عشرات العائلات محاصرة في منطقة نائية على طول الحدود مع الأردن بعد تقدم الحكومة في درعا
النازحون السوريون ينصبون الخيام بالقرب من الحدود الأردنية، يوم […]
22 يوليو 2018
النازحون السوريون ينصبون الخيام بالقرب من الحدود الأردنية، يوم الأربعاء. تصوير: أبو سعيد.
أقامت عشرات العائلات السورية النازحة مخيماً عشوائياً صغيراً، في منطقة قاحلة بين محافظة درعا جنوب غربي سوريا والأردن.
يعاني النازحون فيها من ندرة الإمدادات الأساسية، وتفشي الأمراض، ويسكنون خياماً مصنوعة من أكياس البلاستيك والأقمشية، لا تقيهم حرّ النهار ولا برد الليل القارس، ولكن بالنسبة لنحوـ ١٥٠ شخصاً نزحوا إلى تلك المنطقة، فإن خيارات المغادرة محدودة.
يقول أبو سعيد، وهو ناشط إعلامي من ريف درعا الشرقي، طلب عدم ذكر اسمه الحقيقي خوفا من الملاحقة الأمنية من قبل الحكومة “لا أستطيع العودة للعيش في ظل النظام”.
ويوضح أبو سعيد لمراسل سوريا على طول، وليد النوفل “كنت أعمل في الإعلام، والنظام يعتبر أن حمل الكاميرا جريمة أعظم من حمل السلاح”.
وكان أبو سعيد واحداً من عشرات الآلاف من سكان درعا الذين فروا إلى المنطقة الحدودية، في أواخر الشهر الماضي، عندما شنت القوات الموالية للحكومة هجوماً واسع النطاق على جنوب غرب سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة، واستقر النازحون حول ما يسمى بـ “المنطقة الحرة”، وهي منطقة تجارية تقع بين الحدود السورية والأردنية، اعتاد السوريون والأردنيون على تبادل البضائع فيها قبل الحرب.
وعندما سيطرت القوات الموالية للحكومة فيما بعد على معبر نصيب – الذي لا يزال مغلقاً أمام المدنيين السوريين – غادر جميع النازحين تقريباً المنطقة الحدودية باتجاه البلدات التي استعادت الحكومة السيطرة عليها مؤخراً أو ما تبقى من مناطق المعارضة إلى الغرب.
وذهبت حوالي ٣٥ عائلة، بما في ذلك عائلة أبو سعيد، في الاتجاه المعاكس حيث اقتربت أكثر من الشريط الذي يحدد بداية الأراضي الأردنية، وقد تكون الظروف هناك قاسية للغاية، لكن القرب من الحدود يعني أنه من غير المحتمل أن تقترب القوات الحكومية من المنطقة.
ولكن أبو سعيد قال يوم الأربعاء، إن حرس الحدود الأردني أبلغوا مجموعة النازحين أن عليهم المغادرة، وبات أبو سعيد عاجزاً عن اتخاذ أي قرار بشأن الخيارات المطروحة.
يتابع أبو سعيد ” وحتى لو سمح لنا [النظام] حالياً بالعودة لمنازلنا فسينتقم فيما بعد”.
ويتساءل أبو سعيد “إلى أين سأعود؟ فالطائرات الحربية دمرت منزلي”.
كيف انتهى بك المطاف للنزوح إلى المنطقة الحرة على الحدود السورية- الأردنية؟
وصلت للشريط الحدودي قبل ٢٠ يوماً وتحديداً للمنطقة الحرة، كان هناك حينها أكثر من ١٠٠ ألف مدني داخل المنطقة الحرة. جميعهم فروا من آلة القتل الروسية والسورية، التي استهدفت منازلنا ولم تبقي حجراً على حجر في قرانا.
وصلت للمنطقة الحرة مع عائلتي، وقمنا ببناء خيم من أقمشة وأكياس بلاستيكية كبيرة، طبعاً لا تقي حر الصيف ولا برد الليل القارس، ولا لدغات الأفاعي والعقارب، لاسيما أننا اليوم نتواجد في منطقة صحراوية قاحلة.
خيم مؤقتة على طول الحدود السورية- الأردنية، يوم الأربعاء. تصوير: أبو سعيد.
طبعاً سبب اختيار المنطقة هو أنها بعيدة عن القصف وتعتبر آمنة نسيباً ولم نكن نتوقع أن النظام سيصل بهذه السرعة للحدود ونصبح محاصرين.
لماذا لم تخرجوا من المنطقة الحدودية مع بقية العائلات التي تم نقلها إلى الريف الشرقي من درعا خلال الأيام الماضية؟
قبل نحو ١٠ أيام فوجئنا بقوات النظام أصبحت على أبواب المنطقة الحرة برفقة قوات الشرطة العسكرية الروسية، ودخلوا للمنطقة الحرة وبدأوا بسبّ وشتم الناس وضربهم ومصادرة الخيم والمعلبات والسكر والشاي والأكل والملابس وكل شيء، لمنع الأهالي من البقاء وإجبارهم على الخروج بالباصات للمنطقة الشرقية.
