عملية غصن الزيتون تقطع الوقود عن مليوني شخص يعيشون في شمال غربي البلاد
قال مدنيون ومسؤولون في الحكومة المحلية لسوريا على طول أن […]
25 يناير 2018
قال مدنيون ومسؤولون في الحكومة المحلية لسوريا على طول أن سعر الوقود تضاعف هذا الأسبوع، في شمال غرب سوريا، الخاضع لسيطرة المعارضة، حيث يؤثر القتال المستمر على حركة التجارة، في الوقت الذي يستهلك فيه أكثر من مليوني شخص مخزونهم من الوقود، ويقومون بشراء وتخزين ما تبقى من المخزون المحلي المتضائل.
ويستهلك الأهالي والمستشفيات والمخابز الاحتياطي الموجود لديهم من مادة المازوت، للحفاظ على الكهرباء والحرارة من الانقطاع، بعد أن بدأت تركيا وحلفاؤها من فصائل الجيش السوري الحر بشن هجمات جوية وأرضية على عفرين، التي يسيطر عليها الأكراد، والواقعة على الطريق التجاري الذي يزود أراضي المعارضة في الشمال الغربي بالوقود.
إلى ذلك، بدأت القوات المسلحة التركية بإطلاق نيران المدفعية، وشن غارات جوية على مواقع وحدات الحماية الكردية في عفرين ومحيطها يوم السبت، في حين اقتحمت فصائل المعارضة المدعومة من جانب أنقرة الأراضي التي تسيطر عليها وحدات الحماية من عدة محاور.
وقالت وكالة الأناضول التركية، يوم السبت، أن الهدف من الهجوم المسمى “عملية غصن الزيتون” هو “القضاء على الإرهابيين” على طول الحدود التركية الجنوبية مع سوريا، وتعتبر أنقرة وحدات الحماية الكردية تنظيماً إرهابياً بسبب علاقتها بحزب العمال الكردستاني في تركيا، المتورط بنزاعات داخلية مع أنقرة منذ عقود.
وجاء في بيان صادر عن وحدات الحماية في ٢٢ كانون الثاني، رداً على الهجوم الذي تشنه أنقرة “سنصد الهجمات التركية مهما كان الثمن، ولن نركع للعدوان”.
شاحنات الوقود على الطريق بين عفرين ودارة عزة في أيار ٢٠١٦. تصوير: وكالة الثقة
وقال سكان ومسؤول في الحكومة المحلية في شمال غرب البلاد، الخاضع لسيطرة المعارضة، لسوريا على طول هذا الأسبوع أنهم يشعرون فعلياً بالأثر الواسع النطاق للهجوم التركي الأخير على سوريا، بعد أن شهدوا ارتفاعاً سريعاً بثمن الوقود.
وقال اسماعيل العنداني، رئيس مجلس مدينة إدلب السابق، لسوريا على طول، الأربعاء أن “الوقود هو العمود الفقري للحياة في مدينة إدلب”.
وتابع العنداني “نعتمد عليه لتشغيل المولدات الكهربائية والنقل والآلات والمخابز”، مضيفاً “ولدينا مخاوف من أن يستمر هذا الإغلاق لفترة طويلة”.
وبدأت الشاحنات التي تحمل المازوت وغاز البوتان بالمرور عبر ريف عفرين في شباط ٢٠١٦، بعد أن أغلق هجوم من الجيش العربي السوري الطريق الرئيسي الذي يربط بين الشمال الغربي الذي تسيطر عليه المعارضة، وبين شرق البلاد الغني بالنفط، وفقا لما ذكرته سوريا على طول في ذلك الوقت.
وينقل سائقو الشاحنات الذين يجتازون الطريق الجديد والطويل، الوقود من حقول النفط والغاز الطبيعي في محافظتي الحسكة ودير الزور عبر عفرين إلى أكثر من مليوني نسمة في غرب حلب وإدلب وشمال حماة.
إلا أن الطريق التجاري الذي يمر عبر عفرين – ويعد المنفذ الوحيد للوقود الموثوق به للأراضي الشمالية الغربية التي تسيطر عليها المعارضة – توقف مع بدء عملية “غصن الزيتون” يوم السبت.
في السياق قال أبو سليم سمعان، سائق شاحنة مازوت على طريق عفرين- إدلب، لسوريا على طول، أنه في ظل عدم وصول إمدادات الوقود إلى مناطق المعارضة في شمال غرب البلاد، يقوم التجار والباعة برفع الأسعار بسبب الإمدادات المحدودة.
