في ظل استمرار الاقتتال والصراع الثوري الداخلي: هل “الباصات الخضراء” في طريقها للغوطة الشرقية؟؟
استنكر أهالي الغوطة الشرقية بشدة الصراعات والاقتتال الداخلي بين الثوار. […]
24 أكتوبر 2016
استنكر أهالي الغوطة الشرقية بشدة الصراعات والاقتتال الداخلي بين الثوار. وأعربوا عن سخطهم وخشيتهم أن تكون بلدتهم في طريقها للسقوط في موجة الاستسلام التي تسحب المعارضة في ريف دمشق منذ شهرين.
وفي يوم السبت، تقدمت قوات النظام مئات الأمتار وسيطرت على تلال مرتفعة تطل على دوما، عاصمة الغوطة الشرقية بحكم الأمر الواقع. واستغل النظام في تقدمه الانقسامات العميقة وغياب التنسيق بين الفصيلين الأبرز في الغوطة الشرقية، وهما فيلق الرحمن وجيش الإسلام، بعد شهور من محاولات الاغتيال وعمليات الاعتقال، المتبادلة فيما بينهما.
ويخشى ثوار الغوطة الشرقية أن يكون مصيرهم كمصير سلسلة من البلدات التي تعانق دمشق، بما فيها داريا والهامة وقدسيا والمعضمية وكيف فرطت حباتها الواحدة تلو الأخرى بيد النظام، ووقعت اتفاقيات مصالحة معه، تنص على خروج المقاتلين من بلداتهم إلى شمال سوريا.
وقال أبو محمد، من سكان حمورية في الغوطة الشرقية، لسوريا على طول، الأحد، “اذا استمر الوضع على حاله، أعتقد أن الناس لا يمكن أن يفعلوا شيئاً ومصيرنا هو انتظار الباصات الخضراء، والتوجه إما إلى إدلب أو درعا”. ومنذ آواخر آب، وألآف الثوار وعوائلهم يرحلون في باصات خضراء، باتت رمزاً للاستلام في أوساط السوريين المعارضين لكثرة ما حملت من الحشود على خط الإجلاء الجماعي.
مظاهرات في الغوطة الشرقية، يوم الجمعة. حقوق نشر الصورة لـ شبكة الثورة السورية
وفي يوم الجمعة، سار مئات المتظاهرين لمسافة خمسة كيلومترات عبر أحياء الغوطة الشرقية، في ريف دمشق عقب صلاة الجمعة، وطالبوا فيلق الرحمن وجيش الإسلام بترك خلافاتهما جانباً والتوحد فيما بينهما لمواجهة النظام وإزالة الحواجز.
إلا أن المظاهرات التي بدأت سلمية سرعان ما اشتعل فتيل العنف فيها، حين وصل المتظاهرون إلى المقرات العسكرية لفيلق الرحمن في منطقة زملكا. وتظهر عدة فيديوهات عناصر فيلق الرحمن وهم يطلقون النار في الهواء ويفرقون الجموع. واشتعلت بعدها اشتباكات صغيرة بين المتظاهرون وعناصر الفيلق
وقال أحمد حمدان، من سكان الغوطة الشرقية، لسوريا على طول، الأحد “خرجت مظاهرة كبيرة بمطالب الناس وبالفعل المطالب كانت محقة، لكن الخطأ كان بتوجه المظاهرة الى معقل فيلق الرحمن والخطأ الاكبر كان من قبل الفيلق بالرد على المظاهرة بإطلاق الرصاص”.
وأصدرت مجموعة من الفعاليات المدنية في الغوطة الشرقية بيانا مصورا في يوم السبت، أدانت فيه التصعيد العنيف للأحداث من قبل فيلق الرحمن وطالبت بمسائلته، مدعيةً أنه “اعتدى بالضرب والشتم على بعض المتظاهرين والإعلاميين وأشهر السلاح في وجوههم”.
“أنقذوا الغوطة الشرقية”، من لافتات يوم الجمعة، حقوق نشر الصورة لـ عبيدة الدوماني“
وخالف وائل علوان الناطق الرسمي باسم فيلق الرحمن، هذه الرواية بالقول “بعض المتظاهرين قاموا بالشتم واللعن والتخوين، وكل هذا لم يتم استفزاز أحد من عناصرنا، ولكن وصل الأمر إلى أن هاجم المتظاهرون أحد العناصر وحاولوا انتزاع سلاحه، مما اضطره لإطلاق النار في الهواء لتفريق الجموع من حوله”.
وأصدر فيلق الرحمن، بيانا رسميا مكتوبا، في يوم السبت، وأكد أن العناصر الذين أطلقوا النار أحيلوا للتحقيق وسوف تتم محاسبتهم على هذا الخطأً، مشددا على أن “التظاهر حق مشروع لكل أبناء الشعب السوري”.
