في زحفه إلى دوما: النظام يتبع سياسة الأرض المحروقة ويسيطر على تلين استراتيجيين
بعد يوم على خسارتهم تلي كردي وصوان الاستراتيجيين في الغوطة […]
2 نوفمبر 2016
بعد يوم على خسارتهم تلي كردي وصوان الاستراتيجيين في الغوطة الشرقية، قالت مصادر الثوار، لسوريا على طول، يوم الثلاثاء، أن قوات النظام أصبحت الآن قادرة على قصف المنطقة من موقع مرتفع، وسيتسنى لها توسيع دائرتها النارية لتصل أعماق الغوطة الشرقية، أكثر من أي وقت مضى، فيما أعرب أهالي البلدات المجاورة عن خشيتهم من توغل قوات النظام في الاقتحام.
وتأتي خسارة يوم الإثنين للتلين التوأم: كردي وصوان بعد خمسين يوماً متعاقباً من المعارك. والآن بات بوسع نظام الأسد وميليشياته من موقعه الاستراتيجي المرتفع التركيز في قصفه على دوما، عاصمة الغوطة الشرقية بحكم الأمر الواقع، والخاضعة لسيطرة الثوار التي مزقها قصفاً.
وشاركت ألوية المجد “المجهزة بالسلاح الخفيف والمتوسط” بقيادة جيش الإسلام بعمليات صد اقتحام قوات النظام، وفق ما قال محمد المكي، قيادي ثوري مشارك، لسوريا على طول الثلاثاء.
وذكر كل من القيادي المكي ومتحدث باسم فصيل آخر منخرط بالمعارك، أن النظام استخدم في هجومه “سياسة الأرض المحروقة”، بوابل شبه ثابت من الغارات الجوية، ونيران المدفعية الثقيلة والصواريخ الحارقة.
وقال مكي أن “استماتة النظام بالهجوم” لإيقاع الهزيمة بالثوار و”بأي ثمن”، أثمرت نصره في النهاية، وذلك، “بالإضافة لتخاذل الفصائل في مؤازرة الجبهات التي يرابط عليها جيش الإسلام”، وفق ما قال قيادي في ألوية المجد، وهو فصيل يضم نحو 100 مقاتل.
قوات الثوار في اشتباك مع قوات النظام في تل كردي. حقوق نشر الصورة لـ جيش الإسلام
وفي السؤال عن أهمية النصر الذي حققه النظام في تل كردي يوم الإثنين، أجاب القيادي أن خسارة تلي كردي والصوان لا يستهان بها. “وستتوسع الدائرة النارية لمدفعية قوات النظام في أعماق الغوطة الشرقية، وسيتمكن من فصل مدن وبلدات الغوطة الشرقية عن بعضها نارياً، وفق ما قالت عدة مصادر ميدانية لسوريا على طول.
وفي فجر يوم الإثنين، غرد جيش الإسلام بياناً على تويتر، يعلن فيه انسحابه من تل كردي بعد خمسين يوماً من “المعارك الطاحنة”، مبيناً أن “ميليشيات الأسد استخدمت فيها سياسة الأرض المحروقة، مما اضطر المجاهدين للتراجع عن المنطقة”.
وادعت قوات الثوار أنها قتلت 300 عنصر للنظام وميليشاته خلال المعارك على التلين، وفق ما قال حمزة بيرقدار، الناطق باسم جيش الإسلام، الفصيل الثوري الأكبر في الغوطة الشرقية.
وكثفت قوات النظام هجومها على تلي كردي وصوان في آواخر أيلول، بعد السيطرة على موضع استراتيجي مجاور للثوار وهي قاعدة كتيبة الإشارة العسكرية.
والانتصار الذي حققه النظام في أيلول أمكنه من فصل تل كردي وصوان عن باقي الغوطة الشرقية وفتح جبهة شرقية لقصف دوما على بعد 3 كم فقط. وفق ما ذكرت سوريا على طول آنذاك.
وبعد سقوط قاعدة الكتيبة على الفور تقريباً، وجهت قوات النظام عناصرها للتقدم على التلين. وقال بيرقدار لسوريا على طول، أن “النظام بعد سيطرته على الكتيبة أحكم حصاره لتلي كردي وصوان (…) واضطررنا للتراجع عن هذه المنطقة”.
