5 دقائق قراءة

كيانات بلا وزن يديرها نظام أمني: 7 حكومات سورية منذ اندلاع الثورة (إنفوغراف)

إجراء تغييرات أو تعديلات حكومية ليست أكثر من ذرّ الرماد في العيون، إذ "لا قيمة للحكومات في سوريا، كون النظام رئاسي بالمطلق، وليس لرئيس الحكومة أدوار سياسية، وإنما دوره خدمي بحت"


17 سبتمبر 2020

عمان- في 25 آب/أغسطس الماضي، أصدر بشار الأسد المرسوم رقم 210 للعام 2020، والذي كلّف بموجبه المهندس حسين عرنوس تشكيل حكومة جديدة، بعد أن كان منذ 11 حزيران/يونيو الماضي يتولى تسيير أعمال الحكومة، إضافة لمهامه وزيراً للموارد المائية، عقب إعفاء عماد خميس من منصبه.

وكان الأسد قدم رئيس حكومته عماد خميس قرباناً في محاولة لاحتواء موجة الاستياء الواسعة التي شهدتها مناطق سيطرته، وصلت حدّ إطلاق التظاهرات التي شهدتها محافظة السويداء جنوب البلاد هتافات مطالبة برحيل الأسد ذاته، نتيجة أزمة اقتصادية هي الأكبر في سوريا، لاسيما مع تدهور سعر صرف الليرة السورية إلى مستوى غير مسبوق. لكن إجراء تغييرات أو تعديلات حكومية ليست أكثر من ذرّ الرماد في العيون، إذ “لا قيمة للحكومات في سوريا، كون النظام رئاسي بالمطلق، وليس لرئيس الحكومة أدوار سياسية، وإنما دوره خدمي بحت”، كما قال لـ”سوريا على طول” مدير المكتب التنفيذي للمركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية بالعاصمة الأميركية واشنطن، د. رضوان زيادة، مشبهاً رئيس مجلس الوزراء في سوريا بـ”رئيس بلدية”.

وهو ما أكد عليه أيضاً مدير منظمة سوريون مسيحيون من أجل السلام، المهندس أيمن عبد النور. معتبراً أن “القضايا الكبرى تدار في القصر الجمهوري”، فيما “الحكومة في سوريا عبارة عن ميسّر بسيط”. مع ذلك، كما أضاف عبد النور لـ”سوريا على طول”، فإن على رؤساء هذه الحكومات “ضغوطات مرعبة. فالخطأ في عمل أو تصريح قد يعرضهم للإعفاء من المنصب، وقد يصل [الأمر] حدّ القتل”.

و”حتى إذا أحسن رؤساء الوزراء الإدارة، فإنهم غير قادرين على إدارة البلاد بصورة جيدة، لأن الكوادر التي تحترم نفسها ومجتمعها لا تقبل العمل مع النظام، فيما أصحاب الكفاءات العلمية حصلوا على فرص عمل خارج سوريا”، بحسب قوله. 

وفيما يخص دور الحكومات السورية في مواجهة الأزمات الاقتصادية، نفى عبد النور أي قدرة لتلك الحكومات في هذا الشأن، معتبراً أن “المافيات التي أطلقها النظام لتساعده في تأسيس مليشيات، لها صلاحيات في العمل الاقتصادي فوق القانون، أكثر من تلك الحكومات”.

سنوات الثورة

بعد أقل من شهر على اندلاع الثورة السورية، في آذار/مارس 2011، حلّ الأسد حكومة المهندس محمد ناجي العطري، وكلّف عادل سفر تشكيل حكومة جديدة، باشرت عملها بموجب المرسوم رقم 146 للعام 2011. لكن هذا لم ينعكس على سياسة دمشق في تعاملها مع المتظاهرين السلميين.

سفر من مواليد محافظة ريف دمشق، العام 1953، كان قد شغل منصب أمين فرع جامعة دمشق لحزب البعث (الحاكم) بين العامين 2000 و2002، ثم وزيراً للزراعة في حكومة العطري خلال الفترة بين 2003 و2011. ويرجح أنه قد تم اختيار سفر كونه من مواليد إحدى أكثر المحافظات مشاركة في الاحتجاجات الشعبية آنذاك، بهدف إيصال رسالة إلى الداخل مفادها “اخترت رئيساً للحكومة منكم، فأنتم لستم أعدائي، وإنما الإرهابيون في مناطقكم”، برأي المهندس عبد النور. فيما الرسالة الخارجية من هذه السياسة، هي أن “النظام لا يريد أن تبدو المنطقة خارج ولائه، بل هناك بعض المتمردين”.

وفق المنطق ذاته، تم أيضاً تكليف الدكتور رياض حجاب، من محافظة دير الزور، بتشكيل الحكومة الثانية منذ اندلاع الثورة، والتي بدأت مهامها بموجب المرسوم رقم 210 للعام 2012، في 24 حزيران/يونيو من العام ذاته. إذ كانت المحافظة تتعرض لقصف وحصار من القوات الحكومية، على امتداد 45 يوماً مع تكليف حجاب.