ورغم أن المظاهرات انطلقت في بادئ الأمر لدعوة كل من فيلق الرحمن وجيش الإسلام لتخطي الخلاف بينهما، إلا أن بعض أهالي الغوطة الشرقية يرون أن المظاهرات اتخذت، فيما بعد، طابعاً أحادياً جداً ونبرة مسيسة في التجيش ضد مقرات فيلق الرحمن.
وقال علاء الأحمد، ناشط من أبناء الغوطة الشرقية، شارك في التظاهرات، لسوريا على طول، يوم الأحد، “جميع المطالب وجهت لفيلق الرحمن فقط، فلماذا لم تتوجه الى دوما؟ (…) ولماذا لم تتم مطالبة جيش الإسلام بفتح ملف المعتقلين والاغتيالات؟”.
وأضاف الأحمد أن “استمرار الخلاف بين الفصائل وعدم توحدهم سيدفع الناس إلى ثورة عارمة ضدهم، ستقتلع كل قائد من منصبه وسيحاسب شعبياً، ففي النهاية الناس لم تعد تحتمل ولابد من الانفجار”.
من جهة أخرى، ذكر موقع ريف دمشق الآن، الموالي للنظام، الاقتتال بين الجماعات الثورية، وذلك بعد إطلاق الأعيرة النارية، يوم الجمعة، “عقب الثورة المزعومة ثورة جديدة (…) عناصر مسلحي فيلق الرحمن الداعمين للحرية!!! يستهدفون بالرصاص متظاهرين خرجوا ضدهم وقاموا بدعمهم سابقاً”.
ونجح النظام وقواته الحليفة، إلى حد كبير، بالسيطرة على أجزاء من الغوطة الشرقية من خلال استغلال الانقسامات العميقة بين الفصائل الثورية المسيطرة في المنطقة.
في السياق، سيطرت قوات الجيش السوري على معظم الأراضي الزراعية جنوبي الغوطة الشرقية، في أيار، بشكل سريع، بعد أسابيع من الاقتتال بين جيش الإسلام وفيلق الرحمن، مما سهل تقدم النظام ومنع وصول تعزيزات الثوار إلى الجبهات مع النظام.
وبدأ جيش الإسلام والفصائل الإسلامية المنافسة، فيلق الرحمن وجيش الفسطاط، والتي تتكون من جبهة النصرة (التي تعرف الآن باسم جبهة فتح الشام) وفجر الأمة، بالاقتتال علنا من أجل الهيمنة على عدة بلدات محاصرة من قبل النظام، في الغوطة الشرقية، في 28 نيسان.
وجاء الاقتتال الداخلي بعد شهور من المناوشات والاعتقالات ومحاولات الاغتيال.
“تحت رحمة مدفعية النظام”
إلى ذلك، قصفت الطائرات الحربية ضواحي دمشق الشرقية، بعد ظهر يوم الأحد، في أحدث حملة يشنها النظام ببطء للتقدم نحو مدينة دوما، معقل المقاومة العسكرية المعارضة بالقرب من العاصمة دمشق.
وفي يوم السبت، مهد أكثر من 40 برميلا متفجرا وصواريخ فراغية الطريق أمام النظام وحزب الله للتقدم إلى بلدة الريحان في الغوطة الشرقية.
وقال مصدر عسكري، داخل الغوطة الشرقية، لسوريا على طول، يوم الأحد، “سيطر النظام على أكثر من 300 متر في بلدة الريحان خلال نهاية الأسبوع”.
وسيطر الجيش السوري وحلفائه على قاعدة عسكرية استراتيجية تابعة للثوار في الغوطة الشرقية، في أواخر الشهر الماضي، مما فتح الجبهة الشرقية لقصف دوما، التي تبعد أقل من 3 كم غربا عن الخطوط الأمامية الجديدة للنظام.
وفي الثالث عشر من تشرين الأول، قصفت طائرات النظام مناطق الغوطة الشرقية المحاصرة، والخاضعة لسيطرة الثوار، بعشرات الغارات الجوية والقصف الأرضي، مما أسفر عن إصابة 76 شخصا ومقتل سبعة أشخاص على الأقل، وفقا لما ذكرته سوريا على طول.
وقال محمد، أحد سكان دوما، لسوريا على طول، في 28 أيلول، بعد الاستيلاء على القاعدة العسكرية “دوما الآن تحت رحمة مدفعية النظام (…) من جبهة أخرى، ونحن نخشى من أن تشهد المدينة زيادة في وتيرة القصف”.
وتتعرض مدينة دوما، والتي كانت موطنا لنصف مليون شخص قبل الحرب، منذ شهر أيار، لقصف مدفعي شبه يومي من الشمال، بالإضافة إلى تدهور الوضع الإنساني ونقص في الإمدادات الطبية.