قمت أنا وعائلتي بأخذ بعض الأغراض الأساسية وحملها والهرب من المنطقة الحرة إلى الشريط الحدودي الأردني، فنحن اليوم على بعد ٢٠ متر عن الشيك الحدودي فقط، ونحن أقرب للحدود الأردنية من المنطقة الحرة والحدود السورية.
تركنا المعلبات والسكر والشاي والملابس والأدوية هناك وهربنا بأغراض قليلة للحدود.
النظام وعناصره المجرمين لا يمكنهم أن يصبحوا محترمين أو لديهم أخلاق أو عهود، هم دخلوا وبدأوا بالضرب والشتم والسرقة، فلا يمكن أن أثق بهم ولا يمكن أن أعود لأعيش تحت رحمة هذا النظام.
نحن ما يقارب ٣٥ عائلة استطاعت الهرب أي ما يقارب ١٥٠ شخص وغالبية الموجودين نساء وأطفال.
كيف تبدو الأوضاع المعيشية على الشريط الحدودي؟
نعيش أوضاعاً بالغة الصعوبة، بالنسبة للماء قامت الأردن بإدخال خزانات مياه لنا، وتقوم بتعبئة تلك الخزانات كل بضعة أيام، وضع المياه اليوم جيد نوعاً ما، الأردن قامت أيضاً قبل ٧ أيام بإدخال مواد تعقيم للخزانات وأصبحت صالحة للشرب.
أما المواد المواد الغذائية يتم توزيع سلال غذائية ومعلبات من الجانب الأردني عبر الشيك الحدودي كل يومين أو ثلاثة .
لكن منذ ٧ أيام لم نحصل على خبز، وكان يدخل من الأردن إلينا ولكن ليس بالقدر الكافي أو كل يوم.
غالبية الموجودين هنا من الأطفال والنساء والجميع مصاب بالإسهال والإقياء وضربات الشمس وآلام في البطن وصداع، وذلك نتيجة الطقس وحرارة الجو هنا، فالمنطقة صحراوية وقاحلة وحارة جداً في الصيف، لذلك فهذه الأمراض لا يمكن الشفاء منها طالما بقينا هنا.
نقوم بالدخول إلى النقطة الطبية الموجودة داخل الأراضي الأردنية وتلقي العلاج وفور الانتهاء تتم إعادتنا، لكن مع ذلك حتى الآن لم نشفى من هذه الأمراض، دخلت للعلاج من الإسهال مرتين وأخذت أدوية لكن مع ذلك مازال مستمر.
فالجو حار نهاراً وبارد ليلاً، والمشكلة الأكبر لا يوجد مراحيض وحمامات، قمنا بعمل خيم صغيرة من البطانيات أو الأكياس من أجل أن تكون مرحاض للنساء والأطفال.
أيضاً لا يوجد غاز للطبخ أو حطب، لذلك نستخدم المواد البلاستيكية من أجل طهي الطعام عليها.
هل تواصلتم مع أي جهات معنية على طرفي الحدود لمساعدتكم، هل لديكم نية للمغادرة ؟
حتى اللحظة لا نعلم ما هو مصيرنا القادم، لاسيما أن النقطة الحدودية الأردنية أبلغتنا يوم أمس أنه علينا مغادرة المنطقة، وعدم البقاء هنا، وأمهلتنا حتى يوم الأحد القادم من أجل ذلك، لا أعلم إذا كانت الأردن ستقوم بالضغط علينا وإجبارنا على الخروج منها، على الرغم من صعوبة الجو والوضع هنا، لكن الجميع يتخوف من النظام وميلشياته ونحن هربنا منهم.
قوات النظام تتواجد على أبواب المنطقة الحرة والحدود السورية وإذا قررنا الخروج سنمر من حواجزهم، ربما هم لا يتعرضون لنا وسيسمحون لنا بالعودة، لكن بالنسبة لي ليس لدي أي ثقة بهذا النظام لاسيما أنني عملت بالمجال الإعلامي والنظام يعتبر حمل الكاميرا جريمة أكبر من حمل السلاح.
وحتى لو سمح لنا حالياً بالعودة لمنازلنا فسينتقم فيما بعد عندما يتمكن من السيطرة، وبالنسبة لي أيضاً أين أعود؟ والطيران الحربي قددمر منزلي ولم يتبقى منه شيء فأين سأسكن؟!
لكن إذا تم إجبارنا على الخروج منها فسأختار التهجير للشمال السوري ولن أبقى تحت رحمة هذه الميلشيات الحاقدة.
ترجمة: سما محمد.