى “350 دولاراً بعد أن كان في الأعوام السابقة لا يتجاوز 180 دولاراً”.

بالنتيجة، وصل سعر الخروف الذي يزن وسطياً 65 كيلوغراماً، بحسب السلطان إلى “2190 ليرة تركية [256 دولاراً]، بعد أن كانت 1,625 ليرة تركية [190 دولاراً]، ما جعل الإقبال على الشراء من الأهالي محصوراً في فئة التجار والأفراد الذين تصلهم مبالغ مالية من أقاربهم خارج سوريا لغرض الأضحية”. لافتاً أيضاً إلى أن “أكثر من يحرك عملية البيع والشراء في سوق شراء الأضاحي في إدلب هي المنظمات التي تنظم حملات توزيع أضاحي على العائلات الفقيرة في العيد”، بحيث تنافس هذه المنظمات “في الأسعار التي تعرضها على البائع لضمان شراء الكمية [التي تحتاجها]”.

فعلى سبيل المثال، إذا كان “سعر الكيلوغرام الواحد من اللحم 28 ليرة تركية [ثلاثة دولارات]، تعرض المنظمات سعراً على البائع قد يصل إلى 35 ليرة تركية [أربع دولارات] للكيلو”، مع العلم أن “التعامل في البيع والشراء بين البائع والزبون سواء كان فردا أو منظمة محصور بالعملة التركية”، كما أضاف السلطان.

مواطنون يرتادون سوق البردقلي للمواشي غرب مدينة الدانا بريف إدلب الشمالي، 20/ 7/ 2021 (سوريا على طول/علي حاج سليمان)

مواطنون يرتادون سوق البردقلي للمواشي غرب مدينة الدانا بريف إدلب الشمالي، 20/ 7/ 2021 (سوريا على طول/علي حاج سليمان)

من جهته، قال منسق قسم حملات الطوارىء في فريق ملهم التطوعي في إدلب، فيصل أسود، إنه “لا تزال التبرعات تصلنا في حملة الأضاحي، لكنني أستطيع القول إنه حتى الآن ستتلقى نحو 3,500 عائلة حصة من لحوم الأضاحي خلال فترة عيد الأضحى في مخيمات وبلدات إدلب وريف حلب، شمال غرب سوريا، وليصل العدد الإجمالي للحصص التي ستوزع في سوريا إلى 9,800 حصة”. مضيفاً أن عملية التوزيع تقوم على تقديم “2 كيلو من اللحم لكل عائلة، إذ إن الخروف الواحد يوزع على نحو 13 حصة”.

أما عن “آلية اختيار العائلات والمخيمات المستهدفة”، كما أضاف أسود، فهي “تتم بالتنسيق مع الجهات المحلية، وتكون الأولوية في التوزيع لأهالي المخيمات الذين لم يستفيدوا من حملات توزيع الأضاحي [التي تنفذها جهات أخرى]. كما أجرينا مسحاً قبل مدة شمل أهالٍ يعيشون في منازل لا تزال قيد الإنشاء أو في مراكز إيواء، وهم من العائلات الأشد فقراً، في شمال غرب سوريا، سنعمل على توزيع الأضاحي لهم خلال فترة العيد، وذلك لصعوبة وصول بقية المنظمات إليهم”.

رجل يحمل خروفاً على كتفيه أثناء مصافحته رجلاً آخر في سوق البردقلي للمواشي غرب مدينة الدانا بريف إدلب الشمالي، 20/ 7/ 2021 (سوريا على طول/علي حاج سليمان)

رجل يحمل خروفاً على كتفيه أثناء مصافحته رجلاً آخر في سوق البردقلي للمواشي غرب مدينة الدانا بريف إدلب الشمالي، 20/ 7/ 2021 (سوريا على طول/علي حاج سليمان)

انعدام القدرة الشرائية 

مع تدني الأجور وتفشي البطالة في محافظة إدلب التي تحتضن ما يقارب أربعة مليون شخص، نحو نصفهم نازحون، بحيث “لا يتجاوز متوسط دخل الفرد 70 دولاراً”، بحسب الصحفي إياد زاهر، لا يستطيع الكثير من الأهالي تطبيق شعائر العيد بشراء الأضاحي. 

كذلك، فإن مصطفى البكور المقيم في أحد المخيمات العشوائية في ريف إدلب، لم يتذوق وعائلته، حال كثيرين في شمال غرب سوريا “طعم اللحم منذ تهجيرهم من مدينتهم خان شيخون قبل نحو سنتين، حين سيطر النظام عليها”، كما قال لـ”سوريا على طول”. إذ “خسرت أرضي الزراعية التي كنت أعتاش من محصولها، وانتقلت للعيش في خيمة مع أسرتي المكونة من خمسة أفراد، فانعدمت قدرتي على شراء اللحم”. مشيراً إلى أن دخله الشهري من عمله في قطاع البناء “لا يتجاوز 40 دولاراً، فيما سعر الكيلوغرام الواحد من لحمة الخروف يصل إلى نحو 75 ليرة تركية، أي ما يعادل تسع دولارات”.

وأضاف متسائلاً: “الأهالي هنا في المخيمات غير قادرين على شراء رغيف الخبز، فكيف سيشترون أضحية؟”

رجل يتفحص أسنان خروف للتأكد من سلامته في سوق البردقلي للمواشي غرب مدينة الدانا بريف إدلب الشمالي، 17/ 7/ 2021 (سوريا على طول/علي حاج سليمان)

رجل يتفحص أسنان خروف للتأكد من سلامته في سوق البردقلي للمواشي غرب مدينة الدانا بريف إدلب الشمالي، 17/ 7/ 2021 (سوريا على طول/علي حاج سليمان)

من جهته، قال تاجر الألبسة خليل الإبراهيم المقيم في مدينة إدلب، أن غلاء أسعار الأضاحي لهذا العام جعله يشتري “أضحية واحدة بدلاً من ثلاث كنت أضحّي بها في كل عيد”. إذ إن “غلاء سعرها أدى إلى عزوفي وتجار آخرين عن شراء الأضاحي”.

كل ذلك يجعل من العيد “غصة في القلب” بوصف البكور، لاسيما مع “فقدان أجواء العيد العائلية التي كانت تبهجنا كل عام، بعد أن تم تهجيرنا وأهلنا عن منازلنا”.

طفل يقف بين خراف في سوق البردقلي للمواشي غرب مدينة الدانا بريف إدلب الشمالي، 17/ 7/ 2021، (سوريا على طول/علي حاج سليمان)

طفل يقف بين خراف في سوق البردقلي للمواشي غرب مدينة الدانا بريف إدلب الشمالي، 17/ 7/ 2021، (سوريا على طول/علي حاج سليمان)

رجل يحمل خروفاً على كتفيه في سوق البردقلي للمواشي غرب مدينة الدانا بريف إدلب الشمالي، 20/ 7/ 2021، (سوريا على طول/علي حاج سليمان)

رجل يحمل خروفاً على كتفيه في سوق البردقلي للمواشي غرب مدينة الدانا بريف إدلب الشمالي، 20/ 7/ 2021، (سوريا على طول/علي حاج سليمان)

شارك هذا المقال