في ظل آلاف الإصابات نتيجة القصف.. بنك الدم في الغوطة الشرقية يكافح لسد احتياجات السكان
قال عاملون في المجال الطبي بالغوطة الشرقية أنهم يواجهون “نقصاً […]
15 فبراير 2018
قال عاملون في المجال الطبي بالغوطة الشرقية أنهم يواجهون “نقصاً حاداً” في معدات تخزين ونقل الدم المستخدمة لنقل الدم للمصابين جراء القصف المكثف التابع للحكومة على الجيب المحاصر.
وذكر محمد، مدير بنك الدم المركزي في الغوطة الشرقية الذي طلب عدم الكشف عن اسمه الكامل، لسوريا على طول “مع هذا القصف الشديد، تزداد الأمور صعوبة بشكل لايحتمل” و يعد بنك الدم المركزي أحد المرافق الرئيسية لتخزين الدم في الجيب الواقع تحت سيطرة المعارضة.
وأدى القصف المدفعي والغارات الجوية الحكومية إلى مقتل نحو 500 شخصاً واصابة 3 آلاف آخرين في الغوطة الشرقية منذ بدء التصعيد العسكري المكثف على الجيب المحاصر في 29 كانون الأول.
كما أدى تدفق السكان المصابين جراء الغارات الجوية والقصف المدفعي للمستشفيات المحلية إلى ازدياد الحاجة إلى الدم، وازدادت عمليات نقل الدم في مستشفى دمشق التخصصي في مدينة دوما “عشرة أضعاف” خلال التصعيد الأخير، وفقاً لتقديرات مدير المستشفى باسم سليم.
وأضاف سليم أن “حوالي 35 بالمائة من المرضى الذين يأتون إلى المستشفى يحتاجون إلى الدم”.
وصرح عدد من العاملين في بنوك الدم والمستشفيات في الغوطة الشرقية عن النقص الموجود في وحدات الدم النادرة وأكياس الدم المعقمة والإبر ووحدات التخزين، خلال محادثات أجروها مع سوريا على طول هذا الأسبوع، وأعرب عدد قليل منهم عن قلقهم إزاء قدرة الأطباء من مواصلة نقل الدم على المدى الطويل إذا استمرت وتيرة القصف الحالية على هذا النحو.
وفي بنك الدم المركزي في الغوطة الشرقية، ستنفد وحدات تخزين الدم بعد “فترة قصيرة جداً” بسبب “النقص الشديد” في المعدات اللازمة لنقلها وتخزينها، وفقاً لما ذكره المدير محمد.
وطلب محمد من سوريا على طول عدم نشر أي تفاصيل عن بنك الدم المركزي، كالكشف عن موقعه أو مدى إمكانية استمرار عمله مشيراً إلى “المخاوف الأمنية”.
وقال موظفو بنك الدم في الغوطة الشرقية أنهم لا يستطيعون الكشف عن مواقع المراكز أو عن كمية الدم المخزنة حالياً.
وعندما يكون القصف مكثفاً، كما كان عليه الحال في معظم الشهرين الماضيين، فإن بنك الدم المركزي لا يستطيع إطلاق حملات عامة من أجل التبرع بالدم، وفقاً لما ذكره أحد الموظفين الذي طلب عدم الكشف عن هويته.
وأضاف الموظف، الذي يسحب الدم من المتبرعين خلال حملات التبرع أنه “مع استمرار القصف الشديد، لا يمكن للمتبرعين الوصول إلى بنك الدم لتقديم الدم اللازم “.
وذكر المحمد أنه “عند اللزوم نقوم بتأمين الدم من الأطباء والمتطوعين الموجودين في بنك الدم”، وفي مستشفيات الغوطة الشرقية يطلب الأطباء من الأقارب التبرع بالدم عند الضرورة.
الدخان المتصاعد بعد غارة جوية على جسرين في 8 شباط، تصوير عبدالمنعم عيسى/AFP.
من جانبه ذكر ماجد برهان، طبيب في بنك الدم المركزي، أن جمع وتخزين وحدات الدم من قبل التصعيد الأخير كان أمراً صعباً للغاية.
وأضاف برهان “لا يمكننا أن نطلب من الناس التبرع بالدم بشكل كبير، لأنه لايوجد مساحة كافية في وحدات التبريد الموجودة في بنك الدم، بالإضافة إلى أنها تعمل على مولدات البنزين”.
وعند الحاجة إلى الدم يتم الإعلان عن حملات التبرع عن طريق مكبرات الصوت في المساجد والغرف المغلقة عبر وسائل التواصل، مضيفاّ أنه يتم سحب الدم من المتبرعين في “المساجد أو الأقبية أي في أماكن شبه آمنة”.
وفي المستشفى التخصصي بدوما، فإن الحاجة إلى الدم ليست فقط من أجل المصابين جراء القصف، ولكن أيضاً من أجل المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل فقر الدم المنجلي والثلاسيميا، (فقر الدم الحاد الذي يصيب كريات الدم الحمراء) فضلاً عن مضاعفات الولادة.
كما أن نقل الدم من البنك إلى المستشفيات والمرافق الطبية هو جهد مجتمعي ينطوي على الأطباء والمدنيين الذين يعملون “ليلاً و نهاراً” على حد قول المحمد.
وأضاف أن السيارات المزودة بوحدات تبريد خاصة لحفظ الدم تنقل الدم من البنوك إلى مستشفيات الغوطة الشرقية “حسب الطلب” باستخدام الطرق السرية من أجل تجنب القصف، وعند الضرورة يستخدم موظفو بنك الدم مبردات محمولة ودراجات نارية لعبور الطرق المدمرة في الغوطة الشرقية بشكل أسرع.
‘عاجزين كلياً’
طوقت القوات الحكومية الغوطة الشرقية، التي كانت موطنا لـ 400 ألف نسمة، منذ عام 2013، وفي شهر شباط الماضي شددت الحكومة السورية قبضتها على الغوطة الشرقية من خلال السيطرة على خطوط التهريب المستخدمة لإدخال الغذاء والإمدادات الأخرى إلى الجيب المحاصر من ثلاثة أحياء في شمال شرق دمشق.
وكان المهربون الذين يتنقلون عبر الأنفاق ساعدوا لمرة واحدة فقط في تزويد مخزن الإمدادات الطبية في الغوطة الشرقية، بما في ذلك الإبر والأكياس المعقمة التي تستخدم مرة واحدة لنقل وحدات الدم وتخزينها،
ودون طرق التهريب تلك لا يستطيع أطباء الغوطة الشرقية وبنوك الدم من سد نقص مخزونهم، وفقاً لما ذكره كلاً من باسم سليم مدير المستشفى، وماجد برهان طبيب في بنك الدم المركزي.
وسابقاً كان بنك الدم يشتري أكياس الدم من المهربين في السوق السوداء بأسعار “مقبولة نسبياً” على حد قول البرهان، أما اليوم، المستشفى التخصصي يستعمل مخزونه الاحتياطي من الدم لمواصلة نقل الدم للمرضى، بحسب السليم.
وأضاف السليم أن الأطباء يقومون بفرز المرضى ممن هم بحاجة إلى الدم “حسب الحاجة” وذلك من أجل ضمان استمرار مخزونهم لأطول فترة ممكنة.
وتابع مع نقاذ مخزون الدم، فإن الأطباء في الغوطة الشرقية “سيصبحون عاجزين كلياً”.
إعداد: أماني الخالدي – ليلى الأحمد
ترجمة: بتول حجار