الدخول في خط النار
وخشية الهجوم المرتقب، نزح الآلاف من أهالي تلي كردي وصوان، في تموز، وتوجهوا إلى أقصى الغوطة الشرقية، بما فيها دوما، وفق ما قالت مصادر ثورية لسوريا على طول، في أيلول.
ومنذ أيار والنظام يتوغل ببطء في ضواحي الغوطة الشرقية. وكان محور حملة النظام على المعقل الثوري الذي يبلغ مساحة 100 كيلومتر مربع هو دوما، عاصمة الغوطة بحكم الأمر الواقع والتي طوقها النظام في حزيران عام 2012، والتي كانت مآوى لنصف مليون نسمة قبل الحرب. ودوما اليوم هي هيكل لما كانت عليه في السابق، وواحدة من اكثر المواقع قصفاً بالبراميل في سورية.
وبعد السيطرة على تلي كردي وصوان، فإن الخطوة التالية المرجحة للنظام في زحفه على دوما هي بلدة الريحان، وفق ما ذكرت عدة مصادر عسكرية وميدانية لسوريا على طول.
وبلدة الريحان التي تقع إلى الغرب من التلين، تعتبر المدخل الشرقي لدوما،”وفي حال سيطرته عليها تصبح قوات النظام داخل المدينة”، وفق ما قال أبو مصطفى، مدني من دوما لسوريا على طول، الثلاثاء.
وحتى الأهالي البعيدين عن خط تقدم النظام المباشر في دوما باتوا يخشون موجة نزوح جديدة بعد الانتصار الذي حققه جيش النظام الإثنين.
و”بعد تقدم النظام في تل كردي وتل الصوان، ازدادت المخاوف لدى الأهالي، حيث أصبحت بلدات عديدة قرب خط النار الأول مما يعني أن دفعة جديدة من الناس ستبدأ بالنزوح”، وفق ما قال أيمن أبو أنس، مدني من الغوطة لسوريا على طول، الثلاثاء.
وذكرت مواقع إعلامية موالية للمعارضة القصف “الخفيف” على الغوطة الشرقية. وكان الجو العاصف وانخفاض مستوى الرؤية وراء الهدوء النسبي في المنطقة التي يحكمها الثوار، وفق ما قالت مصادر محلية لسوريا على طول.
وذكرت صفحة ريف دمشق الآن، الموالية للأسد أن مدفعية النظام تستهدف “مواقع الإرهابيين” في دوما والغوطة الشرقية، الإثنين، وباركت جهود الجيش السوري في “تضييق الخناق” على الغوطة الشرقية بعد سيطرتهم على تلي كردي والصوان.
وأضافت أن “الميليشيات المسلحة شعرت باقتراب نهايتها، فبدأت التنازلات فيما بينها كي تصمد أكبر مدة زمنية ممكنة. وبحسب المراقبين فإن الوقت قد فات الميليشيات المسلحة في الغوطة الشرقية وأن موعدها مع الهلاك قد اقترب كثيراً”.
ولم يأت فيلق الرحمن، الفصيل المنافس في الغوطة الشرقية على ذكر انسحاب الثوار. وجاء نصر النظام بالإستيلاء على مناطق في الغوطة الشرقية بشكل كبير باستغلالهالإنقسامات العميقة والعنيفة في بعض الأحيان، بين الفصيلين الثوريين القياديين في المنطقة.
وكان مئات الأهالي خرجوا، في تشرين الأول، احتجاجاً على الانقسامات العميقة وغياب التنسيق بين الفصيلين الأبرز في الغوطة الشرقية وهما فيلق الرحمن وجيش الإسلام، بعد شهور من محاولات الإغتيال والاعتقال، وفق ما ذكرت سوريا على طول آنذاك.
وختم أبو أنس حديثه بقوله “يتخوف الأهالي من الجحيم الناري لقوات النظام التي تحرق المناطق قبل سيطرتها عليها، عبر استخدام الصواريخ والغارات الجوية والقصف المدفعي ومادة النابالم الحارقة”.
وأضاف أن “الوضع يحتاج لعمل عسكري وخطة جديدة ومحكمة من الفصائل، وإلا سيكون نصيب بلدات الغوطة مشابه لما سبقها وستسقط واحدة تلو الأخرى”.
ترجمة: فاطمة عاشور