طبيب وخبير صحي: أكثر من مئتي مريض بالسل في الغوطة الشرقية بحاجة للعلاج
نفدت الأدوية الخاصة بمرض السل، في مستشفيات وعيادات الغوطة الشرقية، […]
31 يناير 2017
نفدت الأدوية الخاصة بمرض السل، في مستشفيات وعيادات الغوطة الشرقية، المحاصرة من قبل قوات النظام، في كانون الأول، تاركة 224 شخصاً يعانون أعراض المرض دون علاج، خلال الشهرين الماضيين.
وقال الطبيب سيف جبية، الخبير الصحي في المجلس المحلي للغوطة الشرقية، لمراسلة سوريا على طول، بهيرة الزرير، أنه تم تشخيص مئة حالة مصابة بمرض السل في عام 2016 لوحده.
ووفقا للطبيب فإن مرض السل، الناجم عن بكتريا تصيب الرئتين في معظم الأحيان، ينتشر في الغوطة الشرقية لأن السكان، الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة بسبب سوء التغذية، يمضون فترات طويلة في الأقبية والملاجئ المكتظة والرطبة تحت الأرض، بغية تجنب القصف.
وجاء في دراسة صادرة عن منظمة الصحة العالمية، في 16 تشرين الأول، أن أعراض المرض تشمل السعال، الحمى، التعرق الليلي وفقدان الوزن. كما أن ثلثي المصابين يموتون في حال عدم تلقي العلاج اللازم.
وقال الطبيب، إن آخر قافلة مساعدات للهلال الأحمر العربي السوري، تحوي أدوية لمرض السل، دخلت إلى الغوطة الشرقية في أواخر عام 2015. أما الآن، وبعد مرور أكثر من سنة، حيث لم يتبق شيئ من هذه الأدوية، فإن المرضى الذين تعافوا بشكل جزئي من مرض السل مهددون بخطر الانتكاس الكامل.
وعادة ما يتلقى مريض السل الأدوية على مدى تسعة أشهر، حتى تبدأ علامات التحسن بالظهور عليه، ولكن في حال توقف عن تلقي العلاج قبل الفترة المحددة فإن حالته قد تزداد سوءاً.
وابنة أم ديمة، ذات الـ13 عاما، هي واحدة من هؤلاء المرضى حيث “تعافت كليا”، لكن حالتها الصحية تدهورت مرة أخرى في نهاية عام 2016، بسبب نفاد الأدوية.
وقال الطبيب جبية “هناك مخاوف كبيرة من عدم إمكانية تقديم أي دواء للمرضى”.
لماذا يصاب الناس بمرض السل؟
هناك عدة عوامل منها البرد والبقاء في الأقبية والملاجئ الرطبة لأوقات طويلة أثناء القصف. نقص التغذية بسبب الحصار وفقدان الأدوية، عدم التشخيص المبكر للمرضى المصابين بالعدوى بسبب ضعف الرعاية الصحية والوسائل التشخصية.
رئة مريض مصاب حاليا بالسل في الغوطة الشرقية. تصوير: الدكتور سيف جبية.
متى كانت آخر مرة تلقت فيها الغوطة الشرقية مساعدات طبية تحوي أدوية السل؟ وماهي كمية الدواء المتبقية لديكم؟
آخر دفعة أدوية تسلمناها كانت أواخر عام 2015، كما تم إدخال لقاحات السل ثلاث مرات عام 2016. وأُعطيت اللقاحات للأطفال، كإجراءات وقائية ضد المرض.
وبمجرد إصابة الشخص، فإنه يحتاج للعلاج وليس للقاحات.
وأدوية السل نفدت تماماً، والمطلوب من منظمة الصحة العالمية إدخال أدوية خاصة بمرضى السل ولقاحات بأسرع وقت ممكن، عن طريق الهلال الأحمر السوري.
ما هي البدائل المتاحة أمامكم ككادر طبي مختص؟ هل ناشدتم أي منظمة دولية أو إنسانية لإدخال الأدوية؟
لا يوجد بدائل إلا الدواء، فقط نحن بانتظار إدخال الأدوية، وموضوع المساعدات هو قرار سياسي لأن مساعدات الأمم المتحدة لا تدخل إلا للمناطق التي يسمح النظام السوري بدخولها.
