“قرى الأشباح” تخرج من اتفاقية وقف إطلاق النار مع اشتداد الحرب على المياه خارج دمشق
تتحول قرى وادي بردى الخاضعة لسيطرة الثوار والتي تبعد 15كم […]
11 يناير 2017
تتحول قرى وادي بردى الخاضعة لسيطرة الثوار والتي تبعد 15كم شمال غرب دمشق إلى “قرى للأشباح” بعد أن دكت القوات الموالية للنظام المنطقة بعشرات الغارات الجوية، الثلاثاء، وسط حملة مستمرة منذ ثلاثة أسابيع لانتزاع السيطرة على أكبر مصدر يمد العاصمة بالمياه العذبة من أيدي المعارضة، وفق ما قالت مصادر محلية لسوريا على طول.
تم استهداف المنطقة يوم الثلاثاء بوابل من الغارات الجوية وقذائف الهاون ونيران المدفعية، اليوم الذي وصفه الثوار بـ”الأكثر عنفاً” منذ بداية الحملة على الجيب الثوري في 22كانون الأول.
ويبدو أن النية وراء التصعيد العسكري هي السيطرة على القرى العشرة التي ما تزال تحت سيطرة الثوار، ويأتي التصعيد بعد يوم مما نقل عن الرئيس بشار الأسد القول أن منطقة وادي بردى لا يشملها اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في أنقرة في 30 كانون الأول. وفي تصريحات أدلاها الأسد لوسائل إعلامية فرنسية “الإرهابيون يحتلون المصدر الرئيسي للمياه لدمشق (…) ودور الجيش السوري هو تحرير تلك المنطقة لمنع أولئك الإرهابيين من استخدام المياه لخنق العاصمة”.
ويغذي وادي بردى الذي يضم عشرة قرى تحت سيطرة الثوار وثلاثة بيد النظام، دمشق بـنسبة 70% وذلك قبل تدمير المحطة الرئيسية للمياه قبل ثلاثة أسابيع، مما أدى إلى نقص على نطاق واسع شمل أكثر من أربعة ملايين من سكان العاصمة والأحياء المجاورة لها.
الغارات الجوية تدك وادي بردى، الأحد. حقوق نشر الصورة لـ الهيئة الإعلامية في وادي بردى
وزعمت مصادر موالية للنظام أن المياه توقفت عن الضخ للعاصمة في 22 كانون الأول بعد أن لوث الثوار منطقة نبع عين الفيجة بالمازوت. من جهتهم، أنكر الثوار هذا الإدعاء واتهموا القصف الحكومي بتدمير محطة ضخ مياه وادي بردى.
وفرّ نحو 50 ألفا من الأهالي؛ أي أن قرابة نصف التعداد السكاني في وادي بردى هجروا منازلهم منذ بداية الهجوم البري الذي يقوده حزب الله، والذي تدعمه قوات النظام بنيران المدفعية الثقيلة والغارات الجوية شبه اليومية.
وباتت قرى وادي بردى “قرى للأشباح” وفق ما قال إعلامي من الهيئة الاعلامية في وادي بردى، لسوريا على طول الثلاثاء، والذي طلب عدم ذكر اسمه، مبيناً أن “كلا من قريتي بسيمة التي كانت تحوي 15 الف نسمة وقرية عين الفيجة 30 الف نسمة، أصبحتا خاليتين من السكان تماماً”.
ومع حصار حزب الله وقوات النظام للقرى العشرة في الجيب الثوري، فإن الأهالي ينزحون داخل منطقة مغلقة “حيث تكتظ المساجد وغيرها من المنشآت بالنازحين”، وفق ما قال أبو محمد البرداوي الناطق باسم المكتب الإعلامي في وادي بردى، لسوريا على طول، مساء الإثنين. وأضاف أن “النظام يسعى من خلال حملته لتفريغ الوادي من سكانه والسيطرة على النبع (عين الفيجة)”.
وباتت الموارد الغذائية والدعم الطبي في نقص متزايد داخل وادي بردى. وأشار البرداوي إلى أن أوضاعالناس “مأساوية ويعيشون ظروف صعبة في ظل انعدام الكهرباء والاتصالات والرعاية الطبية”. وتحدثت سوريا على طول مع البرداوي من خلال انترنت عبر الأقمار الصناعية المخصصة في العادة للمجموعات الثورية والمكاتب الإعلامية.
وأخفقت المفاوضات بين مفاوضي النظام والثوار خلال عطلة نهاية الأسبوع في التوصل إلى اتفاق لإصلاح محطة ضخ المياه المتضررة، حيث استؤنفت الغارات الجوية مرة ثانية في يوم الأحد واستمرت حتى الثلاثاء.
وادعت الوسائل الإعلامية المعارضة في سوريا أن أكثر من 30 غارة جوية و40 صاروخ أرض- أرض و60 قذيفة هاون ضربت وادي بردى منذ يوم الأحد. وتمكن الأهالي والثوار المقاتلين من يأخدوا متنفساً من الهجوم البري خلال يوم الإثنين بسبب الضباب الكثيف والظروف الجوية القاسية.
ومع استمرار الغارات الجوية ومحاولات اختراق الجيب الثوري من ثلاثة محاور على الأقل، شجب قائد(فاستفم كما أمرت)، تجمع ثوري متمركز في المنطقة، اتفاق أنقرة لوقف إطلاق النار، الأحد.
وغرد “لم ولن نقبل هدنة فيها استثناءات واستمرار النظام في اقتحام وادي بردى وتقدمه يعني أن الاتفاق بات تحت أنقاض بيوت وادي بردى المهدمة بصواريخ الأسد”.
تغريدة صقر أبو قتيبة، قائد فاستقم كما أمرت، الأحد.
ومع عدم إمكانية الحصول على المياه النقية من نبع عين الفيجة، فإن أهالي بردى يلجؤون إلى شرب مياه غير معقمة. و”بدأت أمراض الإسهال والإلتهاب المعوي بالانتشار بين المدنيين”، وفق ماقال البرداوي الناطق باسم المكتب الإعلامي في وادي بردى.
وفي السياق ذاته، بيّن طبيب دمشقي أن الأطفال في العاصمة تصيبهم الأمراض من المياه الملوثة مع دخول نقص المياه الحاد أسبوعه الثالث. وحاليا “هناك إصابات بين أطفال من مختلف الأعمار، وهناك حالات إسهال شديد مع ارتفاع درجات الحرارة”، وفق ما قال الطبيب لسوريا على طول، الإثنين، متحفظاً على ذكر اسمه.
وأدان كل من المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي مستورا، والمنسق الإنساني للأمم المتحدة يان إيجلاند، النزاع بين النظام والثوار على المياه، في مؤتمر صحفي في 5 كانون الثاني في جنيف.
وقال إيجلاند “في دمشق وحدها 5.5 مليون شخص حرموا من المياه، أو تلقوا كميات أقل (…) بسبب المعارك، أو أعمال التخريب أو الاثنين معا”.
وختم “إن أعمال التخريب والحرمان من المياه جريمة حرب”.
ترجمة: فاطمة عاشور