لماذا أسقطت “معارضة الوعر” بند المعتقلين؟
لم يكن استلام حي الوعر خياراً سهلاً أبداً، إذ بدأت […]
15 مارس 2017
لم يكن استلام حي الوعر خياراً سهلاً أبداً، إذ بدأت المفاوضات في عام 2015. وكثيراُ ما تعثرت واستؤنفت. وظل النظام بين الحين والآخر يقصف الوعر، في شمال غرب مدينة حمص، براً وجواً ليضغط على الأهالي البالغ عددهم 50000 نسمة والمحتجزين داخل المنطقة المحاصرة.
وفقط حين بات الوعر أشبه بمدينة دريسدن، بألمانيا في أعقاب الحرب العالمية الثانية، تطرق الأهالي لذكر الاستسلام. وانقسم الحي الذي تحكمه المعارضة ما بين أولئك الذين يريدون الاستمرار في القتال وأولئك الذين يرفضون. ولكن ما أجمع عليه أغلب الأهالي إلى آخر مرحلة هو تحرير المعتقلين الذين يفوق عددهم 7300 من النظام.
ولك تكن “قضية المعتقلين شيئ يمكننا التخلي عنه”، وفق ما قال أحد مفاوضي المعارضة لمراسلة سوريا على طول، بهيرة الزرير في تشرين الثاني، مضيفا “قلنا للنظام أن أهل الوعر لن يدخلوا في أي اتفاقية بدون بند المعتقلين. وهو البند الوحيد في الاتفاقية الذي يستفيد منه الوعر. وحتى تمضي الاتفاقية، يجب أن تكون في مصلحة كل من الطرفين”.
وفي يوم الإثنين، وقع مفاوضو المعارضة في الوعر ما يُمكن وصفه فقط باتفاقية استسلام مع النظام وممثليه الروس. وغُيبت كلمة “المعتقلين” تماماً عن الاتفاقية.
فلماذا قبلت معارضة الوعر ببنود النظام وأسقطت مطلب تحرير السجناء؟
و”تم تحييد بند المعتقلين، ولم يتم التفاوض عليه نهائياً؛ النظام لايريد أن يتطرق لهذا البند نهائياً”، وفق ماقال المفاوض ذاته لـ بهيرة الزرير، واشترط عدم ذكر اسمه.
وذكر المفاوض “في أول اجتماع مع الروس، تم سؤالنا عن التهم الموجهة لهؤلاء المعتقلين، فأجبنا أنهم اعتقلوا بسبب اشتراكهم في الثورة، فكان جوابهم أنهم إرهابيون ولم يتم طرح هذا البند أبداً”.
منذ بدء المفاوضات بين لجنة التفاوض والنظام في عام 2015 لم تتخل لجنة التفاوض في الوعر عن بند تحرير المعتقلين في محافظة حمص، الذين يفوق عددهم 7000. لأول مرة منذ سنتين، أُسقط هذا الشرط فما الذي غيّر موقف اللجنة الآن؟
هناك عوامل داخلية وخارجية، جعلت الأهالي يتخلون عن العديد من البنود.
العوامل الداخلية: الضغط الشديد على الأهالي بالحصار والقصف، وانعدام المواد الغذائية والطبية، وجميع مقومات الحياة الأساسية.
وعوامل خارجية كطول مدة الثورة وفشل إمكانية التوصل لأي حل على الصعيد الدولي.
ما تسبب بتخلي أهالي الوعر عن بعض المطالب، فالشعب عندما خرج لم يكن يتصور بأن مطلبه بالحرية سيكون ثمنه أن تدفع الدماء لسنوات، وأن تتدخل العديد من الدول وتقف بجانب نظام يقتل شعبه.
شاب يجر حقيبته خلال عملية إخلاء من حي الوعر في أيلول الماضي. حقوق نشر الصورة لـ عدسة شاب حمصي.
وبالنسبة لبند المعتقلين تم تحييده، ولم يتم التفاوض عليه نهائياً؛ النظام لا يريد أن يتطرق لهذا البند نهائياً. ونحن كلجنة تفاوض لا نريد أن نضحك على الناس، لا يوجد أي تفاوض ولا طرح بالنسبة لبند المعتقلين، فبقي للأسف مصيرهم مجهولاً ونحن أصبحنا نفكر بالأهالي الموجودين خوفاً على سلامتهم وأمنهم.
وفي أول اجتماع مع الروس، تم سؤالنا عن التهم الموجهة لهؤلاء المعتقلين، فأجبنا أنهم اعتقلوا بسبب اشتراكهم في الثورة، فكان جوابهم أنهم ارهابيون ولم يتم طرح هذا البند أبداً.
هل هو استسلام؟
عندما تكون القوى متكافئة نعتبره استسلام ولكن القوى غير متكافئة لا بالعدد ولا بالعتاد، فالثورة بدأت من أجل نيل الحرية فقط، ولم يكن هناك أي هدف آخر، ولكن النظام وحلفاءه استخدموا كل أساليب القمع والاستبداد دون أي رحمة للقضاء على الثورة، تجويعاً وقصفاً.
أصبح الشعب يحارب دول، وتحولت الثورة إلى حرب، والعالم ينظر إلينا، دون أن يتحرك.
أهالي الوعر تحملوا الكثير، انهارت قواهم، والآن يشعرون بالقهر لخروجهم أو عودتهم إلى حضن النظام ولكن لا يوجد خيار آخر أمامهم للأسف.