وأرسلنا رسالة إلى منظمة الهلال الأحمر السوري فقط، كونها الجهة التي تدخل الأدوية إلى الغوطة، وكان الرد أن الأدوية ستدخل ونحن ننتظر دخولها.
ما هو رد فعل المرضى وأهاليهم على نفاد أدوية السل من الغوطة الشرقية؟ هل حاولوا تلقي العلاج في مكان آخر؟
إنهم يخافون على حياة المريض لأنه اذا انتكس، ذلك يعني عدم الشفاء والموت.
بعضهم بحث عن بدائل وذلك بمحاولة الخروج من الغوطة عبر الأنفاق وهذا يعتبر مغامرة لأنه سيكون عرضة للاعتقال كونه من الغوطة الشرقية.
كم عدد المرضى المصابين بالسل في الغوطة الشرقية؟
يوجد 224 مريضا مسجلا لدينا منهم حوالي 100 مريض في 2016 فهذا العدد ما زال قيد العلاج، ويجب تأمين الدواء لهم خاصة بأقصى سرعة، ولأن مدة العلاج تمتد إلى 9 أشهر.
ماهي مخاوفكم كأطباء أمام الـ224 مريضا في حال لم يتلقوا العلاج اللازم؟
جرثومة السل ممكن أن تكون مناعة ضد مضادات السل، إذا لم يؤخذ الشوط كاملا وبالتالي عدم شفاء المرضى، وعدم إمكانية تقديم أي دواء للمرضى المشخصين حديثاً مما يضع الأطباء في حرج.
من الممكن في ظل هذه الظروف أن ينتشر السل فلا يوجد لقاح أو سبل وقاية أو مواد وأجهزة للتشخيص المبكر، بالإضافة لعدم وجود العلاج وحالة الفقر وسوء التغذية.
ومخاوف كبيرة من عدم دخول مساعدات طبية تحوي أدوية السل، والخوف من انتشار المرض وعدم القدرة على السيطرة عليه.
تحدثت سوريا على طول مع والدة مريضة بالسل، فتاة عمرها 13 عام، تلقت العلاج لمدة تسعة أشهر، ثم انتكست مرة أخرى، لماذا حدث هذا؟
تمتد فترة العلاج عادة ما بين ثلاثة إلى تسعة أشهر. ولكن الانتكاس قد يحدث في حال توقف المريض عن العلاج قبل الأوان، أو كان الدواء غير فعال، أو أن جهاز المناعة للطفل ضعيف للغاية. في هذه الحالات، يصبح المريض عرضة للانتكاس مرة أخرى.
- أم ديمة، 38 عاما، من دوما، ابنتها ذات الـ13 عاما مصابة بمرض السل.
منذ سنة ظهرت عند ابنتي كتلة في العنق، فاصطحبتها لمراجعة العيادة الأذنية في دوما، تم أخذ خزعة للتشخيص فكانت النتيجة تدرن “سل عقدي” أي غير معدي. وبعد تلقي علاج السل لمدة 6 أشهر كان هناك تحسن بحجم الكتلة دون أن تزول نهائياً.
وبعدها تمت استشارة طبيب الإنتانية لتمديد العلاج 3 أشهر أخرى، فطلب إجراء تجريف عنق لاستئصال كامل الكتل وتم إجراء العملية، وبعدها تمديد العلاج 3 أشهر مع تحسن تام.
والآن بعد سنة راجعت العيادة، بسبب وجود كتلة في الجهة المقابلة في العنق فلم يستطع الأطباء إعطائها العلاج مجددا بسبب عدم توفر الأدوية والاستشارة الإنتانية اقترحت إجراء تجريف الكتل في الجهة المقابلة كون الدواء غير متوفر وهكذا تعرضت ابنتي لعمل جراحي جديد لعدم توفر الأدوية.
وكان قدرها أن تصاب بالسل، وتعاني في ظل الحصار والقصف وعدم أخذ الأدوية بسبب عدم توفرها.
ترجمة: سما محمد