قصف مكثف على الغوطة الشرقية يعيق عمل الدفاع المدني: لا يمكننا تغطية كل هذا
أسفرت الغارات الجوية والقصف المدفعي المكثف على ضواحي دمشق الشرقية […]
13 فبراير 2018
أسفرت الغارات الجوية والقصف المدفعي المكثف على ضواحي دمشق الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة عن مقتل ما لا يقل عن ١٥ مدنياً خلال الـ ٤٨ ساعة الماضية، حيث قال عناصر الدفاع المدني لسوريا على طول أنهم يواجهون صعوبة أثناء إجراء عمليات البحث والإنقاذ بسبب القصف الليلي.
وبينما كانت الغارات الجوية والقصف المدفعي تستهدف الغوطة الشرقية، قال سراج محمود، ناطق باسم الدفاع المدني السوري في الغوطة الشرقية، لسوريا على طول يوم الأحد “لا يمكننا تغطية كل هذا”.
وذكر الدفاع المدني السوري في ريف دمشق أن القصف الصاروخي على مدينة دوما، عاصمة الغوطة الشرقية، أسفر عن مقتل خمسة مدنيين قبل فجر الاثنين، فيما قالت وسائل إعلام محلية معارضة أن عشرة أشخاص قتلوا، يوم الأحد، بسبب الغارات الجوية والقصف المدفعي على دوما وسقبا وجوبر وعدة بلدات أخرى في الغوطة الشرقية.
وفيما تحتفظ فرق الدفاع المدني عادة بسجلات مفصلة عن ضحايا الغارات الجوية والقصف المدفعي في الغوطة الشرقية، يقول محمود إن كثافة القصف الأخير جعلت عملية الإحصاء التفصيلي لعدد قتلى وحجم الدمار “مستحيلة”.
وتابع محمود “بخصوص التوثيق أو تفريق القصف أو الضحايا بين ليلي ونهاري هذا شيء مستحيل، لا يمكننا القيام به ولا أحد يستطيع القيام به”.
عنصر من الدفاع المدني يحاول إخماد حريق في سقبا، ١٠ شباط. تصوير: الدفاع المدني السوري في ريف دمشق.
وأوضح محمود لسوريا على طول، يوم الاثنين، إن إحصائياتهم التي تمكن الدفاع المدني من الحصول عليها تشير إلى أن الغارات الجوية والقصف المدفعي قتلت ما لا يقل عن ٤٤٦ مدنيا من أهالي الغوطة الشرقية وخلفت أكثر من ٣٠٠٠ إصابة، منذ بدء حملة القصف الأخيرة في ٢٩ كانون الأول.
ويقول اثنان من عناصر الدفاع المدني في الغوطة المحاصرة، لسوريا على طول، هذا الأسبوع أنه بالرغم من صعوبة إجراء عملهم أثناء النهار مع القصف المستمر، إلا أن العمل في ظلام الليل يعيق تقريباً جميع العمليات: مراقبة الطائرات في السماء، والبحث عن الناجين العالقين تحت الأنقاض، ونقل المصابين.
وقال مؤيد الحافي، عنصر في الدفاع المدني، في مدينة سقبا لسوريا على طول “في الليل، من الصعب أن نرى موقع القصف… ونبحث عن المصاب من خلال صوته”.
وبدلاً من ذلك، يتوجب على عناصر الدفاع المدني الاعتماد على المصابيح الكشافة أو المصابيح الصغيرة لنقل المصابين وإخراجهم من تحت أنقاض المباني المنهارة، كما أن الغبار يثور بعد القصف مما يجعل الرؤية الواضحة أمراً صعباً.
ونتيجة لذلك، قال أبو فهد، عنصر في الدفاع المدني، لسوريا على طول “ليلاً يصعب فرز الإصابات حسب الأولوية” لإسعافها.