كيف تصف الجو الذي كان سائداً في غرفة المفاوضات؟
التوتر كان واضحاً على أعضاء لجنة التفاوض، لأن مهمتنا كانت تقرير مصير 50 ألف مدني أهالي الحي جميعاً، ونحن نجلس مع أناس مجرمين قتلوا وشردوا الآلاف وليس لهم ذمة ولا ميثاق، ونفاوضهم على تسليم أرضنا كنا نشعر بالقهر.
إضافة إلى عبارات التخوين والعديد من الكلمات الاستفزازية “مرجوعكن لحض الوطن، خربتوا البلد وهلق رجعتوا ما استفدتوا شي” وعندما يتم ذكر كلمة مقاتلين كانوا يقولون “الإرهابيين” ، والكثير الكثير من الكلمات. كنا على أعصابنا.
برأيك، هل كان هناك خيار آخر، بديل لهذه الاتفاقية؟
نحن نتكلم باسم 50 ألف مدني، من أهالي حي الوعر وما يزالون فيه واذا استمر القصف والحصار سيكون هناك خسائر كبيرة بأرواح المدنيين العزل، كنا أمام خيارين فقط إما القصف المستمر أو التهجير، فاخترنا التهجير للحفاظ على أرواح المدنيين والأطفال.
كيف أثرت حملة النظام المستمرة منذ شهر على مجرى المفاوضات ودفع اللجنة للقبول بالاتفاقية؟
الحملة الأخيرة التي بدأت منذ الثامن من شباط الفائت، كانت بكل أنواع الأسلحة، واستمرت لمدة شهر من القصف المتواصل، بالإضافة إلى الحصار، ونفاد الأدوية، وحتى المساعدات المقدمة من الأمم المتحدة تم سرقتها، وعدم دخولها.
بالإضافة إلى أن نية النظام بالقصف المستمر الأخير كانت واضحة، لفرض سيطرته بالقوة إذا لم يسيطر على الحي بالمفاوضات.
الأهالي وأمتعتهم أثناء إخلاء حي الوعر في أيلول 2016. حقوق نشر الصورة لـ عدسة شاب حمصي.
ماهي بنود الاتفاق الأخير الذي تم التوقيع عليه اليوم مع النظام وبحضور روسي؟ وكيف ستتم عملية الإخلاء؟
1- خروج الدفعة الأولى من المقاتلين خلال (سبعة أيام) من تاريخ توقيع الاتفاق وبعدد (1500) شخص على أن يكون بينهم من (400-500) مقاتل.
2- تستمر عمليات خروج الدفعات بشكل أسبوعي وبنفس العدد حتى انتهاء الاتفاق.
3- تتحمل القوات السورية والقوات الروسية المسؤولية الكاملة عن سلامة الخارجين من الحي.
4- يتم تنظيم عملية الخروج إلى إحدى المناطق التالية : جرابلس، ادلب، ريف حمص الشمالي.
4- يتم تشكيل لجنة عامة مؤلفة من ممثلي: لجنة حي الوعر، اللجنة الأمنية بحمص، والجانب الروسي. وتتولى الإشراف على تطبيق الاتفاق ومعالجة الخروقات.
الكتيبة العسكرية الروسية:
سيتم نشر كتيبة عسكرية روسية (تتكون) من 60 الى 100 شخص، بينهم ضباط روس، في حي الوعر بعد استكمال خروج المقاتلين.
مهامها:
1- مراقبة تنفيذ مراحل الاتفاق بدقة، وضمان التزام الأطراف بها، ومعالجة الخروقات.
2- الإشراف على عودة الأهالي والمهجرين إلى حي الوعر، وكذلك عودة المهجرين الموجودين حالياً في الحي إلى منازلهم في أحياء حمص الأخرى.
3- حفظ الأمن واحترام القانون داخل الحي.
4- حماية الأهالي والممتلكات العامة والخاصة.
5- تأمين المنشآت العامة.
6- الاشراف على سير عمليات التسوية، والاشتراك باللجنة المُشكلة لذلك مع القوات الحكومية، ومراقبتها.
7- منع اعتقال اهالي الحي.
8- مراقبة معابر الحي وتأمينها.
9- التأكد من خلو الحي من الأسلحة والمقاتلين بنهاية الاتفاق.
10- منع قوات الدفاع الوطني والميليشيات الشيعية وغيرها من الدخول للحي.
مدة تنفيذ الاتفاق: شهرين اعتباراً من تاريخ توقيع الاتفاق. (يوم الثلاثاء 14/3/2017)
المسؤولون عن تنفيذ الاتفاق من جانب النظام هم:
اللواء ديب زيتون رئيس شعبة المخابرات، ومحافظ حمص، واللجنة الامنية في حمص.
المسؤولون عن تنفيذ الاتفاق من الروس هم:
العماد ايغور تورتشينوك، أعلى ضابط روسي في سوريا والمسؤول عن قاعدة حميميم الجوية. (والذي حضر عملية التفاوض عن الجانب الروسي شخصياً )، ونائبه: العقيد رفائيل، العقيد سيرغي (المسؤول العسكري الروسي المكلف مباشرةً بمتابعة ملف الوعر)، وهو الذي كلفته القيادة الروسية بتوقيع الاتفاق.
المسؤولون عن تنفيذ الاتفاق من الوعر: لجنة أهالي حي الوعر.
ترجمة: فاطمة عاشور