لكن حجاب، المولود في العام 1966، وشغل سابقاً منصب أمين فرع حزب البعث في دير الزور في الفترة 2004-2008، ثم مناصب حكومية، أهمها محافظاً للقنيطرة بين العامين 2008 و2001، ووزيراً للزراعة في حكومة سلفه عادل سفر، أعلن انشقاقه عن النظام بعد أسابيع من توليه منصب رئيس مجلس الوزراء، وتحديداً في 6 آب/أغسطس 2012، ليعلن الأسد بدوره إعفاءه من منصبه بموجب المرسوم 294 للعام 2012.

في حكومة حجاب، استُحدثت وزارة جديدة هي “وزارة دولة لشؤون المصالحة الوطنية”، تولاها الدكتور علي حيدر، من مواليد محافظة حماة العام 1962، ومن الأدوار التي لعبتها إقناع اللاجئين بالعودة إلى البلاد.

ورغم أهمية انشقاق حجاب بالنسبة لمؤيدي الثورة السورية، فإنه “أظهر حجم الخواء السياسي السوري، كما كشف هشاشة هذا المنصب [رئاسة الوزراء]، إذ لم يؤثر الانشقاق على النظام بالمطلق”، بحسب الدكتور زيادة.

خلفاً لحجاب، أوكلت مهمة تسيير أعمال الحكومة لعمر ابراهيم غلاونجي، الذي شغل المنصب بموجب المرسوم رقم 295 لمدة أربعة أيام، في الفترة بين 6 و9 آب/أغسطس 2012. وغلاونجي من مواليد طرطوس، العام 1954، كان تولى إدارة عدد من مديريات وفروع مؤسسة الإسكان العسكري بين العامين 1978 و2000، فيما تولى أول حقيبة وزارية في العام 2009 وزيراً للإدارة المحلية.

في 9 آب/أغسطس 2012، تم تكليف وائل نادر الحلقي بتشكيل الحكومة الرابعة منذ اندلاع الثورة السورية. وهو من مواليد درعا، العام 1964، وكان أميناً لفرع حزب البعث في المحافظة بين 2000 و2004، وعضو القيادة القطرية للحزب بين 2012 و2016، وعضو القيادة المركزية منذ العام 2005 وحتى الآن. وترأس الحلقي حكومتين -الرابعة والخامسة- بموجب المرسومين رقم 298 للعام 2012، ورقم 273 للعام 2014 ، وأعفي من منصبه في 22 حزيران/يونيو 2016.

بعد الحلقي، أوكلت مهمة تشكيل حكومة جديدة لابن محافظة ريف دمشق، عماد خميس، بموجب المرسوم رقم 203 للعام 2016. وكان خميس، من مواليد العام 1961، قد تولى إدارة الشركة العامة لكهرباء دمشق في الفترة 1987-1994، ومن ثم إدارة فرع الشركة في ريف دمشق بين العامين 2005 و2008. وتولى حقيبة وزارة الكهرباء في حكومة سلفه الحلقي، وهو عضو القيادة القطرية لحزب البعث.

الحكومة السابعة في زمن الثورة كانت من نصيب حسين عرنوس، من مواليد قرية التح التابعة لمعرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، العام 1953. وقد شغل قبل ذلك مناصب حكومية عدة، إذ كان محافظاً لدير الزور في الفترة بين 2009 و2011، ثم محافظاً للقنيطرة، كذلك تولى حقائب وزارية منذ شباط/فبراير 2013 في حكومتي الحلقي وخميس.

وقد أدرج عرنوس على قائمة العقوبات الأميركية والأوروبية في العام 2014.

وزارات يحكمها الولاء للنظام وحده

في حكومات نظام الأسد السبع التي تشكلت منذ ربيع 2011، تم تعيين 149 وزيراً، منهم 41 وزيراً تولوا أكثر من حقيبة وزارية، فيما حافظ 3 وزراء على حقائبهم في جميع تلك الحكومات، وهم وزير الخارجية وليد المعلم، ووزير الأوقاف محمد عبد الستار السيد، ووزير شؤون رئاسة الدولة منصور فضل الله عزام.

كذلك، برزت أسماء تولت حقائب وزارية في أكثر من حكومة، من قبيل اللواء محمد إبراهيم الشعار، الذي شغل منصب وزير الداخلية في أربع حكومات، إلى أن تم استبداله بموجب المرسوم رقم 360 للعام 2018 باللواء محمد خالد الرحمون. والشعار من مواليد الحفة في محافظة اللاذقية، العام 1950، وهو شخصية أمنية شغلت مناصب حساسة من بينها رئاسة الاستخبارات العسكرية في حلب، وقيادة الشرطة العسكرية، كما أنه متهم بالتورط في مجزرة سجن صيدنايا العام 2008، والتي راح ضحيتها نحو 25 سجيناً. وهو من الشخصيات المدرجة على قائمة العقوبات الأميركية والأوروبية.

في هذا السياق، قال الدكتور زيادة إن الوزارات السيادية في زمن حافظ الأسد وابنه “يحكمها الولاء”، مستدلاً على ذلك بأسماء من قبيل وزير الخارجية الأسبق فاروق الشرع، ووزير الدفاع مصطفى طلاس في فترة حكم الأب، ووزيرا الخارجية والأوقاف وليد المعلم ومحمد عبد الستار السيد، على التوالي، في فترة حكم الابن. إذ احتفظ جمع “هؤلاء بمناصبهم فترة طويلة لأنهم أظهروا ولاء استثنائياً من دون أي اهتمام لتحسين أو تطوير عملهم”.

شارك هذا المقال