وقال كل من أبو فهد ومؤيد الحافي، عناصر في الدفاع المدني، في مدينتي مسرابا وسقبا في الغوطة الشرقية لسوريا على طول إن فرقهم لا تستخدم الكشافات أو أي إضاءة قوية أخرى بسبب خطر استهداف الموقع ذاته بضربة “ثانية”.
أعقاب غارة جوية في عربين في ١٢ شباط. تصوير: الدفاع المدني السوري في ريف دمشق.
وقال المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، زيد بن رعد الحسين، في بيان صدر في العاشر من شباط، حول ما يجري من قصف في الغوطة الشرقية وإدلب الخاضعتان لسيطرة المعارضة، أن الأمم المتحدة تتلقى تقارير تفيد بمقتل مسعفين وعناصر في الدفاع المدني “جراء الجولات الثانية والثالثة والرابعة من الغارات الجوية التي تستهدف عمداً المناطق التي تعرضت للضرب”.
وقال الحسين في البيان الذي صدر من جنيف”هذه التطورات، حتى إذا ما قيست بالمعايير الشنيعة في سوريا، تعتبر مؤسفة بشكل استثنائي، وهي أمر مثير للتعجب حيث أن هاتين المنطقتين سبق أن أعلنتا من ضمن مناطق تخفيف التوتر”.
وتعد ضواحي الغوطة الشرقية، التي حاصرها جيش النظام السوري وحلفائه عام ٢٠١٣، موطناً لما يقدر بـ٤٠٠ ألف نسمة، ويذكر أن المنطقة المحاصرة هي واحدة من أربع مناطق خفض تصعيد تم إنشاؤها في جميع أنحاء البلاد ضمن اتفاقية بين روسيا وإيران، أيار الماضي.
ولم تشمل اتفاقية خفض التصعيد هيئة تحرير الشام، التي كانت تعرف سابقاً باسم جبهة النصرة، التابعة لتنظيم القاعدة، والتي تحافظ على وجودها في المناطق الغربية والجنوبية من الغوطة الشرقية، بحسب ما ذكرته سوريا على طول في آب.
وقال السفير الروسي في سوريا، ألكسندر كنشاكاك، لوكالة الأنباء الروسية تاس، يوم السبت، أنه “من الصعب التنبؤ بالتاريخ الذي سيعود فيه الوضع في الغوطة الشرقية إلى طبيعته” نظراً لتواجد هيئة تحرير الشام الحالي في المنطقة المحاصرة.
ولم تعلق وسائل الإعلام السورية بشأن الغارات الجوية على الغوطة الشرقية خلال الـ ٤٨ ساعة الماضية، إلا أن وكالة الأنباء السورية (سانا) قالت يوم الأحد أن “جماعات مسلحة انتهكت اتفاق خفض التصعيد في الغوطة الشرقية” باستهداف المناطق الشرقية من دمشق بقذائف الهاون مما أسفر عن مقتل أحد سكان حي جرمانا.
وقالت وكالة الأنباء السورية أن “وحدات من الجيش العربي السوري وجهت ضربات دقيقة على مناطق إطلاق القذائف في عمق الغوطة الشرقية أسفرت عن تدمير تحصينات ومناطق لإطلاق القذائف”.
وبينما يستمر القصف، ليلاً ونهاراً، يمضي الناس مثل إسماعيل ياسين، مدني من دوما “أياماً بلا نوم”، مستيقظين بسبب الخوف وأصوت القصف.
وقال ياسين إن منزله في دوما دُمّر جراء غارة جوية مساء الخميس، لكنه نجا وعائلته، وفي ليلة السبت، بعد يومين من استهداف منزله، يقول ياسين إنه سمع ثمانية صواريخ تسقط بالقرب من المبنى الذي يقيم فيه الآن.
وحتى عندما سقطت الصواريخ في مكان قريب منهم، بعد أيام دون راحة أو نوم، يقول ياسين لسوريا على طول “لم نكن نقاوم التعب ونمنا رغم ما يحدث”.
وختم قائلا “لم نتعرض لمثل هذا القصف من قبل”.
ترجمة: سما محمد.