وقال سمعان، الذي يعيش في مدينة إدلب مع زوجته وأطفاله الثلاثة، إن سعر برميل المازوت ارتفع من ٤٠ ألف ليرة (٧٧ دولار) إلى ٧٥ ألف ليرة (١٤٥ دولار) خلال خمسة أيام، “وإذا استمر الوضع على ما هو عليه فإن سعر البرميل سيرتفع أكثر” بحسب قوله.
وقبل إغلاق الطريق التجاري، اعتاد سمعان السفر بانتظام مسافة ٨٠ كم شمالاً من منزله في مدينة إدلب إلى عفرين في ريف حلب الشمالي، ويحمّل شاحنته بمادتي المازوت والبوتان في معبر يقع بين عفرين الخاضعة لوحدات الحماية واعزاز الخاضعة لفصائل الجيش الحر المدعومة من جانب أنقرة.
ويتنقل سمعان بعدها عبر عفرين ثم يدخل مدينة دارة عزة التي تسيطر عليها المعارضة، في غرب محافظة حلب، عبر معبر تسيطر عليه وحدات الحماية الكردية، ومن غرب حلب، يقوم سمعان وغيره من السائقين بنقل الوقود إلى محطات الوقود والمستشفيات والمخابز المنتشرة عبر مناطق سيطرة المعارضة في إدلب وشمال حماة.
ولكن أعزاز تحولت الآن إلى واحدة من عدة جبهات فتحتها قوات المعارضة المدعومة من قبل أنقرة هذا الأسبوع، كجزء من الهجوم ضد وحدات الحماية الكردية، تمنع عبور شاحنات الوقود القادمة من الشرق.
وأكد عضو المجلس التنفيذي في عفرين، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن المعابر المؤدية من وإلى عفرين مغلقة أيضاً من الجانب الذي تسيطر عليه وحدات الحماية هذا الأسبوع، وألقى باللوم على مقاتلي الجيش السوري الحر المدعوم من جانب تركيا لتعطيل الطرق التجارية.
وقال عضو المجلس التنفيذي لسوريا على طول “نحن لم نوقف الطريق، بل درع الفرات” مشيراً إلى الفصائل التي تدعمها أنقرة باستخدام اسم حملتها السابقة في شمال حلب.
وأضاف إن “درع الفرات هي من تعتدي على عفرين من جهة أعزاز وهي من حولت المنطقة لعسكرية وقطعت الطرق”.
“نحن من يتحمل الخسارة”
تتمثل الآثار المباشرة لقطع طريق الوقود بالنسبة لسكان المناطق الشمالية الغربية، التي تسيطر عليها المعارضة، بارتفاع الأسعار وقلة توافر المازوت والبوتان للتدفئة.
يقول منصور أبو تركي، ٤٧ عاماً من أبناء حلب الشرقية يعيش الآن في بلدة الدانا شمالي إدلب، إنه صدم لمعرفة مدى سرعة ارتفاع الأسعار، حيث ذهب إلى محطة وقود قريبة لشراء المازوت في بداية الأسبوع للسخانات في المنزل حيث يعيش هو وزوجته وأطفالهم الخمسة، وكان قد اشترى بضعة ليترات من الوقود قبل ثلاثة أيام فقط من ذلك.
وقال أبو تركي، الذي يعمل سباكاً، لسوريا على طول، يوم الثلاثاء “أنا رجل فقير أشتري حسب حاجتي شيئاً فشيئاً”. حيث اشترى والد الأطفال الخمس عشرة لترات من المازوت، إذ لا يمكنه تحمل نفقته بعد ارتفاع حاد في الأسعار.
وتابع قائلاً “عدت إلى البيت وصرنا نحرق ملابس قديمة وأحذية قديمة للتدفئة… ففي هذه الحرب نحن من يتحمل الخسارة”.
في سياق متصل قال أبو زياد، أحد سكان مدينة إدلب، لسوريا على طول، أن خسارته بقطع الطريق التجاري المتعطل هي الضعف، لأن مصدر دخله الوحيد هو السيرفيس.
وقال موضحاً “بعد ارتفاع سعر المازوت صار عندي همّين هما تأمين المازوت لتدفئة الأولاد، وتأمين المازوت للسرفيس (الفان)”.
وختم أبو زياد “هون الناس من وين بدها تلاقيها جرة الغاز ب١٠آلاف برميل المازوت ب ٧٥ ألف غير إيجار البيت … والله العظيم هلق ولادي متغطين بالبطانيات والدنيا زمهرير وإلنا الله”.
ترجمة: سما محمد.